تفسير سفر عاموس ٩ للقمص تادرس يعقوب

الأصحاح التاسع
رؤيا المذبح
والتمتُّع بالعصر المسياني

في هذا الأصحاح يرى النبي السيِّد الرب قائمًا على المذبح ليؤدِّب دون أن يفلت أحد من تأديباته أينما كان موقعة، لكن البقيَّة القليلة الأمينة تبقى محفوظة لا تسقط حبَّة منهم على الأرض، وأخيرًا يختم نبوَّته بفتح أبواب الرجاء على مصراعيه لكل الشعوب والأمم داخل خيمة داود الجديدة، في العصر المسياني.

  1. رؤيا المذبح                       [1-4].
  2. سمات المؤدِّب نفسه              [5-6].
  3. خلاص البقيَّة الأمينة              [7-10].
  4. العصر المسياني                   [11-15].

1. رؤيا المذبح:

اختلفت مقدِّمة هذه الرؤيا عن بقيَّة الرؤى السابقة، إذ لا يقول: “هكذا أراني السيِّد”، وإنما يبدو أنه تجاسر ليدخل إلى بيت الرب ليرى السيِّد قائمًا على المذبح. هنا يُعلن الرب الخصومة من على المذبح لا من خلال الكاروبين أو كرسي الرحمة، فإنه جاء يطلب عدله من أجل مقدَّساته التي تدنَّست، فصار المذبح عِوض أن يكون علّة مصالحة بين الله والناس، علَّّة غضب الله على شعبه الذي دنَّس مقدَّساته كخطيَّة بيت عالي التي قال عنها الرب: “أقسمت لبيت عالي أنه لا يكفِّر عن شرّ بيت عالي بذبيحة أو بتقدمة إلى الأبد” (1 صم 3: 14).

ولعلَّه قد أعلن آخر الرؤى لعاموس من على المذبح الذي قد تدنَّس لكي يحطِّمه ويفارقه، كما أعلن بأكثر وضوح لحزقيال النبي (حز 10) إذ لم يكن ممكنًا للرب أن يستقر حيث يصمِّم الإنسان على الشرّ[69].

ويرى بعض الدارسين أن الرؤيا هنا لا تخص مذبح الرب في أورشليم، في هيكله، وإنما تخص بيت إيل حيث كانت المملكة الشماليَّة تتعبَّد هناك، وقد مزجت في ذلك الحين عبادة الله بالعبادة الوثنيَّة[70].

على أي الأحوال صدر الأمر بالخراب مبتدأ بالأمر بضرب تاج العمود، أي عمود الهيكل لترتجف الأعتاب وتتكسَّر على رؤوس الجميع فيقتل الكل بالسيف إلى آخرهم ولا يهرب منهم هارب ولا يفلت منهم ناج [1].

ربَّما قصد بالتاج الكاهن الأول لبيت إيل، أو رئيس الكهنة في هيكل أورشليم، والأعتاب هم العظماء والمُشيرين والقادة الدينيِّين المنحرفين، وعندئذ يهلك كل الشعب الشرِّير ولا يفلت أحد. هكذا يبدأ الله بالمسئولين الروحيِّين أولاً، فإنه من نال كرامة أعظم أو تسلَّم مسئوليَّة أكبر يُدان أولاً، ففي مثل الوزنات بدأ الرب بمحاسبة صاحب العشرة وزنات ثم الأقل حتى انتهى بصاحب الوزنة الواحدة (مت 18: 34). لعلَّه لهذا السبب كثيرًا ما كان القدِّيس يوحنا الذهبي الفم يبكت نفسه قائلاً: [عجبي من أسقف يخلص]. وكما قال العلاَّمة أوريجينوس: [تبدأ الدينونة ببيت الله[71]].

هذا لا يعني أن الهروب من المسئوليَّة هو طريق الخلاص، وإنما الهروب من الشرّ، إذ قيل “الشرّ يتبع الخاطئين والصديقون يجتازون خيرًا” (أم 13: 21). فالشر يتبع الخاطئتن أينما وُجدوا، إن كانوا في المراكز الأولى في الكنيسة أو في الصف الأخير، إن هربوا إلى الهاوية أو ظنُّوا أنهم في السماء، إن اختبأوا في الأماكن الخفيَّة التي يصعب الوصول إليها كرأس الكرمل، أو غطسوا إلى أعماق البحر أو التجأوا إلى السبي! فالخطيَّة إن وُجدت في ألقاب يلاحقها الثمر أينما وجد الشرِّير غير التائب.

يقول الرب “إن نقبوا إلى الهاوية، فمن هناك تأخذهم يدي، وإن صعدوا إلى السماء فمن هناك أنزلهم” [2]. لعلَّه قصد بالهاوية هنا موضع الأموات (إش 14: 9)، فإنهم حتى إن ماتوا بالجسد فثمر خطيَّتهم يلاحقهم، فلا يقدر الموت أن يحجب عنهم جزاء ما ارتكبوه. بقوله “السماء” أراد أن يأخذ المضاداة (أي 11: 8)، وكأنه يقول إن نزلوا حتى إلى الهاوية أو ظنُّوا أنهم يرتفعون حتى إلى السماء فلا يفلتون من المحاكمة. ولعلَّه قصد بالهاوية اليأس وبالصعود إلى السماء التشامخ إلى فوق، فلا اليأس القاتل ولا الكبرياء يحميان الإنسان من غضب الله على شرِّهم.

“وإن اختبأوا في رأس الكرمل فمن هناك أُفتِّش وآخذهم” [3].

فقد عرفت رأس الكرمل بغاباتها الكثيفة وكهوفها المظلمة لذلك صارت رمزًا لعدم إمكانيِّة البلوغ إلى الهارب فيها… لكن يد الله لا تقصر عن أن تمسك بالمختبئ منه!

وإن اختفوا من أمام عينيَّ في قعر البحر فمن هناك آمر الحيَّة فتلدغهم” [3]. إن كان البحر يُشير إلى العالم بأمواجه المضطربة، وإمكانيِّة أن يسحب الإنسان إلى أعماقه فيهلك، فلوياثان الحيِّة الهاربة (إش 27: 1) إنما تُشير إلى إبليس الذي يُسيطر على الغارقين في محبَّة العالم وشهواته، فمتى سلَّم الإنسان نفسه للعالم وانسحب بقلبه إلى أعماقه، يسمح الله له بالتأديب بتركه، لتستلمه الحيَّة أي الشيطان فيذوق مرارة ما فعله. لأنه أراد الشرّ، فلا يلزمه الله بالرجوع قسرًا، لكنه يتركه للشرِّير يتأدَّب في مرارة لعلَّه يرجع ويتوب!

“وإن مضوا في السبي أمام أعدائهم فمن هناك آمر السيف فيقتلهم، وأجعل عينيّ عليهم للشرّ لا للخير” [4]. ربَّما يتساءل الإنسان: هل يمضي أحد إلى السبي أمام أعدائه بإرادته حتى يأمر الرب السيف لقتله؟ في الحقيقة إن كان السبي كواقع تاريخي يتحقَّق قسرًا، لكن كحقيقة إيمانيّة إنما يتم بإرادة الإنسان، الذي بشرِّه يُسلِّم نفسه للسبي. فما حدث لإسرائيل ويهوذا بواسطة أشور وبابل لم يكن إلا ثمرة رجاسات وعناد لسنوات طويلة، وكان الله يُرسل الأنبياء للتحذير بكل الطرق، وإذ رفضوا سقطوا في السبي، وهناك في السبي أيضًا سمح بتأديبهم. إنها صورة مؤلمة تحدث في حياتنا حين يُحذِّرنا الله بكل وسيلة، لكن إصرارنا على الشرّ يسقطنا تحت سبي إبليس وعبوديَّته القاسية، فيسمح الله لنا بالتأديب ونحن في أرض غريبة.

2. سمات المؤدِّب نفسه:

في كل مرَّة يهدِّد شعبه يُعلن عن نفسه لكي يتأكَّدوا أنه قادر على تحقيق ما هدَّد به، والآن أيضًا يكشف عن ذاته مؤكِّدًا أنه يؤدِّب الأشرار دون تجاهل للبقيَّة الأمينة مهما كان عددها أو حجمها.

“السيِّد رب الجنود الذي يمس الأرض فتذوب وينوح الساكنون فيها، وتطموا كلها كنهر وتنضب كنيل مصر” [5].

لقد قيل عنه أنه يمس الجبال فتدخِّن (مز 104: 32، 144: 5)، فمن يظن في نفسه راسخًا كالجبل لا يحتمل التلامس مع الله بذاته… ومن يبقى أرضًا، يسلك في الأرضيَّات، يمسُّه رب الجنود فيذوب كالماء! أمًا الساكنون في الأرض فهى حواس الإنسان وطاقاته، التي تنوح عندما يفقد الجسد قدسيَّته وكيانه أمام غضب الله وعدله، وتطمو كلها كنهر أو كطوفان، وتنصبْ أو تغرق كنيل مصر…

أي يصير بكل طاقاته في حالة ضياع تام!

“الذي بني في السماء علاليه (مواضعه العليا)، وأسَّس على الأرض قبَّته (فرقة حراسة له)، الذي يدعو مياه البحر ويصبُّها على وجه الأرض، يهوه اسمه” [6].

يؤكِّد لبني إسرائيل عدم هروبهم من تأديباته، فإنه إن مسَّهم كأرض ذابوا كالماء وحزن كل سكَّانها،  وفي نفس الوقت قد أقام مواضعه العُليا (علاليه). في السماء يقدر أن يُلقيهم بحجارة عظيمة من البرَدْ فيموتون، كما فعل قبلاً مع ملوك الأموريِّين الساكنين في الجبل (يش 10: 11).

إن كانوا في شرِّهم عبدوا الكواكب فهو في السموات يحرِّك الكواكب ليحاربهم بما قيل “الكواكب من حبكها حاربت سيسرا” (قض 5: 20).

وفي قوله “الذي بني في السماء علاليه” يفتح أيضًا أبواب الرجاء لهم، فإن كانوا أرضًا ويخشون أن يمسُّهم رب الجنود فيذوبون، فليصيروا سماء ليسكن فيهم ويفرح بهم وهم يتهلّلون بسكناه فيهم. هذا ما فعله لنا السيِّد المسيح بصعوده، إذ وهبنا إمكانيِّة الصعود به لنكون سماء له، ويكون فينا. يقول العلاَّمة ترتليان: [يعد لنا المسيح هذا الصعود إلى السماء الآن، إذ يلزم للمسيح الذي تكلَّم عنه عاموس أن “يبني في السماء علاليه” لنفسه ولشعبه”[72]]. كما يقول: [الآن يوجد باب قد أعدَّه المسيح، خلاله يُقدِّم لنا المجد. عنه يقول عاموس: “الذي بنى في السماء علاليه”، بالتأكيد ليس لنفسه وحده، وإنما أيضًا لشعبه الذي يكون معه. يقول: “وتتنطَّقين بهم كعروس” (إش 49: 18). فإنه إذ يعجب الروح بالتحليق في السماء في العلالي يقول: “يطيرون كالحدأة، يطيرون كالسحاب، كالحمام يطيرون إلى بيوتها (راجع إش 60: 8)[73]].

إذن لنكن في المسيح الصاعد إلى السماء فنسكن في السماء آمنين، عندئذ تصير بقيَّة أيام غربتنا على الأرض لحساب السيِّد المسيح، إذ يقول: “وأسّس على الأرض قبَّته” أو فِرقة مجتمعة معًا له… أي تصير جماعته المحاربة ضد إبليس، جنود روحيِّين للرب تعمل معًا لحساب ملكوته وكما يقول القدِّيس كبريانوس: [لقد أردت أن أحارب بشجاعة، واضعًا في ذهني السرّ Sacramentum الذي له، حاملاً سلاحيّ التكريس والإيمان[74]]. ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كما يطبع الختم على الجلد هكذا يطبع الروح القدس على المؤمنين[75]].

أخيرًا فإنه يحوِّل مياه البحر إلى سحب، ومطر يصبَّها على وجه الأرض، وقد رأينا في ذلك إشارة إلى عمل الروح القدس، المطر الذي يحوِّل أرضنا الجافة إلى فردوس روحي للرب.

3. خلاص البقيَّة الأمينة:

بعد أن كشف السيِّد الرب عن نفسه أنه قادر أن يؤدِّب، كما هو قادر على رفعنا إلى السماء وتكريسنا للعمل لحساب ملكوته خلال المسيّا الصاعد إلى السماء في علاليه، والروح القدس الذي يُمطر على الأرض فيهبها قوَّة الإثمار، يتحدَّث عنها، عن البقيَّة الأمينة أنه يهتم بها ويسندها حتى النهاية.

مرة أخرى إذ يُرفق وعوده كما تهديداته بأمثلة عمليَّة، اخترها العالم في علاقته بالله، يوضِّح هنا بأمثلة كيف أنقذ أُممًا من العبوديَّة أو السبي واهتم بهم في الماضي، كدليل عملي عن رعايته للبقيَّة الأمينة. يقول: “ألستم ليّ كبني الكوشيِّين، يا بني إسرائيل يقول الرب؟!” [7]. كأنه يقول إن كنتُ قد خلصت بني كوش عبدة الأوثان – في ذلك الحين – من العبوديَّة فهل هم ليّ أكثر منكم، أفلا أهتم بكم لأخلِّصكم؟! إنه لم يرد أن يسدل الستار على النبوّات بالرؤى المُرَّة والقاسية، إذ وهو يُعلن حزمه الشديد يعود فيؤكِّد أنهم له أكثر من الجميع، فلماذا لا يرجعون إليه؟! عجيب هو الله في محبَّته للإنسان حتى في أمرّ لحظات التأديب.

مرة أخرى يذكِّرهم كيف اِهتم بهم وأخرجهم من عبوديَّة فرعون، وكيف أنقذ الفلسطينيِّين من كفتور (غالبًا جزيرة كريت)[76] والأراميِّين من قير.

إنه يهتم بالبشريَّة كلها، فكيف لا يهتم بالبقيَّة الأمينة. في عبارة جميلة ومطمئنة يؤكِّد: “لأني هأنذا آمر فأُغربل بيت إسرائيل بين جميع الأمم، كما يغربل في الغربال وحبَّة لا تقع على الأرض” [9]. إن كان الكثيرون قد صاروا قشًا فسيرميهم الغربال إلى الأرض التي أحبُّوها، لكن حبَّة واحدة من الحنطة مهما كانت صغيرة لا تقع من غربال الرب على الأرض، إنه يحفظها في يده فلا يخطفها أحد منه، ويرتفع بها إلى هيكله السماوي، يفرح بها من أجل أمانتها له!

4. العصر المسياني:

كسائر الأنبياء في العهد القديم يشرقون على الشعب بالبهجة الروحيَِّة ويفتحون أمامهم باب الرجاء خلال المسيّا بن داود القادم ليقيم مملكته الروحيِّة، التي تضم إسرائيل الجديد من كل الأمم والألسنة والشعوب، كل نبي يكشف عن جوانب معيَّنة من هذا العصر المبارك.

الآن ما هي سمات العصر المسياني كما قدَّمه لنا عاموس النبي؟

أولاً: إقامة مظلَّة داود الساقطة: “في ذلك اليوم أقيم مظلَّة داود الساقطة، وأُحصِّن شقوقها وأُقيم ردمها وأبنيها كأيام الدهر” [11]. في سفر حزقيال إذ كان التركيز كله يدور حول مفارقة مجد الرب بيته بسبب الرجاسات التي دخلت إليه، لهذا عندما أعلن عن إصلاح الموقف في العصر المسياني، قدَّمه لنا بكونه هيكل الرب الجديد (أصحاحات 40-48) بسمات رمزيَّة معيَّنة تكشف عن عمل المسيّا في حياتنا بعدم هدم هيكل إنساننا القديم لإقامة الإنسان الجديد، أمَّا هنا فإذ اتَّسم السِفر بهدم قصور إسرائيل ويهوذا وقصور الأمم المحيطة بإشعال النار فيها، عِوض هذه القصور يقدِّم لنا السيِّد المسيح مظلَّة داود وقد أقامها بعد السقوط، إنه يقيمها بنفسه إذ قام من الأموات ليقيمنا معه، ويُحصِّن شقوقها ويُقيم ردمها، ويبنيها بروحه القدُّوس كأيام الدهر لا يقدر الموت أن يهزمها.

سمة عصر المسيّا الذي ننعم به هو سمة القيامة، إذ صارت لنا الحياة الداخليَّة المُقامة فيه، نعيشها حتى متى جاء الرب في مجده تقوم أيضًا أجسادنا فتنعم النفس مع الجسد بالقيامة الأبديَّة.

يرى الأب ميثوديوس في هذه العبارة تأكيدًا لقيامة الجسد، إذ يرى على منكري قيامة الجسد،قائلاً: [إن تعبير “قيامة” لا ينطبق على ما لا يسقط بل على ما يسقط ليقوم ثانية، وذلك كقول النبي: “أقيم مظلَّة داود الساقطة”. الآن فإن مظلَّة النفس المشتهاة جدًا هي ساقطة وغارقة في تراب الأرض (دا 12: 2). فالمستلقي ليس ما هو ليس بمائت بل ما هو مائت. فالجسد هو الذي يموت وأما النفس فخالدة؟ فإن كانت النفس خالدة والجسد هو الجثَّة الهامدة، فمن يقول بوجود قيامة، ولكن ليس للجسد، إنما ينكر القيامة بوجه عام، فالذي يقوم هو ما يكون مستلقيًا ليس ما هو قائم، كما هو مكتوب: “هل يسقط ولا يقول أحد ولا يرجع؟!” (إر 4:8)[77]].

ثانيًا: فتح الباب لجميع الأمم، إذ يقول: “لكي يرثوا بقيَّة أدوم وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم، يقول الرب الصانع هذا” [12]. وكما يقول القدِّيس إيريناؤس[78]: [إن هذه العبارة تؤكِّد فتح الباب للأمم حيث يُدعى اسم الرب عليهم].

إن كانت “أدوم” تعني “من التراب” أو “من الدم”، فإن مظلَّة داود المُقامة، أي كنيسة العهد الجديد، ترث أدوم لتحوِّله من التراب إلى السماء، ومن حب سفك الدم إلى وداعة المسيح، لقد قبلت الكنيسة في أحضانها الوثنيِّين فغسلتهم وقدَّستهم للرب آنية روحيِّة سماويَّة ملائكيَّة!

ثالثًا: فيض نعمة بلا حساب، إذ يقول: “ها أيام تأتي يقول الرب يدرك الحارث الحاصد، ودائس العنب باذر الزرع” [13]. فكأن الحصاد وفير للغاية يبقى من بعد الحصاد، حتى يأتي الحارث في السنة الجديدة فيجد بركة الحصاد قائمة، وهكذا بالنسبة لدائس العنب في المعصرة تبقى بركة العصير حتى السنة التالية.

علامة البركة أن المؤمنين وقد صاروا جبالاً راسخة وتلالاً يقطرون عصيرًا ويسيلون بركة [13]، كما سبق فرأينا ذات التعبير في سفر يوئيل (3: 18).

رابعًا: عصر الحريَّة الروحيِّة حيث ينطلق الإنسان من أسر إبليس وسبي الخطيَّة فتقوم في داخله مدنًا مقدَّسة عِوض الخراب الذي سبَّبه الشرّ وتغرس كروم الروح القدس المثمرة فرحًا، ويتحوّل القلب إلى فردوس إلهي من صنع الله نفسه، إذ يقول: “وأرد سبي شعبي فيبنون مدنًا خربة ويسكنون، ويغرسون كرومًا ويشربون خمرها، ويصنعون جنَّات ويأكلون أثمارها، وأغرسهم في أرضهم، ولن يُقلعوا بعد من أرضهم التي أعطيتهم قال الرب إلهك” [14-15]. صورة مبهجة لكنيسة المسيح الجنَّة التي تُفرح قلب الله وتبهج السمائيِّين ببنيانها الروحي، وغروسها المثمرة، وخمرها المُفرح، وثباتها إلى الأبد بلا تزعزع!.

تفسير عاموس 8 عاموس 9  تفسير سفر عاموس
تفسير العهد القديم تفسير عاموس – مراجع
القمص تادرس يعقوب ملطي
تفاسير عاموس 9  تفاسير سفر عاموس تفاسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى