القديس يوحنا الأسيوطي

 

ولد في ليکوبولي ( أسيوط ) سنة ٤٠٥ م من أبوين فقيرين وكان أبوه نجاراً فتعلم صناعته ومارسها التي أن بلغ الخامسة والعشرين من عمره ورأى في نفسه ميلاً لعيشة الانفراد فانطلق الى البرية. تتلمذ لناسك شيخ الذي رآه في اتضاع تام فرفعه الى أرفع درجة من الكمال.

 وكان يوحنا معروفاً بالطاعة الكاملة ومن دلائل ذلك أن معلمه وجد يوماً غصن شجرة فأمره بغرسه وسقيه مرتين يوميا حتى يثمر. فعمل يوحنا بأمر رئيسه الشاق الغير المقبول عقلاً وعادة وبكل خضوع و بدون اشمئزاز سار عليه لمدة سنة كاملة وكان يسير نصف ساعة إلى العين التي يستقى منها الماء للغصن. وأمره رئيسه مرة أخرى أن يقلع صخرة عظيمة يعجز كثيرون عن تحريكها فأطاع ولبث يفرغ جهده في قلعها مع علمه باستحالته وقال كاسانيوس « أن هذا القديس بتلك الطاعة العمياء رقي في أمد قريب الى درجة سامية من درجات التأمل والبر ».

وبعد نياحة معلم القديس يوحنا زار جملة أديرة مدة خمس سنين تمم فيها درس فروض الكمال ثم صعد الى اكمة مرتفعة على جبل بقرب مدينة ليکوبولی ونقر في صخورها مغارة وقطن فيها أربعين سنة لم يشاهده فيها أحد ولم يكن يظهر الا من كوة صغيرة في المغارة كان يفتحها نادرا ولم يكن يقتات الا القليل من البقول والماء ومع ذلك كان يبش في وجوه زائر به ومنع النساء من المجيء الي سكناه بالمغارة .

وقد اشتهر بحكمته وعلمه بالمستقبلات حتى ان القائد الروماني الذي كان معسكرا في أسوان كان يستشيره في أموره العائلية والسياسية لاعتقاده برجحان رأيه و وفور فضيلته ، وطلب منه مرة أن يسمح لزوجته بمقابلته وكانت قد أتت من مكان بعيد لتستشيره فاعتذر له بكونه عزم منذ مشاهدة أمرأة قط . الا أن القائد قال له أن امرأتی تموت من شدة الحزن اذا لم تراك فقال له القديس امض وسترانی امرأتك في هذه الليلة . فتركه القائد وهو يندهش . وفي تلك الليلة ترأي للمرأة في الحلم ونصحها بأن تكون رغبتها من رجال الله لا أن تشاهدهم بل أن تتمثل بأفعالهم التي تسمع عنها ثم دعا لها ولزوجها بالبركة ولما أخبرت زوجها بما شاهدت زادت حیرته وزار القديس مقدما له شكره.

و بعد ذلك هجم البرابرة من الحبشة على الصعيد فخاف القائد وأستشار القديس في أمرهم فقال له لا تخش كثرة عددهم اتكل على الله وهو يوقعهم في يدك فتم قوله.  وأتاه مرة شريف حبشی کانت أمراته على باب الولادة فطلب من أن يصلي من أجلها فوعده بنجاتها وسلامة ابنها وأخبره أنه سيصل اليها بعد الولادة بسبعة أيام وأمره بتربية ابنه في طريق الفضيلة وبعد أن تتم له سبع سنوات يضعه تحت اشراف أحد السياح لترو يضه على عيشة النسك ينشأ سائحا متوحدا.

واتصل خبر هذا القديس بثيودوسيوس قيصر الكبير فأرسل يأخذ رأيه في أمر الحرب التي كانت بينه و بين مكسيموس فأعلمه القديس بخبر انتصاره عليه قبل وقوعه فعظم شأن القديس في نظر القيصر وأرسل أتروبيوس أحد وزرائه يلتمس منه بالحاح أن يأتي الى الملك فأبی یوحنا كلية ترك معبده ولكنه أخبره انه سيغلب في كل حروبه و بعد قليل يموت.

 واذ أدرك القديس يوحنا أن زمن نياحته قد أزف أمر أن لا يطلبه أحد مدة ثلاثة أيام وصرف ذلك الوقت مصليا ثم أسلم الروح في سنة ٤٩٤ م. وقيل انه وجد بعد موته منتصبا على ركبتيه .

واطلق على هذا القديس غالبا لقب « نبی مصر » ولم يكن يقتصر على خير نفسه و يكتفي ملازمته للعبادة بل اهتم بخير فقراء مديريته فكلف بعض تلاميذه بجمع صدقات من المحسنين وتوزيعها على المحتاجين . ولما رأى المسيحيون حسن عمله اتفقوا فيما بينهم على أن يقدموا له عشر ایرادهم فكان القديس يجمع هذه الاعشار و يوزعها على الفقراء والبائسين وقد سار هذا المشروع سيرا حثيثا و بزغت شمسه من أسيوط فانتشرت أشعته على كل مصر ومنها عم جميع الممالك المسيحية . وقد أسند المؤرخون مبدأ تقديم الاعشار عند المسيحيين الى هذا الراهب الاسيوطى . و بعد هذا العهد كانت هذه الاعشار تجزأ الى ثلاثة أقسام الأول لرواتب الاكليروس والثاني لعمارة الكنائس الثالث للفقراء .. ولا تزال هذه القاعدة في كثير من كنائس القطر حيث يجمع من المصلين صدقات علی ثلاث مرات .

فاصل

القديس تادرس

القرن الرابع العصر الذهبي

 

القديس بيمن وأخوته

 

مشاهير وقديسين الكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى