تفسير سفر زكريا ٧ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع

الإصحاحين السابع والثامن حديث عن الصوم، بدأ بسؤال من المسبيين الذين كانوا في السبي. والنبي يجيب على هذا السؤال. وكان الشعب في السبي قد وضعوا على أنفسهم صياماً حتى يرحمهم الله، ولم تكن هذه الأصوام مفروضة عليهم في الناموس، بل هم وضعوها. الآن سنة 518ق.م. وقد عادوا من السبي وبدأ بناء الهيكل جاءوا يسألون هل نستمر في تلك الأصوام التي فرضناها على أنفسنا أم نتوقف. وكانت هذه الأصوام التي فرضوها على أنفسهم.

  1. في الشهر الرابع في 17 يونيو تذكاراً لثغر وإقتحام أسوار أورشليم (أر2:39).
  2. في الشهر الخامس في 4 يوليو تذكاراً لحرق الهيكل (2مل9:25).
  3. في الشهر السابع في 3 سبتمبر تذكاراً لمقتل جدليا وبه إكتمل تشتتهم.
  4. في الشهر العاشر 10 ديسمبر تذكاراً لبداية حصار أورشليم (أر1:39).

وقد ذكرت هذه الأصوام الأربعة في (زك19:8)

وكان سؤالهم يعني أن الصوم يمثل لهم ثقلاً في حياتهم يودون الخلاص منه أو كان غاية في حد ذاته، فلم يمارسوه بروح التوبة. لذلك جاءت الإجابة توبيخاً. وكأن الله يريد أن يقول لهم أنه ليس في حاجة إلى أصوامهم التي يشعرون أنها ثقيلة على نفوسهم، هم حددوها ولهم أن يتوقفوا عنها دون سؤال. لكن إن أرادوا الصوم فليمارسوه بروح صادق وبروح التوبة والتذلل وشعورهم بأنهم أحزنوا قلب الله، وشعورهم بالإحتياج لمراحمه ومعونته وبهذا فهم حين يصومون يهزمون قوات الشر، وحينئذ يفرحون بمساندة الله لهم حين أعطاهم سلطاناً على أعدائهم.

 

آيات (1،2): “و كان في السنة الرابعة لداريوس الملك ان كلام الرب صار الى زكريا في الرابع من الشهر التاسع في كسلو. لما أرسل أهل بيت إبل شراصر ورجم ملك ورجالهم ليصلّوا قدام الرب”

لاحظ أن أسماء من في السبي قد تغيرت إلى أسماء غريبة. بيت إيل= بيت إيل كانت ضمن بلاد العشرة أسباط، ولكن بعد العودة من السبي عاد كل واحد لمكانه الذي كان منه أصلاً. فبعد السبي لم يكن هناك إنفصال بين يهوذا وإسرائيل.

 

آية (3): “وليكلموا الكهنة الذين في بيت رب الجنود والأنبياء قائلين أأبكي في الشهر الخامس منفصلاً كما فعلت كم من السنين هذه.”

أأبكي= كان الصوم يصاحبه بكاء وتذلل. لكن صومهم كان مجرد ممارسات لتهدئة الضمير.

 

آيات (4،5): “ثم صار الي كلام رب الجنود قائلا. قل لجميع شعب الأرض وللكهنة قائلا.لما صمتم ونحتم في الشهر الخامس والشهر السابع وذلك هذه السبعين سنة فهل صمتم صوما لي أنا.”

كان سؤالهم عن صوم الشهر الخامس، فأجابهم الله عن صوم الشهر الخامس والشهر السابع أيضاً. هل صمتم صوماً لي أنا= هنا الله يلجأ لضمائرهم لأنها تشهد ضدهم، أنهم لم يكونوا مخلصين في أصوامهم، فهم تمسكوا بشكليات الصوم بلا توبة حقيقية أو تذلل حقيقي. ونقرأ هنا عن مواصفات الصوم الحقيقي الذي يرضى الله (آيات 9،10). وراجع أيضاً (أش58).

 

آية (6): “ولما أكلتم ولما شربتم أفما كنتم أنتم الآكلين وأنتم الشاربين.”

أنتم الآكلين= هنا الله يذكرنا أنه حتى في إفطارنا يجب أن نأكل بروح الشكر لله.

 

آية (7): “أليس هذا هو الكلام الذي نادى به الرب عن يد الأنبياء الأولين حين كانت أورشليم معمورة ومستريحة ومدنها حولها والجنوب والسهل معمورين.”

لقد حذر الله عن طريق الأنبياء الأولين أن عواقب الخطية سيئة، وكان يجب أن يصدقوا الأنبياء وقت أن كانت بلادهم مستريحة ومعمورة بدلاً من عنادهم الذي أدى لخرابها. وآية (8) هي آية إعتراضية ففي آية (9) يذكر ماذا قاله لهم الأنبياء قبل خراب أورشليم. وسبب وجود هذه الآية الإعتراضية أن الله مازال يوجه لهم نفس الرسالة وهي أن يكفوا عن خطاياهم فيكون لهم الخير.

 

آيات (8-10): “و كان كلام الرب الى زكريا قائلا. هكذا قال رب الجنود قائلاً. أقضوا قضاء الحق وأعملوا إحساناً ورحمة كل إنسان مع أخيه. و لا تظلموا الارملة و لا اليتيم و لا الغريب و لا الفقير و لا يفكر احد منكم شرا على اخيه في قلبكم.”

إقضوا قضاء الحق= بدأ كلامه للكبار أولاً، أي الذين في أيديهم القضاء، ويذكرهم الله هنا بواحدة من خطاياهم البشعة التي كالما أغاظته وهي ظلم المساكين.

 

آية (11): “فأبوا أن يصغوا وأعطوا كتفا معاندة وثقّلوا آذانهم عن السمع.”

أعطوا كتفاً معاندة= أي عاندوا وصايا الله وإنذارات أنبيائه.

 

آية (12): “بل جعلوا قلبهم ماساً لئلا يسمعوا الشريعة والكلام الذي أرسله رب الجنود بروحه عن يد الأنبياء الأولين فجاء غضب عظيم من عند رب الجنود.”

جعلوا قلبهم ماساً= الماس صلد جداً. والمشكلة في قساوة وعناد قلبهم داخلياً.

 

آيات (14،13): “فكان كما نادى هو فلم يسمعوا كذلك ينادون هم فلا أسمع قال رب الجنود. و اعصفهم الى كل الامم الذين لم يعرفوهم فخربت الارض وراءهم لا ذاهب و لا ائب فجعلوا الارض البهجة خرابا”

هم عاندوا الله ولم يسمعوا، فلم يسمع لهم الله في ضيقتهم وكانت خطاياهم سبب تشتتهم. وكأن هذا نبوة عن تشتتهم ثانية على يد الرومان لصلبهم المسيح.

فاصل

فاصل

تفسير زكريا 6 تفسير سفر زكريا
القمص أنطونيوس فكري
تفسير زكريا 8
تفسير العهد القديم

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى