أعرف كتابك المقدس

 

 نصحبكم هذا العام فى رحلة سريعة وقصيرة، نحكى فيها تاريخًا دام أكثر من 1600 سنة، ونتعرف فيها على أكثر من 40 شخصًا. نجول فيها داخل أعظم كتاب عرفته البشرية، وأكثرها تأثيرًا فى مجرى التاريخ، بل وأيضًا فى مجرى الحياة… حياتى وحياتك وحياة كثيرين.. فهدف هذا الكتاب هو أنا وأنت، وكل من يريد أن يخلص أيضًا. أما بطله الحقيقى فهو شخص واحد. هو شخص الرب يسوع المخلص.. تدور الأحداث حوله وتشير إليه، منذ أول كلمة وحتى آخر حرف فيه. وقصته هى أروع القصص على مر العصور، فهى قصة الخلاص.. الخلاص من الموت، ومن العبودية المرة للخطية، أما كاتبه فهم “أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 21:1)، إنه كتابنا المقدس. 

 

نبدأ رحلتنا حينما “كَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ” (تك 2:1).. حيث رأى الله أن يخلق الإنسان على صورته ومثاله، ليمتعه بمحبته اللانهائية، وذلك بعد أن هيأ له الأرض، وزينها، وجعله متسلطًا عليها. ومن فرط محبة الله للإنسان منحه حرية الإرادة، التى أساء استخدامها، رافضًا بها طاعة الله ومحبته، تابعًا الحية التى هى إبليس. ومن هنا – بعد سقوط الإنسان والحكم عليه بالموت – تبدأ أحداث قصة الخلاص.. حيث أعد الله خطة عظيمة يخلص بها الإنسان، عن طريق تجسد أقنوم الكلمة (الإبن) ليفدى الإنسان، ويخلصه من قبضة الشيطان. وبدأ الله يجهز الإنسان لإستقبال هذا الحدث العظيم، عبر صفحات الكتاب المقدس، الذى سجل عصوراً مختلفة وأحداثاً كثيرة. 

 1- العهد القديم 

أولاً: عصر الآباء البطاركة : هم آباؤنا إبراهيم واسحق ويعقوب.. نقرأ قصتهم فى سفر التكوين، الذى ينتهى بدخول أبينا يعقوب مع أبنائه وأحفاده إلى أرض مصر، ليتغربوا هناك، مع إبنه يوسف، الذى صار متسلطًا على كل أرض مصر، حيث سكن بنو إسرائيل فى أرض رعمسيس أو جاسان (الشرقية حالياً).  

ثانياً: عصر الخروج (موسى ويشوع) : يبدأ السفر الثانى فى الكتاب وهو “سفر الخروج” بعرض قصة الذل والهوان الذى عاشه بنى إسرائيل فى أرض مصر، على يد فرعون والمصريين، بعد أن عاشوا بينهم 430 سنة (خر 40:12). وكان عند نهاية هذه المدة، أن خرج إسرائيل من أرض مصر تحت قيادة موسى، الذى إختاره الرب ليقود الشعب فى الخروج وعبر البحر الأحمر، عندما شق الله لهم البحر نصفين وجعل يابسا فى وسطهم فعبر موسى وشعب بنى إسرائيل ونجوا من فرعون وقواته، ثم السير فى برية سيناء مدة 40 سنة، فى رحلتهم إلى أرض الموعد. وخلال هذه الأربعون سنة، سلمهم الرب بيد موسى الشريعة والناموس، ومنها الوصايا العشر التى كتبت بأصبع الله (خر 18:31). وقد سجل الكتاب هذه الأحداث كلها فى الأسفار الثلاثة، التالية لسفر الخروج وهى اللاويين والعدد والتثنية… وبهذا تنتهى أول خمسة أسفار فى الكتاب المقدس، والتى تسمى بالتوراة. والتوراة كلمة عبرية تعنى الشريعة، وهذه كتبها موسى النبى قبل نياحته. 

 نصل الآن إلى محطة جديدة فى رحلتنا، وهى سفر يشوع“.. ذلك القائد العظيم تلميذ موسى النبى الذى دخل الشعب معه أرض الموعد، وتملكها، بعد سلسلة من الحروب الكثيرة التى نصره الرب فيها. 

 ثالثاًعصر القضاة : يبدأ هذا العصر بعد موت يشوع، وعدم ظهور قائد آخر يخلفه… واستمر 450 سنة ظهر فيها أكثر من قاضى: نذكر منهم دبورة، وشمشون، ويفتاح الجلعادى وغيرهم كثيرين… كانت مهمتهم قيادة الشعب فى الحروب.. وإنتهى هذا العصر بولادة صموئيل النبى آخر القضاة ليبدأ عصر جديد هو… 

رابعاً عصر الملوك : يسرد الكتاب أحداث هذا العصر فى أسفار صموئيل أول وثان.. ملوك أول وثان… أخبار أيام أول وثان

يبدأ هذا العصر – كما يحدثنا سفر صموئيل – بطلب بنى إسرائيل ملكًا أرضيًا لهم يدخل ويخرج أمامهم مثل باقى جيرانهم من الأمم. فأمر الرب صموئيل أن يمسح لهم شاول ملكاً لهم حسب قلبهم. لكن شاول الملك إنحرف فى تصرفاته، فرفضه الرب وطلب من صموئيل النبى أن يقيم داود بن يسى البيتلحمى الذى هو من سبط يهوذا بدلاً منه، ليكون ملكًا على إسرائيل… وأصبحت إسرائيل فى عصره مملكة قوية ذات هيبة بين الأمم. وبعد موت داود، خلفه إبنه سليمان الذى أعطاه اللهحِكْمَةً وَمَعْرِفَةً وَأُعْطِيكَ غِنىً وَأَمْوَالاً وَكَرَامَةً” (2أخ 12:1). 

ورغم أن عهد الرب مع داود كرره مرة أخرى مع سليمان (1مل 1:9-9) إلا أن سليمان سقط فى عبادة الأوثان، فكان عقاب الرب له بأن تنقسم المملكة فى عهد إبنه رحبعام. وفعلاً إنقسمت المملكة فى عهد رحبعام إلى قسمين: مملكة الشمال تحت حكم يربعام بن ناباط وتضم عشرة أسباط، وتسمى مملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة.. ومملكة الجنوب تحت حكم رحبعام بن سليمان، وتضم سبطى يهوذا وبنيامين وتسمى مملكة يهوذا، وعاصمتها أورشليم. وبهذا الإنقسام تشهد البشرية عصرًا جديدًا هو… 

خامساً عصر الأنبياء : بعد الإنقسام إنحرفت مملكة إسرائيل وراء عبادة الأوثان، بسبب بُعدهم عن الهيكل فى أورشليم. أما مملكة يهوذا، فحيناً كانت تعبد الله، وحيناً أخر تنجرف هى الأخرى إلى عبادة الأوثان. لم يترك الله نفسه بلا شاهد بينهم.. بل كان يرسل لهما الأنبياء يحذرونهم من عواقب خطاياهم، ومن العقاب الذى ينتظرهم.  

أما مجموعة الأنبياء هذه فتنقسم إلى قسمين هما: + الأنبياء الكبار وهم: إشعياء وإرميا وحزقيال ودانيال، 5 أسفار حيث يضاف إليهم مراثى إرميا.  

والأنبياء الصغار وعددهم 12 نبياً (افتح كتابك المقدس لتعرف من هم)… وهذا التقسيم إلى كبار وصغار هو حسب حجم النبوة التى كتبها كلٍ منهم. 

ومن الأهمية أن نعرف أن هؤلاء جميعهم لم يكونوا هم الأنبياء الذين أرسلهم الرب فقط، بل هناك أنبياء آخرون لم يكتبوا نبوات، لكن كان لهم دورهم النبوى، ورسالتهم التى أرسلهم الرب بها لشعب إسرائيل، نذكر منهم: إيليا النبى، وأليشع النبى، وهما نبيان قاما فى مملكة إسرائيل (مملكة الشمال). 

+ وينتهى العهد القديم “بسفر ملاخى” الذى نجد فيه هذه الآية: “هاَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِى فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِى تَطْلُبُونَهُ” (ملا 1:3).. فمن هو هذا الملاك إلا يوحنا المعمدان.. ومن هو هذا السيد إلا الرب يسوع المسيح.. وهما بداية أولى صفحات إنجيل متى

 

أقسام أسفار العهد القديم 

العدد 

أسفار موسى الخمسة (التوراة). من سفر التكوين إلى سفر التثنية. 

الأسفار التاريخية.   من سفر يشوع إلى سفر أستير. 

12 

الأسفار الشعرية والحكمية. من سفر أيوب إلى سفر نشيد الأنشاد. 

الأسفار النبوية : الكبار : من سفر إشعياء إلى سفر دانيال. 

الصغار : من سفر هوشع إلى سفر ملاخى. 

12 

 

2- العهد الجديد  

 عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِى الْجَسَدِ” (1تى 16:3).  

 يبدأ العهد الجديد بالأناجيل الأربعة… 

 أولاً الأناجيل الأربعة : أو البشائر الأربعة: للقديس متى ومرقس ولوقا ويوحنا.. والتى تحكى لنا عن حياة السيد المسيح وأقواله ومعجزاته، وكيف به قد تم الفداء وعاد الإنسان مرة أخرى إلى الأحضان الأبوية..  

وربما يتساءل البعض: لماذا أربعة أناجيل؟! ألم يكن يكفى واحد فقط؟ والإجابة ببساطة هى أن كل من كُتاب الأناجيل قد قدم لنا السيد المسيح من زاوية مختلفة.. فنجد أن

1- معلمنا متى: يرينا السيد المسيح الملك إبن داود، الذى أتى ليملك على شعبه بملكوت روحى وليس أرضى..  

2- أما معلمنا مرقس: فقد أرانا السيد المسيح الخادم القوى، صانع المعجزات، وقاهر إبليس.  

3- ثم أكد لنا معلمنا لوقا: على طبيعة السيد المسيح الفريدة، فهو الإله وهو أيضًا الإنسان الكامل، الذى شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها..  

4- وأخيراً يوحنا الحبيب: يعلمنا عن لاهوت السيد المسيح الكلمة المتجسد.. وبهذا تكتمل الصورة الجميلة للسيد المسيح، فادى البشرية ومخلصها. 

ثانياً أعمال الرسل : وبصعود السيد المسيح من بعد قيامته، يبدأ سفر أعمال الرسل.. وهو يسجل ميلاد الكنيسة الأولى من بعد حلول الروح القدس ونموها. 

ثالثاً أسفار تعليمية: وهى رسائل معلمنا بولس الرسول الأربعة عشر التى أرسلها لعديد من الكنائس التى سلمها الإيمان، وأيضًا إلى تلاميذه. ثم رسائل الكاثوليكون أو الرسائل الجامعة لباقى الرسل: يعقوب وبطرس رسالتين ويوحنا ثلاث رسائل ويهوذا… 

رابعاً سفر الرؤيا : ثم يختم به معلمنا يوحنا الحبيب العهد الجديد، يعلن لنا فيه عن الحقائق الروحية السماوية بصورة رمزية.. ويهيئنا لمجىء المسيح الثانى، منادياً إياه فى آخر آية: “آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ” (رؤ 20:22). 

الأناجيل الأربعة 

 

متى 

مرقس 

لوقا 

يوحنا 

لمن كُتب؟ 

لليهود 

للرومان 

لليونان 

للعالم المسيحى 

موضوعه 

المسيا الملك 

المسيا غالب إبليس 

المسيح صديق البشرية. 

المسيح الكلمة المتجسد 

رسالة المسيح 

يتمم الناموس 

يصنع عجائب 

يخلص البشرية 

يحل فى وسطنا 

مادة الإنجيل 

أهتم بالنبوات 

أهتم بالعمل 

أهتم بالتاريخ 

أهتم باللاهوت 

رمزه 

وجه إنسان 

الأسد 

الثور 

النسر 

 

وأخيراً… بعد أن عرفنا بعض الملامح التاريخية للعصور التى كُتب فيها الكتاب المقدس.. بقى أن نعرف أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ما هو إلا وحدة واحدة، حافظت كنيستنا على وحدتهما على مر العصور.. وسلمته للأجيال جيلا بعد جيل محفوظاً من التحريف فهو موحى به من الروح القدس “كل الكتاب هو موحى به من الله….”. 

زر الذهاب إلى الأعلى