تفسير سفر إشعياء ٥٦ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح السادس والخمسون
في الآيات (1- 8) نجد عمومية الدعوة، فهي لكل إنسان تائب، حتى من الخصيان والغرباء والعبيد ولكن على المؤمنين أن يطيعوا الله ويتمسكوا به، ففي مقابل نعم الله علينا، فعلينا نحن واجبات ينبغي تنفيذها بجهاد حقيقي فنتقابل في الطريق. وفى الآيات (9- 12) المحرومون هم رعاة إسرائيل الذين انحرفوا وراء الربح والخمر وتركوا الرعية.
آيات (1، 2) هكذا قال الرب أحفظوا الحق و اجروا العدل لأنه قريب مجيء خلاصي و استعلان بري. طوبى
للإنسان الذي يعمل هذا و لابن الإنسان الذي يتمسك به الحافظ السبت لئلا ينجسه و الحافظ يده من كل عمل شر.
الحق والعدل بصورتهم الكاملة المطلقة لن يكونا إلا في السماء، ولكن علينا أن نحفظهم بقدر إمكاننا من الآن، أي كأننا نعيش حياة سماوية وذلك يكون الحفظ الوصية. قريب مجيء خلاصي = يقولها إشعياء فالخلاص باق له 700 سنة فقط. والأهم أن الخلاص قريب لكل أحد أن الكلمة في داخل القلب (رؤ 10 : 8) ويقولها إشعياء للمسبيين في بابل لينتظروا عودتهم من السبي على رجاء. ويقولها لليهود في إسرائيل بعد السبي لينتظروا مجيء المسيح الأول ويقولها لنا الآن لننتظر مجيء المسيح الثاني أو ننتظر كل واحد لقائنا معه على حدة بعد انتقالنا. السبت = يشير للسبت خصوصاً لأن في التمسك بالسبت تمسك بانتمائنا لله وللسماء، فالسبت يمتنع فيه الإنسان عن العمل ليتفرغ للرب ويذكر أنه غريب على الأرض. لذلك من أستطاع أن يكرس السبت للرب ويقدسه يعرف أن يكرس حياته كلها للرب. واستبدلت الكنيسة السبت بالأحد فهو يوم القيامة.. وفيه لا نطلب أحد سوى الرب.
آيات (3- 6) فلا يتكلم ابن الغريب الذي اقترن بالرب قائلا إفرازا افرزني الرب من شعبه و لا يقل الخصي ها أنا شجرة يابسة.لأنه هكذا قال الرب للخصيان الذين يحفظون سبوتي و يختارون ما يسرني و يتمسكون بعهدي.إني أعطيهم في بيتي و في أسواري نصبا و اسما أفضل من البنين و البنات أعطيهم اسما أبديا لا ينقطع.و أبناء الغريب الذين يقترنون بالرب ليخدموه و ليحبوا اسم الرب ليكونوا له عبيدا كل الذين يحفظون السبت لئلا ينجسوه و يتمسكون بعهدي.
كانوا في العهد القديم يهتمون بأن يكون لهم أولاد، ليبقى لهم إسم بعد موتهم، أما في العهد الجديد فنحن أحياء بالإيمان بالمسيح ولا أحد يهتم بأن يكون له أولاد ليظل حي فالملائكة ليس لهم أولاد، ولكنهم أحياء، والله يعطى للجميع حياة. ولذلك كان عند اليهود، لا يدخل الخصى إلى جماعة الرب فهو غير مثمر وعقيم والمعنى أن لا ينضم للمحافل ولا للكهنوت. وكذلك الغرباء لأنهم لا يشبهون شعب الله ولكن هؤلاء حينما دعوا للإيمان المسيحي لم يعودوا أشجاراً يابسة غير مثمرة. هم بعد أن قبلوا المسيح مخلصاً حل عليهم الروح القدس فتمسكوا بالإيمان وحفظوا السبت. وهكذا كم من الذين كانوا مرفوضين قبلاً صاروا قديسين عظماء (موسى الأسود).
آية (7) أتي بهم إلى جبل قدسي و أفرحهم في بيت صلاتي و تكون محرقاتهم و ذبائحهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب.
هنا نرى أفراح العبادة في المسيحية، والصلاة في ارتفاعها للسماويات على جبل الرب.فالكنيسة بيت صلاة سماوي، من يدخله لا يصير غريباً عن الله ويحيا في فرح.
آية (8) يقول السيد الرب جامع منفيي إسرائيل اجمع بعد إليه إلى مجموعيه.
وأجمع بعد إليه = الله يجمع المؤمنين من كل الأمم ويضمهم للكنيسة ويصيروا مثمرين بلمتئمين (نش 4 :2)
العقيم يتحول لمتئم (أى يلد توأم)
آيات (9 -12) يا جميع وحوش البر تعالي للأكل يا جميع الوحوش التي في الوعر.مراقبوه عمي كلهم لا يعرفون كلهم كلاب بكم لا تقدر أن تنبح حالمون مضطجعون محبو النوم. و الكلاب شرهة لا تعرف الشبع و هم رعاة لا يعرفون الفهم التفتوا جميعا إلى طرقهم كل واحد إلى الربح عن أقصى. هلموا اخذ خمرا و لنشتف مسكرا و يكون الغد كهذا اليوم عظيما بل أزيد جدا.
من يبقى خارج الكنيسة يتعرض للوحوش المفترسة فهو بلا رعآية. هنا نرى مصير اليهود الذين رفضوا المسيح فسيترك الله عليهم جميع الوحوش = أي أعداء إسرائيل وهذا ما حدث من الرومان سنة 70 م. وهؤلاء الوحوش سيأتون بأمر الرب لأنه يقول تَعَالَى. وللأسف فهذا الشعب كل مراقبوه عمى = أي كهنتهم ومعلميهم الذين يفسرون لهم الكتاب المقدس. فكل من يقرأ الكتاب المقدس، العهد القديم ولا يرى المسيح فهو أعمى معاند. كلاب بكم = عمل الكلب أن ينبح ليحذر أصحابه عند إقتراب خطر، ولكن هؤلاء لا يقومون بهذا الواجب، فالخطر يقترب بلا محذر يحذرهم. وعلى كل خادم أن يفهم أن عمله هو تحذير مخدوميه وأن لا يسكت على خطاياهم. وهم ليسوا بُكماً فقط بل شرهين للأموال نائمين غير مبالين بما سوف يحدث من هلاك لرعيتهم. بل الأسوأ أنهم غارقين في ملذاتهم = هلموا آخذ خمراً = هذا كلام كاهن لآخر تعال نسكر ولا تهتم فالغد سيكون أحسن من اليوم.