تفسير سفر أيوب أصحاح 3 للقديس يوحنا ذهبي الفم

الإصحاح الثالث
تظلمات أيوب 
أيوب يلعن يوم مولده

١ – “بعد هذا فتح أيوب فاه وسب يومه وأخذ أيوب يتكلم فقال: ليت هلك اليوم الذى ولدت فيه والليل الذي قيل فيه قد حبل برجل” (3: 1-3).

إن أصدقاء أيوب بصمتهم قد شهدوا على الصفة المرعبة لما حدث. وهم ما كانوا يجترئون على تعزيته لو لم يأخذ المبادرة ويتحدث أولاً. فماذا يعنى قوله « ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه؟». هذا ما قاله الجامعة أيضاً «فغبطت أنا الأموات الذين قد ماتوا منذ زمان، أكثر من الأحياء الذين هم عائشون بعد وخير من كليهما الذى لم يولد بعد» (جا 4: 2 ،3). ليتنا لا نكتفي فقط بفحص كلماته بل لنر بأى روح نطقها، فهى فى الواقع تُفصح عن نفس يائسة ومضطربة. لأن داود قال أيضاً «وأنا قلت في حيرتي..» (مز 31: 22 )، فهذا ما قاله في حيرته، وفى نص آخر يقول «وأنا قلت فى طمأنينتي أنى لا أتزعزع إلى الأبد» (مز 30: 6)، فأيوب قد تكلم (هنا) فى بليته. ألا تر يا عزيزى أن الذين يتم بتر عضو منهم يطلقون صرخات مدوية ؟ فهل نلومهم على ذلك ؟ لا على الإطلاق بل نحن نلتمس لهم العذر.

فإن لم يعبر أيوب عن نفسه هكذا لكان بدا لنا أنه لا يشاركنا الطبيعة البشرية. ألا تسمع ما يقوله موسى ؟ «إن كنت تفعل بي هكذا فاقتلني» (عد 11: 15)، فقل لي فيما يفرق هذا عن تعبير . أيوب «ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه ؟ وهذا أيضاً قاله إرميا النبي «ملعون اليوم الذي ولدت فيه (إر 20: 14). فلا تنظر لمجرد الكلمات، بل افحص المعنى العميق للكلمات فها أنت سمعت . ، مراراً القول بأن أيوب « لم يخطئ (يفرّط) ولو بشفتيه». أما كونه لم يخطئ حتى بعد هذه الكلمات فاسمع الله ذاته يقول أيضاً «هل تعتقد أن سلوكي نحوك (يا أيوب) لم يكن له هدف آخر سوى إظهار برك؟» (40: 8 بحسب السبعينية). إنه ما كان سيحصل على ضعف الممتلكات التي كانت له من قبل ما لم يبرهن على فضيلة مضاعفة. إذاً ينبغي أن ننتبه لما قاله فى ضوء رؤيتنا لإعلان الله بشأنه (40: 8) ، وإن وجدنا شيئاً آخر نقوله فحسناً، وإلا فلنشكر الله (ونصمت).

ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه والليل الذى فيه قيل قد حبل برجل» (3:3).

ماذا يقصد بكلمة «هلك»؟

لنتأمل ونفهم أن الكلمات كانت بالحق متصفة بالإحباط – وليس بالخبث أو الإثم – لأنه لم يفن قط من جراء البلايا والأمراض التي حلت به. وهل كان من الممكن أن يعود ذلك اليوم وأن يولد من جديد؟ إنه تكلم هكذا كما لو على شيء خيالي.

2- قال أيوب ليكن ذلك اليوم ظلاماً. لا يعتن به الله من فوق ولا يشرق عليه نهار. ليملكه الظلام وظل الموت. ليحل عليه سحاب، أما ذلك الليل فليكن ملعوناً وليمسكه الظلام ولا يدخل فى عداد (أيام) السنة ولا يُحسب فى أيام الشهور وليمتلئ هذا الليل بالغم ولا يعرف فرح أو مسرة، بل يلعنه لاعنو اليوم الذين سيقهرون التنين العظيم ولتظلم نجوم تلك الليلة، ولتنتظرهم دون أن يصلوا ولا يعطوا نورهم ولا يُرى إشراق نجم الصبح، لأنه لم يغلق أبواب بطن أمى إذ هكذا كان سيبعد الشقاء عن عيني» (10: 3-4).

هل تدرك أن هذه الكلمات تفصح عن الإحباط؟ قل لى هل يوم مولده يمكن أن يثير كل هذا؟

ثم تابع أيوب كلامه قائلاً «لماذا لم أمت من الرحم؟ عندما خرجت من البطن، لماذا لم أُسلم الروح؟ لماذا أعانتنى الركب ولماذا الثدى حتى أرضع؟ لأني قد كنت الآن مضطجعاً ساكناً. حينئذ كنت نمت فى سلام مستريحاً، مع ملوك ومشيرى الأرض الذين يتباهوا بسيوفهم، أو مع رؤساء لهم ذهب بوفرة، المالئين بيوتهم فضة. أو كسقط لفظ من الرحم كأجنة لم ترى نوراً» (3: 11-16).

ماذا تقول يا أيوب ؟ ألست أنت القائل هل الخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل؟» (2: 10). ما الذي حدث ؟ فجأة غيّرت رأيك ولعنت يوم مولدك وجعلته السبب فيما أصابك، وهذا الأمر تم في محضر سامعيك. وأنت أيها القارئ ألا تندهش قائلاً: إن هذه الكلمات التي قيلت (ربما) ليست له بل لشخص آخر حصل له لبس معى، لأن هذه الكلمات التي نسبها لها الكتاب مغايرة لرقته ومضادة لصلاحه الشديد، وأنه في الواقع لم يرد أن يقول شيئاً شبيهاً بهذا) ، وأنه كما احتمل ما احتمله عن جدارة، فإنه تمنى أيضاً بطريقة حكيمة ومستحقة التقدير ألا تحدث. وهذا بالضبط ما قاله المسيح أيضاً عن يهوذا «كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد» (مت ٢٦: (٢٤. فهذا تماماً ما قاله أيوب أيضاً «لماذا ولدت؟ كان أفضل ألا أولد».

ثناء للموت

4- “هناك يكف المنافقون عن ثورة غضبهم، وهناك يستريح المتعبون الكل معاً إلى الأبد. لا يسمعون صوت المسخّر الصغير كما الكبير هناك والعبد حر من سيده “(3: 17-19)

ماذا تريد أن تقول يا أيوب؟

(هو يود القول) وكيف وأنا لست منافق أو فاسد لم أصادف مثل هذه التعزية (أى أموت)»

وواصل أيوب كلامه قائلاً «لماذا يُعطى لشقى نور وحياة لمرّى النفس. الذين ينتظرون الموت وليس هو (بموجود) . ويحفرون عليه مثل الذين يبحثون عن كنز قد يجلب لهم سعادة غامرة، لأن الموت راحة للإنسان الذى الطريق قد خفى عليه وقد سيّج الله حوله»

انظر إلى أيوب هذا وتعجب من تقواه كيف أنه يتلهف على الموت دون أن يناله ولكنه (مع ذلك لم يجرؤ على الانتحار. إن هذه ليست مشاعر من يلوم (الله)، بل هي مشاعر من هو محبط ولم يكتشف ذنبه. عندما قال المسيح : كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد» (مت ٢٦: ٢٤) ، لم يكن يريد أن يقول شيئاً آخر سوى أن البلايا والصعاب تنتظره. بالمثل هنا، فأيوب عندما قال «لو كنت فقط لم أولد فهو لا يهاجم العمل الخلاق الله، بل يُظهر عظم بليته. لماذا «لو كنت فقط لم أولد»؟

هل أنت (يا أيوب) عانيت بعض الظلم ؟

فيجيب: لا، إنما أنا لا أحتمل بليتي.

ولاحظ تقواه فهو صب كل غضبه على يوم مولده دون أن يجرؤ على تخطى هذا الحد ودون أن يتوقف عن التكرار المستمر لنفس الكلمات الليل والنهار .. النهار والليل..» ولا شيء أزيد من هذا. وتكفى الكلمة الأولى التشرح كل شيء. فبقوله «ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه» (۳:۳)، فتعرف كل ما هو موجود فى هذا النص. لماذا قال «لا يشرق عليه نهار» (٣:٤) ، وكل التعبيرات الأخرى الشبيهة؟

إن هذه عادة لمن يتألمون أن يكرروا الكلام. ونحن لا ندين كلمات أيوب «لأن الذي يبرره

الله من سيدينه؟» (انظر رو ٣٣:۸، ٣٤) قال أيوب « ليكن ذلك اليوم ظلاماً لا يعتن به الله من فوق ولا يشرق عليه نهار. ليملكه الظلام وظل الموت» (٣:٥، ٤)

فيما تختلف هذه الفقرة عن الأخرى؟

ومن جديد يقول « ليلعنه لاعنو اليوم والذين سيقهرون التنين العظيم (۳: ۸). وقال أيضاً «حينئذ كنت نائماً فى سلام مستريحاً مع ملوك ومشيرى الأرض» (٣: ١٣، ١٤). وهذا بالضبط ما قاله إيليا أيضاً «هذا يكفيني! هل أنا أفضل من آبائی؟» (١مل ٤:١٩). وقال أيوب ” ومع رؤساء لهم ذهب بوفرة (٣: ١٥).

