ارواحنا تشبع بالخدمة

 

تعلمنا الكنيسة أن نقتدي بالسيد المسيح ، ونحاول أن نصل للكمال بقدر إمكاننا ، وبما أننا أعضاء في الكنيسة وفي جسد المسيح الواحد ، لذا يجب علينا كأشخاص أن نخدم في مجال الكنيسة ، ولكن ليس فقط كخدام منتظمين في خدمة التربية الكنسية ، أو أخوة الرب أو الوعظ بل يمكن أيضا أن نخدم من أي موقع ، فالخدمة يمكن أن تكون في المنزل كخدمة أسرتی ، والدي ، أو اخوتي أو أبنائي وزوجتي ، ويمكن أن تكون خدمة لمن معي في الشارع أو العمل وبهذا يمكن أن نشبع بالمسيح ونشبع الأخرين أيضا فكما يقول الكتاب : “النفس السخية تستمن والمروي هو أيضا يروی” ( أم 25:11).

وكما تعلمنا من السيد المسيح نفسه الذي كان يخدم في أي وقت أو مكان لذا قيل عنه “ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل لخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ” ( مت 28:20 ) . ولهذا كان السيد المسيح محبوباً لدى الكثيرين وكان بالطبع محباً لجميع الناس ولهذا قال القديس بولس الرسول : ” بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً” ( غل 13:5 ) فالخدمة هي محبة تعطی للآخرين والمحبة تظهر في الخدمة وكما أوصى السيد تلاميذه بأن يحبوا بعضهم بعضا فلهذا قال لهم : ” اكرزوا بالانجيل للخلیقة کلها”(مر15:16) .. وبهذه الطريقة يمكن لنا أن نكون مشبعين‏ بالسيد المسيح ومحبين له.

وسنعرض الآن أكثر من أسلوب لخدمات يمكنك أن تقوم بها في منزلك أو عملك أو مع أي أحد لكي تشبع بالمسيح وتقتدي به.

1- خدمة التعليم

– أن تتدرب من خلال أسرة إعداد الخدام لتصير خادماً بالكنيسة وهذه هي الخدمة الواضحة والتي يعتقد الجميع أنها هي الخدمة الوحيدة التي يمكن أن يقدمها المسيحي ولكن هي نوع من أنواع كثيرة وفرص كثيرة للخدمة .
– أن تسام شماسة ، تخدم المذبح ، وتدرس كلمة الله وتقدمها للأخرين وهي  الخدمة الطقسية ومجالها الكنيسة والطقوس وخدمة الأسرار.
– أن تصير شماس افتقاد ، أو تصيرين شماسة افتقاد ، للأسر والعائلات ، كمعاونة أساسية للكاهن في الخدمة والرعاية والتعليم وهي خدمة متاحة لكي نصل بالمسيح لكل البيوت .
– أن تساعد في خدمة الأماكن الشعبية والقرى ، ليتعلم الأطفال والشباب والكبار حقائق الإيمان المسيحي وهي خدمة جميلة تنقل الكنيسة لأماكن قد لا توجد بها كنائس لخدمتهم ولكنها تحتاج لمن يقودنا وتكون من خلال تدريب وترتيب الأب كاهن أو خادم متميز .
– أن تكتب نبذة أو مقالاً نافعا ، أو دراسات أو كتايا تعليميا .. كل حسب موهبته وعطية الله له ، ولكن يجب أن تكون هذه الكتابات من خلال الكتاب المقدس وكتابات الآباء وبمراجعة لأب أسقف أو أب كاهن لكي لا تكون آراء شخصية تضر أكثر مما تنفع .

2- خدمة الافتقاد

إن الكثير من المؤمنين غير منتظمين في حضور الإجتماعات الكنسية ، والقداسات الإلهية ، بل منهم أعدادا كبيرة لم تقترب أصلاً من طريق المسيح .. وهذه مسئوليتنا : أن تتكون في كل كنيسة مجموعات افتقاد ، مجموعة من الكبار لافتقاد العائلات ( بعد تقسيم المنطقة إلى مربعات جغرافية ) ، ومجموعة لافتقاد الأطفال ، وثالثة للفتيان ، ورابعة للشباب ، وخامسة للخريجين ، وسادسة للمخطوبين والمتزوجين حديثاً .. فالرعاية تبدأ من المنزل ، وعلى الخدام أن يقدموا كلمة الله حين يزورون المخدومين في البيوت ، تمهيدا لإرتباطهم الدائم بالكنيسة في إجتماعاتها وقداساتها وخدماتها.

3- خدمة الصلاة

وهي أهم وأقوى خدمة في الكنيسة .. ويمكن أن يقوم بها الإنسان بمفرده ، أو مع أسرته ، أو مع مجموعة خدام ، يطلبون فيها تدخل الرب وأنسكاب روحه القدوس ، وعمل نعمته في الإجتماعات والخدمات المتنوعة . فالصلاة هي روح العمل ، والتيار الإلهی ، الذي بدونه تتحول الخدمة إلى جسد ميت ليس فيه فعل حقيقي ولا ثمر !! ولا ننسى أن الصلاة في حد ذاتها هي خدمة قوية لا تحتاج الإجتماعات أو كنائس ، بل يمكن أن أقوم بها في أي وقت ، ونصلي لأجل الجميع ، وتعلمنا الكنيسة في صلوات القداس الإلهي أننا نصلى لأجل كل شيء حتى الحيوان والجماد والهواء ، ولا ننسى أن هناك ما يسمى بالمذبح العائلي الذي تقف وتصلى فيه كأفراد المنزل الواحد ، ومنه نتحد ونقوی كأسرة مترابطة ، ومنها يتعلم الأطفال الصغار الإرتباط بالصلاة من صغره ، كما أنه يمكن عمل إجتماعات للصلاة في الكنائس تخصص للمشاكل أو الأزمات التي تتعرض لها ، ولا تنسى الصلوات الجماعية مثل القداس الإلهي ، أو العشيات أو التسبحة والتي هي وجبة مشبعة وشهية لأرواحنا .

4- خدمات المحبة

هذه ما أكثرها ، كزيارة مريض ، أو رعاية فقير وهي التي قالها السيد المسيح ” لأني جعتت فأطعمتمونی عطشت فسقيتموني . كنت غريباً فآويتمونی . عُرياناً فكسوتمونی . مريضاً فزرتمونی . محبوساً فاتيتم إلىَّ ” ( مت 36،35:25 ) ، أو افتقاد بيوت المسنين والمكفوفين والمعوقين والتي أشار إليها القديس يعقوب الرسول : ” الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقهم ، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم ” ( یع 27:1 ) ، أو أعمال مكتب الخدمات الإجتماعية بالكنيسة ، أو الحضانة ، أو نشاطات الكنيسة المتنوعة : مالياً وإدارياً واجتماعياً ووطنياً ، أو أجراء مصالحات ، أو علاقات عامة ..

إن الكنيسة الحية هي القادرة على أن تحول كل أعضائها إلى خلايا نحل نشطة ، لا تكف عن الصلاة والتعليم والرعاية والنشاط ، لكي تصل كلمة الله والرعاية الحقيقية إلى كل نفس ، ولكي تصل بكل نفس إلى حضن المسيح وحظيرة الكنيسة ! وأهم ما يجب أن نلحظه ، أن الخدمة – رغم أنها عطاء للآخر- إلا أن لها بالضرورة مردود على صاحبها ومقدمها. أي أن الخادم هو المستفيد الأول من خدمته . لذلك يجب أن تخدم بكل طاقاتنا ، لمجد الرب ، وإمتداد ملكوته، ونمو حياتنا الشخصية وبناء ملكوت الله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى