تفسير سفر عاموس – المقدمة للقمص أنطونيوس فكري

شرح عاموس – المقدمة

  1. إن نبوة عاموس هي الأولى من الأسفار النبوية وتاريخها يرجع إلى سنة 760ق.م. وهو قد عاش في أيام عزيا ملك يهوذا ويربعام الثاني ملك إسرائيل قبل حدوث الزلزلة المشهورة (1:1 + 9:5) والتي أشار إليها زكريا النبي بعد 300 سنة (زك5:14) وقد عاصره هوشع وإشعياء إلاّ أن عاموس سبقهما وعاصره كذلك يونان (2مل25:14).
  2. معنى أمسه “ثقل” أو “حامل الثقل” ويقول التقليد اليهودي أنه كان ثقيل اللسان، يتلعثم في كلماته. ولعل أسمه يتناسب مع السفر، فقد كشف عن ثقل الخطية التي لا يحتملها الله ولا يطيقها. وقد نفهم أن الإعلانات التي أعلنت لهُ عن خطايا شعبه والتأديبات الآتية عليهم كانت تمثل ثقلاً بالنسبة له. ولذلك يسمونه نبي الويلات. وعموماً فكلمة وحي في اللغة العبرانية تعنى ثقل. وهو يتحدث عن دينونة الله لإسرائيل ولكل الأمم بسبب الخطية.
  3. عاش في تقوع على بعد حوالي 12ميلاً جنوب أورشليم في وسط أسرة مجهولة وفقيرة كراعٍ للغنم (7:1) وجاني جميز (14:7) ولم يكن شخص شهير. وهو قد ذهب إلى بيت إيل حيث الهيكل الرئيسي لمملكة إسرائيل (المملكة الشمالية) فهو وإن كان من يهوذا المملكة الجنوبية، إلاّ أنه كان نبياً مرسلاً لإسرائيل المملكة الشمالية، وتحدث عن خرابها بسبب خطاياها الأمر الذي أثار الكاهن الأول لبيت إيل “أمصيا” فقدم عنه تقريراً ليربعام الثاني ملك إسرائيل عن أنه خائن وأمره بترك المدينة. ومماّ يدل على شجاعة عاموس أنه شهد للحق أمام أمصيا وتنبأ بخراب بيته بالرغم من قوة أمصيا لالتصاقه بالملك.
  4. عمله كراعً وجاني جميز أعطاه فرصة للحياة التأملية، مقدماً صوراً كثيرة من الواقع الذي عاشه بروح ملتهب. ويجيب أمصيا في تواضع أنه راعً وجاني جميز، فأخذني الرب من وراء الضأن (14:7،15) كأن الله أختاره للنبوة وهو غير مستحق لذلك.
  5. كان يتردد على مدن إسرائيل ليبيع الصوف، ويلاحظ الأمور السياسية والدينية وتأثر مماّ رآه فيها من الشرور والانحطاط. وكان هذا الوقت وقت نجاح زمني. فكان عزيا ملك يهوذا غنياً وقوياً، وأمتد لمدخل مصر (2أي8:26) وكان يربعام ملك إسرائيل مقتدراً في الحرب ورد تخم إسرائيل من مدخل حماة إلى بحر العربة (2مل25:14) وبيده خلَّص الرب شعبه إسرائيل. ولكن هذا الزمن كان زمن ظلم ورياء وفساد وتمسك بطقوس ومظهريات الدين دون جوهره. وكان عاموس كلوط البار يعذب نفسه البارة بما ينظر ويسمع من سيرة الأردياء فشهد عليهم وكلمهم بكلام الرب بلا خوف.
  6. من المقاصد الإلهية أن يكون وسط الأنبياء هذا التنوع الكثير بين مختلف طبقات الأنبياء، فهناك إشعياء المثقف وهو من عائلة ملكية، وها نحن نرى عاموس البسيط راعي الغنم، فالله ليس عنده محاباة وهو مستعد أن يستخدم أي شخص ويرفعه لأعلى المراتب أي النبوة حيث تنفتح بصيرة الشخص فيرى في عالم الروح. المهم عند الله أنه يبحث لا عن إمكانيات الشخص المالية أو الثقافية لكي يكلفه برسالة النبوة أو أي خدمة لكن الله يبحث عن القلب المستعد، وهذا الشخص يمسحه الله بروحه القدس ويملأه ثم يُرسله.
  7. الله بحث عن هذا القلب الذي يحبه محبة حقيقية فكشف له عن خطايا شعبه. والظلم الاجتماعي الموجود، فهو رأى طبقة الأغنياء جداً وطبقة الفلاحين الفقراء جداً. فالغني ينام على سرير من عاج، بينما الفقير يباع بزوج من النعال. ورأي حالة الانحلال الخلقي من زنا وغش ورشوة وكذب بل أن الأغنياء ظنوا أن كل ما هو مطلوب منهم تقديم الأموال للهيكل أو الذبائح، كأن الله محتاج لأموالهم أو هو يأخذ منهم عطاياهم كرشوة فيقبل تقدماتهم ويتغاضى عن شرورهم. وأمام هذا تنبأ عاموس بالخراب القادم (9:5 + 11:6 + 3:8 + 5:9) وقد يكون عاموس قد رأي في الزلزلة مقدمة لخراب أعم كما حدث مع يوئيل في قصة الجراد. وهو رأى أن الخراب الناتج عن الزلزال هو مجرد إنذار، قد يعقبه ضربة أشد إن لم يتوبوا، لذلك عليهم أن يقدموا توبة سريعاً.
  8. هو يكلم كل فئات الشعب داعياً إياهم للتوبة لأن البديل خراب عام وهو يكلم الجميع لأن الخطية أصبحت جماعية ولذلك تستحق تأديبات عامة.
  9. هو عاصر إشعياء وهوشع، ولكن كل منهم لمس ناحية معينة. فعاموس تكلم عن الفوارق الاجتماعية فهو عاش وسط الفقراء يستمع لمشاكلهم  مع الأغنياء وكيف يظلمهم هؤلاء الأغنياء ويعاملونهم بقسوة واحتقار. كان يسمع ويتقطع قلبه ويسكب شكواه أمام الله في صلواته. وتحول هذا الخادم إلى شخص مثقل بمشاكل الفقراء والمظلومين والخادم المثقل يصبح مكلف، يفكر باستمرار في حل للمشكلة ويصلي باستمرار لحلها. ومثل هذا الشخص تنفتح بصيرته الروحية فيعرف لماذا حدث هذا الأمر. ولماذا سمح الله به ومتى يكون الحل وكيف؟ والتأديبات الآتية ويرى رؤى وهكذا يصبح نبياً.

فهرس سفر عاموس النبي  تفسير سفر عاموس
تفسير العهد القديم تفسير عاموس 1
القمص أنطونيوس فكري
تفاسير عاموس – مقدمة  تفاسير سفر عاموس تفاسير العهد القديم

 

زر الذهاب إلى الأعلى