تفسير سفر الجامعة ١١ للقمص تادرس يعقوب

الأصحاح الحادي عشر

الجهاد المملوء حبًا

سبق فأعلن سليمان الحكيم أهمية الحكمة السماوية في مواجهة بطلان العالم، حتى يمكننا أن لا نخاف من مفاجآت الزمن، ولا نرهب الموت، بل نرتفع نحو الأبدية… هذه الحكمة تستلزم الحذر الشديد مع الجهاد المستمر، خاصة في عمل المحبة. هذا ما يعلنه هذا الأصحاح لنقول مع الرسول “لا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكلّ” (غلا 6: 9).

  1. لا نكلّ في المحبة العملية         [1-6].
  2. دعوة عمل للشباب                [7-10].
  3. لا نكلّ في المحبة العملية:

يقدم لنا الحكيم أمثلة ليكشف عن ضرورة الجهاد المستمر في عمل المحبة:

أ. “ارمٍ خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة” [1].

يُشير هذا المثل إلى السخاء في العطاء، فإن كانت المياه تُشير إلى الأمم الكثيرة (رؤ 16: 5)، فإنه  يليق بالإنسان أن يلقي لا بكلمات طيبة فحسب وإنما بخبزه أي من أعوازه للكثيرين دون ترقب لمجازاة سريعة، إنما بعد أيام كثيرة. قد يبدو أن العمل في الظاهر بلا حكمة إذ هو إلقاء الخبز على وجه المياه، ليُشاركك الكثيرون أعوازك، لكنه يسبح ويرتد إليك في الوقت المناسب.

لعل إلقاء الخبز هنا يُشير إلى أن الصدقة أو الحب العملي أشبه بالسفينة التي تبحر على وجه المياه لتحمل ما لدينا إلى الميناء السماوي في أمان.

v     إنه يُعتقد بأنه من الأفضل كثيرًا أن نكون كرماء حتى مع غير المستحقين من أجل المستحقين (أي لئلا نظلم إنسانًا مستحق العطاء ونحن نظنه غير مستحق). يبدو أن هذا هو واجبنا أن نطرح خبزنا على وجه المياه، لأنه لن ينجرف بعيدًا أو يضيع أمام عينيْ الفاحص العادل بل يصل إليه ويجمعه لنا نصيبًا نناله في حينه، حتى وإن كنا مرتابين في حدوث ذلك الأمر[207].

القدِّيس غريغوريوس صانع العجائب

ويُشير أيضًا إلى حياة التوبة الصادقة حيث يدخل بنا الله إلى “أنهار ماء في طريق مستقيمة” (إر 31: 9). حينما تصير دموع التوبة هي خبزنا اليومي، تسير نفوسنا على وجه الماء في أمان… وتنطلق بنا من وادي الدموع إلى الحياة السماوية المفرحة.

v     اِلقِ خبزك على وجه المياه، فتجد خبز السماء حيث تكون مياه النعمة… إذ تفيض من البطن أنهار ماء حيّ (يو 7: 38)… وتقتات على طعام سري.

حيث تكون مياه الدموع وراحة التوبة تقتات على الخبز الحيّ؛ إذ مكتوب: “بالبكاء يأتون وبالتضرعات اقتادهم” (إر 31: 9).

طوبى لمن كانت الدموع خبزهم فإنهم يتأهلون للفرح… “طوبى لكم أيها الباكون” (لو 6: 21)[208].

القدِّيس أمبروسيوس

يشير هذا المثل أيضًا إلى حياة المغامرة في الجهاد، فيلقي الإنسان بخبزه المحتاج إليه على وجه المياه مطمئنًا أن الله يرده إليه في الوقت المناسب، وكما يقول الرسول: “لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة” (عب 6: 10).

ب. “أعطِ نصيبًا لسبعة ولثمانية أيضًا، لأنك لست تعلم أي شر يكون على الأرض” [2].

يرى البعض أن هذا المثل يُشير إلى العطاء المستمر، فإن التقيت بسبعة فقراء اِعطهم بسخاء، وإن جاءك بعدهم ثمانية لا تعتذر بأنك قد فعلت الخير بل استمر في العطاء، لأنك لا تعلم ما سيحل بك… هم في عوز الآن، ربما تكون أنت في عوزٍ غدًا. لنعمل الخير مثل الله الذي يعطي بسخاء ولا يُعيِّر.

رقم 7 يُشير إلى الحياة الحاضرة، ورقم 8 يُشير إلى الحياة الأخرى، ما بعد الموت. لنُجاهد كل أيام غربتنا فننال بركات زمنية وأخرى سماوية؛ أو نجاهد بالحب فيما يخص الأمور الزمنية وأيضًا فيما يخص الأمور الروحية، أي نعطي حبًا عمليًا بالسخاء في البذل وبالشهادة لخلاص اخوتنا والاهتمام بأبديتهم… بهذا تُحفظ من الشر.

يحدثنا القدِّيس باسيليوس الكبير عن ضرورة الالتزام بالجدية في العمل اليومي الذي يخص حياتنا الزمنية وأن نكون أمناء فيما يخص جهادنا الروحي، قائلاً:

[إن النهي عن الاهتمام الزائد بحاجات جسدنا لا ينفي الاهتمام والعمل مطلقًا. فقد بقي علينا “أن نعمل لنفسنا لا للطعام الفاني بل للطعام الباقي للحياة الأبدية” (يو 6: 27)، لا لحاجتنا الجسدية فقط، بل لنُسعف القريب أيضًا (أف 4: 28)[209]…].

ويرى البعض أن رقم 7 يُشير إلى العهد القديم حيث الوعود الخاصة بالبركات الزمنية، ورقم 8 يُشير إلى العهد الجديد حيث الوعود الخاصة بالبركات الأخروية… إذن لنكن أمناء في تنفيذ وصية الحب والجهاد فيها فنحقق وصية العهدين وننعم بكلمة الله التي تسندنا من كل شر.

v     قيل في الجامعة بالاشارة إلى العهدين: “اِعطِ نصيبًا مما لك لسبعة، بل ولثمانية”[210].

القدِّيس أغسطينوس

v     قيل بحق: “أعطِ نصيبًا مما لك لسبعة كما لثمانة أيضًا”، لأن الذين اقتاتوا على الناموس وتُوّجوا بالنعمة ينالون نصيبًا بالنعمة خلال أي من الرقمين[211].

القدِّيس أمبروسيوس

v     للفُلك حجراته، وللكنيسة منازل (جمع منزلة) كثيرة، وقد خلص ثمانية أنفس في فُلك نوح، أما الجامعة فينصحنا: “أعطِ نصيبًا مما لك لسبعة، بل لثمانية “، أي آمن بكلا العهدين[212].

القدِّيس جيروم

v     التوقير المُعطى لرقم 7 يجعلنا أيضًا نوقِّر يوم البنطقستي (الخمسين)، لأن السبعة إذا ما ضربت في سبعة تعطي رقم 50 إلاَّ يومًا واحدًا الذي نستعيره من الدهر الآتي، أي الثامن أو الأول، أو بالأحرى الذي لا يزول؛ لأن سبتية نفوسنا الآن تتوقف هناك، حيث نُعطى نصيبًا لسبعة بل لثمانية[213].

القدِّيس غريغوريوس النزينزي

ج. “إذا امتلأت السحب مطرًا تريقه على الأرض” [3].

المؤمن كالسحابة التي تفيض بالحب كالمطر الذي يحوّل البراري إلى جنات مثمرة.

v     اِعطِ بسخاء، اِعطِ نصيبًا مما لديك لكثيرين، حتى للذين لا يعرف ما يخبئه له اليوم الآتي. فالسُحب لا تحجز ما في داخلها من فيض المطر، بل تنهمر بما فيها على وجه الأرض، والشجرة لا تبقى في مكانها إلى الأبد، حتى وإن حافظ عليها الناس، فقد يسقطها الريح في زمان ما[214].

القدِّيس غريغوريوس صانع العجائب

د. “وإذا وقعت الشجرة نحو الجنوب أو نحو الشمال ففي الموضع حيث تقع الشجرة هناك تكون” [3].

في الكتاب المقدس الريح الشمالية تُشير إلى البرود الروحي، والريح الجنوبية القادمة من المناطق الاستوائية تُشير إلى الحرارة الروحية. فالإنسان الروحي الحقيقي يكون كالشجرة المثمرة أينما وُجد، إن كان في الجنوب أو في الشمال، أي في ظروف تلهب القلب روحيًا أو بين الباردين روحيًا، فإنه  تحت كل الظروف لا يتوقف عن الجهاد لبنيان كل من هم حوله. أينما حلّ يشعر أن الله قد جاء به ليقدم خيرًا بغض النظر عن أحوال وسمات الذين حوله.

هـ. “من يرصد الريح لا يزرع ومن يُراقب السُحب لا يحصد” [4].

الإنسان المتخوف يبقى في موضعه بلا عمل، يخشى الرياح فلا يزرع، ويخشى الأمطار فلا يحصد، وكأن الكاتب يُحثنا على العمل بلا تردد ولا تخوف من وجود عراقيل وصعوبات.

في مصر يُعتبر شهر أمشير وهو شهر الرياح والعواصف هو شهر الزراعة للأشجار (نقل الشتلة وغرسها)…

كثيرون يتسترون بالحكمة عندما يتخوفون من ممارسة عمل الخير ويُحجمون عنه. لهذا يقول مار اسحق السرياني: [لا تدع كثرة الحكمة تصير حجر عثرة لنفسك، وفخًا في طريقك، بل أن الثقة بالله بثبات تصنع لك بداية الطريق المملوء دمًا (طريق الجهاد الروحي ضد الخطية)، لئلا تُوجد معتازًا على الدوام وعاريًا من معرفة الله، لأن الخائف الذي يُراقب الريح لا يزرع أبدًا[215]].

و. “كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح ولا كيف العظام في بطن الحبلى،

كذلك لا نعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع” [5].

لنمارس عمل المحبة على الدوام دون تخوف، متكلين على الله الذي يعمل في الطبيعة لحسابنا، والذي يعمل في حياتنا؛ فهو الذي وضع قوانين الرياح بدقة عجيبة، وهو الذي يخلق عظام الإنسان وهو في أحشاء أمه. إننا لا نعرف بدقة حركة الريح ولا كيف تُخلق العظام، لكننا نتمتع بأعمال الله العجيبة التي لا تُدرك.

بمعنى آخر يُطالبنا الحكيم أن نمارس الحب العملي مع إخوتنا بدون حسابات بشرية، واثقين في وعوده لنا أنه يرد لنا حبنا لإخوتنا بحبه الفائق بطرق تفوق خططنا وإدراكنا.

ز. لنُجاهد في طريق الحب العملي كل أيام حياتنا:

في الصباح ازرع زرعك،

وفي المساء لا ترخِ يدك،  

لأنك لا تعلم أيهما ينمو، هذا أو ذاك أو أن يكون كلاهما جيدين سواء” [7].

لتزرع عمل الحب وقت الفرح (الصباح) وأيضًا وسط الآلام (المساء)، فإنك قد تكسب نفسًا بالكشف عن حبك الصادق لها إما وسط فرحها أو متاعبها أو في كليهما.

لتُجاهد في أعمال المحبة في صباح عمرك، أي منذ طفولتك وصبوّتك وشبابك، وأيضًا في المساء حيث الشيخوخة… كلما سنحت لك الفرصة اعمل ولا ترخِ يدك محتجًّا أنك لازلت شابًا، لئلاَّ تقول في شيخوختك أنه قد ضاع وقت العمل.

لنُبكر مقدمين بكر أوقاتنا لعمل الرب، ولنبقى عاملين حتى نهاية زماننا، فإننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت، إن عشنا وإن متنا فللرب نحن.

إن كان مسيحنا من أجل محبته لنا صُلب وتألم ومات ليُقيمنا معه، يليق بنا نحن أيضًا أن نُجاهد بالحب معه وفيه، نُصلب معه لنقوم معه.

v     إن كان الرب يوم الجمعة صعد إلى الصليب، ويوم السبت استراح، ويوم الأحد قام من بين الأموات، هكذا العقل إن لم يصعد على الصليب ويذوق الخل والمرّ ثم يدخل إلى الراحة من الأوجاع لا يستحق القيامة من سقطته[216].

v     كما أن الأرض المفلَّحة تأتي بالزرع، هكذا الشبوبية لأجل حرارة حركاتها الحادة تُحب العمل الدائم لئلا بدل الزرع الصالح تُخرج الشوك والحسك… (البطالة رديئة جدًا)[217]

القدِّيس يوحنا سابا

v     يجب أن نموت عن الخطية ونُصلب مع المسيح، واضعين فيه كل حبنا. هذا أمر صعب. ولكن ما السهل في نظام الخير؟ لا تُكتسب الانتصارات في كثرة النوم، ولا تُجنى أكاليل الظفر في الملذات وصوت الأبواق… إن من يُجاهد ينتصر، وبالأتعاب نحصل على المجد[218].

القدِّيس باسيليوس الكبير

  1. دعوة عمل للشباب:

ينبغي علينا ليس فقط أن نُجاهد بروح الحب، وإنما أن نبكر في جهادنا، فنبدأ حياتنا مع الله في شبابنا، وقد كشف الجامعة عن دوافع الشركة مع الله في سن مبكر:

أ. “النور حلو، وخير للعينين أن تنظرا الشمس” [7].

إنها ليست دعوة عمل شاق فيه حرمان، بل دعوة تمتع بالنور العلوي، الذي يُعطي استنارة للعينين فيتطلع إنساننا الداخلي بهاء مجد الله ويدرك سماواته المفرحة… نراه شمس البر.

v     مدينة الإنسان الطاهر النفس هي في أعماقه، والشمس التي تسطع فيه هي نور الروح القدس[219].

v     اهرب من شهوات العالم ليلاقيك النور النابع من الآب، ويوصي بك ملائكته الخادمين لأسراره فيحرروك من قيودك، وتمشي مقتفيًا خطواته إلى (حضن) الآب[220].

v     الإيمان بالمسيح نور مُحيي وعقلِي[221].

مار إسحق السرياني

v     طوبى لمن استحق الدخول إلى هناك (بلد الروحانيين)، حيث تنظر النفس وجه ربها، وتذوق حلاوة إلهها وتبتهج، وتستنشق رائحته الطاهرة، وتنحبس في عمق عظمته، وتستضيء بشعاع حُسنه، وتلتصق به، ولا تُريد الخروج من هناك.

هذا هو الاختطاف الذي يسميه آباؤنا نظر مجد الله. هذا هو عربون العالم الجديد[222].

v     أنت يا ربي شمس المتعقلين، ومنك يستضيئون بغير انقطاع[223].

v     طوبى للذي يشخص إليك دائمًا في داخله، فإن قلبه يضيء لنظر الخفايا[224].

v     لا نقدر أن نعاين الشمس بدون الجو الصافي والعيون السليمة من المرض، هكذا لا نقدر أن نعاين شمس البر وهو في سماء القلب بدون الإيمان والمحبة والصبر[225].

القدِّيس يوحنا سابا

السيِّد المسيح هو نور العالم، ينير العينين، ينير العين اليمنى فتتطلع إلى الأبديات والروحيات من خلاله، وينير اليسرى فتتطلع إلى الزمنيات أيضًا من خلاله، فيرى المؤمن السيِّد المسيح متجليًا في حياته وتطلعاته الأبدية والزمنية، أو في عبادته وعمله اليومي… يرى كل شيء مقدسًا فيه.

ب. دعوة للفرح:

لأنه إن عاش الإنسان سنين كثيرة فليفرح فيها كلها…

افرح أيها الشاب في حداثتك،

وليسرك قلبك في أيام شبابك…” [8-9].

يكره الشاب الحيّ الغم، والله في حبه للإنسان يُريد له حياة الفرح الداخلي كطعام تقتات به النفس ويتجدد شبابها. تفرح في الأعماق وتُترجم فرحها خلال السلوك العملي، فيما يراه القلب. (الحياة الداخلية) وما تنظره العينان (السلوك الخارجي).

v     فضيلتان جميلتان هما المحبة والفرح.

المحبة تقتل حركات العقل الفاسدة وتُميتُها (كالغضب والحسد الخ)…

والفرح يوقظ ويحيي الحركات النورانية.

الجسد والنفس كلاهما يتنعمان في الرب بالمحبة والفرح[226].

القدِّيس يوحنا سابا

يرى أنبا أنطونيوس أن الفرح هو طعام النفس عليه تقتات لكي تنمو، ويرى القدِّيس باسيليوس الكبير أن الكآبة أو الحرمان من الفرح فيه تحطيم للإنسان الداخلي، إذ يقول: [إن الكآبة هي سُكرْ، لأنها تطفئ نور العقل وتطمُسْ النور فيه[227]].

يُطالبنا الحكيم أن نفرح كل أيام حياتنا [8]… فهل لا يمّر بنا حزن؟ في المسيح يسوع نتمتع بفرح الروح (غلا 5: 22) الذي لا يقدر العالم ان ينزعه من أعماقنا.

مما يزيد فرحنا أننا نتذكر أيام الظلمة الكثيرة [8]، نذكر كيف انتشلنا مسيحنا إلى النور، ونزع عنا ثقل خطايانا… نذكر ضعفنا فننسحق، ونذكر عمله الخلاصي فتتهلل نفوسنا.

لنفرح أيضًا لأنه إن دخلنا إلى الآلام إنما تهبنا الأمجاد في الرب، إذ يقول “على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة” [9].

ج. يؤكد الجامعة ارتباط الغم بالشر:

لنترك الشر نهرب من الغم، لنرتبط ببرّ المسيح ننعم بفرح روحه القدُّوس، إذ يقول “فانزع الغم من قلبك وابعد الشر عن لحمك” [10].

v     الفرح الذي في الله أقوى من هذا الزمان الحاضر، من يجده ليس فقط لا يهتم بالشهوات (الشريرة) بل ولن يُفكر حتى في حياته الخاصة، ولا في أمر آخر، إن كان قد حُسب بالحق مستحقًا لذلك الفرح[228].

مار إسحق السرياني

v     ابعد الحزن عن جسدك والغم عن أفكارك، عدا ما تسببه خطيتك إذ تجعلك في حزن دائم[229].

مار إفرام السرياني

فاصل

سفر الجامعة: 123456789101112

تفسير سفر الجامعة: مقدمة123456789101112

زر الذهاب إلى الأعلى