تفسير سفر يوئيل 3 – أ.بولين تدري

يوم الدينونة العظيم

“لأنه هوذا في تلك الأيام وفى ذلك الوقت عندما أرد سبى يهوذا وأورشليم أجمع كُل الأمم وأُنزلهم إلى وادي يهوشافاط وأحاكمهم هناك على شعبى وميراثى إسرائيل الذين بددوهم بين الأمم وقسموا أرضى وألقوا قرعة على شعبى وأعطوا الصبى بزانية وباعوا البنت بخمر ليشربوا.

وماذا أنتن لى يا صور وصيدون وجميع دائرة فلسطين. هل تُكافئوننى عنْ العمل أم هل تصنعون بي شيئاً. سريعاً بالعجل أرد عملكم على رؤوسكم. لأنكم أخذتم فضتى وذهبى وأدخلتم نفائسى الجيدة إلى هياكلكم. وبعتم بنى يهوذا وبنى إسرائيل لبنى الياوانيين لكي تُبعدوهم عنْ تخومهم. هأنذا أُنهضهم مِن الموضع الذي بعتموهم إليه وأرد عملكم على رؤوسكم. وأبيع بنيكم وبناتكم بيد بنى يهوذا ليبيعوهم للسبائيين لأمة بعيدة لأن الرب قد تكلم.

نادوا بهذا بين الأمم. قدٍسوا حرباً أنهضوا الأبطال ليتقدم ويصعد كُل رجال الحرب. إطبعوا سِكاتكم سيوفاً ومناجلكم رِماحاً. ليقُل الضعيف بطُل أنا. أسرعوا وهلموا يا جميع الأمم مِن كُل ناحية وإجتمعوا. إلى هناك أنزل يا رب أبطالك. تنهض وتصعد الأمم إلى وادي يهوشافاط لأنى هناك أجلس لأحاكم جميع الأمم مِن كُل ناحية. أرسلوا المنجل لأن الحصيد قد نضج. هلموا دوسوا لأنه قد إمتلأت المعصرة. فاضت الحياض لأن شرهم كثير” (يؤ3: 1- 13).

وادي يهوشافاط معناها “دينونة الرب”، وهذا الأصحاح يتكلم عنْ يوم الدينونة التي يدين فيها الله كُل الأمم الذين أذلوا شعبه في هذا المكان.

أسباب الدينونة:

** لأنهم بددوا شعب الرب وقسموا الأرض.

** باعوهم كأسرى… الصبي بزانية والبنت بخمر.

** باعوا أبناء يهوذا لليونانيين، فكان في أثينا 400000 عبد يهودي، وفى كورنثوس 460000 عبد يهودي، ويُباع يومياً في دبلوس 10000 عبد يهودي. إذ كان أهل صور تُجار رقيق، ولكن انتقم الرب منها فبيع مِن أبنائها 13000 للعرب أمام الإسكندر الأكبر (السبائيين هم العرب).

** صور وصيدون وفلسطين، هي بلاد مُجاورة ليهوذا، وقد تأذت منهم يهوذا أكثر مِن غيرها.

ومِن أجل يوم الدينونة هذا يُحذرنا بطرس الرسول قائلاً: “لا يَخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أُناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتى كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر مُحترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها.

فبما أن هذه كُلها تنحل أي أُناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مُقدسة وتقوى مُنتظرين وطالبين سرعة مجئ يوم الرب” (2بط3: 8- 12).

يوم الدينونة مُخيف للخطاة:

إذ يقول الرب: “ومتى جاء إبن الإنسان في مجده وجميع الملائكة معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده….. ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار إذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته. لأنى جُعت فلم تُطعمونى. عطشت فلم تسقونى. كُنت غريباً فلم تأوونى. عُرياناً فلم تكسونى. مريضاً ومحبوساً فلم تزورونى. حينئذ يُجيبونه هم أيضاً قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً أو غريباً أو عُرياناً أو مريضاً أو محبوساً ولم نخدمك. فيُجيبهم قائلاً الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبى لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى” (مت25: 41- 46).

** سيستخدم الرب شعبه في يوم الدينونة هذا، “يصعد كُل رجال الحرب”. كما قال بولس الرسول: “ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم… ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة” (1كو6: 2، 3).

وقال أيضاً لتلاميذه: “أنتم الذين ثبَتوا معى في تجاربى. وأنا أجعل لكم كما جعل لى أبى ملكوتاً. لتأكلوا وتشربوا على مائدتى في ملكوتى وتجلسوا على كراسى تدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر” (لو22: 28- 30).

** “الأبطال” هم ملائكة الرب التي سوف يُرسلها في نهاية الأيام لتفرز الخراف عنْ الجداء.

** “ليقُل الضعيف بطل أنا”، ونحن أيضاً نكون أبطالاً في عين الرب عندما نُجاهد ضد الخطية بشجاعة، ونحرص على نقاوة قلوبنا أمام الرب، ونحفظ وصاياه، ونعيش له بالأمانة إلى آخر العمر. وقد قدًم لنا بولس الرسول الأسلحة التي يجب أن نحملها لنكون أبطال حقيقيين: “أخيراً يا إخوتى تقووا في الرب وفى شدة قوته. إلبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فإن مُصارعتنا ليست مع لحم ودم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظُلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات. مِن أجل ذلك إحملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير وبعد أن تتمموا كُل شيء أن تثبتوا. فإثبتوا مُمنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر وحاذين أرجلكم بإستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكُل تُرس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير المُلتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مُصلين بكُل صلاة وطلبة كُل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكُل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين” (أف6: 10- 18).

يوم الدينونة للأبرار يوم خلاص وفرح:

“جماهير جماهير في وادي القضاء لأن يوم الرب قريب في وادي القضاء. الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها. والرب مِن صهيون يُزمجر ومِن أورشليم يُعطى صوته فترجُف السماء والأرض. ولكن الرب ملجأ لشعبه وحصن لبنى إسرائيل. فتعرفون أنى أنا الرب إلهكم ساكناُ في صهيون جبل قُدسى وتكون أورشليم مُقدسة ولا يجتاز فيها الأعاجم في ما بعد.

ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء ومِن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقى وادي السنط. مصر تصير خراباً وأدوم تصير قفراُ خرباً مِن أجل ظلمهم لبنى يهوذا الذين سفكوا دماً بريئاً في أرضهم. ولكن يهوذا تُسكَن إلى الأبد وأورشليم إلى دور فدور. وأبرئ دمهم الذي لم أبرئه والرب يسكن في صهيون” (يؤ3: 14- 21).

وادي القضاء هو وادي يهوشافاط.

** “الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها”، فقد قال يوحنا الإنجيلى عنْ ذلك: “المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليُضيئا فيها لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها. وتمشى شعوب المخلًصين بنورها وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها” (رؤ21: 23، 24). وكما قال بطرس الرسول عنهم: “تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم الشهير” (أع2: 20).

** يوم الدينونة للمؤمنين يوم فرح وسلام وتعزية عوضاً عنْ كُل أتعاب الأرض. فبولس الرسول يقول: “نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السُحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كُل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام” (1تس4: 17، 18).

ويصف لنا سفر الرؤيا انتظار المؤمنين ليوم الدينونة فيقول: “ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد. وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة مِن السماء مِن عند الله مُهيئة كعروس مُزينة لرجلها. وسمعت صوتاً عظيماً مِن السماء قائلاً هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم. وسيمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صُراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كُل شيء جديداً. وقال لى أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة. ثم قال لى قد تم. أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. أنا أُعطى العطشان مِن ينبوع ماء الحياة مجاناً. منْ يغلب يرث كُل شيء وأكون له إلهاً وهو يكون لى إبناً” (رؤ21: 1- 7).

** “مصر وأدوم تخرب”، مصر عدو قديم لإسرائيل، وأدوم هو عيسو أخو يعقوب وهو عدو لأبناء يعقوب.

** “وادي السنط”. يبعد كثيراً عن هيكل أورشليم ويقع على الشاطئ الآخر مِن نهر الأردن. وكان وادياً جافاً مُقفراً، وقوله أن الينبوع يروى وادي السنط معناها أن الخير في آخر الأيام سوف يعُم حتى على الأماكن المُقفرة.

والسنط هو خشب وشجر، السنط هو شجر البرية الذي ينمو في ظروف البيئة القاسية، فهو يُعتبر رمز للنصرة على كُل الظروف القاسية. والسنط أيضًا رمز الحياة التي تغلب الموت إذ أنه ينمو في بيئة تموت فيها كُل الأشجار.

ونرى خشب السنط مُغشى بالذهب في تابوت العهد والمائدة ومذبح البخور، أما مذبح المحرقة فمنْ خشب السنط المُغشى بالنحاس. أما ألواح المسكن فمن خشب السنط المُغشى بالذهب وهي رمز للمؤمنين الذين هم في المسيح يسوع.

فاصل

سفر يوئيلأصحاح 3
تفاسير أخرى لسفر يوئيل أصحاح 3

فاصل

تفسير يوئيل 2 تفسير سفر يوئيل
أ. بولين تدري
فهرس
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى