تفسير إنجيل متى 25 للقمص أنطونيوس فكري
(مت 1:25-13) مثل العذارى الحكيمات
(مت1:25-13): “حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس. وكان خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات. أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم يأخذن معهن زيتًا. وأما الحكيمات فأخذن زيتا في آنيتهن مع مصابيحهن. وفيما أبطأ العريس نعسن جميعهن ونمن. ففي نصف الليل صار صراخ هوذا العريس مقبل فاخرجن للقائه. فقامت جميع أولئك العذارى واصلحن مصابيحهن. فقالت الجاهلات للحكيمات أعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفئ. فأجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا ولكن بل اذهبن إلى الباعة وابتعن لكن. وفيما هن ذاهبات ليبتعن جاء العريس والمستعدات دخلن معه إلى العرس واغلق الباب. أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات يا سيد يا سيد افتح لنا. فأجاب وقال الحق أقول لكن أني ما أعرفكن. فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان.”
أخذ المسيح المثل من عادة يهودية، فكان العريس يأتي مع أصدقائه ليأخذ العروس ومعها صديقاتها العذارى اللواتي يضئن الطريق بالمصابيح. وتقرأ الكنيسة فصل هذا الإنجيل في صلاة نصف الليل، ليتذكر كل من يصلي أنه يجب أن يكون مستعداً لانتظار العريس، مهتماً أن يكون كإحدى العذارى الحكيمات. ويبدأ المثل بقوله حينئذ= أي أن السيد بعد أن أنهى حديثه عن العلامات الخاصة بالمجيء الثاني يريد أن يشير أن هذا المثل لهو استمرار لحديثه الخطير.. ليميز كل سامع هل هو من الحكيمات أو هو من الجاهلات ليعرف هل نصيبه هو الملكوت أم سيقف خارجاً. ومن ملَّك المسيح على قلبه هنا، سيملك المسيح عليه في ملكوته، أي يكون نصيبه ملكوت السموات= العُرس. (راجع قطع نصف الليل). وفيما يلي محاولة لشرح رموز هذا المثل.
العريس= هو الرب يسوع.
العذارى= هن جماعة النفوس المؤمنة أي الكنيسة. وعمل العذارى أن يستقبلن العريس بنور الإيمان والرجاء والمحبة. ولقب العذراوية لا ينطبق عادة على المتزوجين، ولكن المقصود بهذا التعبير، طهارة النفس الكاملة. وبولس الرسول في (2كو2:11) يقول خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح، وهو يكلم كل أهل كورنثوس، متزوجين وغير متزوجين. المقصود هنا أن النفس لا تعرف لها إلهًا سوى المسيح وغير متعبدة لأي شهوة عالمية، بل متحررة من كل خطية. العذراء تكون مكرسة لعريسها فقط، ونحن صرنا مكرسين للمسيح بواسطة سر الميرون. ولذلك تمثل الكنيسة كلها بعشر عذارى.
عشر= عدد كامل يرمز للكنيسة كلها، التي اجتازت المعمودية ودهنت بزيت الميرون.
الحكيمات= من ملأن آنيتهن أي قلوبهن بزيت النعمة، أي يمتلئ القلب بالروح القدس فتستنير النفس بالرب وتتمسك بحبه. عندما تنشأ علاقة بين المسيح والنفس، تقدم النفس عبادة حارة ولكن هناك من يحزن الروح القدس ويطفئه. فنحن في الميرون نحصل على نعمة محددة، بجهادنا تزيد (لذلك يقول إمتلئوا بالروح) وباستهتارنا تقل (لذلك يقول لا تطفئوا الروح).
الجاهلات= تركن القلب فارغاَ ونسين حقيقة مجيء الرب ولهون بمحبة العالم. هذا لمن لا يجاهد . هؤلاء لهم المسيحية الإسمية، أمّا القلب فخالي من المحبة. هؤلاء أطفأن الروح.
نعسن= هل على المؤمن ألاّ ينام؟ قطعًا ليس هذا هو المقصود. ولكن الحكيمات ينعسن وهم ممتلئون سلامًا حقيقيًا “فالرب يعطي لأحبائه نومًا” قال عنه سفر النشيد “أنا نائمة وقلبي مستيقظ”. أمّا الجاهلات فهن يتمتعن بسلام مزيف قال عنه النبي (أر12:5+ 13:6-14+ 11:8+ حز6:13، 10). وراجع أيضًا (مز2:127+ نش2:5). بالنسبة للجاهلات فهن نسين أن الرب سيأتي فلهون في العالم. ولكن علينا أن لا تفارقنا حقيقة أن الرب قادم بل يأتي فجأة. نعسن ونمن= إذًا هذًا إشارة للموت.
المصابيح= هي حياتي. وهناك من حياته مستنيرة وصار نورًا للعالم. وهناك من يسلك في شهوات هذا العالم خاضعًا لسلطان الظلمة.
صراخ=أصوات الملائكة بالبوق الأخير تنادي للأبرار بالخلاص وللأشرار بالدينونة.
الزيت= هو نعمة الروح القدس، وهذه نأخذها في سر الميرون، ولكن من يجاهد يمتلئ لذلك يقول بولس الرسول (امتلأوا بالروح (أف5: 18) + إضرم موهبة الله التي فيك بوضع يدي، وهذه الأخيرة قالها لتلميذه تيموثاوس) ويحذرنا من أن نقاوم الروح القدس بأن لا نتجاوب مع دعوته لنا بالتوبة…… لا تحزنوا الروح.. لا تطفئوا الروح. وبجهادنا في صلواتنا واصوامنا…. تنسكب النعمة فينا. ومن لا يجاهد تنطفئ النعمة التي فيه. فنحن إذًا من خلال جهادنا إمّا نملأ مصابيحنا أو نطفئها. ولاحظ أن الجاهلات كان لهن رغبة أن يدخلن لكنهن لم يدخلن لأنهن لم يسمعن لصوت ابن الله ولم يجاهدن بل هن نعسن، فالرغبة وحدها لا تكفي. ونلاحظ أنهن أخطأن إذ تصورن أنه يمكنهن الحصول على الزيت في أي وقت والسبب بسيط أن النفس التي تعودت على الاستهتار والتراخي يصعب عليها أن تقوم فجأة وتبدأ الجهاد. لذلك يطلب المسيح منا السهر، أي عدم التراخي حتى تكون آنيتنا مملوءة زيتًا بصفة مستمرة.
الباعة= المسيح هو المصدر الوحيد وهو يبيع مجانًا (يو37:7-39+ رؤ17:3-18+ رؤ17:22+ أش1:55) والمسيح أعطانا وسائط النعمة وهي بلا ثمن. لكن لا فرصة للشراء من هذه العطية المجانية سوى في هذه الحياة. أمّا العذارى الجاهلات فأردن أن يشترين بعد فوات الأوان، بعد مجيء العريس= بعد أن نغادر نحن هذه الحياة، أو يأتي العريس فجأة في مجيئه الثاني.
بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ = هذا القول ليس للسخرية ولكن لإظهار أن الامتلاء من الزيت مسئولية كل شخص ولا يوجد من يملأ الآنية إلا جهاد واستعداد كل شخص.
إنطفأت مصابيح الجاهلات= كان الواجب على كل نفس أن تضرم هذه الموهبة التي أخذتها من الله (2تي6:1). ولكن الجاهلات خدعن أنفسهن معتمدات على أن لهن المواعيد أو هن قادرات على أن يمتلئن في أي وقت. ولكن الرياء سريعًا ما ينكشف وهو لا يدوم. والذين أهملوا نعمة روح الله سينكشفون في نور الرب.
أعطينا من زيتكن= هذا خطأ فلا يوجد إنسان قادر أن يعطيني الامتلاء، فهذا يعتمد على جهادي الشخصي، ولا وسيلة سوى طلب الامتلاء من المسيح (يو37:7-39+ 2تي6:1).
لا يكفينا وإياكن= لا يوجد إنسان له قداسة تزيد عن حاجته… إذًا لا توجد بدعة زوائد فضائل القديسين. وهنا نرى ضلال ذاك الذي إدعى من سنوات قليلة أنه يملأ من ينفخ فيهم ليمتلئوا بالروح، وتكون علامة إمتلائهم أن يسقطوا على الأرض فاقدون للوعى.
نصف الليل= ساعة لا ينتظره فيها أحد، ويكون الناس في أضعف درجات الاستعداد.
إني ما أعرفكن= ما يحدث مع العذارى هو امتداد لما مارسوه على الأرض، فالحكيمات يتمتعن بالحياة الجديدة كحياة شركة وإتحاد مارسنها على الأرض مع العريس، أما الجاهلات فلا خبرة لهن بالعريس، فهن عشن على الأرض خارج أبواب هذه الشركة حتى وإن كان لهن منظر الحياة التعبدية.
مصابيح= من امتلأ بالروح سيظهر هذا في حياته وأعماله ويكون نورًا للعالم، (دا12 : 3) ، ويرى الناس أعماله ويمجدوا الآب الذي في السموات (مت16:5+ لو35:12).
أغلق الباب= ثبات القرار، فما عاد الأبرار يخرجون، ولا الأشرار ولا الشيطان يدخلون.
والمستعدات دخلن= وصاروا في أمان، لا يستطيع أحد أن يخطفهن.
رقم 5= يشير للحواس الخمسة وأصابع اليد الخمسة وأصابع القدم الخمسة أي يشير لمسئولية الإنسان، فالحواس هي التي أتعرف بها على العالم، وأنا مسئول عن كل ما يدخل إلى القلب عن طريق حواسي الخمسة، فهناك من يقدس سمعه رافضًا أن يسمع أي شيء يدنسه، وهناك من يفتح أذنه لسماع أي شيء فيتدنس، هذه مسئوليتي، وهناك من يستعمل لسانه في التسبيح فيتقدس قلبه، وهناك من يستعمل لسانه في الذم والنم والشتيمة والكذب.. إلخ فيدنس قلبه (يع5:3) وأصابع اليد تشير لأعمالي وأصابع القدم تشير لاتجاهاتي وأنا المسئول عنهما. إلاّ أن رقم 5 يشير للنعمة، فالمسيح أشبع 5000 من 5 خبزات. والمعنى أن من يجاهد ليضبط ويقدس حواسه وأعماله واتجاهاته يمتلئ ويشبع من النعمة ويملأ مصباحه فيكون مستعدًا للقاء العريس.
(مت 14:25-30) مثل الوزنات
(مت14:25-30): “وكأنما إنسان مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله. فأعطى واحدًا خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنة كل واحد على قدر طاقته وسافر للوقت. فمضى الذي اخذ الخمس وزنات وتاجر بها فربح خمس وزنات آخر. وهكذا الذي اخذ الوزنتين ربح أيضًا وزنتين أخريين. وأما الذي اخذ الوزنة فمضى وحفر في الأرض وأخفى فضة سيده. وبعد زمان طويل آتى سيد أولئك العبيد وحاسبهم. فجاء الذي اخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات آخر قائلًا يا سيد خمس وزنات سلمتني هوذا خمس وزنات آخر ربحتها فوقها. فقال له سيده نعما أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك. ثم جاء الذي اخذ الوزنتين وقال يا سيد وزنتين سلمتني هوذا وزنتان أخريان ربحتهما فوقهما. قال له سيده نعما أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك. ثم جاء أيضًا الذي اخذ الوزنة الواحدة وقال يا سيد عرفت أنك إنسان قاس تحصد حيث لم تزرع وتجمع حيث لم تبذر. فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الأرض هوذا الذي لك. فأجاب سيده وقال له أيها العبد الشرير والكسلان عرفت أني احصد حيث لم ازرع واجمع من حيث لم ابذر. فكان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة فعند مجيئي كنت اخذ الذي لي مع ربا. فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذي له العشر وزنات. لأن كل من له يعطى فيزداد ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه. والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان.”
← يرجى مراجعة مثل الأمناء (لو19 : 12 – 27) فالمثلان متكاملان.
مثل العذارى يتحدث عن انتظار الرب والامتلاء من النعمة ومثل الوزنات يتحدث عن الأعمال. والسيد هنا يوضح أن هناك حساب على أعمالنا والوزنات التي بين أيدينا. والإنسان المسافر هو المسيح الذي صعد للسماء، والمال الذي سلمه لعبيده هو كل ما أعطانا من مواهب روحية وعطايا روحية ومواهب جسدية ونفسية، نجاهد بها في حياتنا لنربح بها لله. فالمسيح أعطانا جسده ودمه، وأرسل لنا الروح القدس، وأسس لنا كنيسة بأسرارها وأعطى كل واحد مواهب وعطايا حسب احتياجه وعلى قدر طاقته. هناك من أخذ خمسة وهناك من أخذ اثنين وهناك من أخذ واحدة، فهو لا يبخل على أحد بعطاياه، ولا يحابي أحدًا على حساب آخر، لكنه يعرف طاقة كل واحد ويوزع بحسب طاقة كل واحد. فما قدمه لنا الله من مواهب قدمها بحكمة فهو يعرف ما يناسب كل عضو لخلاص وخدمة الكنيسة (أف7:4). وهذا يدفعنا ألا نتكبر على أصحاب المواهب الأقل ولا نحسد أصحاب المواهب الأكثر، إنما نشكر صاحب المواهب.. يكفي أنها من يديه (1كو4:21-6) لكن الكل يأخذ (1بط10:4).والله كما يتضح من هذا المثل سيحاسب كل واحد بقدر ما أخذ.
الوزنات= مالنا/ مواهبنا/ وقتنا/ صحتنا/ نفوذنا/ معرفتنا/ تعليمنا/ محبتنا/ إمكانياتنا العقلية والجسدية العضلية ومشاعرنا/ ذاكرتنا/ قوتنا.
سافر للوقت= ترك كل واحد بحريته.
(آية19): وبعد زمان طويل= أي بعد إنتهاء زمان هذه الحياة. والقصد من هذه العبارة أن طول المدة قد يدفعنا للتكاسل ظنا أن هناك متسع من الوقت.
أقيمك على الكثير = [في هذه الحياة لنرى مثال من حياة مثلث الرحمات البابا الأنبا شنودة الذي بدأ خدمته بأمانة في سن الـ17 سنة فأخذ ما هو أكثر وصار مُدَرِّسًا في الإكليريكية، ولأمانته صار أسقفًا ولأمانته صار بطريركًا. ولنأخذ مثالًا آخر يجيب على سؤال هل تنطبق هذه الآية على الحياة الأخرى – لنرى الإجابة في ما يفعله الآن مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس فلأمانته في حياته على الأرض. ها هو حتى الآن بعد نياحته بعشرات السنين ما زال بمعجزاته التي لا تنتهي يتمجد اسم الله].
رد صاحب الوزنة الواحدة على سؤال سيده عما فعله بوزنته رد كله جفاء يدل على عدم فهمه لواجباته كعبد مستأمن على وكالة، ورده كان فيه عدم محبة لسيده وجهل مطبق وعدم رغبة في العمل. هو خاف من المخاطرة وأن يخسر ولا يكسب. ولكن هذا يدل على جهل بسيده الذي لا ينسى تعب كأس ماء بارد، وأي عمل خدمة للسيد لا يفشل ولا يضيع [فالرب وعد بأنه شريك معنا في كل عمل بل أننا لا يمكن أن نقدر أن نعمل بدونه]. بل أن هذا العبد هو الخسران لأن من يعمل في كرم الرب يختبر فرحا عظيما في خدمته.
والله ينتظر من كل منّا أن يعمل بأمانة فيربح نفوس للمسيح ويشهد له ويكون سببًا لمجد الله الآب (مت16:5). ومن يربح هنا دخل إلى فرح سيده، بل نال الوزنة التي أهملها العبد الكسلان. أمّا صاحب الوزنة إذ أهمل وعاش عاطلًا فهو ليس فقط لم يربح وزنة أخرى وإنما هو سقط في خطية أخرى، فالخطية تلد خطية، وهنا نجد أن هذا العبد البطال اتهم سيده بالقسوة والظلم، وهي عادة قديمة، إذ حينما أخطأ آدم نسب لله الخطأ “المرأة التي أعطيتني..” فحياة الكسل والبطالة خطية وهذه سلمته لخطية أخرى وهي اتهام سيده بالقسوة.. وهذه سلمته لخطية الخوف. فكل خطية تبدو بسيطة وغير هامة تقود إلى خطايا أخطر، لذا وجب أن نقاوم كل خطية مهما بدت بسيطة. وهذا ما نبه الله قايين إليه فخطية قايين الأولى الحسد وهذا أسلمه للغضب وهذا أسلمه للتفكير في القتل وهذا أسلمه للتنفيذ وبعد ذلك أيضًا تبجح على الله قائلًا “أحارسٌ أنا لأخي” ثم هرب من الله نهائيًا. لذلك ومن بداية الطريق نبه قايين قائلًا “إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها” ولو كان قايين قد توقف عند أول خطية بسيطة ما حدث بعد ذلك كل هذا.
تحصد حيث لا تزرع= هذا كذب لأن سيده أعطاه كما أعطى لرفقائه.
إنسان قاسٍ= هنا نرى تمرده واتهامه الظالم لسيده.
خفت= لو كان يحب سيده ما كان قد خاف، فالمحبة تطرد الخوف. ولو خاف حقيقة لكان قد عمل واستيقظ من كسله. ولكنه هنا يمثل من يعتذر دائمًا أنه غير قادر على حفظ وصايا الله بينما هو لو حاول لوجد أن نعمة الله تسنده، أو من يعتذر عن أي خدمة لله بدعوى أنه غير قادر ولو حاول لوجد أن الله يسنده. خفت هذه ضد ما قاله الرسول بولس “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني”.
عرفت أنك إنسان قاسٍ= بالعكس فهو لم يعرفه، هو لم يعرف الله، هذه تصورات قلبه لأن عينه مغلقة بسبب خطاياه. بل هو صار كحواء وصدَّق كذب الشيطان ولم يصدق الله. وهذه عادة الشيطان أن يُصوِّر لنا الله على أنه إله قاسٍ.
إخفاء الوزنة= مثل من يحافظ على صحته ويرفض الخدمة لئلاّ يُرهق.
من له يعطي ويزاد= فكل من يتاجر بمواهب الروح يعطي له أكثر وتزداد له البركات الروحية بفيض. وداود أخذ وزنات شاول حين ثبت أن شاول غير أمين في وزناته. أما من ليس له محبة الله، ويسلك في شهواته فالله يحرمه من مواهبه فهو لا يستحقها.
إدخل إلى فرح سيدك= هو دخول العرس الأبدي.
اطرحوه إلى الظلمة الخارجية= هو اختار الظلمة الداخلية بخطاياه وكان أعمى لا يرى الرب فكان نصيبه هو ما اختاره لنفسه على الأرض، فلن يرى نور الله، وتكون له الظلمة الخارجية بعيدًا عن نور الله كما اختار لنفسه على الأرض الظلمة الداخلية. الظلمة الخارجية أي خارجًا عن أورشليم السماوية التي ينيرها الرب يسوع (رؤ5:22) = العذاب الأبدي.وإن كان هذا مصير من اعاد الوزنة كما هي فما مصير من احرق وزنته مثلًا فالتدخين يحرق وزنتين، المال والصحة. وهكذا الخمر والمخدرات والملاهى البطالة والزنا….إلخ
التفسير الرمزي:
صاحب الخمس وزنات يشير لمن قدس حواسه وأعماله واتجاهاته فربح خمس وزنات آخر أي حواسه الداخلية التي يتصل بها بالسماء. وصاحب الوزنتين يشير لمن عاش في محبة فرقم (2) يشير لتجسد المسيح الذي أتى ليجعل الاثنين واحدًا وكان عمله بمحبة عجيبة، لذلك قدًّم السامري الصالح درهمين علامة محبته للجريح. والأرملة التي قدمت فلسين علامة محبتها لله وللمحتاجين. وفي قبر المسيح وُجِدَ ملاكين علامة محبة السمائيين مع الأرضيين إذًا هذا يشير لمن أحب الله والناس فهذا تضاعفت محبته لله وللناس، أمّا صاحب الوزنة التي دفنها في التراب فيشير لإنسان أناني متقوقع حول ذاته محب لذاته فقط، غير مرتبط بحب الله ولا الناس، إنسان أرضي لم يستطع أن يرتفع نحو السماء حيث الحب، بل عاش في الأرضيات ولذات العالم الترابي يشبع لذاته وشهواته من اللذات الترابية ويفسد نفسه ويخنقها إذ يدفنها في شهوات الجسد الترابي فلا ينتفع روحيًا وحتى جسده يهلك فيفقد السماء والأرض معًا.
الصيارفة= حيث تستخدم الأموال في التجارة لتربح. وهؤلاء يشيرون للمرشدين الروحيين الذين كانوا سيرشدونه لأن يقدم خدمات بمحبة للآخرين، فيربح نفس لله= ربا.
(مت 31:25-46) مجيء ابن الإنسان
(مت31:25-46): “ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فآويتموني. عريانًا فكسيتموني مريضًا فزرتموني محبوسًا فأتيتم إلىّ. فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك أو عطشانًا فسقيناك. ومتى رأيناك غريبًا فآويناك أو عريانًا فكسوناك. ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فأتينا إليك. فيجيب الملك ويقول لهم الحق أقول لكم بما إنكم فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم. ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته. لأني جعت فلم تطعموني عطشت فلم تسقوني. كنت غريبًا فلم تأووني عريانا فلم تكسوني مريضا ومحبوسا فلم تزوروني. حينئذ يجيبونه هم أيضًا قائلين يا رب متى رأيناك جائعًا أو عطشانًا أو غريبًا أو عريانًا أو مريضًا أو محبوسًا ولم نخدمك. فيجيبهم قائلًا الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا. فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية.”
المسيح ابن الإنسان يأتي في مجده للدينونة (يو22:5). ويعطي المجد للإنسان البار ويلقي الأشرار في عذاب أبدي. وهو يهب هذا المجد لمن قدموا حبًا للصغار كما لو كانوا يقدمونه للمسيح. فالعذاب هو لغير المؤمنين أو للمؤمنين غير الرحماء.
(آية32): الخراف بيضاء تشير للبر (رؤ14:7+ أش18:1+ مز7:51). أمّا الجداء فلونها أسود وهذا اللون يشير للخطية (أر23:13). ونحن كلنا خطاة تميزنا خطيتنا باللون الأسود ولكن من تطهر بدم المسيح يبيض فيصير على يمين المسيح وهذه تأتي بالمعمودية والتوبة المستمرة والثبات في المسيح وتناول جسده ودمه. الجداء= من سبق وأسماهم عذارى جاهلات. الخراف= العذارى الحكيمات.
(آية 34): نرى هنا أن الملكوت معَّدْ للإنسان منذ تأسيس العالم. رثوا= ولم يقل خذوا فهم أبناء يرثون مجد أبيهم وليسوا غرباء.
(آية41): النار الأبدية هذه معدة لإبليس وملائكته. ولاحظ أنه لم يقل يا ملاعين أبي كما سبق وقال يا مباركي أبي، فهم السبب في لعنتهم وليس الآب. إذًا الله لم يُعِّدْ النار الأبدية للإنسان بل للشيطان، ولكن من يختار بنفسه أن يكون ابنًا للشيطان يذهب معه للنار الأبدية (يو44:8+ 1يو10:3)
إنجيل معلمنا متى : 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28
تفسير إنجيل معلمنا متى : مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28