حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح

 

“حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح” (غل 14:6)

لم يكن الصليب في أيام القديس بولس مصدر افتخار ، بل كان مجرد ذكر كلمة الصليب يصيب السامع بالفزع والرعب والتشاؤم والإحساس بالفضيحة والهلاك.

وفي الحقيقة إن الصليب في المسيحية لا يزيد عن ذلك ؛ فهو الظلم والاضطهاد ؛ فكون الرسول يفتخر بالصليب فهذه أكبر مضادة حادثة وبين الفخر والفضيحة .

بل إن علاقة الصليب نفسها تحكي عن مضادة عجيبة واقعة بين إرادة الله الرأسية من السماء إلى الأرض وإرادة الإنسان التي من الأرض إلى والأرض  لتنشئ هذا الصليب الذي هو التعارض الكبير بين الله والإنسان بين الحق والباطل ، فكون الإنسان ( یسوع المسيح ) يقع في بؤرة هذه المضادة ، أي الصليب ، يعني أنه انسحق انسحاقاً فيما هو إنسان ، و لينتهي إلى نصرة ما الله فيه . وهنا يتحول الصليب من واقع الذلة والعار والفضيحة للإنسان ، إلى الارتفاع بقوة المجد نحو الله ليصير إلى ما هو لله .

ولكي يكون الإنسان تلميذاً حقيقياً للمسيح يتحتم عليه أن يحمل هذا الصليب ويتبع خطوات المسيح ، بمعنى العبور في هذه المحنة عينها بالانسحاق والتواضع ، التي بعد أن نفذها المسيح عملياً في نفسه وفي جسده ، وأعطى سر قوتها للإنسان بالقيامة من الأموات ؛ أصبح لدى كل إنسان القدرة على العبور فيها . من هنا صار الصليب ، تلك المضادة العظمى بين إرادة الله وإرادة الإنسان – عبر محنة الموت الإرادي – هو فخر الإنسان بجدارة .

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى