يو٣: ١٠ أجاب يسوع وقال له: أنت معلم إسرائيل ولست تعلم هذا؟

 

9أَجَابَ نِيقُودِيمُوسُ وَقَالَ لَهُ:«كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا؟» 10أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا! 11اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. 12إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ؟ 13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.” (يو3: 9-13)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“أجاب يسوع وقال له:

أنت معلم إسرائيل ولست تعلم هذا؟” (10)

كأن السيد المسيح يوبخه قائلاً له: كيف وضعت على عاتقك أن تقود العميان إلى الحق وأنت لا تعرف الحق؟ تدعو الذين يقبلون اليهودية أن يعتمدوا بالماء كرمز للميلاد الجديد وأنت نفسك لم تتمتع بالميلاد الجديد ولا تعرفت عليه. ألم يقرأ نيقوديموس عن عمل روح الرب في حياة الناس، كما حدث في مسح شاول ملكا؟ “يحل عليك روح الرب، فتتنبأ معهم وتتحول إلى رجل آخر… وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل أن الله أعطاه قلبًا آخر، وأتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم” (1 صم 10: 6، 9). وأيضا الوعد الإلهي في الأنبياء: “وأجعل في داخلكم روحًا جديدًا، وأنزع قلب الحجر من لحمهم، وأعطيهم قلب لحم” (حز 11: 19)، “أجعل روحي فيكم فتحيون” (حز 37: 14). “هل أنا أفحص ولا أولد يقول الرب؟” (إش 66: 9) “ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي علي كل بشر” (يوئيل 2: 28).

v ماذا أيها الاخوة؟ أتظنون أن الرب يود أن يوبخ معلم اليهود هذا مسخّفًا به؟ لقد علم الرب ما كان يفعله، فقد أراد من هذا الرجل أن يولد من الروح. لا يولد أحد من الروح إن لم يتواضع، لأن التواضع نفسه يجعلنا نولد من الروح، “لأن الرب قريب من منكسرين القلوب” (مز34: 18). كان الرجل منتفخًا بكونه معلمًا؛ هذا يظهر من شعوره بأهميته كمعلمٍ لليهود. لقد أنزل يسوع كبرياءه لكي ما يولد من الروح. لقد وبّخه كشخصٍ غير متعلمٍ، لا لكي يظهر الرب كسيد عليه. فإنه أي وجه للمقارنة بين اللَّه والإنسان، وبين الحق والباطل؟

القديس أغسطينوس

v يتحدث المسيح معه هنا موبخًا إياه… لاحظوا إنه لم يتهمه قط بالشر، وإنما بالضعف والسذاجة.

ربما يسأل أحد: وما ارتباط الميلاد (الروحي) باليهوديات؟

لقد أعلن عن الميلاد مقدمًا خلال الرمز وعن التطهير الحادث منه، وذلك في الينبوع حيث جعل اليشع الأداة الحديدية تطفو، والبحر الأحمر حيث عبره اليهود، والبركة التي كان الملاك يحرك ماءها، ونعمان السرياني الذي طهر (من البرص) في نهر الأردن.

كما أشارت كلمات النبي إلي وسيله هذا الميلاد مثل: “يخبر عن الرب الجيل الآتي، يأتون ويخرون ببره شعبًا سيولد يصنعه الرب” (مز 22: 30؛ 30: 31)، “يجدد مثل النسر شبابك” (مز 103: 5)…

كان اسحق أيضا رمزًا لهذا الميلاد.

اخبرني يا نيقوديموس، كيف ولد؟ هل ولد حسب قوانين الطبيعة؟ مستحيل، طريقة ميلاده كانت في المنتصف بين الميلاد الذي نتحدث عنه والميلاد الطبيعي.

كان ميلادًا طبيعيا لأنه نتيجة تعايش زوجي، والميلاد الآخر لأنه لم يولد خلال الدماء (إذ كانت الأم عاقرًا والاب شيخا مسنًا) وإنما حسب مشيئة الله.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

 10:3- أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هَذَا!.

مراجعة بل مساءلة أليمة، يوجهها المسيح بل الله لمعلم التوراة والقّيم على إنارة شعب الله، لا يوجهها لنيقوديموس بل لكل معلمي إسرائيل وفريسييه وكتبته في شخص نيقوديموس. ألم يتكلم الله على فم كل أنبيائه ومختاريه عن عمل الروح في الإنسان وتغييره كلية حتى إنه يصير شخصاً آخر؟
«فأخذ صمؤئيل قنينة الدهن وصب على راسه وقبله وقال… يحل عليك روح الله فتتنبأ معهم وتتحول إلى رجل آخر… وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صمؤيل أن الله أعطاه قلباً آ!! وأتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم، ولما جاءوا إلى هناك إلى جبعة، إذا بزمرة من الأنبياء لقيته. فحل عليه روح الله فتنبأ في وسطهم.» (اصم1:10-10)
‏وهل يكون عمل الروح للتجديد وتغيير الإنسان أكثر من هذا؟
«فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه وسط إخوته وحل روح الرب عل داود من ذلك اليوم فصاعداً» (1صم13:16)
‏وهل هذا ليس على مستوى ميلاد ثان للانسان ليحيا بالروح كل أيامه؟
+ ومن جهة الخلق الجديد في الإنسان ألم نسمع من داود النبي نفسه, عندما أخطأ إل الله, كيف صرخ: «قلباً نقياً اخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي» (مز10:51), أليس هذا خلقاً جديداً وبعد التجديد أيضاً! لأنه رأى أن صومه وصلاته وعبادته وتسابيحه لن تغنيه من التجديد والخلق الجديد؟
+ ثم ألم يتكلم حزقيال النبي معلماً وشارحاً عن ما سيتم بالحرف الواحد في أيام المسيا الذي وقف نيقوديموس أمامه ولم يتذكر كلمة واحدة مما قال: «وأعطيهم قلباً واحداً، وأجعل في داخلكم روحاً جديداً, وأنزع قلب الحجر من لحمهم وأعطيهم قلب لحم» (حز11:11)
‏أليس هذا ميلادا جماعياً كولادة شعب بمواهب روحية واحدة؟
+ ثم ألم يحزر حزقيال النبي أيضأ الذين يتوانون من مثل هذا التجديد الذي سيمنحه الله في وقته: «اطرحوا عنكم كل معاصيكم التي عصيتم بها (التوبة) واعملوا لأنفسكم قلبا جديدا وروحأ جديدة فلماذا تموتون يا بيت إسرائل» (حز31:18). فبدل أن يركض معلم التوراة والناموس وفي مقدمتهم نيقوديموس لينالوا القلب الجديد والروح الجديد، جاء يسأل بلسانهم «كيف يكون هذا؟»
+ ثم ها هوذا أيضأ حزقيال يجمح عمل الماء مع عمل الروح باعتبار ذلك سر قوة التجديد الذي سيرسله الله لهم على يدي المسيا: «وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم، وأعطيكم قلبا جديداً, وأجعل روحااً ‏في داخلكم» (حز25:36-26)
‏+ ثم هوذا حزقيال أيضاً ينال من الله أمراً صريحاً بأن «يتنبأ للروح أن يهب», وهو بالحرف الواحد نفس الإصطلاح الذي استعمله الرب يسوع: «الريح تهب حيث تشاء…»، حتى صار معلم إسرائيل بلا عذر ان يجهل كيف يكون هذا: «فقال لي تنبتأ للروح يا ابن آدم وقل للروح هكذا قال السيد الرب: هلم يا روح من الرياح الأربع, وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا. فتنبأت كما أمرني, فدخل فيهم الروح, فحيوا وقاموا على أقدامهم, جيش عظيم جداً جداً. ثم قال لي: يا ابن أدم هذه العظام هي كل بيت إسرائيل. ها هم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا. لذلك تنبأ وقل لهم: هكذا قال السيد الرب: هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي… وأجعل روحي فيكم فتحيون.» (حز9:37-14).
+ ثم من جهة العهد الجديد الذي وعد به الله، وكيف سيتولى الله بنفسه تعليم الشعب بأن يلقن قلوبهم علم معرفته فلا يحتاجون إلى معلم بعد بل يكون الله هو«المعلم» : «ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا, ليس كالعهد (الأول)… أجعل شريعتي في داخلهم واكتبها عل قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لى شعباً. ولا يعلمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب، لأنهم كلهم سيعرفوني من صغيرهم إلى كبيرهم, يقول الرب, لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد» (إر31:31-34). أليس هذا هو عهد التجديد وميلاد الإنسان الجديد وعلم الله الجديد؟
+ ثم كيف أن الله يلد أولاداً ويلد مدينة ويلد شعباً ويمخض بهم بالروح ويلدهم؟ كان إشعياء في ذلك واضحاً غاية الوضوح: «بل افرحوا وابتهجوا إلى الأبد فيما أنا خالق، لأني هأنذا خالق أورشليم بهجة وشعبها فرحاً. فأبتهج بأورشليم وأفحر بشعبي… من سع مثل هذا. من رأى مثل هذه: هل تمخض بلاد في يوم واحد، أو تولد أمة دفعة واحدة؟ فقد مخضت صهيون، بل ولدت بنيها. هل أنا أمخض ولا أولد يقول الرب.» (إش18:65-19, 8:66-9)
+ وعن عمل الروح القدس جهاراً وانسكابه بلا كيل، يقول يؤئيل النبي: «ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر, فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى؛ وعلى العبيد أيضاُ وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الآيام.» (يؤئيل 28:2-29‏)
‏فماذا إذا؟ أليس هذا دليلاً على أن معلمي الشعب تركوا تعاليم الله الحية المبهجة وتعزياته التي بلا عدد, نسوها وأهملوها, ففقدوا حاسة الرؤية العقلية والروحية لما انشغلوا بالقوانين الحرفية والوصايا الجسدية. فلما جاء العصر الموعود وتحققت كل وعود الله وظهر المسيا الذي يطلبونه وانسكب الروح, لم يعرفوه. وأمام تحقيق أجمل مواعيد الله وهي خلق الإنسان خلقاً روحيا جديداً بقلب جديد وروح جديد, وقف نيقوديموس يسأل كيف يكون هذا؟؟ بدل أن يقول ها أنذا!!

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (10): “أجاب يسوع وقال له أنت معلم إسرائيل ولست تعلم هذا.”

هذا عتاب لكل معلمي اليهود في شخص نيقوديموس، الذين سمعوا بالتأكيد عن عمل الروح القدس وكيف أنه يجعل الشخص جديداً. وهذا حدث حتى مع شاول الملك. وكذلك نجد هذا في عدة أماكن (راجع 1صم1:10،6،9،10+ 1صم13:6.. وهذا ألا يعتبر كميلاد ثان للإنسان. وراجع (مز10:51).. وألا يعتبر هذا خلقاً جديداً. وراجع (حز19:11+ 31:18) بل أن حزقيال جمع عمل الماء والروح في الخلق الجديد (حز25:36،26-28+ 9:37-14) وراجع أيضاً (أش18:65،19+ 8:66،9). وعن عمل الروح القدس راجع (يؤ28:2،29)

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى