تأملات في سفر حجي – مقدمة – أ/ بولين تدري
1- كاتب النبوة:
هو حجي النبي، حجي اسم عبري معناه “عيد” أي مولود في يوم عيد.
أن الأنبياء حجي وزكريا وملاخي تنبأوا بعد رجوع اليهود مِنْ سبى بابل، ونبواتهم تنطوي على أمرين مهمين:
*تجديد الهيكل، وإعادة نظام أمة اليهود، وتقرير شرائعهم اليهودية الخصوصية.
*البشارة بمجيء المسيح القريب، والحصول على البركات الإنجيلية الموعود بها.
حجي هو الأول مِن هؤلاء الأنبياء الثلاثة. وقيل أن مولده كان في بابل أثناء السبي، وأنه صعد إلى أرض يهوذا مع زربابل في الرجوع الأول لليهود سنة 536 ق.م. (عز2: 1-الخ). وهو قام نبيًا في السنة الثانية لداريوس نحو سنة 520 ق.م.، قبل زكريا مُعاصره بشهرين، كما هو مُدون في أول السفرين.
2- زمن النبوة وموضوعها:
مدة النبوة أربعة شهور كما يتضح مِن مُقارنة الشاهدين (حجى1:1، 2: 18) حيث تقول الآيات: “فى السنة الثانية لداريوس الملك في الشهر السادس في أول يوم مِن الشهر كانت كلمة الرب عنْ يدِ حجي النبي إلى زربابل بن شالتئيل والى يهوذا وإلى يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم”، “إجعلوا قلبكم مِن هذا اليوم فصاعدًا مِن اليوم الرابع والعشرين مِن الشهر التاسع مِن اليوم الذي تأسس هيكل الرب”.
أما موضوع النبوة فكانت بخصوص العمل في بناء بيت الرب الذي كان قد توقف مدة 14 سنة، بأمر من أحشويرش الملك بسبب نميمة أعداء اليهود (والتى ذُكرت بالتفصيل في سفر عزرا أصحاح 4). وبعد زوال هذه الموانع، حدث أن اليهود أصابهم الفتور وظنوا أن وقت إتمام الهيكل لم يحضر بعد. وإنهمكوا في بناء بيوتهم وتزيينها وأهملوا هذا العمل العظيم بالكُلية. فأقام الله النبيين حجي وزكريا لكي يُوبخاهم ويحُثاهم على بناء بيت الرب، كما جاء في (عز5: 1، 2، 6: 14). ومِن خلال قراءة السفرين نجد أن النبيين قد نجحا في هذا، لأنهم حصلوا على أمر مِن داريوس بالبنيان، وتمموا العمل في فترة قليلة، كما جاء في (عز6).
3- أقسام السفر:
1-الآيات (1: 1- 11): توبيخ الرب لليهود على يد حجي النبي، لتكاسلهم في بناء الهيكل، مع إعلان غضب الله عليهم، وتقديم النصيحة لهم لاستئناف عملهم.
2-الآيات (1: 12- الخ): سماع الشعب لصوت النبوة وتحركهم للعمل.
3-الآيات (2: 1-9): تعزية الرب للشعب على يد حجي النبي، لأنه حزِن بسبب عدم بهاء الهيكل من الخارج عندما قارنوا بينه وبين الهيكل القديم.
4-الآيات (2: 10-19): الرب يقبل الشعب ويغفر لهم خطية تكاسلهم في البناء.
5-الآيات (2: 20- الخ): الرب يُكافئ زربابل ويجعله عظيمًا في ملكوته، مِن أجل غيرته وحماسه وحثه للشعب على العمل.
4- شخصيات بارزة في السفر:
* زرُبابل: اسم أكادى معناه “مولود في بابل”، وكان هو المتقدم في الدولة. ونستطيع أن نفهم مِن (1أخ3: 19) أن شالتئيل مات بدون ذرية، ولعل فدايا أخو شالتئيل تزوج بامرأته وأقام نسلًا لشالتئيل حسب الشريعة الموسوية (تث25: 5، 6)، فصار زربابل ابن شالتئيل. وهو مِن نسل داود، كما جاء في (مت1: 12، 1أخ3: 1، 19)، وكان يشغل مركزًا في مملكة فارس، وسُمى شيشبصًر رئيس يهوذا في عصر كورش ملك فارس، الذي سلمه آنية بيت الرب ليرجع بها إلى أورشليم ومعه كُل من يرغب في الرجوع مِن اليهود (عز1: 7-2: 2)، وكان عدد الآنية 5400 من ذهب وفضة (عز1: 11). وكان دوره الواضح هو تكميل بناء الهيكل في أورشليم، كما سيأتي مع دراسة هذا السفر، وبعد ذلك لا نقرأ أي شيء عن شخصية زربابل. إلا أنه ابن داود، فلذلك نجد شخصيته ترمز للسيد المسيح ابن داود الذي سيبنى هيكل العهد الجديد بهيكل جسده.
*يهوشع بن يهوصادق: هو أول رئيس كهنة لليهود بعد الرجوع مِن السبي، رجع مع اليهود من بابل، ودَعى لكي يتشدًد زربابل والشعب لبناء الهيكل. وهو نفسه الذي يُدعى يشوع بن يهوصاداق في سفري عزرا ونحميا ، فاسم يهوشع هو نفسه اسم يشوع أو يسوع، ومعناه “الذي يُخلٍص” أو “الذي يُفسح مجالًا”، وقد اهتم مع زربابل ببناء الهيكل وإعادة إحياء الطقوس اليهودية.
وقد رأى زكريا النبي يهوشع الكاهن العظيم: “واقفًا قُدام ملاك الرب والشيطان قائم عنْ يمينه ليقاومه. فقال الرب للشيطان لينتهرك الرب يا شيطان. لينتهرك الرب الذي إختار أورشليم…. وكان يهوشع لابسًا ثيابًا قذرة وواقفًا قدام الملاك. فأجاب وكلًم الواقفين قدامه قائلًا إنزعوا عنه الثياب القذرة. وقال له أنظر. قد أذهبتُ عنك إثمك وأُلبسك ثياب مزخرفة. فقلت ليضعوا على رأسه عمامة طاهرة. فوضعوا على رأسه العمامة الطاهرة وألبسوه ثيابًا” (زك3: 1-5). ومن هذه الآيات نفهم أن يهوشع الكاهن العظيم هو رمز لبنى إسرائيل الذين سوف يؤمنوا في آخر الأيام، كما ذكر بولس الرسول قائلًا على لسان أشعياء النبي: “وأشعياء يصرخ من جهة إسرائيل وإن كان عدد بنى إسرائيل كرمل البحر فالبقية ستخلُص”، وكما سبق أشعياء فقال:” لولا أن الرب أبقى لنا نسلًا لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة” (رو9: 27، 29)، (أش1: 9).
وأيضًا يهوشع الكاهن العظيم، بعد أن خلع عنه الرب الملابس القذرة وألبسه ثيابًا مُزخرفة ووضع عمامة طاهرة على رأسه، فهو يرمز لكُل مؤمن نزع الرب عنه خطيته وألبسه ثوب الخلاص بيسوع المسيح ربنا.
يهوشع الكاهن العظيم وزربابل ممسوحين مِن الرب، للعمل على بناء الهيكل وإعادة شريعة اليهود. عملهما هذا وشخصياتهم لهما أيضًا معنى نبوي، لأنه مِن أورشليم بالذات سينبعث النبت (يسوع المسيح) الملك والكاهن، الذي سيحمل يومًا على عاتقه مُهمة كليهما، كما قال زكريا النبي: “هو يبنى هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على عرشه. وككاهن يكون جلوسه، ويُمارس كلا الوظيفتين بتوافق تام” (زك3: 6-8). وبالفعل يجمع المسيح في شخصه وظيفة الملك والكاهن، غير أن الهيكل الذي يبنيه ليس مِن صُنع أيدي بشرية، “لأن بيته هو نحن” (عب3: 6)، والجماعة التي ينوى الله أن يؤسسها هي مجموعة مِن حجارة حية تؤلف بيتًا روحيًا، كما قال بطرس الرسول: “وكأطفال مولودين الآن إشتهوا اللبن العقلى العديم الغش لكي تنمو به. إن كُنتم قد ذقتم أن الرب صالح. الذي إذ تأتون إليه حجرًا حيًا مرفوضًا مِن الناس ولكن مُختار مِن الله كريم. كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية بيتًا روحيًا كهنوتًا مُقدًسًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح” (1بط2: 2-5). وفى شخصه الإلهي يتجلى مجد الله، وسيكون هو خيمة الشهادة الحية التي يظهر فيها الله للبشر، كما قال: “لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السموات. خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان” (عب8: 1، 2)، ويقول أيضًا: “وسمعت صوتًا عظيمًا مِن السماء قائلًا هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبًا والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم” (رؤ21: 3، 4).
5- معاني الكلمات الصعبة في السفر:
– المسطار (1: 11): الخمرة الجيدة، أول عصير العنب.
– العرمة (2: 16): كومة من الحصيد بعد درسها في البيدر.
– الفورة (2: 16): مكيال.
اللفح (2: 17): هبة ريح حارة مُحرقة.
اليرقان (2: 17): 1- مرض يُسبًب اصفرار الجلد.
2- آفة تُصيب المزروعات.
الأهراء (2: 19): مخازن الحبوب.
فهرس | تفسير سفر حجي أ- بولين تادري |
تفسير سفر حجي 1 |
تفسير العهد القديم |