تفسير سفر العدد ٩ للقمص تادرس يعقوب
الأصحاح التاسع
القيادة الإلهيّة
إن كان الله قد أقام موسى نبيًا وهرون رئيس كهنة وسام الكهنة واللاويّين، لكن الرعاية الحقيقيّة هي في يدّ الله الذي يعمل خلال خدامه وشعبه، لهذا وإن كان الله قد وهب الجماعة وصاياه وشرائعه وأقام لهم خدامه لكننا نرى في هذا الأصحاح الخدام يرجعون لله في كل صغيرة وكبيرة بكونه الراعي الحقيقي لشعبه.
- إقامة الفصح في السنة الثانية 1-5.
- موقف غير المستعدين 6-14.
- الله كقائد لكل تحرك روحي 15-23.
- إقامة الفصح في السنة الثانية:
صدرت الأوامر الإلهيّة لموسى النبي في بدء السنة الثانية قبيل عمل الإحصاء بالاحتفال بعيد الفصح بكونه العيد الأول بعد خروجهم، وكان لإقامته أهمية خاصة فإن الفصح قبل العبور مباشرة كان على عجلة لكي يخرجوا الأمر الذي جعل أولادهم لا يدركون طقسه، هذا بجانب أحداث الخروج وما سبقها من آيات وعجائب وما تلاها من عبور البحر الأحمر وهلاك فرعون وجنوده… الخ. الأمر الذي يُخشى أن يصير خروف الفصح جزءًا عاديًا بين الأحداث. لقد أراد الله هنا أن يبرز دور الفصح في بدء انطلاقهم في البريّة، ويبقى هذا الأمر يشغل أذهانهم حتى في أرض الموعد إلى مجيء الفصح الحقيقي الذي يذبح لأجلنا.
وقد سبق أن تحدثنا عن ارتباط الفصح الرمزي بكل طقوسه بالفصح الحقيقي.
لقد أراد هنا أن يوضح أن الفصح ليس حدثًا ماضيًا تم وعبر، لكنه حدث قائم، من يُهمل في التمتع به يُقطع من الشعب (ع 13).
- موقف غير المستعدين للفصح:
ظهرت مشكلة جديدة وهي ماذا يفعل الذين تنجسوا بميت أو كانوا على سفر بعيد؟ لقد سأل الشعب موسى النبي، فأجاب الأخير: “قفوا لأسمع ما يأمر به الرب من جهتكم” [18]. هكذا يؤكد موسى النبي أنه لا يتصرف في كبيرة أو صغيرة دون طلب مشورة الله نفسه. هذا هو سرّ قوة الكنيسة وكل عضو فيها أن يطلب مشورة الله لا الناس.
لم يحرم الله من تنجس بميت- بغير إرادته- أو كان في سفر بعيد من إقامة الفصح لكنه قدم لهم فرصة ممارسته في الشهر الثاني بدلاً من الأول، أما من يمتنع عن ممارسة طقسه بلا سبب فتُقطع نفسه من شعب الله.
- الله يقود كل تحرك روحي:
لم يترك الله شعبه في البريّة في حيرة ولا حتى تحت إرشاد بشري بل تولى قيادتهم بنفسه يوضح لهم متى يستقرون ومتى يرحلون. فكان يظهر لهم على شكل سحابة نهارًا وعمود كما بنار ليلاً. فإن استقرت السحابة على خيمة الاجتماع توقفوا حتى ترتفع فيرتحلون إلى حيث تتجه السحابة.