أنتم ملح الأرض

 

“أنتم ملح الأرض .. أنتم نور العالم” (مت 5 : 13 ،14)

حينما يبدأ المسيح يعمل في حياتنا يتعجب الإنسان ، إذ يلاحظ أنه لا يعمل فينا من أجل أنفسنا وحسب ، بل يعمل في حياتنا من أجل الآخرين إما لنكون قدوة ، وإما لنبذل حياتنا من أجلهم . فحين يرتاح روح الله فينا ويثق من طاعتنا وأمانتنا له ، يبدأ يستخدمنا لخلاص وإسعاد حياة الآخرين لمجد اسمه . ويكون في هذا فرحة الإنسان وسعادته التي لا يمكن التعبير عنها إذ يشعر الإنسان أن الله اختاره ليعمل به ، وفي هذا تصبح حياة الإنسان ذات قيمة سماوية وذات وزن عند الله.

فحياة الإنسان التي كانت رخيصة في نظره وربما ليست بذات قيمة روحية ، إذ به يراها بعد أن سلمها له أنها أصبحت ذات قيمة عند الله وذات نفع من أجل الآخرين ، بمعنى أنها تكون قد أضيفت لحساب رسالة المسيح لخلاص العالم . هكذا كانت حياة شاول بولس ، وهكذا كانت حياة كل كارز ومبشر بالإنجيل ، بل وحياة كل القديسين العظام ، وحياة كل المؤمنين بالمسيح في كل زمان ومكان : “أنتم نور العالم … أنتم ملح الأرض” ( مت  14:15 ).

فحينما يسلم الإنسان حياته للمسيح مهما كانت خاملة وضعيفة فهو يستخدمها لنفسه ليخلق منها عملاً نافعاً لحسابه . لذلك قيل عنه إن : “فتيلة مدخنة لا تطفئ ” ( مت ۱۲ : ۲۰ ) ، لأنها إن سُلمت ليديه – يستطيع أن ينفخ فيها ناراً لتضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت ، والأمثلة في ذلك تملأ صفحات التاريخ المقدس . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى