الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد
تفسير سفر الرؤيا اصحاح 11 – كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
الأصحاح الحادي عشر
النبيان ومقاومة الوحش (الدجال)
(1) الإحصاء والقياس والفرز (ع1، 2)
(2) إرسال النبيين (ع3-14)
(3) البوق السابع (ع15-19)
(1) الإحصاء والقياس والفرز (ع1، 2):
1 ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً شِبْهَ عَصًا، وَوَقَفَ الْمَلاَكُ قَائِلًا لِى: «قُمْ وَقِسْ هَيْكَلَ اللهِ وَالْمَذْبَحَ وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ. 2 وَأَمَّا الدَّارُ الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْهَيْكَلِ، فَاطْرَحْهَا خَارِجًا وَلاَ تَقِسْهَا، لأَنَّهَا قَدْ أُعْطِيَتْ لِلأُمَمِ، وَسَيَدُوسُونَ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا.
ع1: قصبة شبه عصا: مقياس لقياس الأطوال مثل المتر أو الياردة في الزمن الحالي.
أُعطِىَ يوحنا عصا لقياس الأطوال وأُمِرَ من الملاك بأن يقيس الهيكل والمذبح، وهي أقدس الأجزاء في الهيكل اليهودي قديمًا، ويقيس أيضًا الساجدين بمعنى أن يحصر عددهم. والساجدين هم أبناء الله الذين يعبدونه في كنيسته وأهم سماتهم الاتضاع.
ع2: الدار الخارجية: كانت الجزء الخارجي من الهيكل اليهودي وليست في أهمية مكان المذبح المشار له في العدد السابق، أما المعنى الروحي فلقد أمر الملاك القديس يوحنا ألا يقيس الجزء الخارجي أي الخارجين عن الإيمان (الأمم) المنجسين بخطاياهم وأفكارهم الشريرة ويكونون سببًا لتدنيس وإعثار العالم الذي يريده الله مقدسًا له “المدينة المقدسة“، ويستمر إعثارهم لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة وهي مدة سطوة الدجال وشروره، والثلاث سنوات والنصف هي نصف عدد سبعة الذي يرمز للكمال، وبالتالي نستطيع القول بأنها مدة لن تطول كثيرًا وليس لأحد أن يؤكد إذا كان هذا زمنًا حقيقيًا أم زمنًا نبويًا رمزيًا.
† الله يشعر بك وسط ضيقاتك، فأنت من أولاده يهتم بك وبعلاقتك بكنيسته ويبعد الأشرار عنك مهما أحاطوا بك، كما أنه لا يسمح بالضيقة أن تطول بل يسندك حتى تخرج منها وتتمتع ببركاته وأمجاده السماوية.
(2) إرسال النبيين (ع3-14):
3 وَسَأُعْطِى لِشَاهِدَىَّ فَيَتَنَبَّآنِ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا، لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا.» 4 هَذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامِ رَبِّ الأَرْضِ. 5 وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهَكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. 6 هَذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا. 7 وَمَتَى تَمَّمَا شَهَادَتَهُمَا، فَالْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ سَيَصْنَعُ مَعَهُمَا حَرْبًا وَيَغْلِبُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا. 8 وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا. 9 وَيَنْظُرُ أُنَاسٌ مِنَ الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ وَالأَلْسِنَةِ وَالأُمَمِ جُثَّتَيْهِمَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا، وَلاَ يَدَعُونَ جُثَّتَيْهِمَا تُوضَعَانِ فِي قُبُورٍ. 10 وَيَشْمَتُ بِهِمَا السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ وَيَتَهَلَّلُونَ، وَيُرْسِلُونَ هَدَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، لأَنَّ هَذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ كَانَا قَدْ عَذَّبَا السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. 11 ثُمَّ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ وَالنِّصْفِ، دَخَلَ فِيهِمَا رُوحُ حَيَاةٍ مِنَ اللهِ، فَوَقَفَا عَلَى أَرْجُلِهِمَا. وَوَقَعَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يَنْظُرُونَهُمَا. 12 وَسَمِعُوا صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لَهُمَا: «اصْعَدَا إِلَى هَهُنَا.» فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ فِي السَّحَابَةِ، وَنَظَرَهُمَا أَعْدَاؤُهُمَا. 13 وَفِى تِلْكَ السَّاعَةِ، حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلاَفٍ. وَصَارَ الْبَاقُونَ فِي رَعْبَةٍ، وَأَعْطَوْا مَجْدًا لإِلَهِ السَّمَاءِ. 14 الْوَيْلُ الثَّانِي مَضَى، وَهُوَذَا الْوَيْلُ الثَّالِثُ يَأْتِى سَرِيعًا.
