تفسير سفر أعمال الرسل ٢٤ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الرابع والعشرون
آيات (1،2):-
وبعد خمسة ايام انحدر حنانيا رئيس الكهنة مع الشيوخ وخطيب اسمه ترتلس فعرضوا للوالي ضد بولس. فلما دعي ابتدا ترتلس في الشكاية قائلا.
واضح الرياء فى خطاب ترتلس، إذ أن فيلكس كان رجلاً ذا سمعة سيئة.ويقال أن فيلكس كان عبداً محرراً من عبيد كلوديوس قيصر، قال عن تاسيتوس المؤرخ الرومانى أن بيده سلطان الأمير وفى أعماقه نفسية العبد. وغالباً فإن ترتلوس كان رومانياً خبيراً فى القوانين فإستأجره اليهود. وفيلكس هذا كان يعيش مع إمرأته دروسلا فى الحرام إذأقنعها أن تترك زوجها وتعيش معه. ولاحظ حقد حنانيا وشيوخ السنهدريم الذين تركوا وظائفهم فى أورشليم لينالوا من بولس فى قيصرية.
آية (3):-
اننا حاصلون بواسطتك على سلام جزيل وقد صارت لهذه الامة مصالح بتدبيرك فنقبل ذلك ايها العزيز فيلكس بكل شكر في كل زمان وكل مكان.
واضح هنا النفاق.
آية (5):-
فاننا اذ وجدنا هذا الرجل مفسدا ومهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة ومقدام شيعة الناصريين.
وضح هنا التلفيق والكذب. مفسداً= المعنى الأصلى إنسان ينقل العدوى للآخرين بمبادئه الهدامة. مهيج فتنة = هنا يلبس وتراً حساساً لدى الوالى الذى لا يريد فتنة بالطبع فى مجال ولايته. اليهود فى المسكونة= اليهود الذين تجمعوا للحج من كل العالم نقلوا أخبار المشاكل التى ثارت فى مجامع أسيا واليونان، وكم ذهب بولس إلى ساحات القضاء ولكن فلنلاحظ :-
1- أن ما حدث فى أوروبا ليس من إختصاص فيلكس، ولكنها محاولة لإثارة الوالى.
2- لم يقل ترتلس ولا اليهود أنهم هم الذين أثاروا الفتنة فى كل مكان.
شيعة الناصريين= فيها إستهزاء. ونلاحظ أن اليهود هنا يسمون المسيحية أنها شيعة أى بدعة. وربما سمىّ المسيحيون أنفسهم بالطريق أى طريق الخلاص أو طريق كمال الحق لإيمان إسرائيل.
آية (7):-
فاقبل ليسياس الامير بعنف شديد واخذه من بين ايدينا.
ليسياس لم يأتى بعنف شديد، بل هم الذين كادوا يفتكون ببولس.
آية(6):-
وقد شرع ان ينجس الهيكل ايضا امسكناه واردنا ان نحكم عليه حسب ناموسنا.
الإشارة هنا إلى تروفيموس وواضح الكذب إذ أن بولس لم يدُخِلْهُ إلى الهيكل.
آية(10):-
فاجاب بولس اذ اوما اليه الوالي ان يتكلم اني اذ قد علمت انك منذ سنين كثيرة قاض لهذه الامة احتج عما في امري باكثر سرور.
فيلكس فعلاً كان يحكم منذ ستة سنوات، وكلام بولس معناه أنك أيهاالوالى لطول مدة حكمك أصبحت على دراية بقوانيننا وتقاليدنا كيهود، لذلك ستفهم قضيتى وأبعادها. وبهذا لم يتملق بولس الوالى كما فعل ترتلس.رد بولس فيه رد على الإتهامات الثلاثة الموجهة إليه.
1- تهمة الفتنة= ورد بولس أنه لم يبق فى أورشليم فترة كافية ليكون حزباً أو عصابة أو يثير فتنة. فكل الوقت الذى صرف لم يزد عن 12 يوماً منذ وصوله من أوروبا قضى منها 5 أياّم فى قيصرية ويومين رحلة فى الطريق إلى فيلكس.
2- تهمة الهرطقة= يعترف بولس أنه مسيحى ولكنه قال أن المسيحية تتفق مع الناموس والأنبياء. لذلك فيجب أن نقبلها حسناً.
3- تهمة تدنيس الهيكل= يؤكد أن سلوكه كان فى منتهى النظام ولا يستطيع أحد أن يثبت عليه أى مخالفة.
آية (14):-
ولكنني اقر لك بهذا انني حسب الطريق الذي يقولون له شيعة هكذا اعبد اله ابائي مؤمنا بكل ما هو مكتوب في الناموس والانبياء.
أعبد إله أبائى= إذاً هو تحت حماية القانون الرومانى. فالقانون الرومانى يقر بشريعة الديانة اليهودية، أماّ لو أدخل ديانة جديدة فلا حماية له من السلطة.
شيعة = هو يردد ما قاله ترتلس أن المسيحية شيعة (آية5) فهو يعترف أنه إنضم لشيعة الناصريين ولكنه لم يهجر إله أبائه.
آية (15):-
ولي رجاء بالله في ما هم ايضا ينتظرونه انه سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة.
لى رجاء بالله= فى القيامة التى يؤمنون بها.
آية (16):-
لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس.
أدرب نفس= إنشغلت بهذا الأمر أن أحيا وفق نواميس الله لارغائبى وأحاول أن أجعل ضميرى فى سلام معى. وأحرص ألا أسىء إلى ضميرى فالضمير هو ممثل الله فى الأعماق.
آية (17):-
وبعد سنين كثيرة جئت اصنع صدقات لامتي وقرابين.
إشارة للصدقات التى جمعها. القرابين = ربما إشارة لموضوع تطهير النذيرين أو هى تعنى أيضاً الصدقات (عب16:13).
آية (18):-
وفي ذلك وجدني متطهرا في الهيكل ليس مع جمع ولا مع شغب قوم هم يهود من اسيا.
كيف بعد هذا أكون عدواّ لأمتى.
آية (19):-
كان ينبغي ان يحضروا لديك ويشتكوا ان كان لهم علي شيء.
بولس هنا ينفذ رأى ترتلس بأنه يهيج المسكونة وأن يهود أسيا يشتكون منه فيقول أين هم يهود أسيا الذين يشتكون علىً. كان يجب أن يكونوا موجودين، فهم يعرفوننى من زياراتى لأسيا وهم شهود على ما فعلته فى الهيكل. ولكنهم لم يحضروا فليس لديهم شىء حقيقى أو إتهام يوجونه إلىً. وإن قالوا اننى ادخلت غرباء إلى الهيكل فليأتوا بهؤلاء الغرباء أمامك.
آية (20):-
او ليقل هؤلاء انفسهم ماذا وجدوا في من الذنب وانا قائم امام المجمع.
هؤلاء أنفسهم= أى يهود آسيا.
آية (21):-
الا من جهة هذا القول الواحد الذي صرخت به واقفا بينهم اني من اجل قيامة الاموات احاكم منكم اليوم.
يشير لقوله الذى شق به الفريسين على الصدوقيين وأن القيامة هى عقيدته.
آية (22):-
فلما سمع هذا فيلكس امهلهم اذ كان يعلم باكثر تحقيق امور هذا الطريق قائلا متى انحدر ليسياس الامير افحص عن اموركم.
فيلكس كان يعلم أن المسيحية ليست بهذه الصورة البشعة التى يصورونها بها ويعلم أن إتهاماتهم باطلة.
آية(23):-
وامر قائد المئة ان يحرس بولس وتكون له رخصة وان لا يمنع احدا من اصحابه ان يخدمه او ياتي اليه.
فيلكس لم يطلق سراح بولس لئلا يجرح مشاعر اليهود، مع أنه متيقن من براءته. وغالباً فلأن فيلكس مرتشى فهو قد أخذ ثمن ذلك من اليهود. تكون له رخصة= يمكن أن يدخل ويخرج ويزوره الناس. إذاً فقد كان له فرصة للكرازة. وقد كان للرومان 3 أنواع من الحبس.
1- حبس داخل السجن= كما حدث لبولس وسيلا فى فيلبى
2- حبس حر = يعهد بالسجين لأحد شيوخ الرومان ويصبح مسئولاً عنه، يحضره حالما يطلب للمحاكمة أو لإعادة محاكمته.
3- حبس عسكرى= يعهد بالسجين لأحد العسكر، وتكون حياته بديلاً لحياة السجن. ويقيد يد العسكرى بيد السجين. ويكون هذا بالتناوب فى فترات راحة العسكرى. ولقد كان السجين يحبس أحياناً فى الثكنات العسكرية أو يسمح له بأن يؤجر بيتاً يسكن فيه على مسئولية الجندى وتحت رعايته وهذا هوا الوضع الذى أمر به فيلكس والذى سيحدث فى روما بعد ذلك.
آية(24):-
ثم بعد ايام جاء فيلكس مع دروسلا امراته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عن الايمان بالمسيح.
جاء= ربما بعد إجازة. دروسلا= ربما وهى يهودية أرادت أن تسمع من بولس عن المسيح الذى سمعت عنه من قبل ودروسلا هى إبنة هيرودس الذى أكله الدود.
آية(25):-
وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة ان تكون ارتعب فيلكس واجاب اما الان فاذهب ومتى حصلت على وقت استدعيك.
لا نجد بولس هنا يتكلم عن قضيته ولا عن العقائد المسيحية، فهو يعلم أى نوع هو فيلكس الوالى، وما الذى هو فى إحتياج إليه، فهو مرتشى قاسى شهوانى، وزوجته اليهودية محتاجة لسماع هذا أيضاً، فهى تركت زوجها لتعيش مع هذا الوثنى فى الحرام. إرتعب= وياليت الرعب سبب توبة إذاً لخلص. أماّ الآن فإذهب= كم مرة يحرك الرب قلوبنا فنؤجل التوبة والفرصة قد لا تأتى ثانية كما حدث مع فيلكس هذا ودروسلا. متى حصلت على وقت استدعيك = ولم يأتى هذا الوقت أبداً ولم يتأثر أو يتغير لا فيلكس ولادروسلا. وهنا نرى حكمة بولس فهو تكلم عن البر للحاكم الشهوانى وعن التعفف للزوجين الزانيين وعن الدينونة العتيدة للقاضى المنحرف المرتشى.
آية(26):-
وكان ايضا يرجو ان يعطيه بولس دراهم ليطلقه ولذلك كان يستحضره مرارا اكثر ويتكلم معه.
هنا نرى فيلكس المرتشى الذى طلب المكسب المادى وترك الكنوز الروحية.
آية(27):-
ولكن لما كملت سنتان قبل فيلكس بوركيوس فستوس خليفة له واذ كان فيلكس يريد ان يودع اليهود منة ترك بولس مقيدا.
فيلكس أراد إكرام اليهود لأنهم دفعوا له رشوة غالباً، فمنع عن بولس الرخصة التى أعطاها له من قبل ليرضى اليهود ( ولكن مع هذا إشتكاه اليهود لقيصر وعُزِل من منصبه). وتقييد بولس كان ليعطى إنطباعاً لمن يأتى بعده أن بولس يستحق هذه القيود= يودع اليهود منًهَ= أى يجامل اليهود حتى لا يشتكوه لقيصر.
سفر أعمال الرسل : 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 –17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 –27 – 28
تفسير سفر أعمال الرسل : مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7– 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 –15 – 16 –17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 –25 – 26 –27 – 28