تفسير سفر باروخ ٢ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثاني
“1 فأقام الرب كلامه الذي تكلم به علينا وعلى قضاتنا الذين يقضون في إسرائيل وعلى ملوكنا ورؤسائنا وعلى رجال إسرائيل ويهوذا. 2 جالبا علينا شرا عظيما بحيث لم يحدث تحت السماء بأسرها مثل ما أحدثه في أورشليم على حسب ما كتب في شريعة موسى. 3 حتى أكل بعضنا لحم ابنه والآخر لحم بنته 4 وأخضعهم تحت أيدي جميع الممالك التي حولنا وجعلهم عارا ودهشا في جميع الشعوب الذين شتتهم الرب بينهم. 5 فإذا هم في الانحطاط بدل الرفعة لانا خطئنا إلى الرب إلهنا غير سامعين لصوته. 6 للرب إلهنا العدل ولنا ولآبائنا خزي الوجوه كما في هذا اليوم. 7 لان الرب تكلم علينا بجميع هذا الشر الذي حل بنا. 8 ونحن لم نستعطف وجه الرب تائبين كل واحد عن أفكار قلبه الشرير. 9 فسهر الرب على الشر وجلبه الرب علينا لان الرب عادل في جميع أعماله التي أوصانا بها. 10 فلم نسمع لصوته لنسلك في أوامر الرب التي جعلها أمام وجوهنا.”
مازال الإعتراف بالخطية مستمراً. وأن ما حدث هو نتيجة خطاياهم. وهذا ما سبق وقاله الله بفم أنبيائه. حتى أكل بعضنا لحم إبنه.. (3) وهذا حدث مرتين [1] أيام إليشع (2مل24:6-31) [2] ومرة عند سبي بابل (مرا 10:4). وهنا إعتراف آخر بأنهم لم يستعطفوا وجه الرب تائبين (8)
“11 فالآن أيها الرب اله إسرائيل الذي اخرج شعبه من ارض مصر بيد قديرة وبايات ومعجزات وقوة عظيمة وذراع مبسوطة وأقام له اسما كما في هذا اليوم. 12 إنا خطئنا ونافقنا واثمنا أيها الرب إلهنا في جميع رسومك. 13 لينصرف غضبك عنا فقد بقينا نفرا قليلا في الأمم الذين شتتنا بينهم. 14 اسمع يا رب صلاتنا وتضرعنا وأنقذنا لأجلك وأنلنا حظوة أمام وجوه الذين أجلونا. 15 لكي تعرف الأرض بأسرها انك أنت الرب إلهنا وانه باسمك دعي إسرائيل وعشائره. 16 أيها الرب التفت من بيت قدسك وانظر إلينا وأمل أيها الرب أذنك واستجب. 17 افتح عينيك وانظر فانه ليس الأموات في الجحيم الذين أخذت أرواحهم عن أحشائهم يعترفون للرب بالمجد والعدل. 18 لكن الروح الكئيب من الشدة والذي يمشي منحنيا ضعيفا والعيون الكليلة والنفس الجائعة هم يعترفون لك بالمجد والعدل يا رب. 19 فإنا لا لأجل بر آبائنا وملوكنا نلقي تضرعنا أمامك أيها الرب إلهنا. 20 بل لأنك أرسلت سخطك وغضبك علينا كما تكلمت على السنة عبيدك الأنبياء. 21 هكذا قال الرب احنوا مناكبكم وتعبدوا لملك بابل فتسكنوا في الأرض التي أعطيتها لآبائكم. 22 وان لم تسمعوا لصوت الرب بان تتعبدوا لملك بابل. 23 فإني ابطل من مدن يهوذا ومن شوارع أورشليم صوت الطرب وصوت الفرح صوت العروس وصوت العروسة وتكون كل الأرض مستوحشة لا ساكن فيها. 24 فلم نسمع لصوتك بان نتعبد لملك بابل فاقمت كلامك الذي تكلمت به على السنة عبيدك الأنبياء أن تخرج عظام ملوكنا وعظام آبائنا من مواضعها. 25 وها أنها مطروحة لحر النهار وقرس الليل وقد ماتوا في أوجاع أليمة بالجوع والسيف والطرد. 26 وجعلت البيت الذي دعي باسمك كما في هذا اليوم لأجل شر آل إسرائيل وال يهوذا. 27 وقد عاملتنا أيها الرب إلهنا بكل رأفتك وكل رحمتك العظيمة. 28 كما تكلمت على لسان عبدك موسى يوم أمرته أن يكتب شريعتك أمام بني إسرائيل قائلا. 29 أن لم تسمعوا لصوتي فان هذا الجمع العظيم الكثير ليصيرن نفرا قليلا في الأمم الذين أشتتهم بينهم. 30 فأني عالم بأنهم لا يسمعون لي لأنهم شعب قساة الرقاب لكنهم سيرجعون إلى قلوبهم في ارض جلائهم.31 ويعلمون أني أنا الرب إلههم وأعطيهم قلوبا وأذانا سامعة. 32 فيسبحونني في ارض جلائهم ويذكرون اسمي. 33 ويتوبون عن صلابة رقابهم وعن شر أعمالهم لأنهم يتذكرون طريق آبائهم الذين خطئوا أمام الرب. 34 وأعيدهم إلى الأرض التي حلفت عليها لآبائهم إبراهيم واسحق ويعقوب فيتسلطون عليها وأكثرهم فلا يقلون. 35 وأقيم لهم عهدا أبدياً فاكون لهم إلهاً ويكونون لي شعبا ولا أعود أزعزع شعبي إسرائيل من الأرض التي أعطيتها لهم.”
مازال هنا الإعتراف بالخطية مع طلب الرحمة والإعتراف بأن الله قادر فهو عمل هذا من قبل بيد قديرة (11).. ثم يضع سبباً مهماً ليتدخل الله وينقذهم= لكي تعرف الأرض بأسرها أنك أنت الرب إلهنا (15) إفتح عينيك وأنظر فإنه ليس الأموات في الجحيم. .يعترفون للرب بالمجد (17) [القطعة الأولى من صلاة النوم في الأجبية وهي مأخوذة من (مز5:6)]. والمعنى ليس لإستحقاق فينا يا رب ترحمنا لكن لمجد إسمك ولكي نمجدك. ليس الأموات .. يعترفون= موتى الخطية لا يعترفون للرب ولا يسبحونه. لكن الروح الكئيب من الشدة والذي يمشى منحنياً.. يعترفون لك بالمجد= أي من هو في شدة من التأديب الذي سمحت به يا رب. العيون الكليلة من البكاء. والنفس الجائعة= من تعزيات الله أو يقصد من الأصوام. فالذي شعر بأن الله حرمه من تعزياته يلجأ لله شاعراً بخطيته معطياً المجد لله، أو هو من صومه وصلاته إنفتحت عينيه فمجد الله. فهذا الحي الصائم الشاعر بخطيته التائب يمجد الله.
هكذا قال الرب إحنوا مناكبكم وتعبدوا لملك بابل= هذا ما قاله إرمياء للشعب، أن يخضعوا لملك بابل فيتركهم الرب في أرضهم، وهم رفضوا، فإحترقت أورشليم وأخرجت عظام ملوكنا وآبائنا من مواضعها (24) فلقد خرب نبوخذ نصر كل شئ. قرس الليل (25) أي برد الليل الشديد= القارص. بل خرب الله الهيكل بسبب شرهم= جعلت البيت كما في هذا اليوم (26).
عاملتنا أيها الرب إلهنا بكل رأفتك (27) فنحن نستحق أسوأ من ذلك.
هذا الجمع العظيم ليصيرن نفراً قليلاً (29)= (تث62:28) “فإني عالم بأنهم لا يسمعون لي.. (30)= (تث27:31-29). لكنهم سيرجعون.. ويعلمون إني أنا الرب إلههم.. فيسبحونني في أرض جلائهم (أرض السبي) (30-33) فالتأديب بالسبي سيؤتي ثماره ويتوب الشعب وأعيدهم إلى الأرض (34) (لا40:26-45).
وأقيم لهم عهداً أبدياً فأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً ولا أعود أزعزع شعبي إسرائيل من الأرض التي أعطيتها لهم (35) هذه نبوة واضحة عن الكنيسة التي لا تتزعزع فأبواب الجحيم لن تقوى عليها. أما إسرائيل فلقد إنتهت من الأرض لمدة 2000سنة بعد المسيح بعد أن خرب تيطس أورشليم سنة 70م. وهذا العهد الذي يذكره باروخ هنا أسماه إرمياء عهد جديد (إر31:31-34). وإسرائيل هنا هي إسرائيل الله أي الكنيسة (غل16:6). والأرض التي أعطاها الله لشعبه هي كنيسته على الأرض وهي أورشليم السماوية. والعهد هو ميثاق بين الله وكنيسته ووعد موثق بدمه أنه سيعطي لكنيسته ميراثاً أبدياً سماوياً.