ع3: لما كانت مدة سطوة الشر أي الدجال هي ثلاث سنوات ونصف، يرسل الله نعمة خاصة وقوية جدًا وهي عبارة عن شاهدين (نبيين) يتنبأن ويعضدان الكنيسة في المدة نفسها لأن الألف ومائتين وستين يومًا هي نفس زمن الثلاث سنوات ونصف (بإعتبار أن السنة اليهودية 360 يومًا).
شاهدىَّ: ترى الكنيسة الأرثوذكسية في تفسيرات آبائها أن هذين الشاهدين هما “إيليا وأخنوخ” إذ لم يمت كلاهما بل اختُطِفَا إلى السماء وسوف يذوقا الموت الجسدي في (ع8) كما سيأتي.
لابسين مسوحًا: علامة على حزنهما لما وصل إليه الحال على الأرض وما أصاب الكثير من المؤمنين وشدة حرب الوحش (الدجال).
ع4: الزيتونتان والمناراتان: وصف للنبيين، فالزيتون يرمز للسلام والأمان والحياة، كما جاءت الحمامة أيام نوح تحمل غصن الزيتون دلالة على نهاية الطوفان، وهكذا المنارة أيضًا ترمز للكنيسة الشاهدة لمسيحها بأنوار تعليمها.
أمام الرب: أي أن كل ما يتكلمان به من أجل الرب ومصدره الرب وببركة ومساندة الله، فهما لن يجاملا أحدًا فتعليمهم صريح ونقى وواضح.
† إعطنى يا الله روح إيليا وأخنوخ لأشهد لاسمك وأعلن حقك، فتعلو وتسمو وصيتك فوق تجديف العالم، ولا تجعلنى أخاف أو أخشى سوى غضبك..، أعنى يا رب فإنى ضعيف.
ع5: أعطاهما الرب سلطانًا طوال زمن خدمتهما على الأرض، وأشير إلى هذا السلطان بخروج نار من فمهما وذلك لأن الكلام الخارج من أفواههما يأكل كل تعليم باطل أو تشكيك من الشيطان وأعوانه … وتعبير خروج النار من كلامهما يذكرنا بما حدث بالفعل بين إيليا ومندوب آحاز الملك عندما وبخه إيليا “فنزلت نار من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له” (2 مل1: 1-12). ولا يستطيع أحد الاقتراب منهما إذ من اقترب منهما تكون نهايته الهلاك.
ع6: من قوة سلطانهما أيضًا أن الله أعطاهما سلطانًا على إغلاق السماء أي منع خيراتها، وهذا يذكرنا أيضًا بما صنعه إيليا من إغلاق السماء عن المطر لمدة ثلاث سنوات ونصف (1 مل17: 1) أيام آخاب الملك الشرير، وكذلك لهما سلطان وقوة الله التي أعطاها لموسى عندما حوَّل مياه النيل إلى دم (خر7: 20).
والمعنى الإجمالى للعددين (5، 6) هو أن الله أعطاهما سلطانًا وقوة تفوق كل قوة للبشر ليعملا ما يريدان على وجه الأرض كلها.
† ألا يذكرنا هذا أيها الحبيب بالسلطان الذي أودعه الله في كنيسته لمغفرة خطايا التائبين من خلال سر الكهنوت وسر الاعتراف عندما قال لرسله الأطهار “أن كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء” (مت18: 18)، فانتهز يا أخي هذه الفرصة واستمتع بهذا السلطان لتنال مغفرة الله ومكانًا في السماء.
ع7: تمما شهادتهما: أي نهاية المدة المحددة من قبل الله لنزولهما ومقاومتهما للشيطان وشهادتهما.
الوحش الصاعد من الهاوية: الشيطان نفسه بكل قوته وسلطانه، والهاوية أي الجحيم هي مكان ملكه وسلطانه وإشارة واضحة لطبيعته.
يصنع حربًا ويغلبهما: بعدما رأى الشيطان ما صنعه هذان النبيان، أُعطِىَ له وبسماح من الله أن يستجمع كل قوى الشر ويتمكن من قتل النبيين، ولكن سلطانه محدود فهو على الأجساد فقط دون الأرواح، ولنتذكر قول ربنا “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها” (مت10: 28).
ع8: المدينة العظيمة: عظيمة في أعين الشر والأشرار لأنها ترمز لسلطان الشيطان وأعماله فيها.
تدعى روحيًا: تشبه أو ترمز إلى.
سدوم ومصر: رمزت سدوم ومصر قديمًا للممالك الوثنية الشريرة التي قاومت الله.
حيث صلب ربنا: بالطبع صلب المسيح بأورشليم ولكن لأن المعنى روحي فالمقصود بالمعنى العام للآية أن الشر الكامن في العالم الرافض لله والذي صلب بشره رب المجد، معتقدًا انتصاره عليه، هو نفسه ذات الشر الذي قتل هذين النبيين.
ع9، 10: يجتمع الأشرار من كل جهة وأمة ومكان ليتأملوا بلا شفقة بل بكل شماته حال هذين النبيين بعد مقتلهما، وكأن الشر يريد أن يشفى غليله من هذين الشاهدين اللذين أقلقاه طوال الزمن السابق، ومن فرط قساوة الشر فقد أبقى الجثتين ولم يدفنهما ثلاثة أيام ونصف وهذه المدة قد تكون زمنًا حقيقيًا أو مجازيًا … ولكنه زمن قصير.
ومن مظاهر الشماتة .. أن مملكة الشر بكل أفرادها يهنئون بعضهم بعضًا بمقتل النبيين ويرسلون الهدايا وكأن ما حدث يمثل عيدًا وانتصارًا لهم.
لأن هذين النبيين كانا قد عَّذبا الساكنين على الأرض: علة وسبب فرح العالم الشرير هو إنه استراح من التوبيخ والتبكيت والإنذارات التي حملها النبيان لهم بل أيضًا بعض الضربات التي أنزلاهما على العالم بسبب شره (ع6).
† وهكذا الأشرار في كل زمان، فبدلًا من الاستجابة لإنذارات الله وتأديباته التي يرسلها على فم قديسيه وخدامه الأمناء، كثيرًا ما يريد الأشرار التخلص منهم لأنهم ينبهون الناس ويحاولون إبعادهم عن طريق الشيطان، مثل ما حدث مع القديس “يوحنا المعمدان” و”ذهبي الفم” والبابا “أثناسيوس الرسولي”. فأرجوك يا إلهي إجعل قلبى دائمًا طائعًا لصوتك خاضعًا له … وانزع عنه كل قساوة ورفض وعناد.
ع11: بعد الفرح القصير الذي تمتع به الأشرار في شماتتهم (ثلاثة أيام ونصف)، أعادهما الله للحياة بقوته وبشكل إعجازى، وكما كانت قيامته المجيدة زلزلة لكل مملكة الشر هكذا أيضًا فقيامة النبيين الشاهدين سببت خوفًا عظيمًا ورعبًا على أركان العالم الشرير الذي كان يتأمل بعجرفة إنتصاره الزائف عليهما.
ع12: سمعا صوتا من السماء: الله الذي يكرم أبناءه القديسين الأمناء يعلن إكرامه لهما فينادى عليهما بالصعود إلى السماء، فصعدا إلى السماء على مثال صعود الرب نفسه في سحابة (أع1: 9)، وكما نظر التلاميذ صعود المسيح نظر الأعداء الأشرار صعودهما فكان نصرًا وإكليلًا للنبيين وخزيًا وعارًا لمملكة الشر.
† أشكرك يا رب لأنه وإن انتصر الشر حينًا فإن نهايته معروفة، وإن بدا لنا أن له سلطان على أبنائك فإن يدك القوية تعطيهم قيامة ومجدًا وتكريمًا وإعلانًا لقداستهم حتى بعد موتهم مثل ما حدث مع كثير من الشهداء القديسين.
ع13: في تلك الساعة: أي لحظة صعود الشاهدين إلى السماء.
زلزلة عظيمة: كناية عن إعلان غضب الله وسخطه على الأشرار والوحش.
عُشر المدينة: أي أن هذا كان انتقامًا نسبيًا من الله لكن الدينونة العامة لم تأتِ بعد.
عند صعود الشاهدين إلى السماء يظهر الله شيئًا من غضبه على مملكة الشر، فتحدث زلزلة عظيمة تهز أركانها وأساساتها ويسقط من الأشرار عُشر الناس ويقدِّرهم القديس يوحنا بسبعة آلاف، والرقم هنا رمزي بالطبع ومعناه الكثرة النسبية لأن السبعة والألف من أرقام الكمال.
أسماء من الناس: تعني أن الله في قضائه العادل يعلم تمامًا لمن يوجه ضربته وكأن هذا الانتقام موجهًا لأناس معلومة بالاسم لدى الله.
أعطوا مجدًا: الخوف والرعب الذي اعترى الأشرار انتزع منهم اعترافًا بقوة إله هذين الشاهدين فقدموا له تمجيدًا وعرفوا أنه هو الإله الحقيقي.
ع14: كان الويل الأول هو ضربة الجراد (ص8: 13) والويل الثاني حمل ضربة جيوش الفرسان (ص9: 12) وكذلك ضربات النبيين الشاهدين، وبنهاية قصتهما يعلن الوحى نهاية الويل الثاني ولكنه ينبهنا لوجود ويل ثالث.
(3) البوق السابع (ع15-19):
15 ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ قَائِلَةً: «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.» 16 وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا الْجَالِسُونَ أَمَامَ اللهِ عَلَى عُرُوشِهِمْ، خَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلَّهِ 17 قَائِلِينَ: «نَشْكُرُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ، الْكَائِنُ وَالَّذِى كَانَ وَالَّذِى يَأْتِى، لأَنَّكَ أَخَذْتَ قُدْرَتَكَ الْعَظِيمَةَ وَمَلَكْتَ. 18 وَغَضِبَتِ الأُمَمُ فَأَتَى غَضَبُكَ وَزَمَانُ الأَمْوَاتِ لِيدَانُوا، وَلِتُعْطَى الأُجْرَةُ لِعَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْخَائِفِينَ اسْمَكَ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَلِيُهْلَكَ الَّذِينَ كَانُوا يُهْلِكُونَ الأَرْضَ.» 19 وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ.
ع15: كانت نهاية الحديث عن ملاك البوق السادس في نهاية الأصحاح التاسع واحتوى الأصحاح العاشر والحادى عشر حتى الآية السابقة أحداثًا إعتراضية ونعود الآن للملاك السابع والبوق الأخير.
عندما بوَّق الملاك السابع أعلن في السماء بتهليل عظيم، اشتركت فيه كل الخليقة السمائية، نهاية الأحداث والضربات الغاضبة والمُؤدِّبة، والآن جاء إعلان النصرة النهائية على مملكة الشر وصار العالم كله خاضعًا لسلطان الله الآب وابنه الوحيد الذي أعلن بأصوات التمجيد بداية ملكه اللانهائى.
ع16، 17: الأربعة والعشرون قسيسًا: (راجع رؤ 4: 4).
خر وسجد الأربعة والعشرون قسيسًا كما فعلوا قبلا (ص4: 10) مقدمين التسبيح والشكر والإكرام، وكان تسبيحهم في هذه المرة موضوعه تقديم الشكر على عمل الله في القصاص من مملكة الشر ودحضها ونشر مُلكه، ورجوع العالم للإيمان وإعلان قدرة الله اللانهائية في صنع وتدبير كل هذا.
أخذت قدرتك العظيمة: أي أنها كانت دائمًا لك ولكنك أعلنتها في الوقت المناسب.
ع18: غضبت الأمم الشريرة وتألمت كنيستك زمنًا بسببهم، ولكن غضب الأمم لا يحسب أمامك شيئًا فغضبك هو ما يجب أن يخشاه الجميع وهو ما حدث وأتى بالفعل.
زمان الأموات: أي زمن الأشرار ودينونتهم.
تعطى الأجرة لعبيدك: أي المكافأة وميراث الملكوت.
وقد شملت هذه المكافأة:
الأنبياء: أي من شهدوا وخدموا كلمة الله وأوصلوها وفسروها للناس.
القديسين: كل من سار في مخافة الله محاولًا إرضائه بتنفيذ وصاياه.
الخائفين اسمك: كل من وضع مخافة الله أمامه حتى لا يخطئ.
الصغار والكبار: أي الجميع ممن تبعوك مهما كانت مكانتهم أو أعمارهم.
أما من أتعبوا الأرض وأهلكوا الكثيرين بشرورهم فسيكون لهم بمثل ما صنعوا أي عدل الله يستوجب هلاكهم الأبدي.
ع19: إنفتح هيكل الله في السماء: أي أعلن مجد الله الكامل في الأبدية ويعنى دخول الأبرار المؤمنين للتمتع بالوجود الأبدي معه.
ظهر تابوت العهد: كان تابوت العهد يرمز دومًا للحضرة الدائمة لله في وسط شعبه، وظهور تابوت العهد هنا معناه تأكيد لانفتاح الهيكل وتمتع الجميع بهذه الحضرة والمثول الدائم أمام الله.
حدثت بروق وأصوات ورعود وبرد عظيم: في هذا الجزء من الآية معنيان، الأول يوضح أن الوجود في الحضرة الإلهية هو حضور مهيب لأن كل هذه الظواهر مرتبطة بالمجد الإلهي.
والمعنى الثاني هو أن هيكل الله الذي يتمتع فيه أولاده بالوجود معه، هو نفسه مصدر عدله وتصدر منه أحكامه وعقوباته للأشرار، وهذا يتمشى مع كلمة “البَرَد” إذ كلما جاءت في الكتاب المقدس تحمل معنى العقوبة بالأكثر.
† يا إلهي ما أجمل الوجود معك والتمتع بك في هيكلك السمائى.. وقد أعطيتنا أيضًا أن نقف بهيكلك المقدس في كنيستك هنا فنحسب كالقائمين في السماء وكأننا نحصل على عربون المجد الدائم الابدى … إجعلنا مستحقين يا سيدى أن نكمل أيام غربتنا الجسدية في مخافتك ورضاك حتى نتمتع بما أعددته لنا من قبل تأسيس العالم.
تفسير رؤيا 10 | تفسير سفر الرؤيا | موسوعة تفسير العهد الجديد | تفسير رؤيا 12 |
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة | |||
تفاسير سفر الرؤيا | تفاسير العهد الجديد |