تفسير سفر حزقيال ٤٤ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع والأربعون

الآيات 1 – 3 :- ثم ارجعني الى طريق باب المقدس الخارجي المتجه للمشرق و هو مغلق. فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح و لا يدخل منه انسان لان الرب اله اسرائيل دخل منه فيكون مغلقا. الرئيس الرئيس هو يجلس فيه لياكل خبزا امام الرب من طريق رواق الباب يدخل و من طريقه يخرج.

قارن مع عب 1 : 6 وأيضاً متى أدخل البكر إلى العالم. فنحن الآن فى حديث عن هيكل المسيح، جسده أى الكنيسة. وبداية تكوين الجسد هو تجسد المسيح نفسه حين “أدخل إلى العالم”. وقد إتفق الأباء أن هذا الباب الشرقى الذى دخل منه المسيح هو العذراء مريم فهو وُلِد منها وبقيت بتولاً. وهذا معنى يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان. ويدلل الأباء على إمكانية هذا بأن المسيح دخل خلال الأبواب المغلقة بعد القيامة. وحتى لا يظن أحد أنه روح بلا جسد سمح لهم أن يلمسوا يديه وجنبه. ومرة ثانية أكل معهم. وهناك إشارة أخرى للتجسد = الرئيس الرئيس هو يجلس فيه ليأكل خبزاً أمام الرب = فهو كان يأكل ويشرب ويجوع ويعطش. لقد تجسد وتأنس أى شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها. بل كان ينمو فى القامة والحكمة. ولاحظ أن باقى الأبواب مفتوحة للجميع

 

آية 4 :- ثم اتى بي في طريق باب الشمال الى قدام البيت فنظرت و اذا بمجد الرب قد ملا بيت الرب فخررت على وجهي.

المجد ملأ بيت الرب قارن مع يو 17 : 22 ” وانا قد أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى” فنحن حصلنا على مجد عظيم ولكنه لم يستعلن بعد فينا رو 8 : 18 “المجد العتيد أن يستعلن فينا”

 

آية 5 :- فقال لي الرب يا ابن ادم اجعل قلبك و انظر بعينيك و اسمع باذنيك كل ما اقوله لك عن كل فرائض بيت الرب و عن كل سننه و اجعل قلبك على مدخل البيت مع كل مخارج المقدس

الله أسس البيت وزود الكنيسة بأسرار سبعة لتأسيس هذا البيت والأن مادور الكنيسة لتحافظ على هذا المجد. هنا طُلِب من النبى أن يعى جيداً بقلبه وينظر بعينيه = أى وعى كامل بما هو مدخل البيت = أى طريق دخولنا لهذا الجسد ومخادع المقادس = ما يحرمنا منها

 

آية 6 :- و قل للمتمردين لبيت اسرائيل هكذا قال السيد الرب يكفيكم كل رجاساتكم يا بيت اسرائيل.

يكفيكم كل رجاساتكم = إذاً المدخل الأول التوبة ويكفى ما مضى من زمان الخطية

 

آية 7 :- بادخالكم ابناء الغريب الغلف القلوب الغلف اللحم ليكونوا في مقدسي فينجسوا بيتي بتقريبكم خبزي الشحم و الدم فنقضوا عهدي فوق كل رجاساتكم

ليست أول مرة نسمع عن غلف القلوب = أى غير المختونين بالقلب. وهذا ما أشار إليه بولس الرسول رو 2 : 29 وقارن مع لا 26 : 41، أر 4 : 4. فالله إذاً منذ أن طلب أن يختتن شعبه لم يكن مهتماً بقطع جزء من اللحم. بل قطع الخطية من القلب

أبناء الغريب = كان لليهود شريعة أن من يخدم بيت الله هم اللاويين والكهنة فقط وأيضاً يكونون فى قداسة ولا يدخل غريب للخدمة. وهنا فالله يعاتبهم ويؤسس الشرط الثانى أو المدخل الثانى لبيته = أن يكون كهنتة وخدامه ليسوا غرباء. ولكن ما المعنى الروحى للغرباء ؟ فالغريب عن شعب الله هو من يعيش للعالم وبلغة وطريقة ومبادئ العالم من محبة للعالم ولشهواته وللمادة. فعلى خدام الله أن لا يدخلوا هذه المبادئ الغريبة للكنيسة

 

آية 8 :- و لم تحرسوا حراسة اقداسي بل اقمتم حراسا يحرسون عنكم في مقدسي.

حراسة أقداس :- هذا عمل الكهنة والخدام حراسة أولاد الله من الضياع للعالم. وأن يتشدد الكهنة فى حراسة الأقداس فلا يسمحوا لخاطئ غير تائب من الأقتراب للتناول.

 

آية 9 – 14 :- هكذا قال السيد الرب ابن الغريب اغلف القلب و اغلف اللحم لا يدخل مقدسي من كل ابن غريب الذي من وسط بني اسرائيل.بل اللاويون الذين ابتعدوا عني حين ضل اسرائيل فضلوا عني وراء اصنامهم يحملون اثمهم. و يكونون خداما في مقدسي حراس ابواب البيت و خدام البيت هم يذبحون المحرقة و الذبيحة للشعب و هم يقفون امامهم ليخدموهم. لانهم خدموهم امام اصنامهم و كانوا معثرة اثم لبيت اسرائيل لذلك رفعت يدي عليهم يقول السيد الرب فيحملون اثمهم. و لا يتقربون الي ليكهنوا لي و لا للاقتراب الى شيء من اقداسي الى قدس الاقداس بل يحملون خزيهم و رجاساتهم التي فعلوها. و اجعلهم حارسي حراسة البيت لكل خدمة لكل ما يعمل فيه

الله هنا يمنع الكهنوت اليهودى من الهيكل الجديد. ولا يمنع الغرباء عن جسده بل فقط غير المختونين بالقلب. وأما الكهنوت اليهودى الذى ضلل شعبه وجعلهم يقدمون المسيح للصليب ويرفضونه حتى هذا اليوم فهو كهنوت مرفوض لا يقدم ذبائح ويتحمل إثم الشعب الذى ضلله. وهم ضلوا وراء أصنامهم = قبل سبى بابل هم ضلوا وراء أصنام حقيقية أما الآن فهم يضلون وراء شهوة قلوبهم فى مسيح يعطيهم مجد هذا العالم. ولكن نجد آية (11) تعترض هذا الرفض بأن هناك من كهنة اليهود من يقدمون ذبائح وهناك إحتمالين ولكنهم مكملين لبعضهم الأول أن هذه الآية تتكامل مع 15، 16 أى كهنوت أبناء صادوق ويمون المقصود بكهنة آية (11) هم أنفسهم أبناء صادوق والثانى أن الكهنوت اليهودى ممثلاً فى قيافا وحنانيا قدموا آخر ذبيحة مقبولة، السيد المسيح شخصياً. وبذلك قدموا أعظم خدمة للجسد الجديد أو الهيكل الجديد وربما يكون هذا معنى ويكونون خداماً فى مقدسى. وهم لهم خدمة عظيمة جداً حتى الأن. فهم يمسكون بين أيديهم كتابهم العهد القديم شاهداً بنبواته على صحة العهد الجديد. ولأجل خطاياهم رفعت يدى عليهم= ضربتهم وشتتهم فى كل أنحاء العالم

 

آية 15، 16 :- اما الكهنة اللاويون ابناء صادوق الذين حرسوا حراسة مقدسي حين ضل عني بنو اسرائيل فهم يتقدمون الي ليخدموني و يقفون امامي ليقربوا لي الشحم و الدم يقول السيد الرب.هم يدخلون مقدسي و يتقدمون الى مائدتي ليخدموني و يحرسوا حراستي

قلنا سابقاً أن صادوق = بر. فهؤلاء هم كهنة العهد الجديد الذين يقدمون ذبيحة جسد ودم المسيح للتبرير. هذا هو الكهنوت الذى على طقس ملكى صادق الذى يقدم شحم ودم= إشارة للجسد والدم بلغة العهد القديم. ولذلك يسمى المذبح هنا مائدتى. فمن عليها نتناول كلنا هذا الجسد والدم

 

آية 17، 18 :- و يكون عند دخولهم ابواب الدار الداخلية انهم يلبسون ثيابا من كتان و لا ياتي عليهم صوف عند خدمتهم في ابواب الدار الداخلية و من داخل.و لتكن عصائب من كتان على رؤوسهم و لتكن سراويل من كتان على احقائهم لا يتنطقون بما يعرق.

ثياب الكتان = هى بيضاء كما يلبس كهنة العهد الجديد رمزاً للبر الذى بالمسيح لا يأتى عليهم صوف = فمن المفروض أن خدام الله وخصوصاً الكهنة يكونون فى حرارة روحية ملتهبون بالروح كما قال بولس الرسول “من يضعف وأنا لا ألتهب”. فلا داعى لما يدفئهم خارجياً ولا يتنطقون بما يعرق = فهم فى خدمتهم سيعرقون جداً. كما تقول الكنيسة فى سر الإبركسيس “أن للرسل أعراق ولنشترك معهم فيها” فعلينا أن نشترك فى أعراق الخدمة. أى نخدم بنشاط ولا يكون هناك ما يعوق. وليكن لهم عصائب من كتان على رؤسهم وتغطية الشعر رمز للخضوع التام. ولتكن سراويل = ليغطوا عورتهم خر 28. والمعنى العام أن يلبسوا السيد المسيح فهو برنا = الملابس الكتانية وهو الذى يسترنا = السراويل

 

آية 19 :- و عند خروجهم الى الدار الخارجية الى الشعب الى الدار الخارجية يخلعون ثيابهم التي خدموا بها و يضعونها في مخادع القدس ثم يلبسون ثيابا اخرى و لا يقدسون الشعب بثيابهم.

لا يليق أنه فى حياتنا وسط العالم أن نلبس الملابس الكهنوتية = لا تلقوا درركم أمام الخنازير

 

آية 20 :- و لا يحلقون رؤوسهم و لا يربون خصلا بل يجزون شعر رؤوسهم جزا.

لا يحلقون رؤسهم تماماً مثل كهنة الأوثان ولا يرخونه فى ميوعة بل يقصونة بإعتدال والمعنى هنا المظهر المعتدل فى كل شئ. ومعنى الآيتين (19، 20) المظهر مهم ففى (19) لا يظهر أحد بره للشعب “من أراد أن يصلى فليدخل مخدعه” وفى آية (20) لا يعثر الشعب بمظهره

 

آية 21 :- و لا يشرب كاهن خمرا عند دخوله الى الدار الداخلية.

الخمر رمز للأفراح. فمن يدخل الدار الداخلية طالباً الفرح الروحى فليمتنع عن الفرح العالمى

 

آية 22 :- و لا ياخذون ارملة و لا مطلقة زوجة بل يتخذون عذارى من نسل بيت اسرائيل او ارملة التي كانت ارملة كاهن

لو ماتت زوجة الكاهن لا يتزوج ثانية لأن كل بنات الشعب بناته لا يتزوج منهن.

 

آية 23 :- و يرون شعبي التمييز بين المقدس و المحلل و يعلمونهم التمييز بين النجس و الطاهر

على الكاهن أن يكون صالحاً للتعليم 1تى 3 : 2

 

آية 24 :- و في الخصام هم يقفون للحكم و يحكمون حسب احكامي و يحفظون شرائعي و فرائضي في كل مواسمي و يقدسون سبوتي.

على الكاهن أن يكون عادلاً فى حكمه وحسب الشريعة. وأن يحفظ هو الشريعة فيكون قدوة

 

آية 25 :- و لا يدنوا من انسان ميت فيتنجسوا اما لاب او ام او ابن او ابنة او اخ او اخت لم تكن لرجل يتنجسون

الموت نتيجة للخطية وعليه فلمس الميت المقصود منه التلامس مع الخطية والتلذذ بها. والدليل على أن المقصود بهذه الشريعة المعنى الروحى هو قيام ميت حين تلامس مع عظام إليشع النبى. وهناك معنى آخر أن يرتفع قلب الكاهن فلا يحزن على ميت فهو فى السماء ولكن الله يراعى قطعاً المشاعر الطبيعية للأب والأم… وهو نفسه بكى على قبر لعازر.

 

آية 26، 27 :- و بعد تطهيره يحسبون له سبعة ايام. و في يوم دخوله الى القدس الى الدار الداخلية ليخدم في القدس يقرب ذبيحته عن الخطية يقول السيد الرب.

وماذا يحدث لو تلامس مع خطية ؟ يتطهر ويقدم ذبيحة أى توبة وتناول.

 

آية 28-30 :- و يكون لهم ميراثا انا ميراثهم و لا تعطونهم ملكا في اسرائيل انا ملكهم ياكلون التقدمة و ذبيحة الخطية و ذبيحة الاثم و كل محرم في اسرائيل يكون لهم. و اوائل كل الباكورات جميعها و كل رفيعة من كل رفائعكم تكون للكهنة و تعطون الكاهن اوائل عجينكم لتحل البركة على بيتك.

لا يكون للكهنة عمل يتكسبون منه سوى خدمتهم والله نفسه يكون لهم ميراثاً وقطعاً ليس من المفروض أن يهتم الكاهن بما يملك. فالله هو الذى يعوله، من باكورات شعبه يأكل (ثمار وما شيتهم وعجينهم) وبذلك تحل البركة على الشعب

 

آية 31 :- لا ياكل الكاهن من ميتة و لا من فريسة طيرا كانت او بهيمة

على الكاهن أن يكون عفيف النفس. فأكل شئ ميت دليل دناءة النفس، وعليه أن يعيش على كلمة الله الحية تنعش وتقدس جسده وروحه

 

زر الذهاب إلى الأعلى