تفسير سفر حزقيال ٧ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع

النبى هنا يتنبأ بالخراب الأتى على أرض إسرائيل، وأنه خراب نهائى وقريب جداً، بل هو على الأبواب ولا يمكن تحاشيه، فقد جلبوه على أنفسهم بخطاياهم ولا يمكنهم الدفاع ضده، لا بقوتهم ولا بثروتهم، بل حتى الهيكل الذى وضعوا فيه ثقتهم سيخرب. إذاً هو خراب عام. وكل هذه الإنذارات ليحثهم على التوبة لأن الناس إعتادت أن تستغل طول أناة الله بطريقة خاطئة، ظانين أن الله لن يؤدب ولن يضرب. وعلى المستوى الشخصى فالله يؤدب كل شخص على خطاياه أما فى حالة أورشليم فلأن الخطية تشمل الجميع فالضربة ستكون عامة وشاملة.

 

الآيات 1 – 6 :-

و كان الي كلام الرب قائلا. و انت يا ابن ادم فهكذا قال السيد الرب لارض اسرائيل نهاية قد جاءت النهاية على زوايا الارض الاربع. الان النهاية عليك و ارسل غضبي عليك و احكم عليك كطرقك و اجلب عليك كل رجاساتك. فلا تشفق عليك عيني و لا اعفو بل اجلب عليك طرقك و تكون رجاساتك في وسطك فتعلمون اني انا الرب. هكذا قال السيد الرب شر شر وحيد هوذا قد اتى. نهاية قد جاءت جاءت النهاية انتبهت اليك ها هي قد جاءت.

لاحظ تكرار كلمة النهاية مرتين، فالله أظهر للنبى ما سيحدث من دمار فكان كمن رأى حريق فصرخ “نار.. نار” هم كانوا يمنون أنفسهم بنهاية سعيدة فيها حل لكل مشاكلهم ولكن كيف تكون هناك نهاية سعيدة مع وجود خطية، بل ستكون هناك نهاية مأساوية، وربما طالت المدة لهذه النهاية ولكنها قادمة. والخراب الذين تم على يد الكلدانيين هو عربون للخراب النهائى الذى تم على يد الرومان، والكلمات أيضاً تشير للخراب النهائى للعالم حيث نسمع أن الخراب يشمل زوايا الأرض الأربع. وكلمة النهاية أشار لها الرسول بطرس 1بط 4 : 7 “نهاية كل شئ قد إقتربت” وأشار لنفس المعنى السيد المسيح نفسه فى مت 24 : 14 يُكرز ببشارة الملكوت هذه فى كل المسكونة… ثم يأتى المنتهى” وقوله أن النهاية على زوايا الأرض الأربع = أى أن الخراب يشمل كل الأرض ولن يهرب أحد. شرشر وحيد هوذا قد أتى وكلمة وحيد هنا تعنى فى أصلها “نهائى” أى أن هذا الشر ليس مثله لا من قبل ولا من بعد، أما المستهزئين فهم يتصورون أنه لا نهاية 2بط 3 : 4. والخراب والنهاية الحزينة شئ محزن ولكن هذه نتيجة الخطية (قارن مع أم 6 : 7 أيأخذ الإنسان ناراً فى حضنه ولا تحرق ثيابه). فالخطية هى أشر أنواع الشرور، ولكن المقصود هنا شر الآلام القادمة عليهم بسبب شرورهم

جاءت النهاية      إنتبهت إليك = العبارة هنا فيها جناس فكلمة نهاية هى بالعبرية هَقِص وكلمة إنتبهت هى هِقِيص

 

الآيات 7 – 11 :-

انتهى الدور اليك ايها الساكن في الارض بلغ الوقت اقترب يوم اضطراب لا هتاف الجبال. الان عن قريب اصب رجزي عليك و اتمم سخطي عليك و احكم عليك كطرقك و اجلب عليك كل رجاساتك. فلا تشفق عيني و لا اعفو بل اجلب عليك كطرقك و رجاساتك تكون في وسطك فتعلمون اني انا الرب الضارب. ها هوذا اليوم ها هوذا قد جاء دارت الدائرة ازهرت العصا افرخت الكبرياء. قام الظلم الى عصا الشر لا يبقى منهم و لا من ثروتهم و لا من ضجيجهم و لا نوح عليهم.

بلغ الوقت = المحدد لهذا الشر. ويكررها ها هوذا اليوم قد جاء = هذا الذى أبطأ فى قدومه، ها هوذا قد جاء. ويسميه يوم إضطراب. وهذا بدلاً عن هتاف الجبال = إشارة لتسابيح الفرح التى بطلت إذ نُزِعَ الفرح منهم وحل بدله الضيق والإضطراب. ولكن هذا الشر حسب طرقهم ورجاساتهم. لأن رجاساتهم فى وسطهم

فتعلمون أنى أنا الرب = الرب القدوس الذى لا يحتمل هذه الرجاسات ويجازى بعدل. وهدف الله عموماً من ضربانه أن نعرفه ونرجع إليه. وهنا يذكر الله خطيتين بالتحديد وهما الظلم والكبرياء. الظلم مِن مَن هم مفروضاً فيهم العدل أى الملك والحكام والقضاة، الذين فى أيديهم العصا وهذا معنى أزهرت العصا = أى العصا الظالمة فى أيدى الحكام أزهرت هذه الضربات. ونفس المعنى عن الكبرياء أنها أفرخت = فهذه الضربات سببها الظلم والكبرياء. وما يتبرعم ويبدأ نموه فى الخطية سيزهر ويفرخ فى قضاء الله. المعنى أن كل شئ قد نضج للدينونة. وقام الظلم إلى عصا الشر أى الحكام الظالمين الأشرار إستخدموا العصا التى فى أيديهم ظلماً، لذلك لا يبقى منهم ولا من ثروتهم ولا من ضجيجهم = فالضربة هى خراب تام ولن يوجد من ينوح عليهم = ولا نوح عليهم. ودارت الدائرة = فالحاكم الظالم صار مظلوماً أمام جيش بابل، والغنى صار فقيراً، أما الفقراء والمساكين فلقد تركهم جيش بابل ولم يمسوهم بأذى 2مل 25 : 8 – 12

 

الآيات 12 – 15 :-

قد جاء الوقت بلغ اليوم فلا يفرحن الشاري و لا يحزنن البائع لان الغضب على كل جمهورهم. لان البائع لن يعود الى المبيع و ان كانوا بعد بين الاحياء لان الرؤيا على كل جمهورها فلا يعود و الانسان باثمه لا يشدد حياته. قد نفخوا في البوق و اعدوا الكل و لا ذاهب الى القتال لان غضبي على كل جمهورهم. السيف من خارج و الوبا و الجوع من داخل الذي هو في الحقل يموت بالسيف و الذي هو في المدينة ياكله الجوع و الوبا.

بلغ اليوم = جاء وقت الدينونة ووقوع الضربة. فلا يفرح الشارى ولا يحزن البائع = عادة يفرح الشارى بما أضافه إلى منزله مثلاً ويحزن البائع لما إضطر أن يبيعه. ولكن مع الخراب العام فلا هذا يفرح ولا ذاك يحزن. ولتلاحظ بطل هذا العالم (وقارن مع 1كو 7 : 29). وهذه الضربات هى على الكل = كل جمهورها. ولأن البائع لن يعود للبيع لأنه لن يجد شيئاً يبيعه هذا إن فُرِض وكان بين الأحياء. لأن الرؤيا على كل جمهورها= أى على الجميع ستكون هذه الضربات. والإنسان بإثمه لا يشدد حياته سيكون عبثاً أن يتحدى أحد الخطاة الله وأحكامه. وهم نفخوا فى البوق = هذه محاولة أخيرة يائسة يحاولون فيها جمع جيشهم لمواجهة العدو ولكن لا ذاهب للقتال فلا يوجد أحد ليحارب = لأن غضبى على كل جمهورهم = والسيف ورائهم فى الداخل والخارج، فى الحقل والمدينة.

 

الآيات 16 – 22 :-

و ينفلت منهم منفلتون و يكونون على الجبال كحمام الاوطئة كلهم يهدرون كل واحد على اثمه. كل الايدي ترتخي و كل الركب تصير ماء. و يتنطقون بالمسح و يغشاهم رعب و على جميع الوجوه خزي و على جميع رؤوسهم قرع. يلقون فضتهم في الشوارع و ذهبهم يكون لنجاسة لا تستطيع فضتهم و ذهبهم انقاذهم في يوم غضب الرب لا يشبعون منهما انفسهم و لا يملاون جوفهم لانهما صارا معثرة اثمهم. اما بهجة زينته فجعلها للكبرياء جعلوا فيها اصنام مكرهاتهم رجاساتهم لاجل ذلك جعلتها لهم نجاسة. اسلمها الى ايدي الغرباء للنهب و الى اشرار الارض سلبا فينجسونها. و احول وجهي عنهم فينجسون سري و يدخله المعتنفون و ينجسونه.

حتى مصير الباقين فمأساوى، هو هروب كهروب قايين، فهم مشردين خائفين، أينما ذهبوا تكون ضمائرهم شاعرة بالذنب. وهؤلاء الذين ظنوا أنفسهم يوماً كأسود الجبال فى كبريائهم يصبحون كحمام الأوطئة = أى يكونون فى ضعف الحمام الذى يطير فى هدير مستمر كأنه ينتحب. فمن لم يبكى على خطيته سيبكى نادماً بعد الخراب الذى سيصيبه بسببها. وكل الأيدى ترتخى = فلا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم. وكل الركب تصير ماء = أى ضعيفة غير قادرة على الهرب من الرعب. ويتنطقون بالمسح = فلا ملابس لهم. والمسح والقرع علامة الحزن = وعلى رؤوسهم قرع. يلقون فضتهم فى الشوارع فلم يعد لها قيمة، بل هناك خطر منها فالبابليين يقتلون الأغنياء لينهبوهم. هذا المال الذى إتكلوا عليه يوماً وكان لهم ضمان مستقبلهم الآن يرمونه.

ذهبهم يكون لنجاسة = طالما قدموا ذهبهم للأوثان، أى كان لنجاسة، والأن يذهب للبابليين الغزاة الذين سيستخدمونه أيضاً لنجاسة أى لأوثانهم هم. فنبوخذ نصر شيد هياكل مغشاة بالذهب، وتماثيل ذهبية لآلهته من هذا الذهب الذى غنمه من حروبه. وفضتهم وذهبهم لم يعودا قادرين على أن يشبعوهم فلا خبز ولا طعام فى المدينة. لأنهما صارا معثرة إثمهم = فهم قد إستغلوا أموالهم فى الخطية وأعطوها للأصنام، فكان الذهب والفضة لهما عثرة. أما بهجة زينته = أى الهيكل الذى كان فى وسطهم للبهجة، يزين حياتهم، وهم وضعوا فيه فخرهم وإستمدوا منه أمنهم، فلأنهم نجسوه بأصنامهم وتحدوا الله بذلك فالله سيجردهم من هذا الهيكل. الله وضع هذا الهيكل ليحل مجده فى وسطهم = فجعلها للكبرياء = أن أن الله جعل الهيكل وسطهم ليفتخروا ويبتهجوا بالرب الذى فى وسطهم، ولكنهم إستغلوه لكبريائهم، وأهانوه بخطاياهم ووضعوا أوثانهم فيه، فأصبحوا لا يستحقون وجوده وسطهم. وسيدخله الغرباء = المعتنفون = أى الغزاة الذين يتعاملون معه بعنف ويأخذون كل ما كان فيه. ولكن سنلاحظ فيما بعد أن مجد الله قد فارق الهيكل قبل أن يدخله هؤلاء الوثنيين، وهذا معنى أحول وجهى عنهم = أى عن شعبه فينجسون سرى = الغزاة دخلوا قدس الأقداس

 

الآيات 23 – 27 :-

اصنع السلسلة لان الارض قد امتلات من احكام الدم و المدينة امتلات من الظلم. فاتي باشر الامم فيرثون بيوتهم و ابيد كبرياء الاشداء فتتنجس مقادسهم. الرعب ات فيطلبون السلام و لا يكون. ستاتي مصيبة على مصيبة و يكون خبر على خبر فيطلبون رؤيا من النبي و الشريعة تباد عن الكاهن و المشورة عن الشيوخ. الملك ينوح و الرئيس يلبس حيرة و ايدي شعب الارض ترجف كطريقهم اصنع بهم و كاحكامهم احكم عليهم فيعلمون اني انا الرب

السلسلة = تشير لذهابهم للسبى فى عبودية. هنا النبى صنع سلسلة إشارة لهذا. ويرث الغرباء بيوتهم = لأنهم ظلموا المساكين. والله سيحرمهم من أى رؤيا أو مشورة لملوكهم وشيوخهم وكهنتهم فيقعون فى حيرة. وماذا يستطيع الإنسان أن يفعل حينما يفارقه الله، بل يكون ضده.

زر الذهاب إلى الأعلى