يبدو لي أنه يسعى بآن واحد أن يحط من قدر هؤلاء العظماء ويقنعهم ألا يعتبروا الأشياء المادية (حرفياً البشرية ذات قيمة عظيمة، لأنه ليس اعتباطاً أو بدون هدف أنه أدخل الملوك في هذا النص.

وقال أيوب ” الذين تباهوا بسيوفهم ” (١٤:٣)

لاحظ أيضاً الكلمات الممتلئة حكمة فى ضوء بليته : أن غناهم – في الحقيقة ـ لا يوفر لهم أية حماية، وقوتهم عديمة الفائدة لهم فالموت قد أتى على كل شيء.

وقال أيوب “أو مثل سقط لُفظ من الرحم” (١٦:٣).

انظر كيف أنه – لكي لا يبدو أنه يتباهى بنفسه – مضى إلى تشبيه نفسه بالسقط .. بمثل هذا القدر كان أيوب متواضعاً ومثيراً للشفقة.

أيوب يشرح بليته

5- وقال أيوب “هناك يكف المنافقون عن ثورة غضبهم “

وبعد ذلك يأتي تقريظ للموت لأن بفضله يبتعد البعض عن البلايا والبعض الآخر يتحرر من بؤسه، فأولئك يجدون فيه ملجأ ضد بلاياهم وهؤلاء يجدون فيه عقبة ضد خبثهم.

والنقطة المهمة أنه لم يعد يمكنهم بعد الخوف من جديد من البلايا السابقة، بل ينبغى أنه بعد الموت ينعموا بالاستمرار فى هذه الراحة، لأن هذا الموت سيكون نهاية لكل

تجاربهم (وبؤسهم). كيف تريدني أن أستريح كما ترغب ؟ لماذا لا أرحل من هنا (بالموت)؟ هذه ليست كلمات من يحتج بل هي كلمات من هو مضطرب ولا يرغب في شيء إلا بالموت. يقول أيوب: الذين هم في الأبدية (الهاوية)، الكل سوياً، لن يسمعوا لصوت المسخر, فالموت هو شيء عام على الكل. وليس فقط لم يعد هناك إمكانية لمعاناة أية بلية بل إن خبر البلايا لن يصل إلى الأذن.

” الصغير كما الكبير هناك، والعبد حر من سيده (۳: ۱۹).

لن يفلت أحد أبداً من طغيان الموت، لا عبد ولا حر، وكل الأمور البشرية يلاشيها الموت الغني كما الشرف. عظيم هو عدم المساواة فى الحياة الحاضرة، لكن أعظم منه هو العتق الذي بعد الرحيل من هنا وكما أن الأمر بالحق يبدو مرعباً، فإنه فلسف الموت بسبب ضغط البلية مريداً إظهار أن الموت أفضل من الحياة لمن هم معذبون في الدنيا. وقال أيوب إن الكل يتساوى أيضاً في نوال هذا الشرف، وهناك لا توجد أية إمكانية للخوف من تغيير مثلما يحدث هنا. فالموت سيصل حتماً إلى الكل وسيقهر الكل بدون تمييز وسيعيق البلايا ويضع نهاية للبؤس، والذي كنا نعتبره من المصائب لن يعود هكذا.

وقال أيوب “لماذا يعطى لشقى نور، وحياة لمرى النفس؟ (٢٠:٣).

وهنا أيضاً حاشا لله أن تكون هذه لغة من يحتج أو يلوم ، بل هي لغة من يسعى (لأن يموت) ومن يتألم، لأنه عندما تكون الكلمات منطوقة بروح مختلفة، فلا ينبغي أن نفسرها بنفس الطريقة : لذلك عندما يعلن (سليمان) الحكيم «لماذا يُعطى الجاهل غنى؟» (أم ١٧ : (١٦)، فهو لا يريد أن يقول شيئاً آخر سوى أنه كان لا يستحقها ونتعلم من هذا أنه ليست الحياة مفيدة فقط، بل الموت أيضاً.

الذين يشتهون الموت دون أن ينالوه (۳: ۲۱).

لهذا السبب يقول الجامعة لكل شيء زمان (مناسب)» (جا۳ : ۱). ونص آخر يقول «أيها الموت كم أن ذكرك حلو انظر بن سيراخ (١٤ :٢) . وإن قال أيوب هذا فلكي ـ عندما تسمع أنت زوجته تنصحه قائلة «قل كلمة على الله ومت (۲: ۹) – فلا تظن أنه لم يقل هذه بدافع من حبه للحياة بل بالأولى بسبب تقواه لأن الذي اعتبر الموت كشيء مرغوب فيه ونظره كخير عظيم، فإنه عندما كان يمكنه الحصول عليه بالانتحار)، لم يجرؤ على ذلك.

قال أيوب «إن الموت هو راحة للإنسان»

وهذا هو ما أعلنه . لكن إن كان الموت راحة، فلماذا غالبية الناس لا تندفع نحوه؟ لأن الله قد جعل الحياة مستحبة لكي يمنعنا عن الركض إلى الموت.

وقال أيوب: ” إن الطريق مخفى” (ع ٢٣).

في اعتقادي أنه يتكلم عن الموت، لكن البعض اعتقد أنه يتكلم عن طريق الإنسان (في الحياة)، لكن الذى يبرهن بوضوح أنه يتكلم عن الموت ما قيل من قبل وعلى الأخص تعبير «الذين يسعون إليه كمن يحفرون بحثاً عن كنز بالتأكيد مخفى». وقال أيوب: إن المستقبل غير معروف. نحن لا نجد الطريق.

لا تكلمني عن الذين ينتحرون، لأن أيوب تكلم عما هو موافق للطبيعة ولوصية الله. وقال أيوب أيضاً لأن الله قد سيّج حوله» (ع۲۳) ، وبحسب كلمة الإنجيل «يوم الرب آت كلص في الليل» (انظر ١ تس ٥: ٢). لكن عندما يُقال له لماذا لم تختر الموت أى ينتحر؟ يجيب: إن الله سيّج حولى، والأبواب كانت مغلقة.

٦- ثم عرض أيوب بليته فى تعبيرات درامية فقال «إننى أبدأ في التأوه وانتحب أمام طعامی مجبراً بالخوف (۳:٢٤) ، وانتحب على الحاضر وعلى المستقبل فوقت الأكل بالنسبة لى هو وقت الدموع. والكتاب يقول لأنك أطعمتني خبز الدموع (انظر مز ٥:٨٠).

لأن الخوف الذى ارتعبت منه أتانى والذي فزعت منه صادفني (٣: ٢٥)

انظر إلى حكمة الرجل!

إنه لم يكن مثل من قال فى المزمور بالتأكيد لن أتزعزع ولن أعاني أية خسارة من جيل إلى جيل» (مز (۱۰: ٦) ، ولا مثل الذي قال «أنا قلت فى طمأنينتي لا أتزعزع إلى الأبد» (مز ۳۰: ٦)، لكنه حفظ أفكاره البشرية بينما كان يستمتع بسعادة عظيمة، فإنه كان يتوقع كل يوم الصعاب ولم يحتج إلى عناء كثير لكى يحتملها، وكان أيضاً متمرساً جيداً على الرجاء.

– قال أيوب “لم يعد لى سلام أو راحة والغضب أتى على (٣: ٢٦).

إنه لا يتكلم عن الماضى بل عن الوضع الراهن ويقصد أن يقول: إنني قد شبعت من الخوف والحرب والاضطراب ومن الجهاد ضد نفسى. إن البلايا التي ضغطتني من الخارج كان تعبها أقل من الصراع الذى جزته فى ذهنى. ولم يكن يسود في نفسه أي هدوء، وعلّة هذا السبب هو فى مجيء غضب الله. ولاحظ كيف أن زيادة على بلايا جسده، فإنه كان يكتئب لبلايا نفسه، لأن بلايا نفسه هى المتعبة والمزعجة والمرعبة بالأكثر

من المفيد لنا أيضاً أن يكون لنا استعدادات شبيهة بأن نعتبر كل شيء وقتى (وزائل) والذي له الخير كمن ليس له، وهكذا لا نشعر بفظاعة البلية ولا يمكننا أن نتعالى بالنجاح ولا نتوقف وسط هذه التقلبات عن الاستمتاع بالهدوء والسلام والأمر الذي كان محيراً تماماً أنه مع هذه الحياة النقية والكاملة، كان أيوب يتوقع النكبات، وليس فقط كان يتوقعها بل كان يخشاها، متفكراً في الأمثلة الماضية، ومنها على سبيل المثال حالة إبراهيم. ونحن الذين نعيش كل يوم فى الشر، ألا نخشى أية بلية؟ 

لاحظ كيف أنه كان حكيماً حتى قبل التجربة، لأن الذى يتوقع انقلاب الحال وسط حياة تقوية لا يشابه من هو أجير (أى من يسلك بالاستقامة مقابل حمايته من تقلبات الدهر)، لذلك فإن عظمة فضيلته هي التي يظهرها التعبير «الخوف الذي أخشاه جاء علىَّ» (3: 26)

تفسير أيوب 2سفر أيوب 3تفسير سفر أيوب
تفسير العهد القديم
تفسير أيوب 4
القديس يوحنا ذهبي الفم
تفاسير سفر أيوب 3تفاسير سفر أيوبتفاسير العهد القديم
 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى