تفسير سفر اللاويين ٣ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الثالث
ذبيحة السلامة
هى ذبيحة يقدمها مقدمها ليشكر الله على سلامته. هى ذبيحة شكر تقرب لأجل الشكر. هى ذبيحة إنسان يشعر أن الله أعطاه سلام ونعم كثيرة فيأتى ليقدم هذه الذبيحة ليفرح الله مع شعبه ويشرك الكل فى الفرح ونلاحظ هنا ملاحظتين :-
1- أتت ذبيحة السلامة هنا بعد ذبيحة المحرقة وتقدمةالدقيق مما يعنى أننا لم يكن ممكناً لنا أن نشعر بالسلام إلا بعد الصليب وبعد أن قدم المسيح حياته لنا، فصار لنا حق البنوة وحق مشاركة الله. “سلامى أترك لكم….” + رو 5 : 1
2- فى طقس ذبيحة السلامة (إصحاح 7) أتت ذبيحة السلامة بعد طقس ذبائح المحرقة وتقدمة الدقيق وذبائح الخطية والإثم والسبب واضح فى لا 7 : 20 “أما النفس التى تأكل لحماً من ذبيحة السلامة التى للرب ونجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها” فكان الله يريد أن يقول علينا أن نتطهر من خطايانا قبل أن نتقدم لنأكل من هذه الذبيحة. أليس هذا هو نص ما قاله بولس الرسول عن التناول من جسد الرب ودمه “إذاً أى من أكل من هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون إستحقاق يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه… من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون 1كو 11 : 27 – 31. هى ذبيحة سلامة” ولا سلام قال الرب للأشرار”
+ ذبيحة السلامة هى الذبيحة الوحيدة التى يأكل منها الكاهن ومقدمها وأصدقاؤه ومعارفه مع نار المذبح. وهى تقدم للشكر والعرفان بجميل الله ووفاء للنذور. إذاً هى تمثل نوعاً من الشركة، شركة مع الله ومع الناس لذلك هى تمثل سر الإفخارستيا.
+ هناك مبدأ عام أن من يأكل من لحم فريسة يكون شريكاً للوحوش المفترسة التى إفترست هذه الفريسة لذلك يمنع أكل لحم أى فريسة. ومن يأكل مما ذبح للأوثان يكون شريكاً للشيطان (هذا إذا أكله بغرض العبادة) كذلك من يأكل من مائدة الرب يكون شريكاً للرب وشريكاً لإخوته المؤمنين. ونحن نشترك معاً فى جسد المسيح ونشترك فى الحياة التى نأخذها منه. فنحن ضيوف على مائدة الرب. (1كو 10: 15 – 21)
+ وذبيحة السلامة تمثل حياة العابد فى حياة المصالحة مع الله ومع الناس فهى :-
1- صلح وسلام بين الله والناس
2- شركة مع الله ومع بعضنا البعض
ونار المذبح تأكل الشحم والدم يسفك على المذبح إشارة لقبول الله للذبيحة. لذلك لا يؤكل منها إن لم يقدم منها لله أولاً. فلن يكون لنا سلام قبل إرضاء الله أولاً.
+ هنا يسمح بإستخدام إناث الحيوانات فهذه الذبيحة تشير لشركة الله مع كنيسته والكنيسة عروس المسيح “الأنثى التى تحيد برجل أر 31 : 22. وهذه هى نبوة يعقوب ليهوذا إبنه (تك 49 : 9) يهوذا جرو أسد. من فريسة صعدت يا إبنى جثا وربض كأسد وكلبوه من ينهضه. والمعنى أن يهوذا رمز للمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا وهو قُدِم أو قَدَم نفسه كفريسة بأن جثا وربض عل الصليب ولكنه لم يكن خضوع الضعيف بل كان كأسد فهو الذى خرج غالباً فى معركة الصليب ولكن أنظر من الذى جثا وربض ؟ (كأسد وكلبوه هو المسيح وكنيسته عروسه) وهكذا رأينا فى ذبيحة المحرقة الرأس والأعضاء على المذبح مرة أخرى الأسد واللبؤة على الصليب وفى تقدمة الدقيق نفس الصورة قطع الخبز والفريك وفى ذبيحة السلامة يمكن تقديم ذكور أو إناث إذاً هى نفس الصورة.
+ هنا لا نسمع عن سلخ وتقطيع وغسل فهى ذبيحة الشركة الحقيقية يشتمها الله رائحة سرور. وفى نفس الوقت يقدمها مائدة شهية للإنسان “ترتب قدامى مائدة تجاه مضايقى (مز 23 : 5) وهى وليمة سمائيه (أش 25 : 6) + مت 22 : 1-4
+ إعتاد أباؤنا الأساقفة حتى اليوم عند بلوغهم أية مدينة أن يقدموا صلاة شكرلسلامتهم
+ الإفخارستيا هى ذبيحة السلامة والشكر التى تقدمها كنيسة العهد الجديد، إذ كلمة إفخارستيا فى اليونانية تعنى “الشكر” فيح ننعم بجسد الرب ودمه ننال طبيعة الشكر الداخلية.
لا تقدم هنا طيور فهى لا تصلح لوليمة، إنما يلزم تقديم تقدمة كبيرة وكاملة هى تقدمة الإنسان الناضج روحياً الذى ينعم بسلام الله الكامل فى حياته الداخلية الذى أعطاه المسيح “وأما الطعام القوى فللبالغين” عب 5 : 14. وهى تعبر بالتالى عن أن الإنسان الذى ينعم بهذا السلام والنضج عليه أن يشرك الآخرين معه “من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى” هى تجرى لتفيض على الآخرين. ولذلك فمقدم هذه الذبيحة يدعو الآخرين معه ليبتهج الجميع فهى أكثر الذبائح تعبيراً عن الفرح الداخلى لذا كانت تسمى تقدمه الكمال وكانت تقدم فى المناسبات المفرحة ومثل ذلك سيامة الكهنة (خر 29 : 19 – 28 + لا 8 : 22 – 32 ) وكانت تقدم فى عيد الخمسين (23 : 19، 20)
+ الشحم كان يعتبر أفخر نصيب من الذبيحة لذلك كان يقدم لله. والشحم عادة يحيط بأعضاء الإنسان الحساسة بالجسد وحين تأكله النار يذكرنا هذه الآية “أميتوا أعضائكم التى هى على الأرض ” فكل أعضاؤنا يجب أن نقدمها محرقة لإرضاءه وقود رائحة سرور للرب. هذا بالإضافة لفائدة صحية فالشحم يضر بصحة الإنسان
+ يجب أن نقدم الشكر لله عن كل ما أعطاه لنا “فليست عطية بلا زيادة إلا التى بلا شكر”
+ كانت الذبيحة تقسم بين الرب والكاهن ومقرب الذبيحة
1- نصيب الرب :- هو الشحم والإلية (فى حالة الغنم) ومقصود بالشحم هو الشحم الذى يغشى الأعضاء الداخلية والكليتين وزيادة الكبد وهذه غالباً غشاء دهنى يحيط بالكبد وفى بعض الترجمات (المرارة).
2- نصيب الكاهن :- الصدر والساق اليمنى الأمامية (صدر الترديد وساق الرفيعة)
3- نصيب المقدم :- باقى لحم الذبيحة وكان يأكله مع أهله وأصدقاؤه والفقراء الذين كان يدعوهم بشرط أن يكون الجميع أطهاراً. ولا معنى للإنفراد فى ذبيحة السلامة بل هى للشركة والكاهن المسيحى لا يستطيع أن يقيم قداس منفرداً بل لابد أن يكون هناك شعب لتكون هناك شركة
إذاً هى شركة وصداقة بين الله والكهنة والشعب وفى أكل مقدم الذبيحة من لحم ذبيحته فكرة أن هناك بركة تنتقل إليه
آية 1 :- و ان كان قربانه ذبيحة سلامة فان قرب من البقر ذكرا او انثى فصحيحا يقربه امام الرب.
وإن كان = فهى بالنسبة للأفراد ذبيحة إختيارية وفى أمثلة لذلك راجع 7 : 11 – 15 ذبائح الشكر + 7 : 16 – 21 + 22 : 21 – 25 وهذه ذبائح النذر والنافلة. وكانت تقدم إجبارياً عند سيامة الكهنة خر 29 : 10 – 14 وسمعنا عن تقديمها فى مناسبات عامة مثلاً عن تنصيب شاول الملك 1صم 11 : 15. فصحيحاً = أى بلا عيب فهذه الذبيحة تشير للمسيح الذى بلا خطية، وهو الوحيد الذى بلا عيب والذى نجد سلامنا فيه لذلك فكل من يبحث عن السلام خارج المسيح لا يجده لأنه يبحث عنه فى أماكن بها عيوب “سلامى أترك لكم سلامى أنا أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا”
آية 2 :- يضع يده على راس قربانه و يذبحه لدى باب خيمة الاجتماع و يرش بنو هرون الكهنة الدم على المذبح مستديرا.
يضع يده على رأس = هنا يضع مقدم الذبيحة يده على رأس الذبيحة ولا ينطق بإعتراف بخطاياه بل ليشكر الله على إحساناته. فوضع اليد هنا للشكر والفرح.ومعناها أن المسيح هو مصدر هذه النعم التى نشكر عليها فهو صلب ليعطينا هذه النعمة التى نحن فيها مقيمون “رو 5 : 1، 2.وعلينا أن نعترف بعطايا الله كما نعترف بخطايانا وهكذا يمتزج الفرح بالرجاء مع حزن التوبة معاً بلا تناقض.لدى باب خيمة الإجتماع = أى عند مذبح المحرقة. ويرش بنو هرون الدم = فهذه الذبيحة ولو أنها ليست ذبيحة خطية إلا أن العيون كانت دائماً وما زالت دائماً يجب أن تكون متجهة للدم الذى يغفر.
آية 3 :- و يقرب من ذبيحة السلامة وقودا للرب الشحم الذي يغشي الاحشاء و سائر الشحم الذي على الاحشاء.
وقوداً للرب وفى (5) وقود رائحة سرور للرب وفى (11) طعام وقود للرب أى طعام النار لأنها كانت تحرق للرب وكانت تسمى طعام الرب أيضاً (عد 28 : 2) وكان الكاهن يسمى بمقدم طعام الله وخبز الله (لا 21 : 6، 8، 17 ) وهو سمى كذلك ليس لأن الله يأكله بل هو مقرب إكراماً لجلاله. وهذا لا علاقة له برفع الخطية وإلا لما قال رائحة سرور
الشحم = هو نصيب الرب فى هذه الذبيحة. ونصيب الرب هو الشحم الذى يغشى الأحشاءوالمتصل بها. ولكن الشحم الذى يتخلل اللحم فمسموح بأكله. والشحم هو الجزء الذى يشتعل من الذبيحة فالله يطلب من الإنسان أن يلتهب محبة لله وإذا كان الشحم هو نصيب الله فعواطفنا وعبادتنا يجب أن تكون لله وحده. وإشارته للشحم الذى الأحشاء معناه أن الله يطلب الداخل أى القلب والمشاعر قارن قول بولس الرسول…. “إن كانت أحشاء ورأفة…” فى 2 : 1 + كو 3 : 12 – 15 + لو 1 : 78.والشحم هو مصدر طاقة لذلك إذا طلب تقديم الشحم الذى يغشى الأعضاء لله فالله يطلب كل طاقاتنا نقدمها له بمحبة ملتهبة فيتقدس الله الكل وفى هذا يقول بولس الرسول أن نحول أعضائنا من ألات إثم إلى ألات بر رو 6 : 13 والنتيجة أن يكون لنا سلام الله الذى يفوق كل عقل (فى 4 : 7 ). ومن يقدم أعضاؤه ألات بر يمتلئ بالروح القدس بل يلتهب به فيكون “فضل القوة لله لا منا 2كو 4 : 7”
آية 4 :- و الكليتين و الشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين و زيادة الكبد مع الكليتين ينزعها.
الذى على الخاصرتين = أى الحقوين وراجع أش 21 : 3 “لذلك إمتلأت حقواى وجعا، فالخطية تسبب الوجع أما الإمتلاء بالروح فهو قوة. فحينما تقدم شحم الحقوين لله أى كل طاقاتنا يعطينا الله قوة ونصبح أشداء فى خدمته.
وطبياً فالشحم مضر فهو غنى بالكلسترول ويحمل كثيراً من الأمراض المعدية.
وزيادة الكبد = قد تكون غشاء غنى بالشحوم حول الكبد أو تكون المرارة كما وردت فى ترجمات أخرى. عموماً فالمطلوب نزعه وتقديمه هو ما يشير للأجزاء الغنية بالشحم.
آية 5 :- و يوقدها بنو هرون على المذبح على المحرقة التي فوق الحطب الذي على النار وقود رائحة سرور للرب.
على المحرقة = أى على بقايا ذبيحة المحرقة اليومية. ويكون هذا الشحم كوقود مستمر للمذبح الذى إشتعل بالمحرقة كأنه إستمرار لها. وفى إلتمام ذبيحتى المحرقة مع السلامة نرى عمل الصليب أوضح فالمسيح قدم نفسه محرقة ليعطينا السلام.
الآيات 6 – 11 :- و ان كان قربانه من الغنم ذبيحة سلامة للرب ذكرا او انثى فصحيحا يقربه. ان قرب قربانه من الضان يقدمه امام الرب. يضع يده على راس قربانه و يذبحه قدام خيمة الاجتماع و يرش بنو هرون دمه على المذبح مستديرا. و يقرب من ذبيحة السلامة شحمها وقودا للرب الالية صحيحة من عند العصعص ينزعها و الشحم الذي يغشي الاحشاء و سائر الشحم الذي على الاحشاء. و الكليتين و الشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين و زيادة الكبد مع الكليتين ينزعها. و يوقدها الكاهن على المذبح طعام وقود للرب.
نفس الكلام كما فى ذبيحة البقر مع فارق واحد. الإلية صحيحة من عند العصعص = والإلية هى الجزء السمين الذى يوجد فى ذيل الغنم وينزعها من العصعص أى من عند آخر فقرة من فقرات العمود الفقرى والمقصود نزعها كلها فالله يريد القلب كله له غير منقسم فالإلية عضو كله دهن وكانت تعتبر وما زالت تنعماً. وقد تصل فى الحيوان البالغ إلى 5 كيلو جرام. وراجع نح 8 : 10 لترى محبة الشعب لأكل السمين ولكن كان المسموح بأكله هو ما بين اللحم.
الآيات 12 – 16 :- و ان كان قربانه من المعز يقدمه امام الرب. يضع يده على راسه و يذبحه قدام خيمة الاجتماع و يرش بنو هرون دمه على المذبح مستديرا. و يقرب منه قربانه وقودا للرب الشحم الذي يغشي الاحشاء و سائر الشحم الذي على الاحشاء. و الكليتين و الشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين و زيادة الكبد مع الكليتين ينزعها. و يوقدهن الكاهن على المذبح طعام وقود لرائحة سرور كل الشحم للرب.
الماعز هنا يشير لتقدمة الفقراء مثل الطيور فى ذبيحة المحرقة.
آية 17 :- فريضة دهرية في اجيالكم في جميع مساكنكم لا تاكلوا شيئا من الشحم و لا من الدم
لا تأكلوا شيئاً من الشحم = كان هذا المنع سارياً حتى على ذبائح المنازل التى يأكلونها كلها فى بيوتهم وليس فقط على ذبائح الرب لأنه كما قلنا لو كان الشحم يشير للمشاعر والعواطف التى يجب أن تتجه لله فقط. فإذا لا يجب أن تعطى هذه المشاعر لسواه ” من أحب أباً أو أماً……أكثر منى فى يستحقنى”
ويبدو أن كهنة اليهود كسروا هذه الوصية ولهذا يشير حزقيال فى 3:34 “تأكلون الشحم ” وهذا كان يمنع أكله. فكل الشحم للرب آية (16) ولا من الدم هذه الوصية قديمة راجع “تكوين 4:9 غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوا “.
والله أعطاهم هذه الوصية، لنوح وبنيه حينما صرح لهم بأكل اللحم لأول مرة. وقد كان المصرح لهم أن يأكلوا من الثمار فقط. لكن حين سمح الله بأكل اللحم منع شرب الدم. فالدم يشير للنفس أى للحياة. والحياة هى لله، ويقدم الدم لله فقط ففيه فكرة فداء نفس بنفس أخرى. إذاً الدم مكرس أى يقدم لله فقط. وهكذا كان تعليم الكنيسة أع 29،28:15
بالإمتناع عن الدم. بالإضافة أيضاً إلى أن شرب الدم فيه شراسة تؤدى لقساوة القلب.
والمسيح أعطانا دمه لنشربه ففيه حياة ” من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية يو 54:6
ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم
هما ذبيحتان لهما شريعة واحدة تقريباً نرى المسيح فيهما حاملاً خطايانا ولعنتنا.ولكن لماذا شرح الوحى هذا مستخدماً ذبيحتين وليس ذبيحة واحدة ؟
حينما أخطأ أبونا آدم وسقط إنفصل عن الله وهذا ما رأيناه عملياً فى موته فالموت إنفصال عن الله. وكانت هناك نتيجة أخرى لهذا الإنفصال وهى أن طبيعة آدم اصبحت طبيعة ساقطة ومتمردة. هذا ما عناه بولس الرسول بقوله “الخطية الساكنة فىَ رو 7 : 17. وكانت مظاهر سكن الخطيئة فينا إنفصال إرادتنا عن إرادة الله،أى ظهور الأنا ماذا أريد أنا ؟ ماذا أشتهى أنا ؟ ولم يعد ما يريده الله هو ما أشتهيه أنا. الخطية هى تمركز حول الذات والقداسة هى وحدة مع الله هذا ما رأيناه فى المسيح “إرادته الذاتيه هى أن يرفع عنه أبوه الكأس لكن فلتكن إرادة الآب وليس إرادته. وهذا ما صنعه لنا المسيح بتجسده فقد أعطانا أن نكون واحداً معه يو 17 : 20 – 23 وبإتحادنا بالمسيح الحى صارت لنا حياة وإنكسرت شوكة الموت، وبإتحادنا بالمسيح الكلى القداسة أصبح لنا إمكانية القداسة إذا أصبحنا نسلك بحسب الروح وليس بحسب الجسد فالسلوك بحسب الجسد وشهواته إرتداد للأنا والتمركز حول الذات والإنفصال عن الله وبالتى الموت أما السلوك بحسب الروح ففيه ثبات فى المسيح وحياة. وليشرح الوحى هذه الحقيقة إستخدم ذبيحتان. الأولى ذبيحة الخطية لتشرح أن المسيح إفتدى طبيعتى الخاطئة والثانية ذبيحة الإثم لتشرح كيف أن المسيح إفتدى أيضاً أعمالى الآثمة التى نتجت عن طبيعتى الساقطة.
فالخطية ساكنة فىَ، طبيعتى أننى خاطئ متمرد. أما الإثم فهو ثمار هذه الخطية فالخطية فى طبعناوذبيحة الخطية تكفر عن الخطية الأصلية أو الجدية التى فى طبيعتى. هذه الذبيحة تعبر عن وضعى أثناء الخطية، ماذا كنت أثناء فعل الخطية أما ذبيحة الإثم فهى تكفر عن الخطية التى صنعتها أى عن ماذا فعلت أثناء الخطية. ولأن الإثم الظاهر هو الذى يسهل ملاحظته أما الطبيعة الساقطة لا يسهل إدراكها إستخدم الوحى ذبيحتان للتعبير عن ذلك. والإنسان الروحى المبتدئ يبكى على الخطايا الظاهرة التى يصنعها أما الإنسان المتقدم روحياً فهو يبكى أيضاً طبيعته الساقطة فهو يؤلمه أنه حين يريد أن يفعل الصلاح يجد الشر أمامه، وهذا يتسبب فى صراع داخلى يؤلمه فالروح يشتهى ضد الجسد والجسد يشتهى ضد الروح. الروح يشتهى السماويات أما الجسد المتمركز حول الأنا واللذة يجذب لأسفل هذا ما جعل بولس يصرخ قائلاً “ويحيى أنا الإنسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت رو 7 : 14 – 24. شكراً للمسيح الذى صلب ليفدى طبيعتنا الخاطئة وأيضاً أعمالنا الخاطئة.
+ ولأن الخطية والإثم متداخلان، تداخل الكلام عنهما مثل ذبيحة لإثمه عن خطيته لا 5 : 5، 6 وهذه الآيات تشير كيف أن الإثم صادر عن الخطية الساكنة فى الداخل.
+ فى ذبيحة الخطية نرى أشخاص الخطاة، رئيس الكهنة، الجماعة، الرئيس، فرد عادى من الشعب ويأتى المخطئ بذبيحته التى تتدرج من ثور إلى تقدمة دقيق ويعترف المخطئ بخطيئته وتقدم الذبيحة. إذاً هنا نرى أشخاص فالكل أخطأ وهذا يشير لفساد الطبيعة البشرية (الخطيئة الأصلية أو الجدية) أما فى ذبيحة الإثم لا نرى أشخاص الخطاة بل نرى أفعال معينة، وصف لخطايا هى ثمر الطبيعة الساقطة. وهنا فى ذبيحة الإثم لا نرى تدرجاً فالذبيحة هى هى لا تتغير، كبشاً صحيح وهذا معناه ببساطة أن من أخطأ فى واحده فقد أخطأ فى الكل وأى خطية مهما كانت صغيرة تحتاج لفداء متساوى.
+ فى ذبيحة الخطية نرى تدرج المسئولية الأدبية فرئيس الكهنة خطيته لا تساوى خطية فرد عادى من أفراد الشعب فهو قدوة وقد يعثر آخرين وهو مسئول عنهم أيضاً لذلك تدرجت أنواع الذبائح فى ذبيحة الخطية.
+ فى ذبيحة الخطية نرى شخصاً خاطئاً يأتى طالباً التكفير عن نفسه كخاطئ أما فى ذبيحة الإثم نرى بعض الخطايا التى تحتاج لتكفير وهذه تم تقسيمها لخطايا ضد أقداس الله وأخرى ضد الناس ولكن بينما هى ضد الناس فهى فى حقيقتها ضد الله
+ إذاً ذبيحة الخطية تقيم الناس بالنسبة للخطية (كاهن – جماعة – رئيس – فرد) أما ذبيحة الإثم فهى تقيم الخطية بالنسبة لله (خطية ضد أقداس الله – خطية ضد الناس) ذبيحة الخطية تقدم تكفيراً عن مقدم الذبيحة أكثر منها ذبيحة عن خطية معينة حتىوإن قدمها الإنسان بمناسبة إرتكابه خطأ معين لذلك نجد الذبائح العامة التى تقدم فى الأعياد والمناسبات هى ذبائح خطية. أما ذبيحة الإثم تكفيراً عن إثم معين ارتكبه مقدم الذبيحة ضد الله أو ضد إنسان.
+ ويتضح أيضاً من طقوس ذبيحتى الخطية والإثم أن ذبيحة الخطية تقدم عن إنسان إرتكب خطأ معين لا يحتاج معه إلى تعويض الآخرين عنه فخطأه هذا لم يصب أحد بضرر سواه. أما لو كان خطأه هذا قد تسبب فى إضرار الغير فعليه أن لا يكتفى بالذبيحة (وهنا تكون الذبيحة ذبيحة إثم) ولكن أن يصلح ما أفسده بل يدفع غرامة أيضاً. قبل الناموس قدم الأباء ذبائح محرقات وذبائح سلامة ولم نسمع عن تقديم ذبائح خطية إلا نادراً وحتى أيوب حين قدم محرقاته قال “ربما أخطأ بنى” أما ذبائح الخطية فقد نص عليها الناموس. فبدون ناموس لا توجد معرفة الخطية (رو 3 : 20 + 5 : 13 ) فالخطية هى تعدى على الوصية.
بين ذبيحة الخطية وذبيحة المحرقة :-
1- لسان حال المسيح كذبيحة محرقة هو “الكأس التى أعطانيها الآب ألا أشربها” طاعة كاملة أما لسان حاله كذبيحة للخطية “يا أبتاه إن أمكن أن تعبر عنى هذه الكأس” فهو سيحمل خطايا العالم كله ولعنة البشر. فكيف يمكن تقديم ذبيحة واحدة لتعبر عن هاتين الحالتين من هنا نرى أهمية تعدد الذبائح.
2- كانت النغمة التى تتردد فى ذبيحة المحرقة أنها محرقة وقود رائحة سرور للرب فهى تعبر عن الطاعة الكاملة أما فى ذبيحة الخطية ولأنها تعبر عن خطايا فلم نسمع هذه الجملة إلا مرة واحدة 4 : 31 لأن المسيح القدوس أطاع وقال “لتكن لا كإرادتى بل كإرادتك”
3- لم نسمع عن السلخ والتقطيع فى ذبيحة الخطية مثل ذبيحة المحرقة. فذبيحة المحرقة مقدمة للآب الذى يعرف كل شئ عن قداسة الإبن أما ذبيحة الخطية فموجهة للإنسان الذى يجهل أعماق ما قدمه المسيح.
تفسير لاويين 2 | تفسير سفر اللاويين | تفسير العهد القديم |
تفسير لاويين 4 |
القمص أنطونيوس فكري | |||
تفاسير سفر اللاويين | تفاسير العهد القديم |