تفسير سفر العدد ١٥ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس عشر

وصايا للتقديس

هذا الإصحاح يتوسط تذمر الشعب بسبب الجواسيس وتذمر آخر بقيادة قورح (ص16) وهو يكلمنا عن التقديس. ومعنى وجوده هنا أن نعمة الله تشملنا وتشمل العالم كله رغماً عن كل تعدياتنا فهبات الله بلا ندامة (رو 11). ولكن هذا لا يمنع التأديب.

وذبائح المحرقة والخطية تشير للمسيح الذى قدم نفسه ذبيحة وتقدمة الدقيق تشير لحياة المسيح النقية والسكيب يشير لتسليمه ذاته لله تسليماً كاملاً (2 تى 6:4)

وهذا الإصحاح يأتى هنا بعد قرار الصادر بالتوهان فى البرية ليرفع الله روح شعبه المعنوية ويبعث فيهم الرجاء من جديد ولا يفكروا فى سقطات الماضى ومرارته بل يستعدوا للمكاسب الروحية المقبلة والتمتع بوعود الله الأمنية، فإن كان عصيانهم هو سر إنكسارهم الحالى والماضى فإن عبادتهم الروحية هى العلاج (ذبيحة المسيح تدخلنا الأرض)

آية2:-

متى جئتم إلى أرض مسكنكم = الله يكلم الآن شعب هُزِم أمام الكنعانيين وإنكسر (كما إنكسر الإنسان أمام الشيطان) وكما حُكِمَ على الشعب بأن يتوه فى البرية 40 سنة ها نحن فى برية هذا العالم وسنموت فيها. لكن هذه الآية معزية جداً فهى وعد ثمين بأن الشعب سيصل بالتأكيد لأرض مسكنه ونحن لنا وعد بأن نرث مع المسيح. فنحن أسلمنا للباطل جزئياً. وهذه الوعود بالدخول للأرض حتى لا يصيب اليأس الشعب لذلك كان الكلام للشعب وليس لموسى وهرون = كلم بنى إسرائيل وقل لهم. نرى فى هذه الآية أمانة الله. فعدم أمانتنا لا يبطل أمانة الله هو وَعَده وسينفذ.

آية3:-

وعملتم وقوداً للرب :- حقاً نحن فى برية هذا العالم فى فترة التيه لكن علينا أن نتمسك بالذبيحة ونجد الله هنا يتناسى خطأهم الماضى سريعاً ولكنه يوصى بالتمسك بالوصايا وبالذبائح.

ومن ناحية الطقس كانت ذبيحة الخطية تقدم قبل المحرقة ولكن تذكر المحرقة أولاً فهى تخص الله 

الآيات 4-12:- مع الخروف يقدم  10/1 دقيق  ملتوت بـ 4/1 هين زيت + 4/1 هين خمر 

                  مع الكنيسة يقدم   10/2 دقيق ملتوت   بـ 3/1هين زيت + 3/1 هين خمر

                  مع الثور يقدم 10/3 دقيق ملتوت       بـ 2/1 هين زيت + 2/1 هين خمر

العشر هو عشر الإيفة والإيفة = 22.299 لتر. والهين يكال به السوائل = 3.831 لتر

كانت التقدمة تقرب كعلامة على أنهم يقرون بأن قوتهم ومحاصيلهم مصدرها الرب وأنهم يكرمونه بها وتقديم السكيب يشير إلى

1-    هم يكرمون الرب من كرومهم التى أعطاها لهم الله.

2-    الخمر يشير للفرح. فرحهم بعبادة الرب وفرح الرب بعبادتهم وقرابينهم.

3-    يشير السكيب لدم المسيح الذى سفكه على عود الصليب والذى أعطاه لتلاميذه ليشربوه.

4-  يشير لسفك الشهداء دمائهم لأجل المسيح (فى 17:2) + (2تى 6:4). ويشير لسكب خدام المسيح أنفسهم وحياتهم وقوتهم وقلوبهم فى خدمة الرب ولأجل مجده.

آية12:-

كالعدد الذى تعملون = أى تضرب كميات الدقيق والزيت والخمر فى عدد الذبائح والزيت يشير للروح القدس. وعجن الدقيق بالزيت يشير للإتحاد الأقنومى بين المسيح والروح القدس. والسكيب مع العجين يشير للمسيح الذى سكب نفسه كل حياته على الأرض لأجل تلاميذه. فهو وهو ساكن السماء جال يصنع خيراً دون أن يجد لنفسه أين يسند رأسه مهاناً من الجميع ومرفوضاً. والحيوان الذبيح (ثور / كبش / خروف)

يشير أنه فى النهاية قُدم ذبيحة. ومن يتناول جسد المسيح فالروح القدس يعطيه حياة المسيح ويعطيه أن يتصور المسيح فيه ويصل إلى أن يسكب نفسه من أجل المسيح كما سكب المسيح نفسه لأجلنا ويعطيه أن يفرح بالمسيح.

ونحن حين نقدم للرب نقرب له المسيح الذى أعطاه هو لنا فليس عندنا ما هو أثمن لنقدمه ولاحظ أن الله طلب منهم الدقيق حين يدخلون الأرض فهم فى البرية لا يوجد لديهم دقيق.

الآيات 13-16:-

الغريب هو من إنتمى لشعب الله وتهود وإختتن (خر 49:12) لكن لا يُذكر هنا هذا الشرط. والمعنى أنه بينما حُكم على اليهود بالتيه (ص14،13) قُبِلَ الأمم والكنيسة الآن تضم الكل معاً اليهود والأمم الذين آمنوا والكل يشترك فى نفس الذبيحة.

الآيات 17-21:-

هذه شريعة البكور فحينما يأخذ الله نصيبه يبارك فى الباقى. ونرى هنا أنه يجب أن يقدم باكورة من أوائل المحصول المدرةس فى البيدر ومن أوائل الخبز المخبوز

الآيات 22-26:-

هنا ذبائح السهو لو أخطأت كل الجماعة وتترجم كلمة سهو فى ترجمات أخرى بجهل. وهذا يشير لقداسة الله المطلقة فهو لا يطيق الخطية حتى لو بسهو والسهو ينتج عن عدم السهر واللامبالاة وعدم التدقيق ولكن علينا أن نقدر قيمة حياة القداسة والوجود فى حضرة الله وبهذا لا ننسى وصاياه فنخسر الشركة مع الله.

الايات 27-29:-

هذه ذبيحة خطية السهو لفرد (2بط 1:3) فالله قدوس ويريدنا أن نكون قديسين. والخطايا الناشئة عن سهو لها حل بالذبيحة.

الآيات 30-36:-

النفس التى تضعف وترتكب خطية تجد فى ذبيحة المسيح علاجاً لها أما من يرتكب خطيته بيدٍ رفيعة = أى ترتكب الخطية عمداً وبلا خوف وبتحدى مثل هذه النفس تقطع من شعبها = بصدور حكم من الجماعة ضدها أو بفرز هذه النفس بعيداً عن الجماعة وترك هذه النفس لله يحاسبها. إذاً ليست كل خطية للموت إنما فقط ما هو بتعمد وما هو بعصيان علنى. وخطايا السهو تمحى بالدم.

وكتطبيق على هذا ذُكرت قصة كاسر السبت وهذا رُجِمَ. ولاحظ أن كان يحتطب والحطب يستخدم فى إشعال النار. وعجيب هو الإنسان الذى يترك الراحة التى يعدها الله لهُ ويختار لنفسه نار الدينونةفما يزرعه الإنسان فإياه يحصد

وقسوة العقاب هنا حتى يرتدع الجميع (مثل حادثة حنانيا وسفيرة)

الآيات 37-41:-

كان رداء اليهود الخارجى مربعاً وبه فتحة فى وسطه ليدخل من الرأس وكانت توضع عليه شُرابات أو شراشيب مثل التى تعلق فى الستائر أو فى نهاية المسبحة. وعلى هدب الذيل توضع عصابة اسمانجونية فهدب الذيل يصل إلى التراب. ووضع عصابة اسمانجونية عليه يذكرنا بالسماويات حتى إن كنا نعيش بالجسد (الثوب على الأرض) فحين ينظر الإنسان لأسفل يرى اللون الإسمانجونى السماوى فيذكر السماويات ويذكر وصية الله          

 

                                                                            

                                                                                

 

                                                                        شرابات     

                                                                                 

                                                                                

                                                                       عصابة

 

وتسمى الأهداب فى(تث 12:22) الجدليم أو الجدائل فهى خيوط مجدولة. أما الفريسيين فكانوا يطيلون أهداب ثيابهم ليظهروا شدة محافظتهم على الوصايا والشريعة كرامة لهم(مت 5:22). وكان عامة اليهود يفتقدون فى قداسة تلك الأهداب لهذا لمست المرأة هدب ثوب السيد المسيح (مت20:9). فإن كان الله يطلب وضع أهداب لنذكر الوصية والإلتزام بها ونذكر السماويات فلماذا يعيب على الكنيسة الأرثوذكسية البعض حين تضع صور القديسيين ليذكر الشعب أنهم بقداستهم هم الآن فى السماءينظروا نهاية سيرتهم..”

تطوفون وراء قلوبكم = أى تطلبون إدراك ما تشتهيه قلوبكم من المخطورات

الله يعلم أن طبيعة الإنسان هى النسيان وهذه العصائب للتذكرة

 

ملحوظة على ص 15

كان الشعب الآن فى قادش (عدد 26:13) فى برية فاران وهى غالباً قادش برفيع وأمامهم أيام للوصول لأرض الميعاد. وبخطيتهم تاهوا لأكثر من 38 سنة وكان هذا الإصحاح بداية رحلة التيه ونهايتها فى (14:20) حين بدأت الرحلة بالسير إلى كنعان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى