تفسير سفر الرؤيا أصحاح 7 للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع
كنيسة واحدة
كنيسة مجاهدة وكنيسة سماوية

فى الختم الخامس رأينا صورة لمن هم فى السماء وفى الختم السادس رأينا صورة لمن هم على الأرض. وهنا نرى إستفاضة فى شرح الموقف، فعلى الأرض نرى كنيسة تجاهد والله يعدها للسماء وفى السماء فرحة الذين غلبوا بدم الخروف (رؤ11:12). ونرى تسبيحهم.

فالإصحاح السابع من سفر الرؤيا ينقسم إلى قسمين. الأول يشمل الآيات من 1-8 والثانى يشمل الآيات من 9-17. القسم الأول يتكلم عن الكنيسة المجاهدة على الأرض. والقسم الثانى يكلمنا عن الكنيسة السماوية، أى من كانوا على الأرض مجاهدُُُُين ثم إنتقلوا إلى السماء. وأحسن تصوير من العهد القديم لهذا الإصحاح هو ما قيل فى (1مل7:6) والبيت (هيكل سليمان) فى بنائه بنى بحجارة صحيحة مقتلعة، ولم يسمع فى البيت عند بنائه منحت ولا معول ولا أداة من حديد ” كان هذا عند بناء هيكل سليمان الذى هو رمز للكنيسة. والحجارة رمز للمؤمنين (1بط5:2). لذلك كانوا يقطعون الحجارة وينحتونها فى الجبل ويأتون بها إلى مكان الهيكل لتوضع فى مكانها، ولكن بدون إستخدام آية آلة للنحت فى مكان الهيكل (1مل15:5). والآنية كانوا يسبكونها بعيدا فى غور الأردن (2أى17:4) والآنية أيضا تشير للمؤمنين (2تى21،20:2) ومعنى هذا أننا على الأرض هنا معرضون للتجارب والآلام والضيقات ” فى العالم سيكون لكم ضيق” (يو33:16).

 ولكن هذه الألام هى المنحت وأدوات الحديد التى يتم بها إعدادنا لنكون حجارة حية فى الهيكل السمائى، وهذه الآلام هى البوتقة التى يتم فيها إعداد الآنية بلا شوائب (1بط7،6:1) ولكن هذه الضيقات هى هنا على الأرض فقط، بعيدا عن السماء كما قيل أن نحت الأحجار كان فى الجبل وسبك الأوانى كان فى غور الأردن. هذه هى الكنيسة المجاهدة هنا على الأرض، تجاهد وسط الضيقات وهى واثقة أن كل الضيقات التى يسمح بها الله ليست للضرر بل للإعداد للسماء (رو28:8) +(1كو22:3).

رؤ7: 1-3

 “و بعد هذا رايت اربعة ملائكة واقفين على اربع زوايا الارض ممسكين اربع رياح الارض لكي لا تهب ريح على الارض و لا على البحر و لا على شجرة ما. و رايت ملاكا اخر طالعا من مشرق الشمس معه ختم الله الحي فنادى بصوت عظيم الى الملائكة الاربعة الذين اعطوا ان يضروا الارض و البحر. قائلا لا تضروا الارض و لا البحر و لا الاشجار حتى نختم عبيد الهنا على جباههم”.

الصورة السابقة نراها هنا فالآلام لابد أن تأتى، وهى هنا الرياح التى تهب على الأرض وعلى البحر وعلى الشجر، أى أن الآلام هى على العالم كله، فالأمراض تصيب المؤمنين وغير المؤمنين وكذلك الزلازل، وهذه تصيب الناضجين روحيا وغير الناضجين. ولكن ما يصيب المؤمنين المختومين يكون لتنقيتهم “فكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده” (رو28:8). وهذه الآلام التى يسمح بها الله للمختومين هى للتنقية وليست للضرر = لا تضروا الأرض ولا البحر ولا الأشجار حتى نختم عبيد إلهنا على جباههم. والأرض والبحر والأشجار هى إشارة للمؤمنين فى حالاتهم المختلفة وقاماتهم الروحية المختلفة. فالأرض إشارة للإنسان عموما، فهو أرض قد تكون صالحة للزراعة أو غير صالحة (مثل الزارع) والبحر هو الإنسان الذى لا يعيش بحسب الروح لكنه يحيا بحسب الجسد وبحسب العالم، وهذا يكون كالبحر، متقلب لا يرتوى ولا يعرف طعم السلام، والشجرة تشير للمؤمن المثمر أى المملوء بالروح القدس، وهذا تكون له ثماره (غل23،22:5).

والمؤمن شبه بشجرة على مجارى المياه (مز3:1). ومجارى المياه إشارة للروح القدس. وكل مؤمن حصل على الروح القدس فى سر الميرون (الختم) أى تم ختمه كعلامة لملكية السيد المسيح له. فالختم عادة الذى يختم به العبيد يكتب عليه إسم المالك. وكل من يتبع المسيح وتم ختمه يكون له الروح القدس ولكن هناك من يضرم الروح بجهاده، وهناك من يطفىء الروح بإندفاعه وراء الخطية وتكاسله فى جهاده. ومن أضرم الروح، يعطيه الروح تعزيات وسط الضيقات، فتكون الضيقات (الرياح) لإعداده للسماء، وليست لضرره. أما من أطفأ الروح، فسيكون بلا تعزيات وستضره الرياح تماما كالشجرة. فالشجرة المغروسة على مجارى المياه، يكون لها عصارة تسرى فى فروعها وأوراقها الخضراء، وتكون الرياح سببا فى زيادة خضرة أوراقها، أما المحرومة من المياه، فتكون أوراقها صفراء ذابلة إذا هبت عليها الرياح تسقطها (رؤ13:6) ولنذكر أن إضرام الروح أو إطفاؤه هو مسئولية كل مؤمن، أى بحسب جهاده. لذلك نسمع أن الملائكة أعطوا أن يضروا الأرض والبحر= فالرياح ستهب على الأرض والبحر والأشجار ولكنها لن تضر الأشجار بل ستضر الأرض (غير الصالحة للزراعة أو التى تنبت شوكا.

(عب8،7:6: 9) والبحر (العالم المتقلب). لكن الله حين أعطى، فهو أعطى الروح القدس لكل المؤمنين، بل لم تبدأ الرياح عملها الضار إلا بعد أن ختم الكل = لا تضروا الأرض ولا البحر ولا الأشجار حتى نختم عبيد إلهنا على جباههم.

وما يعطينا الإطمئنان أن هذه الآلام إذا اصابت المختومين المملوئين من الروح القدس فلن تضرهم، فالتعزيات التى يعطيها الروح للمتألم تعطيه أن يغلب التجربة ويستمر فرحه وسلامه، بل تكون التجربة سبب تنقية له.

أما فى السماء فلا توجد ضيقات ولا ألام، بل هناك لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شىء من الحر آية 16. إذا نفهم أن الجوع والعطش والحر هم المنحت والإزميل (التجارب) فى يد الله حتى يهىء عبيده كأحجار حية فى هيكل السماء. ولاحظ قول إشعياء “لأنه هكذا قال لى الرب إنى أهدأ وأنظر فى مسكنى كالحر الصافى على البقل كغيم الندى فى حر الحصاد” (اش4:18)، فالله للمؤمنين يكون حرا (تجارب) أو غيم الندى (تعزيات) حسب الحاجة، حتى يتم إعداد كل مؤمن للسماء، أما السماء فلا حر فيها ولا جوع.. فهناك الفرحة الحقيقية الكاملة الدائمة والمجد الأبدى. ونلاحظ أن الضيقات (الرياح) هى فى يد الملائكة والذى يعطيهم الأوامر هو ملاك آخر طالع من مشرق الشمس = هو المسيح شمس البر (ملا2:4). معه ختم الله الحى فهو الذى أرسل الروح القدس القدس للكنيسة (يو26:14) + (يو7:6). والختم هو المسح بالميرون الذى ختمنا أيضا وأعطى عربون الروح فى قلوبنا (1كو22:1) + (اف30:4)، وهذا يعطينا راحة أن أقدارنا، أى ما يصيبنا من آلام وضيقات أو افراح، الكل فى يد الله فهو ضابط الكل، وهو الذى أحبنا حتى بذل الدم. ولا تصيبنا تجربة إلا بسماح منه وتكون لفائدتنا، وبقدر ما نحتمل (1كو13:10). فالله سمح للشيطان أن يجرب أيوب ولكن فى حدود سمح بها الله. والله لا يتركنا وحدنا فى التجربة بل روحه (الختم) يعزينا. أربع زوايا الأرض = رقم 4 يشير للعالم كله. فالله ضابط الكل، والعالم كله فى يده. والتجارب تشمل العالم كله. لذلك نجد الملائكة فى آية 1 وهم ممسكين بالرياح فالمسيح لم يعط الإذن لهم بعد.

رؤ7: 4-8

آية 4 “و سمعت عدد المختومين مئة و اربعة و اربعين الفا مختومين من كل سبط من بني اسرائيل”.

144000 = هو عدد المختومين ولا يؤخذ حرفيا، فنحن سنجد فى أية 9 أن الواقفين أمام العرش، عدد لم يستطع أحد أن يعده. لذلك نفهم أن 144000 هو رقم رمزى = (12) كنيسة العهد القديم أى الأسباط × (12) كنيسة العهد الجديد أى التلاميذ × 1000 رقم السمائيين.

12= 3 (المؤمنين بالله المثلث الأقانيم) × 4 (كل العالم).

12×12 = هم المؤمنين فى العهد القديم والمؤمنين فى العهد الجديد. فالكل فى المسيح صار واحدا. المسيح جعل الإثنين واحدا (أف 14:2).

1000 = الملائكة السمائيين فهم ألوف ألوف وربوات ربوات (رؤ 11:5).

والربوة = 10000 فيصير رقم 1000 ومضاعفاته يشير للسماء، والكنيسة التى فداها المسيح سماوية (أف 6:2).

12×12×1000 = 144000 = إشارة للكنيسة الواحدة الوحيدة التى جعلها المسيح واحدة بأن وحد الكل فيه، وجعلها سماوية. وذكر عدد معين 144000 يشير لأن العدد معروف بالواحد أما رقم 144000 فهو مجرد رمز له.

من كل سبط من بنى إسرائيل = قطعا الكتاب لا يقصد إسرائيل بأسباطها كما عرفناهم فى العهد القديم، ولا إسرائيل الحالية:-

  1. الأسباط لم يعد لها وجود، ولا أحد يعرف من أى سبط هو.
  2. إسرائيل لم تعد شعب الله المختار، فهم كانوا مختارين ليأتى المسيح منهم. وبعد ان آتى المسيح فلم يعودوا كذلك، بل المختارين هم من أمنوا بالمسيح.
  3. هم ليسوا بمختارين بعد أن رفضوا الإيمان بالمسيح وصلبوه.
  4. الله الآن لا يفرق بين مؤمنين من أصل يهودى وآخرين من اصل أممى.
  5. لو يقصد الأسباط بمفهومها اليهودى لذكر رأوبين أولا. ولكنه ذكر يهوذا أولا إشارة للمؤمنيين بالمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا.
  6. سفر الرؤيا سفر رمزى. والأسماء يستحسن أن تفهم بهذا المعنى فلنأخذ الأسماء بمعانيها.

إذا إسرائيل الآن هى الكنيسة التى أسماها بولس الرسول إسرائيل الله (غل 16:6). وقوله من كل سبط فلأنه سيذكر أسماء بعض الأسباط فى الآيات التالية. وأما اسماء الأسباط المذكورة فيستحسن أن نفهمها بمعانيها، فكل إسم يشير لصفة فى شعب الله أى كنيسة المسيح. ونلاحظ:-

  1. إختفاء إسم أفرايم فهو سبب إنشقاق إسرائيل إلى مملكتين، فإفرايم إنشق على كرسى داود. وداود رمز للمسيح، ولا إنشقاق فى السماء، بل ستكون الكنيسة فى السماء كنيسة واحدة وحيدة.
  2. إختفاء إسم دان: لسببين:

أ‌.        معنى إسمه الله يدين، ولا دينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع.

ب‌.    قال بعض الآباء أن الوحش سيأتى من هذا السبط، وهو الذى سيضل الشعوب.

  1. عوضا عن دان وضع إسم يوسف.

 

آيات 5-8 “من سبط يهوذا اثنا عشر الف مختوم من سبط راوبين اثنا عشر الف مختوم من سبط جاد اثنا عشر الف مختوم. من سبط اشير اثنا عشر الف مختوم من سبط نفتالي اثنا عشر الف مختوم من سبط منسى اثنا عشر الف مختوم. من سبط شمعون اثنا عشر الف مختوم من سبط لاوي اثنا عشر الف مختوم من سبط يساكر اثنا عشر الف مختوم. من سبط زبولون اثنا عشر الف مختوم من سبط يوسف اثنا عشر الف مختوم من سبط بنيامين اثنا عشر الف مختوم”.

12000 = 12 (شعب الله) × 1000 (الذين فى السماء) وصفاتهم

يهوذا = يحمد. أى تحيا الكنيسة شاكرة مسبحة الله على عطاياه. ونلاحظ أن إسم يهوذا يتصدر القائمة، فمن هذا السبط جاء المسيح رأس الكنيسة. ولن يدخل السماء إلا كل من أمن به.

رأوبين = أى إبن الرؤيا. فشعب الله فى السماء  سيكون له نقاوة قلب تمكنه من رؤية الله. فنحن فى السماء سنرى الله وجها لوجه (1كو12:13) + (1يو2:3).

جاد = أى متشدد، فأولاد الله عاشوا فى جهاد متشددين بنعمته. وهم الآن فى السماء متشددين بالأكثر به وقد زال عنهم كل إستهتار.

أشير = أى سعيد وهذه سمة السماء، أفراح أبدية.

نفتالى = أى متسع، فقلوب أولاد الله والسمائيين متسعة بالمحبة لكل واحد.

 منسى = أى ينسى، ففى السماء سننسى كل الآلام التى رأيناها على الأرض.

شمعون = أى يسمع، ففى السماء سنسمع صوت الله واضحا بسبب نقاوة قلوبنا.

لاوى = أى إقتران. لقد صارت الكنيسة إمرأة الخروف فى السماء (رؤ 7:19).

يساكر = أى الجزاء. لقد صارت السماء جزاء لمن غلب.

زبولون = أى مسكن. لقد صارت السماء مسكنا لأولاد الله يسكن الله معهم (رؤ 3:21).

يوسف = أى يزيد وينمو. فنحن فى السماء سننمو فى معرفة الله.

بنيامين = أى إبن اليمين. وهذا مكان عروس المسيح، عن يمينه، فالملكة جلست عن يمين الملك. وهذا نصيب الخراف أن تكون عن اليمين (مت 33:25).

ونلاحظ أن كنيسة المسيح هى من مشرق الشمس إلى مغربها آية 9 لذلك نفهم أنه إذا كانت الكنيسة المخلصة من كل الأمم والقبائل والشعوب، فأسماء الأسباط المذكورة سابقا لا تعنى إسرائيل بمفهوم العهد القديم، فالعالم كله دخل الإيمان وصار وارثا للمواعيد. بل كما فى آية  من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة.

رؤ7: 9-17

أية 9 “بعد هذا نظرت و اذا جمع كثير لم يستطع احد ان يعده من كل الامم و القبائل و الشعوب و الالسنة واقفون امام العرش و امام الخروف و متسربلين بثياب بيض و في ايديهم سعف النخل”.

إبتداء من هنا نرى صورة للكنيسة السماوية وأنها مفتوحة لكل العالم. وهم بثياب بيض = رمز النقاوة والبر فقد غفرت خطاياهم بكفارة دم المسيح. وهذا ما تم شرحه فى آية 14. ونحن نحصل على هذه الثياب البيض بالمعمودية ونحافظ عليها بيضاء بالتوبة والإعتراف. وقبل كل ذلك بالإيمان بالمسيح كمدخل للمسيحية. سعف النخل = هو علامة معروفة عند اليهود تعنى الفرحة والإنتصار والتهليل. وكانوا يستخدمونه فى عيد المظال أبهج أعيادهم علامة على فرحتهم بوصولهم إلى وطنهم (أرض الميعاد) الذى أعطاه الله لهم (لا40:23) وإستعملوه يوم دخول المسيح لأورشليم. فيصبح معنى وجود سعف النخل فى السماء:

  1. فرحة المخلصين بدخولهم أرض الميعاد السمائية. (المعنى من عيد المظال).
  2. فرحتهم بملك المسيح عليهم (المعنى من يوم دخول المسيح إلى أورشليم).

 

آيات 10-13 “و هم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش و للخروف. و جميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش و الشيوخ و الحيوانات الاربعة و خروا امام العرش على وجوههم و سجدوا لله. قائلين امين البركة و المجد و الحكمة و الشكر و الكرامة و القدرة و القوة لالهنا الى ابد الابدين امين. و اجاب واحد من الشيوخ قائلا لي هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم و من اين اتوا”.

فرحة السمائيين تظهر فى تسابيحهم. وستكون هذه هى حياتنا فى السماء، أفراح وتسابيح لأجل الخلاص الذى تم ويشاركنا فى هذا الفرح الملائكة، ونحن نشارك الملائكة فى تسابيحهم. هم يفرحون لخلاصنا (رؤ10،9:5) ونحن نفرح ونسبح معهم.

 

آية 14 “فقلت له يا سيد انت تعلم فقال لي هؤلاء هم الذين اتوا من الضيقة العظيمة و قد غسلوا ثيابهم و بيضوا ثيابهم في دم الخروف”.

أتوا من الضيقة العظيمة = أى العالم الذى كانت تهب عليه رياح التجارب والآلام والضيقات.  “ومن يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص” (مت13:24) وينتقل من صفوف الكنيسة المجاهدة إلى صفوف الكنيسة المنتصرة، بعد أن إستخدم الله هذه الضيقات فى إعداده كحجارة حية فى الهيكل السمائى. ولكن هل الضيقات تنقى وتلبسنا ثيابا بيض؟ حاشا. وإلا لماذا كان دم المسيح. وهذا ما نراه فى بقية الآية.. فدم يسوع هو الذى يطهرنا من كل خطيئة (1يو7:1). غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف.

والآن إذا كان دم المسيح هو الذى يلبسنا الثياب البيض، فمالزوم الضيقة؟

لقد ولدنا وفى داخلنا محبة للعالم تجعلنا ننجذب للعالم تاركين الله. ولذلك قال معلمنا يعقوب إن محبة العالم عداوة لله (يع4:4). والله من محبته يسمح بهذه الضيقات لنزهد فى محبة العالم، كما قال القديس بطرس “إن من تألم فى الجسد كف عن الخطية” (1بط1:4). ليس هذا فقط، فالمتألم يرتمى فى أحضان المسيح، فيطهره دم المسيح. ولاحظ أن من لفت إنتباه يوحنا  لهؤلاء اللابسين ثيابا بيض كان أحد القسوس، إذ سأله عنهم ليثير إنتباهه فيسأله بدوره من هم ومن أين أتوا (13).

 

آية 15 “من اجل ذلك هم امام عرش الله و يخدمونه نهارا و ليلا في هيكله و الجالس على العرش يحل فوقهم”.

 نهارا وليلا = السماء ليس فيها ليل، لكن المعنى هو الخدمة بلا توقف وسر فرح السمائيين وجود الله وسطهم = يحل فوقهم ويرعاهم = أى يظلل عليهم فى حنان “كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها” (مت37:23). هو كان الراعى الصالح على الأرض وسيستمر فى رعايته لنا فى السماء. والكل صار خاضعا له فى حب بلا عصيان. ولكن قوله يحل فوقهم  يذكرنا بالكاروبيم الذى يجلس الله عليه. هنا رأينا أن البشر فى السماء تحولوا لمركبة كاروبيمية فالله يستقر الآن على البشر كما على الكاروبيم.

 

آية 16-17 “لن يجوعوا بعد و لن يعطشوا بعد و لا تقع عليهم الشمس و لا شيء من الحر. لان الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم و يقتادهم الى ينابيع ماء حية و يمسح الله كل دمعة من عيونهم”.

يقتادهم إلى ينابيع حية = أى الإمتلاء من الروح القدس فما تحصل عليه الآن هو العربون (2كو22:1)، أما ما نحصل عليه فى السماء فهو الإمتلاء الكامل وبالتالى الإمتلاء من كل ثمار الروح بتمامها فنحيا للأبد فى فرح عجيب ومحبة كاملة لم نتذوقها على الأرض، وكذلك سلام عجيب.

قال أحد القديسيين “لى إشتهاء أن أذهب إلى السماء، فإن كنت هنا يمكننى الفرح إلى هذه الدرجة فكم وكم يكون الفرح هناك” وما يعطلنا هنا عن تذوق هذا الفرح هو الخطية ونسيان الجهاد، فلنجاهد بصبر وتغصب ونترك الخطية فنبدأ فى تذوق الأفراح السماوية.

يمسح الله كل دمعة من عيونهم = المعنى المباشر أنه لا دموع فى السماء بل أفراح أبدية. ولكن هل هناك دموع هناك ليمسحها الله؟ قطعا لا ولكن هذه تعنى أن من يذهب إلى هناك سيجعله الله ينس تماما كل ألامه التى كان يعانى منها فى العالم، لا يعود يذكرها ولا تعود تسبب له ألم (يو21:16). فنحن هنا على الأرض قد لا ننسى جرحا لمشاعرنا لسنين طويلة وربما العمر كله. ولكن الله سيجعلنا ننسى كل الجروح وكل أثار الآلام التى عانينا منها على الأرض.

ولنلاحظ أن من فى السماء لن يجوع ولن يعطش لأن الروح القدس يرويه من حياة الله وروح الله أى الينابيع الحية. راجع (رؤ1:22) هناك لا شعور بالإحتياج بل شبع كامل وراحة كاملة.

 تفسير رؤيا 6 تفسير سفر الرؤيا تفسير العهد الجديد
 تفسير رؤيا 8
 القمص أنطونيوس فكري
تفاسير سفر الرؤيا تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى