تفسير سفر صموئيل الثاني أصحاح 23 للقمص أنطونيوس فكري

 

آية (1):- “فَهذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ الأَخِيرَةُ: «وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى، وَوَحْيُ الرَّجُلِ الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ، مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ:”

كَلِمَاتُ دَاوُدَ الأَخِيرَةُ = لو تكلم داود عن خبراته مع الله لما توقف ، ولكنه يتكلم هنا فيوجز. وتكون كلماته الأخيرة هي آخر تَسَابِيحَهُ الموحى بها من الروح القدس وآخر نبواته الموحى بها. وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى = فهذا النبي العظيم الذي يوحى لهُ الروح القدس لا ينسى أصلهُ، أنه ابن يسى الرجل البسيط. لكنه هو الآن رجل الله، والله يوحى لهُ. بل وصار ملكًا. الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ = داود كان من أصل بسيط وراعي غنم غير ذو قيمة عند أبوه ولا إخوته لكن الله رفعهُ وأقامهُ ملكًا فصار أعلى منصب في أمته، وأعظم ملوكها قاطبة. مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ = هو ممسوح من الله لخدمة شعب الله أبناء يعقوب. وهو كان لهُ خدمات متنوعة لأمته التي جعل لها إسمًا وسط الأمم وأخضع أعدائها لها. لكن أحلى ما علَّمه لشعبه وللكنيسة هو التسبيح. مُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ= هو كان حُلْوًا في مزاميره فهي تسبيح وشُكر وصلاة، وحلاوتها أنها بوحي من الروح القدس، فهو الذي قال هذا ” لساني قلم كاتب ماهر “ (مز45: 1) والكاتب الماهر الذي إستخدم لسان داود هو الروح القدس، والكتاب موحى به من الروح القدس (2تى3: 16 + 2بط1: 21). وهناك تعليق لقداسة البابا شنودة الثالث يقول “لم نكن نعلم هل يعزف داود على قيثارة الروح القدس أو يعزف الروح القدس على قيثارة داود”.

 

الآيات (2، 3):- “رُوحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي. قَالَ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلَّمَ صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ: إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى النَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ اللهِ،”

روح الرب تكلّم بي.. قال إله إسرائيل. تكلَّم صخرة إسرائيل:

إذًا الثالوث يعلن لهُ = الروح القدس الآب الابن

تَكَلَّمَ بِي = هذا معنى “لساني قلم كاتب ماهر” (مز45: 1). فالروح القدس هو الناطق في الأنبياء وهو الذي أوحى لهُ بالمزامير “فالكتاب كله موحى به من الله (2تى3: 16) والمزامير إشتملت على نبوات خاصة بالمسيح ابن داود بالجسد، وبكل ما يخصه من التجسد حتى الصلب والقيامة والصعود. وفي مزاميره أعلن الله محبته للعالم التي ستعلن في ابنه. فالروح القدس أوحى بالمزامير التي تعلن عن الآب بالابن الذي تجسد وصلب ليخلصنا.

قال إله إسرائيل = الله الآب يريد وروحه القدس يتكلم فيسمع داود.

تكلم صخرة إسرائيل = والله كلمنا في ابنه (عب1: 2). والابن هو كلمة الله.

 

الآيات (3، 4):- “قَالَ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلَّمَ صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ: إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى النَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ اللهِ، وَكَنُورِ الصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ. كَعُشْبٍ مِنَ الأَرْضِ فِي صَبَاحٍ صَحْوٍ مُضِيءٍ غِبَّ الْمَطَرِ.”

داود في آخر نبواته يكلمنا عن صفات الملك المثالي، وذلك بوحي من الروح القدس. وداود لم يكن هذا الملك المثالي الذي بلا خطأ، لذلك نفهم أنه يتكلم عن المسيح ابنه بالجسد، وهو رمز لهذا الملك المثالي. ويكون الكلام هنا تتمة وتكملة للنبوة في (7: 12-16). وهذه النبوة تمت جزئيًا في سليمان، وكليًا في المسيح. ولننظر لكلمات النبوة على أنها عن المسيح ، ولنرى ماذا قال الأنبياء مما يؤكد أن هذه الصفات عن المسيح:-

يتسلط بار بخوف الله كنور.. الشمس غبّ المطر

(مي 2:5) (أر5:23) (أش2:11) (ملا3:4) (مز6:72)

بار = ليس بار إلا المسيح. “أليس أنا الرب ولا إله آخر غيري. إله بار ومخلص. وليس سواي” (إش45: 21). ويقول بولس الرسول “ليس بار ولا واحد” (رو3 : 10).

كنور الشمس = المسيح هو “شمس البر” (ملا4: 3).

كَعُشْبٍ مِنَ الأَرْضِ = هذه كنيسة المسيح التي تنمو وتزدهر ويصير فيها حياة بعد أن أشرقت عليها الشمس ونزل المطر. فالشمس هو المسيح شمس البر. والمطر هو نزول الروح القدسغِبَّ الْمَطَرِ = أي بعد هطول المطر. وتسلط عليها المسيح البار ليعطيها من برِّهِ. وكل من خاف الله سيستمتع بهذا النور وتكون فيه حياة كالعشب الأخضر ولا تحرقه التجارب لأن المطر يبلله ويجعله لامعا براقا (بحسب الترجمة الإنجليزية) فالمطر يغسل العشب فيلمع وهكذا هي الكنيسة نور للعالم . أي يعزى الروح القدس كل نفس خلال رحلة هذا العالم إن عاشت في مخافة الله. أمّا هذه الآيات بالنسبة لداود فتنطبق جزئيًا:- فإن كان داود قد تمجد ونال سلطانًا فذلك من خلال مخافته للرب وبره. ولما سقط قدم توبة سريعا والله قبل توبته . والله وهبه إستنارة ليضئ كشمس مشرقة في الصباح بعد فترة ظلام (ويقولون عليه سراج إسرائيل17:21) وتنهمر البركات خلال عهد داود كالمطر تفرح شعبه.

 

الآيات (5-7):- “أَلَيْسَ هكَذَا بَيْتِي عِنْدَ اللهِ؟ لأَنَّهُ وَضَعَ لِي عَهْدًا أَبَدِيًّا مُتْقَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمَحْفُوظًا، أَفَلاَ يُثْبِتُ كُلَّ خَلاَصِي وَكُلَّ مَسَرَّتِي؟ وَلكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ جَمِيعَهُمْ كَشَوْكٍ مَطْرُوحٍ، لأَنَّهُمْ لاَ يُؤْخَذُونَ بِيَدٍ. وَالرَّجُلُ الَّذِي يَمَسُّهُمْ يَتَسَلَّحُ بِحَدِيدٍ وَعَصَا رُمْحٍ، فَيَحْتَرِقُونَ بِالنَّارِ فِي مَكَانِهِمْ».”

أَلَيْسَ هكَذَا بَيْتِي عِنْدَ اللهِ = يفهم الكلام على أن الله جعل بيت داود مزدهرا وسيدوم مزدهرا هكذا بحسب وعد الله له، كما أن الشمس تشرق والمطر يسقط والعشب ينمو، فهكذا بيته سيكون مزدهرا كهذا العشب. وهذا بحسب وعد اللهوضع لي عهدا أبديا . ولكن يفهم الكلام أن البيت هو الكنيسة بيت الله جسد المسيح ولها وعد أَبَدِيًّ أن تكون أبدية. فبيت داود إنتهى بموت صدقيا على يد نبوخذ نصر سنة 586 ق.م. ولكن المسيح الغصن الخارج من نسل داود أسس بيتا جديدا هو جسده أي الكنيسة.

وَلكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ جَمِيعَهُمْ كَشَوْكٍ = الكنيسة لها وعود أنها أبدية ولكن هناك مقاومين كثيرين يقاومون مملكة المسيح ولكن هم الآن كالزوان المزروع وسط الحنطة، وفي اليوم الأخير تجمع الحنطة للمخازن (أولاد الله يذهبون للمجد)، والشوك للحريق (الشيطان وأتباعه من المقاومين للبحيرة المتقدة بنار). وكلهم كَشَوْكٍ مَطْرُوحٍ لأَنَّهُمْ لاَ يُؤْخَذُونَ بِيَدٍ = التشبيه مأخوذ من الزراعة، فالفلاح حتى لا يجرح يديه من الأشواك يلقيها جانبًا. ويكون في هذا الوقت مرتديًا قفازًا حين يفرز الثمار من الأشواك. فيضع الثمار يمينًا والأشواك يرميها بإهمال حتى يحرقها بعد ذلك. ومتى خلع القفاز يجمع ويكنس هذه الأشواك بآلة حديدية حتى لا يُجرح. والمعنى أن كل هؤلاء المقاومين الذين يظنون أنهم قادرين أن يجرحوا الكنيسة وُيسيلوا دماء مؤمنيها، سيطرحهم الله ويؤدبهم بِحَدِيدٍ وَعَصَا رُمْحٍ (للقتل) + “تحطمهم بقضيب من حديد” (مزمور2: 9). وبالنسبة لداود فهو كملك عليه أن يؤدب كل بني بليعال أي الأشرار المناهضين والمقاومين للحق. وهي وصيته لكل أولاده الملوك فكل من يملك عليه أن يبيد ويقاوم المقاومين. والمسيح حين يقيم كنيسته ويملك عليها يبيد أعدائها ويضعهم تحت موطئ قدميها.

 

آية (8):- “هذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً. “

في (1أى11:11) هو هزّ رمحه على 300 بينما المذكور هنا 800 وذلك ربما للآتي:

أ- هو قتل 300 ورجالهُ قتلوا 500.

ب- ربما كل رقم فيهم حدث في معركة مختلفة.

ث – ربما كان الرقم 300 بعد إستقرار داود وقبل سقطة أوريا والـ 800 في نهاية ملك داود.

د- ربما الـ300 كانوا قتلى والـ800 هم القتلى والجرحى.

 

الآيات (9-39):- “هذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَبَعْدَهُ أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي، أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ حِينَمَا عَيَّرُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا هُنَاكَ لِلْحَرْبِ وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ. أَمَّا هُوَ فَأَقَامَ وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى كَلَّتْ يَدُهُ، وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ، وَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَرَجَعَ الشَّعْبُ وَرَاءَهُ لِلنَّهْبِ فَقَطْ. وَبَعْدَهُ شَمَّةُ بْنُ أَجِي الْهَرَارِيُّ. فَاجْتَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشًا، وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْل مَمْلُوءةً عَدَسًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَوَقَفَ فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذَهَا، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا. وَنَزَلَ الثَّلاَثَةُ مِنَ الثَّلاَثِينَ رَئِيسًا وَأَتَوْا فِي الْحَصَادِ إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ، وَجَيْشُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ نَازِلٌ فِي وَادِي الرَّفَائِيِّينَ. وَكَانَ دَاوُدُ حِينَئِذٍ فِي الْحِصْنِ، وَحَفَظَةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: «مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ؟» فَشَقَّ الأَبْطَالُ الثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَاسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ، بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ، وَقَالَ: «حَاشَا لِي يَا رَبُّ أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ! هذَا دَمُ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هذَا مَا فَعَلَهُ الثَّلاَثَةُ الأَبْطَالُ. وَأَبِيشَايُ أَخُو يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ هُوَ رَئِيسُ ثَلاَثَةٍ. هذَا هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ، فَكَانَ لَهُ اسْمٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ. أَلَمْ يُكْرَمْ عَلَى الثَّلاَثَةِ فَكَانَ لَهُمْ رَئِيسًا، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الثَّلاَثَةِ الأُوَلِ. وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، ابْنُ ذِي بَأْسٍ، كَثِيرُ الأَفْعَالِ، مِنْ قَبْصِئِيلَ، هُوَ الَّذِي ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ وَضَرَبَ أَسَدًا فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ الثَّلْجِ. وَهُوَ ضَرَبَ رَجُلًا مِصْرِيًّا ذَا مَنْظَرٍ، وَكَانَ بِيَدِ الْمِصْرِيِّ رُمْحٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ بِعَصًا وَخَطَفَ الرُّمْحَ مِنْ يَدِ الْمِصْرِيِّ وَقَتَلَهُ بِرُمْحِهِ. هذَا مَا فَعَلَهُ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، فَكَانَ لَهُ اسْمٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ، وَأُكْرِمَ عَلَى الثَّلاَثِينَ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الثَّلاَثَةِ. فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ. وَعَسَائِيلُ أَخُو يُوآبَ كَانَ مِنَ الثَّلاَثِينَ، وَأَلْحَانَانُ بْنُ دُودُو مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ. وَشَمَّةُ الْحَرُودِيُّ، وَأَلِيقَا الْحَرُودِيُّ، وَحَالَصُ الْفَلْطِيُّ، وَعِيرَا بْنُ عِقِّيشَ التَّقُوعِيُّ، وَأَبِيعَزَرُ الْعَنَاثُوثِيُّ، وَمَبُونَايُ الْحُوشَاتِيُّ، وَصَلْمُونُ الأَخُوخِيُّ، وَمَهْرَايُ النَّطُوفَاتِيُّ، وَخَالَبُ بْنُ بَعْنَةَ النَّطُوفَاتِيُّ، وَإِتَّايُ بْنُ رِيبَايَ مِنْ جِبْعَةِ بَنِي بَنْيَامِينَ، وَبَنَايَا الْفَرْعَتُونِيُّ، وَهِدَّايُ مِنْ أَوْدِيَةِ جَاعَشَ، وَأَبُو عَلْبُونَ الْعَرَبَاتِيُّ، وَعَزْمُوتُ الْبَرْحُومِيُّ، وَأَلْيَحْبَا الشَّعْلُبُونِيُّ، وَمِنْ بَنِي يَاشَنَ: يُونَاثَانُ. وَشَمَّةُ الْهَرَارِيُّ، وَأَخِيآمُ بْنُ شَارَارَ الأَرَارِيُّ، وَأَلِيفَلَطُ بْنُ أَحَسْبَايَ ابْنُ الْمَعْكِيِّ، وَأَلِيعَامُ بْنُ أَخِيتُوفَلَ الْجِيلُونِيُّ، وَحَصْرَايُ الْكَرْمَلِيُّ، وَفَعْرَايُ الأَرَبِيُّ، وَيَجْآلُ بْنُ نَاثَانَ مِنْ صُوبَةَ، وَبَانِي الْجَادِيُّ، وَصَالَقُ الْعَمُّونِيُّ، وَنَحْرَايُ الْبَئِيرُوتِيُّ، حَامِلُ سِلاَحِ يُوآبَ بْنِ صَرُويَةَ، وَعِيرَا الْيِثْرِيُّ، وَجَارَبُ الْيِثْرِيُّ، وَأُورِيَّا الْحِثِّيُّ. الْجَمِيعُ سَبْعَةٌ وَثَلاَثُونَ.”

يذكر الكتاب هنا أسماء أبطال داود. فإذا كان داود يرمز للسيد المسيح فإن هؤلاء الأبطال يرمزون لرجال الإيمان وهناك عدة ملاحظات:-

1- نفس المجموعة نجدها في سفر أخبار الأيّام مع اختلاف في بعض الأسماء وكما قلنا في المقدمة فهذا راجع لعدة أسباب ونضيف هنا سبب آخر، فلربما كاتب سفر صموئيل أخذ الأسماء من قائمة كتبت في زمن آخر غير الزمن الذي كتبت فيه القائمة التي أخذ عنها سفر الأيّام. فلربما كانت هناك قائمة كتبها داود بعد استقرار مملكته وقبل سقوطه ثم تم تعديل هذه القائمة عند نهاية أيّامَهُ. أو لأن هؤلاء الأبطال لهم اسمين اسم كان لهم في بداياتهم ثم اسم آخر أخذوه كشهرة في نهاية أيامهم.

2- ذكرهم في الكتاب المقدس يعتبر أعظم مكافأة لهم يتمتعون بها وهو مجد وكرامة لهم (مت13:26 + لو20:10) ومن يلتصق بربنا يسوع المسيح كجندي صالح ويجاهد قانونيًا يتمتع بهذه الكرامة أن يسجل اسمه في سفر الحياة (رؤ5:3).

3- هذه القائمة تعتبر مجدًا لداود نفسه الذي قادهم في هذا الجهاد وهذه الغلبة. ونحن كل نصرة لنا وكل غلبة إنما هي لحساب ملكنا الحقيقي ابن داود فالمسيح هو الذي يدعونا للجهاد وهو الذي يعمل فينا، يقدم لنا الإكليل وهو الذي يتقبله فينا.

4- ذكر هذه القائمة فيه حث لكل إنسان عبر الاجيال لحياة الجهاد حتى يملك المسيح ابن داود في قلبه وتثبت مملكته فينا.

5- ذكر هؤلاء الأبطال لا يعني مجرد تفوقهم الحربي أو العسكري فقط وإنما ارتبط نجاحهم العسكري وشجاعتهم بإيمانهم فلا نعجب إن رأينا يوآب- الرجل الأول والقائد لجيش داود غير مذكور هنا. فقد خسر إكليله بسبب غدره المستمر وغيرته الشريرة وحسده، إذ قتل أبنير وغدر بعماسا، وكان متجاسرًا في أحاديثه وحواره مع داود.

6- يظهر من الأسماء أنهم من أسباط وقبائل مختلفة مثل يهوذا وبنيامين وجت وعمون…. وهكذا يظهر عظماء رجال الإيمان من أمم كثيرة وشعوب متنوعة كما يوجد بينهم رجال ونساء وأطفال وشباب وشيوخ.

7- قُسّمَ هؤلاء الأبطال إلى 3 درجات أو رتب:-

أ‌- ثلاثة أوّلون:- يوشيب وألعازار وشمة. وهؤلاء قد يشيروا إلى أباء وأنبياء العهد القديم. والثلاثة التالون يشيرون لرجال العهد الجديد.

ب‌- ثلاثة تالون لهم:- مذكورون في الآية (13) أبيشاي (أهو يوآب) وبناياهو هذا صار رأسًا للجيش أيّام سليمان بدلًا من يوآب والثالث ربما يكون عماسا ولم يذكر اسمه لخيانته لداود =وانحيازه لإبشالوم. وهؤلاء الثلاثة أتوا بالماء لداود بينما كان في حربه مع الفلسطينيين وعطش.

ت‌- ثلاثون:- يشيرون إلى عامة المؤمنين.

8- العدد الكلى 37 وهو يساوى 30+3+3+1 (غالبًا يوآب نفسه فهو قائد الجميع وقد أسقط اسمه لغدره).

 

آية (11):- “وَبَعْدَهُ شَمَّةُ بْنُ أَجِي الْهَرَارِيُّ. فَاجْتَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشًا، وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْل مَمْلُوءةً عَدَسًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.”

قطعة حقل مملوءة عدسًا= وفي سفر الأيّام قبل حقل شعير. وما المانع أن يكون بالحقل صنفين. والمعنى أن مجموعة من الفلسطينيين أتوا ليغتصبوا محصول الحقل من الحقل من العدس والشعير وهذا البطل قاومهم وأنقذ المحصول. وظهرت شجاعة شمة في أنه وقف وحدهُ بينما هرب الباقون (آية 12).

 

الآيات (13-17):- “وَنَزَلَ الثَّلاَثَةُ مِنَ الثَّلاَثِينَ رَئِيسًا وَأَتَوْا فِي الْحَصَادِ إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ، وَجَيْشُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ نَازِلٌ فِي وَادِي الرَّفَائِيِّينَ. وَكَانَ دَاوُدُ حِينَئِذٍ فِي الْحِصْنِ، وَحَفَظَةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: «مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ؟» فَشَقَّ الأَبْطَالُ الثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَاسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ، بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ، وَقَالَ: «حَاشَا لِي يَا رَبُّ أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ! هذَا دَمُ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هذَا مَا فَعَلَهُ الثَّلاَثَةُ الأَبْطَالُ.”

حفظة الفلسطينيين= أي الفلسطينيين المحتلين للحصن. في الحصاد= أي وقت الحر لذلك عطش داود. من بئر بيت لحم= داود في عطشه وتعبه أثناء الحرب تذكر بئر الماء الذي كان يشرب منهُ وهو طفل في بيت لحم وكان ماؤهُ حلوًا باردًا وقال من يأتيني بمثل هذا الماء. فهو لم يأمر أحد أن يأتيه بهذا الماء فبيت لحم الآن في يد الفلسطينيين وهو يعرف هذا ويستحيل أن يطلب من رجالهُ أن يغامروا بحياتهم ليشرب هو ماءً حلوًا. ولكن الثلاثة لمحبتهم لداود استجابوا لأمنيته. ولنلاحظ أن بيت لحم الآن في يد الفلسطينيين وذلك نتيجة الخطية. بل سكبه للرب= بمعنى أن الرب وحده هو الذي يستحق تقدمة كهذه فيها يخاطر الناس بأرواحهم. وهو اعتبر أن هذا الماء يساوى دماء الرجال والدم لله وحدهُ.

 

الآيات (20-23):- “وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، ابْنُ ذِي بَأْسٍ، كَثِيرُ الأَفْعَالِ، مِنْ قَبْصِئِيلَ، هُوَ الَّذِي ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ وَضَرَبَ أَسَدًا فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ الثَّلْجِ. وَهُوَ ضَرَبَ رَجُلًا مِصْرِيًّا ذَا مَنْظَرٍ، وَكَانَ بِيَدِ الْمِصْرِيِّ رُمْحٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ بِعَصًا وَخَطَفَ الرُّمْحَ مِنْ يَدِ الْمِصْرِيِّ وَقَتَلَهُ بِرُمْحِهِ. هذَا مَا فَعَلَهُ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، فَكَانَ لَهُ اسْمٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ، وَأُكْرِمَ عَلَى الثَّلاَثِينَ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الثَّلاَثَةِ. فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ.”

أسدى موآب= قد يكونوا أسدين أو رجلين من الجبابرة. نزل وضرب أسدًا في جب= ويبدو أن الأسد كان يضرب ويهاجم الناس ثم يهرب للجب فنزل لهُ بناياهو. من أصحاب سره= أي مشيريه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى