تفسير رسالة كورنثوس الثانية ١٢ للقمص أنطونيوس فكري

شرح كورنثوس الثانية – الإصحاح الثانى عشر

 

آية 1 :- انه لا يوافقني ان افتخر فاني اتي الى مناظر الرب واعلاناته.

الرسول تحدث عن ألامه قبل الإعلانات والرؤى = مناظر الرب التي رآها. فإن الإعلانات لا تزكيه، إنما تزكيه أتعاب المحبة، وهو يتحدث عن هذه الرؤى لكي يخجل مقاوميه ويثبت صدق رسوليته فيخلص المؤمنين من الكذبة الذين يدعون رسوليتهم مشككين في رسولية بولس. لا يوافقني أن أفتخر = إنه لا يريحني أن أفعل ذلك وأتكلم عن نفسي 

 

آية 2 :- اعرف انسانا في المسيح قبل اربع عشرة سنة افي الجسد لست اعلم ام خارج الجسد لست اعلم الله يعلم اختطف هذا الى السماء الثالثة.

أعرف إنساناً = هو يتكلم عن نفسه وبروح الإتضاع يقول أعرف إنساناً قبل أربعة عشر سنة = إذاً هو كتم الرؤيا طيلة هذه المدة إلى أن إضطرته الظروف. أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم = كان الرسول في حالة علاقة شديدة وفى إتحاد قوى مع المسيح. إن الرسول إذن لم يعرف الكيفية التي تم بها هذا الإختطاف، أي كيف كانت علاقة روحه بجسده عندما تم هذا الإختطاف. فهل كانت روحه في جسده، أم كانت خارجة عن جسده. على أن عبارات الرسول تكشف أيضاً علي أنه من الممكن أن يحدث الإختطاف أيضاً بالجسد. وربما لو خطفت الروح فقط لكان الجسد في حالة غيبوبة 

0 والإنسان هو روح وجسد. والجسد يشتهى ضد الروح.. (غل 5 : 17)

0 والإنسان حر أن يسلك وراء شهوات جسده ضد صوت الروح القدس ودعوته فيتحول إلى إنسان حسداني حيواني ومثل هذا نهايته الموت. أو أن يسلك وراء صوت الروح القدس فيتحول إلى إنسان روحاني نهايته الحياة الأبديه 

0 ويوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني.. (1كو 15 : 44)

0 أم لستم تعلمون أن من إلتصق بزانية هو جسد واحد.. وأما من إلتصق بالرب فهو روح واحد… (1كو 6 : 16، 17)

0 فالإنسان المؤمن حر في أن يرتقى السلم الروحي، مستجيباً للروح القدس، وبهذا يصير روح واحد مع الرب. يصير الإنسان كأنه روح بلا جسد، هذا ما يسميه الرسول جسم روحاني. أو أن ينحدر الإنسان وراء شهواته وينقاد إلى الزنى وبهذا يصبح جسد واحد مع زانية. يصير هذا الإنسان كأنه جسد بلا روح، وهذا ما يسميه الرسول بالجسم الحيواني.

0 والإرتقاء على السلم الروحاني درجات، فكلما مات الجسد عن العالم ارتفعت الدرجة الروحية، وكلما ارتفعت الدرجة الروحية، صار الوعي الروحي والإدراك الروحي على درجة أعلى. ويبدو أن هذا ما يقصده الرسول يوحنا اللاهوتي حين وضع أمامنا درجتين الأولى أسماها كنت في الروح (رؤ 1 : 10) وبهذه الدرجة أستلم الرسائل السبع من السيد المسيح. والثانية أسماها صرت في الروح (رؤ 4 : 2) وفى هذه الدرجة رأى يوحنا عرش الله.

0 وفى درجة من هذه الدرجات العالية رأى بولس السماء الثالثة.

0 الإنسان الروحاني يفنى جسده ويضرم الروح الذي فيه (1كو9 :27 +2تى1:6)

0 والإنسان الحيواني يطفئ الروح الذي فيه سائراً وراء شهواته (1تس 5 : 19)

السماء الثالثة = فالسماء الأولى هي سماء السحب والعصافير. والسماء الثانية هي سماء الكواكب. والسماء الثالثة هي الفردوس أي السماء الروحية. وهناك من قال أن السماء الأولى هي السماء في المعنى الطبيعي لهذه الكلمة والسماء الثانية هي السماء في المعنى الديني الذي يقابل الحياة الأرضية. وأن السماء الثالثة هي الفردوس حيث تنتظر أرواح المنتقلين في فرح. وفي هذه السماء الثالثة يكشف الله مجده وإليها قد إختطف بولس الرسول. ولكن مجد الله الذي يظهر لهم هو مجد نسبى أقل كثيراً من المجد الأبدي. والله قد إختطف بولس الرسول للفردوس حتى لا يشعر أنه أقل من الرسل الذين رأوا المسيح بالجسد وهو على الأرض قبل صعوده.

 

آية 3 :- واعرف هذا الانسان افي الجسد ام خارج الجسد لست اعلم الله يعلم.

هذه الآية تكرار للسابقة. ولكن قوله أعرف يشير لأنه يتكلم عن نفسه.

 

آية 4 :- انه اختطف الى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان ان يتكلم بها.

الفردوس = هي كلمة فارسية تعنى حديقة إستخدمت لجنة عدن في السبعينية. وفى المسيحية هي المكان الذي يستعيد فيه المسيحي أفراح جنة عدن بعد الموت. وفى هذه الآية أسماه الفردوس وسبق أن اسماه السماء الثالثة في آية 2. والفردوس الأرضي حيث عاش آدم وحواء كان رمزاً لسعادة السماء حيث ما لم تره عين ولم تسمع به أذن.. وفى الفردوس تنتظر الأرواح حتى يوم القيامة العامة، الفردوس هو مسكن الأرواح المطوبة المؤقت إلى أن تلبس الأرواح الأجساد الممجدة وتدخل أورشليم السماوية في المجد النهائي يوم القيامة العامة بعد المجيء الثانى. 

كلمات لا ينطق بها = كلمات لا تستطيع أن تعبر عنها لغة بشرية ولا يفهمها ذهن بشرى. فاللغة البشرية عاجزة عن أن تُعَبَّرْ عن السماويات والذهن غير قادر على الفهم. لا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها = فهي كلمات مقدسة، وحالتنا الآن ونحن في جسد الخطية لا تسمح لنا بأن ننطق بها، وهى خاصة بعلاقة النفس مع الله، وهذه علاقة خاصة لا يسوغ أن نتكلم بها. 

 

آية 5 :- من جهة هذا افتخر ولكن من جهة نفسي لا افتخر الا بضعفاتي.

من جهة هذا أفتخر = أنا أفتخر ليس بنفسي ولكن بما أنعم الله به علىَّ. أمّا من جهة نفسي لا أفتخر إلا بضعفاتى = فبولس لا يفتخر بالإنسان العادى الطبيعي. ولكنه يفتخر بالإنسان الذي هو في المسيح. ويفتخر بضعفاته لأنه في ضعفه يظهر عمل الله وهو يريد أن يفتخر بالله.

 

آية 6 :- فاني ان اردت ان افتخر لا اكون غبيا لاني أقول الحق ولكني أتحاشى لئلا يظن احد من جهتي فوق ما يراني أو يسمع مني.

إن أردت أن أفتخر فسأجد ما أفتخر به من نجاح للخدمة إلى معجزات وصلت لإقامة ميت، بل حسبه الناس في عدة أماكن إلهاً كما حدث في لسترة ومالطة. فهو ليس مخطئاً لو أفتخر = لا أكون غبياً. ولكنه لا يفضل هذا الأسلوب، لأنه يعرف أن النجاح هو من عند الله، وحتى لا ينظر إليه أحد أكثر مما ينظر هو إلى نفسه، أنه أداة ضعيفة في يد الله القادر.

لأني أقول الحق = أي أن الأعمال والمعجزات التي قام بها قد حدثت فعلاً ولكن كان هذا نتيجة لعمل الله في، والرسول لا يريد أن يفهم أحد أن الأعمال هي أعماله هو. بل هي أعمال الله. إذاً هو صمت حتى لا يعظمه أحد. وتكلم حتى لا يحطم أحد عمله الرسولي.

 

آية 7 :- ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات اعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع.

ترتبط كثرة الإعلانات بالضيق حتى لا يسقط الرسول في الكبرياء. إذن الضيقات هنا تعتبر حارس لهُ حتى لا يغتر بنفسه وربما هذه الشوكة كانت :- 

1) ضعف في بصره، فكان لا يكتب رسائله بنفسه بل يمليها (رو 16 : 22 + غل 4 : 15 + غل 6 : 11). وفى بعض الأحيان يكتب السلام بيده في آخر الرسالة (2تس 3 : 17)

2) قروح في جسده (أع 19 : 11، 12 + غل 4 : 14).

3) ربما هي الاضطهادات المستمرة التي أثارها ضده الشيطان في كل مكان.

ونرى أن بولس أسلم زاني كورنثوس للشيطان (1كو 5 : 5) وبولس نفسه سمح الله للشيطان أن يلطمه. بهذا نفهم فائدتين للتجارب :-

1) التنقية من خطية معينةكما في حالة زانى كورنثوس وحالة أيوب

2) الحماية من السقوط…. كما في حالة بولس

ليلطمنى = وردت في صيغة المضارع إشارة إلى أن عملية اللطم كانت تحدث على الدوام ولاحظ أن الرسول أشار إلى الرؤيا التي رآها ولكنه لم يدخل في تفاصيلها، بل في تواضعه لم يقل رأيت ولكن قال أعرف إنساناً. وسريعاً ما تحول للشوكة التي في جسده ولم يطيل الحديث عن المناظر والإعلانات.

 

آية 8 :- من جهة هذا تضرعت الى الرب ثلاث مرات ان يفارقني.

الله لا يستجيب لما نطلبه مباشرة، بل لما هو فيه الخير لنا، فقد نطلب ما هو ضد خيرنا، كما طلب بولس هنا. حقاً كل ما نطلبه في الصلاة مؤمنين نناله (مر 11 : 24) ولكن علينا أن نضع بجانب هذه الآية آية أخرى هيإن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا ” (1يو 5 : 14) فشفاء بولس كان ضد مشيئة الله، لأن شفاءه لن يساعده على خلاص نفسه، لذلك لم يستجب له الله. ولذلك سمعنا قول الكتابوالمحتاجون إلى الشفاء شفاهم (لو 9 : 11). فهناك مرضى محتاجون للشفاء، لأن الشفاء سيكون الوسيلة التي بها يرجعون إلى الله ويعرفونه فيخلصوا، وهناك مرضى محتاجين للمرض ليتنقوا مثل أيوب، فيخلصوا، وهناك مرضى محتاجين للمرض حتى لا يسقطوا مثل بولس إذاً لنصلى من أجل المرضى ليشفيهم الله، ولكن إن لم يعطى الرب الشفاء فليس معنى هذا أن الله لم يستجيب لنا، بل أن هذا المرض يكون لصالح المريض. وإن أراد الرب أن يأخذ المريض بعد صلواتنا وأصوامنا، فليس معنى هذا أن الله لم يستجيب، بل سيستجيب بأن يُنَيِحْ نفسه في الفردوس ويعطينا روح الصبر والعزاء. ونلاحظ أن بولس كانوا يأخذون المناديل والمآزر من على جسده فتشفى الأمراض، لكن لم يستطع هو أن يشفى نفسه، بل لم يستطع أيضاً أن يشفى بعض تلاميذه المرضى مثل تروفيموس (2تى 4 : 20) وأبفرودتس (فى 2 : 27) والرب يسوع نفسه صلى لكي ترفع عنه الكأس. ولكن لنتعلم الصلاة النموذجية من الرب يسوع إذ قالولكن لتكن لا بحسب مشيئتي بل بحسب مشيئتكإذاً لنصلى من القلبلتكن مشيئتك “. والله يحقق دائماً طلباتنا بشروط :

1)     أن تكون الطلبة مفيدة لنا ولنلاحظ أن معرفتنا ضئيلة جداً.

2)     أن تكون لمجد إسمه. وليس كل شفاء فيه فائدة لنا كما رأينا، وليس كل شفاء فيه مجد إسم الله. 

3)     أن تكون الطلبة بإيمان

آية 9 :- فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح. 

نعمة الله تبدو أكثر فيمن يشعر بضعفه وبحاجته إلى هذه النعمة، لذلك فبولس يفتخر بضعفاته لتحل فيه قوة المسيح وتعمل في خدمته وكرازته. الله يعمل فيمن يشعر أنه وحده عاجز عن أن يخدم. وهذا هو معنى أن قوة الله تكمل في ضعف البشر، أي تستطيع أن تعمل في الإنسان الذي يشعر بضعفه. ولذلك فالله لم يرفع الشوكة عن بولس الرسول لكنه زاده نعمة وطلب منه الإحتمال. ولنلاحظ أن القوة البشرية والحكمة البشرية يفسدان عمل الله.

أمثلة :- 

1)  المسيح على الصليب كان في وضع ضعف شديد. وتصور أنه أتى بملائكة أنزلوه من على الصليب وقتلوا اليهود والرومان.. ماذا كان سيحدث ؟ ببساطة كانت قصة الفداء قد فشلت. ولكننا رأينا مبدأ جديد على الصليب. قوة الله الجبارة تعمل خلال ضعف المسيح الشديد وتهزم إبليس والموت وتخلص البشر.

2)  تصور أن بولس الرسول كانت له قوة جسدية جبارة، وحين يهاجمه اليهود كان يضربهم وينتقم منهم. هل كان كل هؤلاء المؤمنين آمنوا على يديه، أم كانوا قد حسبوه إنساناً قوياً جباراً وكانوا قد نفروا منه وإبتعدوا عنه.

3)  القديسة دميانة في عذاباتها ثم في شفائها كانت سبباً في إيمان المئات بل وإستشهادهم، هل لو كان للقديسة دميانة قوة أماتت الوالي فور أن ابتدأت ألامها. هل كان كل هؤلاء قد آمنوا.

إن الله له خطة حكيمة ولو تدخلت بحكمتي أو بقوتي سأفسد خطة الله. بل أن الإنسان القوى سيغتر بقوته ويتكبر فيحرم من قوة الله وعمله. تَصَّور معي رسام يستخدم فرشاة ليرسم بها لوحة. ما هو الوضع الأمثل للفرشاة ؟ قطعاً أنها لا يكون لها رأى، بل حينما يضعها الرسام في اللون الأحمر تتلون بهذا اللون وهكذا. ولكن تصور أن الرسام حينما أتى ليضع الفرشاة في اللون الأحمر إستدارت من نفسها وتلونت باللون الأخضر، حسب رأيها !! إنها بهذا ستفسد اللوحة. ولهذا فبولس يفتخر بضعفه فهو يعلم أنه بقدر ما هو ضعيف ولا يتدخل فى خطة الله بقدر ما تنجح خطة الله وينجح عمل الله.

 

آية 10 :- لذلك اسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لاجل المسيح لاني حينما انا ضعيف فحينئذ انا قوي.

حينما شعر الرسول بضعفه وإحتياجه لقوة المسيح، أعطاه المسيح قوة، بل كان الرسول يشعر بلذة حين يحس بالضعفات والضيقات العظيمة التي تقابله في الخدمة، فالضيقات تقابله من الخارج ولكن في الداخل يشعر بقوة عظيمة. هو كان في ضيقاته يُسر لأنه اصبح يعرف ان الله لا بد وسيعمل. 

 

آية 11 :- قد صرت غبيا وانا افتخر انتم الزمتموني لانه كان ينبغي ان امدح منكم اذ لم انقص شيئا عن فائقي الرسل وان كنت لست شيئا.

وبهذا الإفتخار صرت غبياً في نظركم، وأنا نفسي لا أحب أن أفتخر بشيء إلاّ بضعفاتى، لكنكم ألزمتموني. وكان يجب عليكم أن تقدروني ولا تلزموني بأن أفتخر، خصوصاً بعد أن خدمتكم كل هذه الخدمة، كل هذه المدة، وبعد أن تغيرتم من وثنيين خطاة إلى قديسين لهم مواهب. وبهذا فأنا لست أقل من سائر الرسل. إن كنت لست شيئاً = أنا لست شيئاً بدون المسيح.

 

آية 12 :- ان علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بايات وعجائب وقوات.

إن جميع الأدلة والبراهين التي تحتاجون إليها كي تثقوا أن الذي يكلمكم وقد علمكم هو رسول كباقي الرسل، كل هذه الأدلة قد تمت لي بينكم. فخدمتي كانت بعجائب وقوات تدل على أحقيتي في الرسولية. ولاحظ أنه قالُصنِعَتْ ولم يقل صنعتها فالله صنعها به. في صبر = يتكلم هنا عن إحتماله كل ألام الخدمة 

 

آية 13 :- لانه ما هو الذي نقصتم عن سائر الكنائس الا اني انا لم اثقل عليكم سامحوني بهذا الظلم.

لأنه ما هو ذلك الشيء الذي قبلتموه أنتم أقل من الكنائس الأخرى، إلاّ أن يكون ذلك الشيء هو أنى لم أحاول أن أثقل عليكم باحتياجاتي ومطالبي المادية، فإذا كنتم تعتبروني قد ظلمتكم بهذا فسامحوني. وهذه الآية فيها تأنيب شديد لهم. 

 

آية 14 :- هوذا المرة الثالثة انا مستعد ان اتي اليكم ولا اثقل عليكم لاني لست اطلب ما هو لكم بل اياكم لانه لا ينبغي ان الاولاد يذخرون للوالدين بل الوالدون للاولاد. 

سآتي إليكم محتفظاً بمبدئي، أنه لا أثقل عليكم، فأنتم كأولادي لا أريد سوى خلاص 

نفوسكم. ولا أنتظر منكم نفعاً مادياً.

 

 

آية 15 :- واما انا فبكل سرور انفق وانفق لاجل انفسكم وان كنت كلما احبكم اكثر احب اقل.

بل أنا مستعد أن أُنْفِقْ ما لدىَّ من أموال عليكم، بل أنا على إستعداد أن أُنْفَقْ = وهذه تعنى إستعداده أن يضحى بحياته ويبذل ذاته حتى الموت لأجلهم ولأجل خلاص نفوسهم. ومع كل هذه المحبة لم يقابل أهل كورنثوس الرسول إلاّ بفتور. إذن على الخادم أن لا يتوقع الكثير من مخدوميه، لكن مع ذلك عليه أن يبذل نفسه عنهم، فالرسول هنا نجده مستعد أن يُنْفِقْ وأن يُنْفَقْ لأجلهم وهو يعلم نقص محبتهم لهُ.

 

آية 16 :- فيلكن انا لم اثقل عليكم لكن اذ كنت محتالا اخذتكم بمكر.

فليكن = ليكن ما يكون من أقوال المعلمين الكذبة عنى، فأنا لم أثقل على أحد، ولكن بمكر = المعلمين الكذبة قالوا أنه إجتذبهم بمكر، فليكن فأنا لم أجتذبكم إلىَّ ولم أثقل عليكم بل إجتذبتكم للمسيح.

 

آية 17 :- هل طمعت فيكم باحد من الذين ارسلتهم اليكم.

هل طمع فيكم أحد ممن أرسلتهم إليكم، أو طلبوا هم لأجلى أموالاً.

 

آية 18 :- طلبت الى تيطس وارسلت معه الاخ هل طمع فيكم تيطس اما سلكنا بذات الروح الواحد اما بذات الخطوات الواحدة. 

هل سلب تيطس أو الأخ المرسل معه أموالكم لحسابه أو لحسابي.

 

آية 19 :- اتظنون ايضا اننا نحتج لكم امام الله في المسيح نتكلم ولكن الكل ايها الاحباء لاجل بنيانكم.

وأنا إذ كنت أتكلم لكم على هذا النحو فلست أقصد بكلماتي أن أحتج لديكم أي أحاول أن أبرر نفسي أمامكم وألتمس الأعذار. فليس لديكم ما تحكمون به عليَّ. أمام الله في المسيح نتكلم = فأنا أتكلم أمام الله، والله شاهد علىَّ، وأنا مسوق وملهم من السيد الرب المسيح. وكل كلامي لنفعكم = لأجل بنيانكم

 

آية 20 :- لاني اخاف اذا جئت ان لا اجدكم كما اريد واوجد منكم كما لا تريدون ان توجد خصومات ومحاسدات وسخطات وتحزبات ومذمات ونميمات وتكبرات وتشويشات.

أنا أكتب لكم هذا لأني أخشى عندما أجئ أن لا أراكم كما أرجو. وكما كنت أنتظر منكم كأولاد مؤمنين لهم حياة توبة وقد أصلحوا أمورهم. بل يجد في وسطهم خصومات ومحاسدات.. وتكبرات = من يأخذه روح الغرور والفخر وأوجد منكم كما لا تريدون = أي أكون مضطراُ أن أوبخ وأعاقب.

 

آية 21 :- ان يذلني الهي عندكم اذا جئت ايضا وانوح على كثيرين من الذين اخطاوا من قبل ولم يتوبوا عن النجاسة والزنى والعهارة التي فعلوها

 أن يذلني = الرسول كأب لهم ولدهم في الإيمان سيشعر بمذلة لو وَجَدَ أنهم يسلكون في خطايا سبق وذكرها، إذ بهذا ستكون خدمته بلا نفع وبلا ثمر، فخطايا الأولاد تسبب عاراً لأبيهم. أخطأوا من قبل = في خطايا زنى ووثنية ونجاسة إن الخادم حينما يشعر أن أولاده في حالة روحية متأخرة يشعر بذل، والعكس فهو يفرح بقوة أولاده الروحية فهو كأب لهم (غل 4 : 19) يريد أن يفتخر بهم.

فاصل

فاصل

تفسير 2 كورنثوس 11 تفسير رسالة كورنثوس الثانية تفسير العهد الجديد
تفسير 2 كورنثوس 13
 القمص أنطونيوس فكري
تفاسير رسالة كورنثوس الثانية تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى