تفسير سفر الرؤيا أصحاح 13 للأنبا بولس البوشي

الأصحاح الثالث عشر

من الرؤيا: قال: «ووقفت على رمل البحر ونظرت إلى وحش صاعد من البحر، له عشرة قرون وسبعة رؤوس، وعلى رأسه إكليل، ومكتوب على رأسه اسم تجديف. وكان هذا الوحش الذي رأيته يشبه الفهد، ورجلاه رجلا نمر، وفمه كفم الأسد. ثم أعطاه التنين قوته وسلطانه وكرسيه. وإحدى رؤوسه كمثل من قد ضرب بضربة الموت. ثم أن ضربة الموت عولجت، والأرض كلها تعجبت خلف الوحش، وسجدوا للتنين لأنه أعطى الوحش سلطانه. ثم أنهم سجدوا للوحش قائلين: من مثل هذا الوحش، ومن يقدر على قتاله. ثم أنه أعطى فما يتكلم بالعظائم والتجديف، وسلطانه اثنان وأربعون شهرا. وفتح فمه بالتجديف على الله ومظلته[1]، وعلى ساكني السماء. وأعطي سلطانًا على كل سبط ولسان وشعب وأمة أن يسجد له سكان الأرض، أولئك الذين ليس اسمهم مكتوب في سفر الحياة مع الخروف الذي ذبح منذ إنشاء العالم. من له أذنان سامعتان فليسمع، من يذهب إلى السبي فليسبي، ومن يقتل بالسيف فليقتل، ومن له صبر وإيمان القديسين طوباه[2]» (رؤ13: 1-10)

التفسير: بعد ما ذكر يوحنا الإنجيلي جهاد الكنيسة في الانشقاقات التي حدثت، وكون العدو اجتهد أن يبطل ما وضعته الرسل الأطهار مع الشدة والاضطهاد الذي لحق أولاد  الكنيسة منه، وكيف التجأوا إلى الله بحرارة الإيمان وخلصوا. ذكر بعد ذلك الوحش الصاعد من البحر، ثم ذكر كيف يتسلط على الأسباط المختلفي الألسن، لأن بالحقيقة لم يكن سبط إلا ولحقه منه ضائقة، وذلك كله لأجل خطايانا وقلة محبتنا في بعضنا بعض. وكون البيعة ضاددت بعضها بعض، وأعضاء السيد المسيح المقدسة الذين هم شعبه النقي، الذين اشتراهم بدمه الكريم، لم يبقوا في ألفة واحدة مجتمعين كما كانوا، فلأجل ذلك تخلت عنهم المعونة السمائية التي من دونها لا تكون نجاة. فضرب التنين ذنبه وقذف شمه وسلط الأمة الغريبة.

وقوله «ويتكلم بالعظايم والتجديف» عني أنه خارجاً عن العتيقة والحديثة، ومن يخضع له ليس اسمه مكتوب في سفر الحياة. ثم طوب ومدح الذين لهم قوة إيمان وصبر إلى المنتهى، لأنه عين ورمز أن لابد أن يقتل منهم ويسبي منهم.

من الرؤيا: قال: «ورأيتُ وحشا آخر صاعدا من البحر، له قرنان كالخروف، وهو يتكلم كالتنين، ويجعل السلطان للوحش الأول. وجعل الأرض وسكانها يسجدون للوحش الأول الذي برئ من ضربة الموت، ليصنع آيات عظام، ويحدر نارا من السماء قدام البشر ليضل الناس سكان الأرض من أجل الآيات الذي يصنع قدام الوحش. ويقول لسكان الأرض أن يصنع عليهم صورة الوحش، ليقتل كل من لا يسجد لصورة الوحش. ويجعل على كل كبير وصغير، وغني ومسكين، وحر وعبد، اسمه على يد كل واحد منهم اليمنى أو جبهته كتابة الوحش، ولا يقدر أحد (أن) يبيع أو يشتري إلا من في جبهته كتابة الوحش أو اسمه. هذا هو موضع الحكمة، فمن له فهم فليحسب عدد اسم الوحش وعدده 666[3]» (رؤ13: 11-18).

التفسير: عني إذا جمعت الحروف وتعد كل حرف بذاته فرادا ثم يضاف الجميع فتكون هذه[4]

  1.  مظلته أي مسكنه المقدس، كما تأتي في اليونانية وأيضا في القبطية
  2.  لا ترد كلمة طوباه في النص اليوناني، لكنها ترد في النص القبطي البحيري.
  3. تأتي الأرقام في المخطوط بالحروف المعروفة باسم الأبقطي أو حروف المساحة، وهي الحروف التي تستعمل في ترقيم المخطوطات .

  4.  وترجمتها: مامتيوس يكون اسمه. وقد اعتاد المفسرون قديما، وحتى بعض المفسرين حديثا، حساب اسم الوحش وتطبيقه على بعض الشخصيات العالمية، مثل هتلر ونيرون وحتى على بعض باباوات روما. وعموما يشير الوحش للنبي الكذاب الذي يسبق مجيء المسيح الثاني.

    ويذكر ابن كاتب قيصر في تفسيره على سفر الرؤيا (طبعة القمص أرمانيوس حبشي، مكتبة المحبة 1994، ص 274): [ وذكر بولس أسقف مصر المعروف بالبوشي في تفسيره لهذا الموضع، إنه وجد في منارة الإسكندرية خمسة أسماء تدل على هذا العدد، أما الأربعة الأولى التي ذكرها إيبوليطس (هيبوليتس) فيقرب تصورها، لا سيما الاسم الرابع منها، إلى الكلمة التي تفسيرها الشك، وأما الأربعة الأسماء التي أخبر عنها بولس البوشي فليست في شيء من هذا المعنى، وإن اتفق العدد فيها، فإن مدلولها ليس هو هذا الوحش الصاعد من البحر ولا الصاعد من البر… . ولم نجد ما ذكره ابن كاتب قيصر عن بولس البوشي في المخطوطات التي رجعنا إليها، كما ذكر العالم جورج جراف أنه لم يعثر عليها في مخطوطات سفر الرؤيا لبولس البوشي.

 

تفسير سفر الرؤيا – 12 سفر الرؤيا – 13 تفسير سفر الرؤيا تفسير العهد الجديد تفسير سفر الرؤيا – 14
الأنبا بولس البوشي
تفاسير سفر الرؤيا – 13 تفاسير سفر الرؤيا تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى