تفسير سفر العدد ٢٣ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثالث والعشرون
نبوات بلعام
آية1:-
كثرة المذابح علامة واضحة على العبادة الوثنية (هو11:8) بينما كان الأباء يقيمون مذبحاً واحداً. وقد تعود الوثنيون أن يقدموا ذبائح لآلتهم بغية رفع المصاب ورقم 7 هو رقم كامل عند كثير من الشعوب.
ملحوظة هامة:- نجد هنا مؤامرة تتم فى الخفاء بين بالاق وبلعام وشيوخ موآب وشيوخ مديان وبين الشيطان يحرك كل هؤلاء والشعب لا يعلم لكن الله الذى لا ينعس ولا ينام هو يحمى شعبه دون حتى أن يعلموا أو يطلبوا.
آية4:-
ربما يتفاخر هنا بلعام بأنه أقام للرب 7 مذابح وقدم ذبائح عليها = قد رتبت أو هو يتحلق الله ليوافق لهُ على أن يلعن الشعب فيحصل على المكافأة. ومع أن هناك أخطاء إلا أن الله أراد أن يشهد بلعام للحق أمام الأمم.
النبوة الأولى :- الآيات 7-10 الكنيسة جسد المسيح
كيف ألعن من لم يلعنه الله = شعب المسيح جسده السرى الذى كان إسرائيل رمزاً لهُ لا يُلعن فلا سلطان لأحد عليه. فهو له طبيعة جديدة على صورة خالقه لا يمكن أن تُلعن أو تشتم طبيعة تبررت وتقدست فى دم السيد المسيح
إنى من رأس الصخور أراه….. هو ذا شعب يسكن وحدهُ وبين الشعوب لا يُحسب
بلعام الآن على البجل يرى شعب الرب معزولاً عن الشعوب الوثنية متميزاً عنها ولا يشبهها.
وإسرائيل كانوا فى مصر معزولين عن الشعوب الوثنية التى حولهم فى مصر. والله حفظهم بصورة عجيبة حتى بعد السبى فقد عادوا كشعب متميز وبادت أمم قوية مثل كنعان وبابل وصور…
وشعب الله دائماً متميز معزول عن خطايا العالم ” لأنكم لستم من العالم ” (يو19:15)
وشعب الله متسامى روحياً يحيا فى السماويات لذلك رآه من رأس الصخور فإسرائيل الروحى يقع على الجبال المرتفعة أى يحيا حياة سماوية فاضلة. والمسيح هو الصخرة والكنيسة قد تأسست على الصخرة الحقيقية أى المسيح. هو لا يُحسب بين الشعوب بالمفهوم الزمنى لأنه شعب يحيا فى السماويات ويحتقر الأرضيات. وشعب إسرائيل مازال منعزلاً حتى اليوم فحتى من ناحية إسرائيل فالنبوة مازالت سارية وصحيحة حتى اليوم.
من أحصى تراب يعقوب ورُبع إسرائيل بعدد
قال الرب لإبراهيم ” أجعل نسلك كتراب الأرض ” (تك16:13) علامة على كثرة العدد ومرة ثانية (تك6،5:15) وكانت خيام إسرائيل منقسمة لأربع محلات وكل محلة كثيرة العدد جداً، فمن يستطيع أن يحصى حتى محلة واحدة أى رُبع إسرائيل أو أحد أقسامها الأربعة هذا دليل كثرة عددهم. وهذا ما قيل عن شعب الله فى السماء
(رؤ9:7)
لتمت نفسى موت الأبرار، ولتكن آخرتى كآخرتهم
هو وصف الشعب بالأبرار فالرب إختارهم والمسيح بررنا. وربما هو لم يفهم أن الكنيسة ماتت مع المسيح وقامت وإشتهى هذا الموت أو هو نطق دون فهم. ولكن معنى ما قالهُ هو أن يموت مع المسيح ليحيا لله فتكون آخرته فى السماء يوم القيامة الأبدية للبشرية. لكن للأسف فلم تتحقق رغبته أو بنوته هذه فقد أشار على بالاق بمشورة ردية وكان نتيجتها موته مع شعب مديان بيد شعب الرب ومات هالكاً لمحبته فى المال. (عد16،8:31 + يه11) ولكن عجيب أن يشتهى بلعام الموت فى وقت كان الموت فيه لعنة حتى عند اليهود، ولكنها النبوة وما فقده بلعام بسبب مشورته لم يفقده تلاميذه المجوس فقد أتوا للمسيح مؤكدين ملكوته وكهنوته
الآيات 13-17:-
أصيب الملك بفزع وغضب على بلعام. والله قادر أن يجعل أعداء شعبه يختلفون وينقسمون وهو يستهزىء بهم ويحمى شعبه. وأخذه بالاق لمكان آخر يرى منه جزء من جماعة شعب الرب وليس الكل فقد ظن بالاق أن بلعام مرتعب من كثرة الجمهور، فكان يخشى أن يلعن الشعب فيسىء إليه الشعب عندما يغلب موآب (تصرف النعامة) ولكن الله لا يقبل لعن ولا فرد واحد من الجماعة وليس جزء منها. ومن رأس الفسجة رأى موسى أرض الميعاد.
النبوة الثانية:- الآيات 18-24 الفداء يغسل الأثام
قم يا بالاق، إصغ إلىَ يا إبن صفور
هو كان واقفاً عند المذبح. فالمعنى رمزى. فكلمة بالاق تعنى المتلف أو المخرب. إذاً هى دعوة للأمم التى عاشت طويلاً تتعبد للأوثان فصارت مخربة، أن تقوم مع المسيح القائم من الأموات. وهذا ما قيل لشاول الطرسوسى قم وأدخل المدينة (أع6:9 + أف 14:5)
وبعد القيامة، يدخل الروح القدس فى القائم فيسمع ما يقولهُ الروح للكنائس (رؤ7:2 + حز 2،1:2)
ليس الله إنساناً فيكذب… إنى قد أُمرت أن أبارك
لقد وَعَدَ الله شعبه بالبركة وهو ملتزم بوعده. وقد وَعَدَ أن نسل المرأة يسحق رأس الحية لتعود البركة. وهذه البركة ستكلف الله تجسده وصلبه ولكن هل يرجع عن وعده ! حاشا هو صُلب ليحمل اللعنة عنى ويعطينى البركة عوضاً عن اللعنة هو يقيم شعبه للحياة المباركة الجديدة
لم يبصر إثماً فى يعقوب
إسرائيل بالنسبة للشعوب الوثنية أفضل بمراحل. والله لا يرى فيهم ما يستحق اللعن. أو تعنى أن الله غفر لشعبه أو هو نظر لأبائهم ويراهم من خلال أبائهم. ولكن التفسير الروحى لهذه الآية أن المسيح كفر عن شعبه بدمه. وهم يتمتعون ببره عوض إثمهم
الرب إلهه معه وهتاف ملكٍ فيه
هم يسبحون الله الذى هو فى وسطهم ويحارب حروبهم هو ملك على شعبه بصليبه ففرحوا وسبحوه.
الله أخرجهُ من مصر. له سرعة الرئم
الله أخرج الشعب من مصر ليلة الفصح فعبروا للحرية، وبصليب المسيح حررنا من عبودية إبليس، ونقلنا من أرض العبودية إلى حرية مجد أولاد الله. وهذا العبور الإلهى فى حياة المؤمنين يتم بقوة وسرعة فهو له سرعة الرئم والرئم إختلف المفسرين فى تفسير نوع الحيوان المقصود وهو أحد إحتمالين نوع من الثور الوحشى إنقرض من العالم وكان يتميز بسرعته وقوته العظيمة وراجع (أى9:39-12) فهذا النوع لا يمكن إحناء عنقه للنير أو تسخيره لخدمة الإنسان فيكون رمزاً للمسيح القائم من الأموات بقوة (تث 7:33) وقد يكون وحيد القرن وراجع (خر4:19) حملتكم على أجنحة النسور. فإن كان الله أخرجه كيف توقفه يا بالاق.
ليس عيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل
العرافة هى معرفة الغيب عن طريق السحر. والعيافة معرفة الغيب بإستخدام حيوانات وطيور معينة. وهذه حرمها الله وإعتبرها دنس. وهنا نرى أن لا سلطان لهذه القوى الشريرة على أولاد الله فهى لا تؤذيهم (مت18:16 + أش17:54 + اف16:6)
فى الوقت يقال عن يعقوب وعن إسرائيل ما فعل الله
حين يحدث هذا، سيقال فى هذا الوقت ما أعظم ما فعل الله لهم.
هوذا شعب يقوم كلبوة يرفع كأسد. لا ينام حتى يأكل فريسة
اللبوة هى إمرأة الأسد. والكنيسة هى عروس المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا تتمتع بقوة قيامة عريسها وترتفع معه إلى سمواته. وهذا الشعب لا يستريح حتى ينتصر على أعدائه الشياطين الذين صاروا فريسة لهُ. يجاهد ضدهم حتى يغتصب الملكوت وقوله يشرب دم قتلى لا تفسر بالمعنى الحرفى. وهذه أيضاً بنوة بهزيمة الشعب لكنعان.
وهذه النبوة تشبه نبوة يعقوب ليهوذا.
الآيات 27-30:-
نجد هنا بالاق يغير المكان للمرة الثانية لعل وعسى. وهو هنا أخذه إلى رأس فغور = أى قمة الفجور، هناك كان معبد لإلههم بعل فغور وغالباً هو ظن أن هذا المكان المقدس سيقنع الله بتغيير رأيه. ولاحظ أن قمة الفجور والملذات الزمنية تشرف على البرية فحيث الفجور يوجد الجفاف الروحى.