تفسير سفر يونان ٢ للقمص تادرس يعقوب
الأصحاح الثاني
يونان في جوف الحوت
في جوف الحوت يدخل يونان إلى الموت ليكتشف سرّ قيامة السيد المسيح الغالبة للموت، فيُقدم لنا أروع تسبحة حمد تُعبر عن عمل السيد المسيح الخلاصي في لحظات موته على الصليب ودفنه في القبر. لذا تتغنى بها الكنيسة في بدء الساعة الثانية عشر من الجمعة العظيمة بعد أن تنشد بلحن الحزن مراثي إرميا… فإن كانت المراثي تعلن عن مرارة ما فعلته خطايانا بالسيد، فتسبحة يونان ترفع الحجاب لتكشف عن نصرة الرب على الجحيم وعمله الكفاري الذي يرفع المؤمنين إلى المقدسات السماوية بفرح مجيد لا يُنطق به.
صلاته في الجوف [١].
من منا يستطيع أن يعبِّر عن الضيق الذي دخل إليه يونان؟! في جوف الحوت إنحضر يونان في الضيق كما في قبر، ماتت فيه أفكاره الذاتية وقدراته وإمكانياته، لا يعرف ماذا يفعل، ولا يقدر أن يتوقع ماذا يحل به. يطفو الحوت على المياه فيتنسم يونان هواء ويرى بصيصًا من النور، ينزل به وسط المياه فيجد نفسه في ظلام دامس. يفتح الحوت فمه فيغرق يونان في مياه مالحة، يُخرج الحوت الماء ليسترد يونان أنفاسه. هكذا عاش يونان أيامًا قليلة، لولا رعاية الله له وإنعاماته عليه لصارت كل ثانية منها تمثل جبلاً ثقيلاً يحطم نفسه، وصار الموت بالنسبة له شهوة.
على أي الأحوال في الضيق إلتحم يونان بالسيد المدفون في القبر خلال الرمز والظل، فانطلق بقلبه وفكره لا إلى خارج الحوت إنما إلى ما فوق المكان، أرتفع إلى الله يُصلي كمن هو في مقدس سماوي، إذ قيل: “فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت” [١].
قبلاً كان يُسمي الرب “إله السماء” (١: ٩)، أما في الضيق فيقال “الرب إلهه”… فيُنسب الرب ليونان بكونه إلهه. هو إله المتضايقين والمتألمين، كأنما يترك سمواته وينزل إلى يونان يسنده في ضيقته، أو بمعنى آخر يحول حياته إلى سماء يسكنها الرب إلهه فيدعى إلهه أي إله السموات التي يسكنها. إلهنا إله يونان المتألم حامل الصليب، إله كل إنسان مرّ النفس، يدخل إليه ليقال عنه “إله السماء”… إذ يجعل من حاملي الصليب سموات مقدسة.
قدم لنا يونان صلاته الرائعة، بل تسبحته النبوية الفريدة لا في لحظات الوسع، لا في داخل مبنى الهيكل كمعلم، إنما وسط الآلام كمن هو في قبر السيد المسيح المصلوب. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليتنا لا نهتم بالمكان وإنما برب المكان، فقد كان يونان في جوف الحوت واستمع الرب لصلاته. وأنت إن كنت حتى في الحمامات فصلِ. أينما وُجدت صلِ؛ لا تطلب المكان لتُصلي فيه، فإن نفسك هي هيكل[16]].
إن كانت الكنيسة تهتم حتى بالمبنى ليكون أيقونة للسماء إنما لكي نحمل سمات السماء فينا، فنتطلع إلى المبنى الروحي الداخلي، وترتفع أنظارنا إلى المقدسات التي يقيمها الروح القدس فينا خاصة في لحظات الضيق والألم!
الضيق هو الجلجثة التي فيها ننعم بالصلب مع ربنا يسوع، لننطلق به إلى أمجاده ونوجد معه وفيه في أحضان الآب السماوي بروحه القدوس.
بين الجحيم والسموات [٢-٧].
“دعوت من ضيق الرب فاستجابني، صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي” [٢].
إذ طُرح يونان في المياه المالحة دخل إلى جوف الحوت لا ليرى الموت بعينيه وإنما ليشاهد خلال الظل السيد المسيح نفسه وقد انطرح إلى الضيق معنا وعنا، حتى إذ يصرخ بحياته التي بلا عيب يستجيب له الآب فيرفعنا معه فوق الضيق. نزل إلى إنحطاطنا ذاك الذي بلا عيب لكي نصير فيه موضع سرور الآب، يسمع لنا في ضيقتنا ويرفعنا إليه. وكما يقول القديس چيروم: [لقد نزل الرب، من أجلنا أتضع، لكي نصعد نحن في أمان وثقة[17]].
لقد دعى يونان الرب في ضيقته وتمتع بالاستجابة فورًا إذ رأى نفسه صاعدًا لا من جوف الحوت بل من جوف الجحيم في المسيح يسوع المصلوب! هنا يتحدث بصيغة الماضي لا المستقبل “إستجابني، سمعت صوتي”، صيغة التمتع الحقيقي خلال الرمز وصيغة اليقين الذي لا يحمل شكًا.
حمل إرميا النبي ذات المشاعر وأدرك ذات المفاهيم عندما أُلقي في الجب، إذ قال: “دعوت إسمك يا رب من الجب الأسفل، لصوتي سمعت لا تستر أُذنك عن زفرتي عن صياحي” (مرا ٣: ٥٥، ٥٦).
“لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاط بي نهر” [٣].
أدرك يونان أن الله هو الذي طرحه في العمق في قلب البحار وليس الملاحون، ولكن العجب أنه إذ نزل حتى الأعماق لم يجد نفسه تحت ثقل ضغط مياه البحار ومخاطرها إنما وجد نفسه وقد أحاط به نهر مقدس يرويها ويبهجها بالثمر الروحي المتكاثر، هذا الذي قيل عنه في المزمور: “نهر سواقيه تفرح مدينة الله” (مز ٤٦: ٤). في وسط الضيقة المرّة “عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي”، عوض المياه المرّة المالحة يصير لي مياه النهر الحلوة، وعوض ثقل المياه عليَّ تصير المياه محيطة بيّ للبهجة والفرح.
ما هو قلب البحار الذي إنطرح فيه يونان إلى أعماق الصليب المرّ الذي دخل إليه السيد المسيح كذبيحة كفارية عن العالم كله، خلالها فجَّر مياه المعمودية العذبة واهبة الحياة فأحاط به – أي بكنيسته التي هي جسده – نهر، هو نهر المعمودية أي مياه الأردن. سحب هذا المنظر قلوب الأنبياء، فيقول حزقيال النبي عن كنيسة العهد الجديد أو الهيكل الجديد: “ثم أرجعني إلى مدخل البيت وإذا بمياه تخرج من تحت عتبة البيت نحو المشرق… والمياه نازلة من تحت جانب البيت الأيمن عن جنوب المذبح… وإذا بنهر لم أستطع عبوره لأن المياه طمت، مياه سباحة، نهر لا يُعبر… هذه المياه تأتي إلى هناك فتشفي، ويحيا كل ما يأتي النهر إليه… وعلى النهر ينبت على شاطئه من هنا ومن هناك كل شجر للأكل لا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره، كل شهر يبكر لأن مياهه خارجة من المقدس ويكون ثمره للأكل وورقه للدواء” (حز ٤٧)[18].
لقد طرحت خطايانا السيد المسيح في محبته لنا إلى قلب البحار ليحمل عنا الغضب الإلهي خلال الصليب، محولاً ملوحة البحار إلى عذوبة الأنهار، فيهبنا فيه خلال الصليب ذاته نهر روحه القدوس الذي يروي نفوسنا ويهبها ثمارًا ويمنحها شفاءً! هكذا حمل الصليب صورتين متكاملتين: صورة غضب الله عن الخطية التي كلفت السيد حياته، وصورة حب الله الفائق التي فجرت ينابيع نعمه الفائقة.
يقول القديس چيروم: [بالنسبة للمخلص الرب جاءت الصورة في المزمور: “غرقت في حمأة عميقة وليس مفر، دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني” (مز ٦٩: ٣)، كما قيل عنه في مزمور آخر: “لكنك رفضت ورذلت، غضبت على مسيحك، نقضت عهد عبدك، نجست تاجه في التراب، هدمت كل جدرانه” (مز ٨٩: ٣٩)… ومع أنه صار في مياه مالحة إذ جُرب في كل شيء لكنها ليست مالحة (مرّة) بالنسبة له فقد أحاط به نهر كما قيل في موضع آخر: “نهر سواقيه تفرح مدينة الله” (مز ٤٦: ٤)].
يُحدثنا القديس أمبروسيوس عن هذا النهر الذي يحيط بنا بكونه الروح القدس الذي يروي أورشليم السماوية الذي أفاض على الكنيسة بالمسيح يسوع المصلوب. [الروح القدس هو النهر، النهر الوفير، النهر العظيم الذي يفيض دومًا بلا انقطاع… فإن أورشليم السماوية لا ترتوي بنهر أرضي بل بالروح القدس[19]].
خلال الصليب تمتعنا بنهر العهد الجديد عوض بئر العهد القديم. وكما يقول القديس أمبروسيوس: [العهد القديم بئر عميق تُسحب منه المياه بالجهد، لم تكن مملوءة بالكامل، إنما جاء بعد ذلك القائل: “ما جئت لأنقض (الناموس) بل لأكمل” (مت ٥: ١٧)… أما العهد الجديد فليس بنهر فحسب وإنما “تجري من بطنه أنهار ماء حيّ” (يو ٧: ٣٨)، أنهار فهم، أنهار تأمل، أنهار روحية[20]]. هكذا إذ يجلس الرب معنا عند البئر كما مع السامرية في وقت الظهيرة أي في لحظات الصليب يُفجر فينا ينابيع مياهه كأنهار حية مفرحة.
يكمل النبي تسبحته على لسان السيد المسيح قائلاً: “جازت من فوق جميع تياراتك ولججك” [٣]. ويعلق القديس چيروم على هذه العبارة، قائلاً: [لنبحث كيف جازت التيارات واللجج فوق المخلص… إذ لا يوجد من يقدر أن يحتمل كل التجارب إلاَّ ذاك الذي جُرب في كل شيء… كل الضيقات والأتعاب التي جعلت الجنس البشري يضطرب والتي تكسر كل السفن، جازت على رأسه… لقد أحتمل العاصفة وكل اضطراب حتى يصير الآخرون في هدوء!].
إن كانت اللجج تُشير إلى أحكام الله كما يقول القديس كيرلس الكبير: [فقد حمل السيد كل أحكام الله ضدنا عليه. انهارت كل الأحكام عليه لتُوفى في جسده، وكما يقول المرتل: “غمر يُنادي غمرًا عند صوت مَيَازِيبِكَ، كل تياراتك ولججك طمّت عليَّ” (مز ٤٢: ٧). بهذا ظهر السيد المسيح موفي الدين كمن هو مطرود من عينيّ الآب مع أنه الشفيع الذي يحمل شعبه إلى المقدسات السماوية. لذلك يكمل النبي حديثه: “فقلت قد طردت من عينيك، لكنني أعود أنظر إلى هيكل قدسك” [٤].
إنها صورة واقعية للصليب؛ من جانب ظهر المخلص كمطرود، يصرخ قائلاً: “إلهي إلهي لماذا تركتني” (مت ٢٧: ٤٦). ومن جانب آخر يحمل البشرية في جسده لكي تتمجد معه. وكما يقول القديس چيروم: [صار الرب كمن هو في موقفك (مطرودًا)… حتى يرفع البشرية لتكون معه حيث يكون هو (يو ١٧: ٢)]. إنه يمارس عمله كرئيس للكهنة الأعظم يدخل إلى هيكل قدسه السماوي حاملاً كنيسته إلى السماويات عينها، كقول الرسول: “لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا” (عب ٩: ٢٤). ففيما هو مطرود من أجلنا يحملنا فيه لنكون موضع رضى الآب وسروره.
لم يكن يونان بالكاهن ليدخل القدس ولا رئيس الكهنة لينعم برؤية قدس الأقداس مرة واحدة كل سنة، لكنه في أعماق البحر إذ صار كمطرود حُسب رمزًا للسيد المسيح المطرود والداخل إلى مقدساته السماوية، وكما يقول القديس چيروم: [في أعماق البحر يرى هيكل الرب، وبروح النبوة وجد نفسه هناك يتأمل شيئًا آخر].
“لقد اكتنفني مياه إلى النفس، أحاط بي غمر، ثم أصعدت من الوحدة حياتي أيها الرب إلهي“ [٥-٦].
لقد نزل السيد المسيح إلى الجحيم فصار كمن إكتنفته المياه إلى النفس، لكن لم تستطع المياه أن تبتلعه بل يحرر الذين أسرتهم المياه وأغرقتهم. نزل إلى أعماق المياه ليصعد معه الغارقين فيها، كما يقول الرسول: “أما أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضًا أولاً إلى أقسام الأرض السفلي، الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل” (أف ٤: ٩-١٠).
يرى القديس أغسطينوس[21] في المياه التي إكتنفت السيد المسيح إلى النفس تعبيرًا عما حدث عند الصليب، فقد هاج الكل عليه كأمواج البحر وفي إتضاعه خضع بإرادته لأجلنا، قائلاً: “دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني” (مز ٦٩: ٢). لم يقاوم الكلمات العنيفة ولا التصرفات القاسية بل في صبر أحتملها، “وأطاع حتى الموت موت الصليب” (في ٢: ٨).
المخلص الذي سار على المياه (مت ١٤: ٢٦)، إنحنى بنفسه إلى المياه حتى تكتنفه إلى حين وتحيط به، فيحمل مؤمنيه على المياه خلال سفينة صليبه وينطلق بهم إلى ميناء أورشليم السماوية بأمان.
مرة أخرى يقول: حين أعيت فيَّ نفسي ذكرت الرب، فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك” [٧]. فقد يونان كل رجاء في ذراع بشري للخلاص إذ صار كمن قبض عليه في جوف الحوت، ليس من يخلصه سوى الرب، لذلك يقول: “ذكرت الرب” . وكأنه بالمرتل القائل: “أبي وأمي قد تركاني والرب ضمني”. وكما يقول القديس چيروم: [وجدت نفسي قد أُغلق عليها في أحشاء الحوت فصار رجائي كله في الرب].
هذه العبارة أيضًا تنطبق على يوناننا المتألم الذي صرخ بالجسد: “نفسي حزينة جدًا حتى الموت” (مت ٢٦: ٣٨)، “يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس” (مت ٢٦: ٣٩). هذا الثقل الذي إحتمله السيد لأجلنا إنما لكي يمارس عمله الكهنوتي خلال ذبيحته الكفارية فيطلب من الآب عنا: “جاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك”، وكما يقول القديس چيروم: [إنه ككاهن يترجى تحرير الشعب في جسده].
يونان المُسبّح [٨-٩].
“الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم، أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك وأوفي بما نذرته، الرب للخلاص” [٨-٩].
عند الصليب ظهر الذين يراعون أباطيل كاذبة، هؤلاء الذين ساروا وراء أباطيل الفريسيين فصاوروا محرومين من الرب نفسه “نعمتهم”. حرموا من المسيح مخلصهم فصاروا أشبه بتسبحة شيطانية لا تعلن إلاَّ كلمات الكذب والتجديف. أما السيد المسيح المفترى عليه فقدم نفسه تسبحة حمد للآب، وذبيحة شكر له.
إن كان يونان قد قدم ذبيحة حمد لله في جوف الحوت إنما كرمز للسيد المسيح الذي رأى الكل قد تكاتف ضده، وفي محبة أوفى نذره للآب بتقديم حياته فدية عن كثيرين، حتى عن مضايقيه أنفسهم!
بالمسيح يسوع الذبيح تتحول حياتنا كلها إلى قيثارة في يد الروح القدس تنشد سيمفونية حمد وشكر للآب، ليس بأفواهنا فحسب وإنما خلال كل تصرفاتنا! إن كان يونان قد صار مرنمًا في جوف الحوت إنما ليعلن ما يعمله السيد المسيح فينا خلال آلامه، إذ يخلق فينا طبيعة الشكر التي تمس كل يكاننا عوض الجحود الذي أفسد حياتنا.
يونان الحيّ [١٠].
“وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر” [١٠].
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الله قدم ليونان دروسًا متوالية في الترفق بالآخرين، فإن كان الحوت قد ابتلعه ثم قذفه دون أن يؤذيه إلاَّ يليق به أن يترفق هو بإخوته في البشرية وإن كانوا أمميين؟! “لقد استقبلته الأمواج ولم تخنقه، وتلَقَفه الحوت دون أن يهلكه… بهذا كان يليق بالنبي أن يكون رقيقًا ورحيمًا، لا أن يكون أقسى من الحيوان المفترس أو البحارة الجهلاء أو الأمواج العنيفة[22].
ويرى القديس چيروم أن تعبير “قذف” يُشير إلى الحياة المنتصرة الخارجة من حيث يوجد الموت، فلم يكن ممكنًا لجوف الجحيم أن يمسك بيوناننا ولا بالفساد أن يلحق به. وكما يقول المرتل: “لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيك يرى فسادًا” (مز ١٦: ١٠).
لقد قام من بين الراقدين كباكورة لنا، يُقيمنا معه، وكما يقول القديس چيروم: [الذي مات لكي يُحرر المسبيين من رباطات الموت يقدر أن يقود الكثيرين نحو الحياة].
تفسير يونان 1 | يونان 2 | تفسير سفر يونان |
تفسير العهد القديم | تفسير يونان 3 |
القمص تادرس يعقوب ملطي | ||||
تفاسير يونان 2 | تفاسير سفر يونان | تفاسير العهد القديم |