الأوانى المقدسة
1 – كيف تتقدس الأوانى المقدسة لخدمة الرب؟
الله كأب سماوى محب خلق العالم كله من أجلنا، ثم عاد يسأل موسى أن يقدم له القليل من المواد لخدمة بيته، حاسباً إياها فى ملكيته إذ أمره أن يمسح بدهن مقدس خيمة الاجتماع وتابوت العهد والمائدة ومحتوياتها والمنارة الذهبية ومحتوياتها ومذبح البخور الخ، قائلاً له: “وتقدسها فتكون قدس أقداس، كل ما مسها يكون مقدساً” (خر30: 29). جاءت كنيسة العهد الجديد، عروس المسيح، تكرس أوانى خاصة متعددة لخدمة بيت الله، تحسبها أيضاً ملكاً له، هذه الأوانى تتقدس بالصلاة وكلمة الله ورشمها بالميرون، عندئذ لا يجوز استخدامها فى غير خدمة الرب.
2 – ما هى الكأس؟
هو أناء يُصب فيه الخمر والماء الذى يتقدس إلى دم الرب خلال ليتورجية الإفخارستيا. استخدم الرب وأيضاً الرسل الكأس (مت26: 26، 27)، دُعيت كأس البركة وكأس الرب (1كو60: 16 – 17). صنعت الكؤوس المسيحية الأولى من الخشب أو الزجاج أو الفخار – أو النحاس. فقد جاء فى حديث القديس أبيفانيوس عن الكهنة يقول فيه: [قديماً كان الكهنة ذهباً يستخدمون كؤوساً من الخشب، واليوم صار الكهنة خشباً ويستخدمون كؤوساً من ذهب ([362])]. وفى القرنين الثالث والرابع انتشر استخدام الكؤوس من مواد ثمينة من الذهب والفضة مرصعة بالجواهر. يقدمها المؤمنون علامة حبهم لله. لكن كثير من الآباء كانوا يسألون شعبهم عدم المبالغة فى تقديم هذه الأوانى الثمينة بينما يترك كثير من الشعب يضور جوعاً. فقد عنف القديس إكليمنضس استخدام الذهب والحجارة الكريمة.
يذكر القديس أمبروسيوس أن لورانس باع الأوانى الكنسية ووزع أثمانها على المحتاجين، كما انه لم يتردد القديس نفسه عن بيع كنوز ميلان ليدفع فدية عن المسبيين. وأشار القديس جيروم إلى Exupere أسقف طولوز كمثال، إذ فعل ذات الأمر لمساعدة المساكين ([363]). مما جدير بالذكر أن المتناولين جميعاً، حسب الطقس القبطى، يأخذون الجسد والدم منفصلين. ويلاحظ أن الرب استخدم خمراً ممتزجاً بماء عند التقديس، عنه تسلمت الكنيسة هذه العادة ([364])، إذ يشير المزيج إلى الدم والماء المتدفقان من جنب المخلص المطعون. هذا المزيج يتحول إلى دم حقيقى للسيد المسيح، وفى نفس الوقت يرمز للوحدة غير المنحلة التى تقوم بين السيد المسيح (الخمر) وشعبه (الماء) ([365]).
3 – ما هى الصينية؟
تدعى فى القبطية Tδισκοςوفى δισχος اليونانية. وهى عبارة عن طبق دائرى الشكل بغير قاعدة، ولا يحمل نقوشاً، عادة من الفضة أو الذهب، وهى تشير إلى مزود الرب وقبره. يعتقد البعض أن الرب لم يستخدم صينية، بل بالحرى قدس الخبز على يديه، لكن إذ تستغرق خدمة الليتورجية وقتاً استحسنت الكنيسة استخدام الصينية حتى لا يحمل الكاهن الخبز على يديه وقتاً طويلاً.
4 – ما هى القبة؟
تسمى فى العربية “قبة” وفى اليونانيةάσтης οι άσтξειοχος (استيسك)، تتكون من قوسين من الفضة متعامدين مع بعضهما البعض على شكل صليب، ويعلوها صليب صغير، تحمل منظر القبر وتذكرنا بالنجم الذى ظهر للمجوس. قيل إن القديس يوحنا الذهبى الفم هو أول من أدخل استخدام القبة، وهى توضع على الصينية لحفظ الخبز الأقدس، كما تساعد فى وضع الأغطية عليه.
5 – ما هى الملعقة أو “المستير”؟
تسمى فى القبطية ІІικηθтηρ وفى اليونانية λαοις وهى تستخدم فى تناول دم المسيح. قيل إن الكاهن فى القرون الأولى كان يضع الجسد فى أيدى المتناولين أو فى أفواهم، أما الدم فكانوا يتناولون من الكأس مباشرة، وفى القرن السادس فقط استخدم المستير.
6 – ما هما القارورتان؟
هما إناءان مخصصان للخمر والماء مستخدمان فى الإفخارستيا، وقد أشير إليهما ضمن قائمة الهدايا التى قدمها قسطنطين لكنائس روما. تستخدم الكنيسة القبطية أيضاً ثلاث قارورات أخرى، وهى: قارورة لدهن “الميرون”، لا يحملها غير الكاهن أو الأسقف، تحفظ فى الهيكل وأحياناً على المذبح ([366]). وقارورة زيت “الغاليلاون” المستخدم فى قداس المعمودية. وقارورة زيت “أبوغلامسيس”، زيت المستخدم فى ليتورجية مسحة المرضى، المقامة فى جمعة ختام الصوم، كما يستخدم فى خدمة سبت الفرح حيث يقرأ عليه سفر الرؤيا (أبو غلامسيس). وقد وجد فى كنيسة القديس الأنبا شنودة بمصر القديمة صندوق خشبى قديم، دائرى الشكل، به ثلاث ثقوب دائرية يحتمل أن تكون مكاناً لحفظ هذه القارورات الثلاث الأخيرة.
7 – ما هو الكرسى أو “التابوت”؟
صندوق خشبى فوق المذبح فى الوسط، يسمى فى القبطية πιтοтς معناه “كرسى” أو “عرش” يستخدم لحفظ الكأس (أثناء التقديس). عادة يكون مكعب الشكل، يعلوه غطاء من لسانين.
أ. يسمى عرشاً، بكونه ممثل لحضرة المصلوب.
ب. يسمى أيضاً فلكاً، إذ يشبه فلك نوح الذى خلاله خلص نوح وعائلته، هكذا بواسطة دم العهد الجديد المحمول فى كأس هذا التابوت نحن أيضاً نخلص.
ج. اسمه يطابق أيضاً “تابوت العهد القديم”، إذ يحوى الأخير لوحى الشريعة المكتوبة وعصا هرون التى أفرخت، وإناء المن، كمركز للمن الحقيقى، جسد المسيح ودمه واهب الحياة (يو6).
8 – ما هو إناء الذخيرة؟
عبارة عن إناء صغير فضى، دائرى الشكل، له غطاء، يُستخدم فى حمل الجسد المقدس مغموساً بقطرات من الدم الكريم لتقديمه للمرضى وغير القادرين عن حضور القداس والشركة فى الأسرار. لا يستخدم لحفظ الأسرار المقدسة لليوم التالى، إذ تمنع الكنيسة القبطية هذه العادة. بحسب ما ورد فى رينودت المؤرخ عن البطريرك فيلوثيئوس (البابا 62) هذا الإناء يلزم أن يحرسه كاهن.
9 – ما هو الإنجيل (البشارة)؟
نسخة من العهد الجديد، مغطاة بغلاف معدنى، مزين بالأيقونات. ففى الوسط على أحد الجانبين توجد أيقونة القيامة أو الصلب وعلى الجانب الاخر السيدة العذراء مريم أو أيقونة قديس الكنيسة أحياناً يوجد فى الأركان الأربعة الإنجيليون ورموزهم.
10 – ما هى المراوح الليتورجية؟
تسمى فى اليونانية έθαπθου, ριπδιου, ριπιου (هكسا. بيترجيون) أى “ذو الستة أجنحة”، إذ يظهر عليها شكل الساروف ذو الستة أجنحة. فى الشرق لا تزال مستمرة فى بعض الكنائس خاصة بصعيد مصر. جاء فى الدساتير الرسولية فى القرن الخامس أن شماسين يستخدم مراوح من الكتاب أو الجلد الناعم أو ريش الطاؤوس، وهما واقفين بجوار المذبح يطردان الحشرات حتى لا تمس الأوانى المقدسة. أما الآن، بحسب الطقس القبطى يشير استخدام هذه المراوح أثناء تلاوة التسبحة السيرافيمية إلى حضرة السيرافيم يشاركوننا تسبيحنا لله. جاء فى مخطوط قبطى بالفاتيكان عن تقديس الميرون أن أثنى عشر شماساً يحملون أثنى عشر مروحة فى موكب كنسى. أما فى الكنيسة اليونانية فيحمل سبعة شمامسة مراوح ليتورجية، أثناء خدمة الجمعة الكبيرة، وأثناء تقديس الميرون ([367]). بعض الكنائس الأرثوذكسية تثبت أجراساً صغيرة فى المراوح تعطى أصواتاً أثناء تحركها، إشارة إلى أصوات أجنحة السيرافيم. يوجد مروحتان من المعدن، فى شكل دائرة، على شكل الهالة التى حول رأس القديس لكل منهما يد طويلة، وفى منتصف الهالة يرسم شكل ساروف نستخدم هذه المراوح فى المواكب الكنسية.
11 – ما هو ترتيب التبخير؟
فى ترتيب العهد القديم وصف الله استخدام البخور فى العبادة الإلهية بدقة شديدة ووضع له قواعد حازمة (خر30: 34 – 38)، وهو لا يمارس ألا فى الموضع المقدس، وبواسطة الكهنة وحدهم.
فى القداس الإلهى، يبخر بالمجمرة حول المذبح ثم عند باب الهيكل، وأمام الإنجيل والأيقونات المقدسة، ثم قدام الأسقف، ويقبل الكاهن أيدى زملائه، ثم ينزل بعد ذلك إلى صحن الكنيسة مبخراً تجاه العابدين وأخيراً يصعد إلى الهيكل. هذا الطقس فى ترتيبه يعبر عن العمل السرى لليتورجية، فالكاهن يبدأ بتقديم البخور على المذبح، فان تقدماتنا وصلواتنا مقبولة لأنها تقدم فى استحقاقات ذبيحة المسيح. بعد هذا يجمع صلوات وبركات كلمة الله، والأساقفة والكهنة والشمامسة وكل الشعب مجتمعة مع صلوات القديسين، ويعود حاملاً إياها إلى الهيكل يقدمها من أجل كل أحدٍ. عادة تبخير الأساقفة ربما نقلاً عن الاستعمال الرومانى، حيث اعتادوا أن يحملوا المشاعل والبخور أمام الإمبراطور ([368]).
تحدث أباء القرون الثلاثة الأولى بلغة قاسية ضد استخدام البخور فى العبادة العامة ([369])، ذلك لأن البخور كان يمثل تقدمة أساسية فى العبادة الوثنية التى استخدمته كالآتى: ذبيحة أو تقدمة للآلهة، وذبيحة تقدم لأشباح الموتى، ولتكريم رمزى لأشخاص أحياء، خاصة الإمبراطور. وفى طرد الأرواح الشريرة من الأحياء أو الأموات، وكوسيلة للتطهير أو الشفاء، وفى مواكب الأعياد والطقوس المماثلة، ولخلق جو تعبدى. كان المسيحى الذى لا يقدم بخوراً أمام تماثيل الآلهة يسقط تحت عقوبة الموت.
12 – لماذا نستخدم البخور؟
أولاً: يرمز رفع البخور لحضرة الله وسط شعبه، فعندما نتنسم رائحته، تقول أعماقنا: “ما دام الملك فى مجلسه أفاح ناردينى رائحته”. (نش1: 12).
ثانياً: يشير أيضاً إلى الصلاة (خر30: 1 – 8) كذبيحة حب فى الطقس القبطى ترتبط ليتورجيات الإفخارستيا والعماد ومسحة المرضى والتجنيز بهذه الذبيحة التى للحب.
ثالثاً: يرمز رفع البخور إلى تطهير الشعب، فعندما قال الله لموسى، “اطلعا من وسط هذه الجماعة فإنى أفنيهم بلحظة… قال موسى لهرون: خذ المجمرة واجعل منها ناراً على المذبح وضع بخوراً واذهب بها مسرعاً إلى الجماعة”. (عد16: 44 – 47).
رابعاً: تقديم البخور فيه نوع من التكريم. كما فى الطقس الأرمنى فى القرن التاسع حيث كان الكاهن الذى يحمل الإفخارستيا للمريض يسبقه صليب ومجمرة.
13 – ما هى المجمرة (الشورية)؟
إناء نحاسى أو فضى على شكل كوب فيه يحرق البخور. بها ثلاث سلاسل تحمل الإناء، وبواسطتها تتحرك المجمرة أثناء التبخير. ترمز المجمرة إلى القديسة مريم الحاملة “للجمر الحقيقى المتقد ناراً”، أى لابن الله المتجسد. أما السلاسل الثلاث، فتذكرنا بالثالوث القدوس الذى اشترك فى تجسد الابن إذ أرسل الآب ابنه، وأطاع الابن، وحلّ الروح القدس على العذراء لتجسد الابن.
14 – ما هى الأوانى الأخرى؟
1 – “صندوق صغير للبخور” يصنع عادة من الفضة أو الخشب المنحوت.
2 – “الإبريق والطشت” يستخدمان فى غسل يدى الكاهن أثناء خدمة القداس الإلهى.
3 – “سلة القربان أو الخبز المقدس” يوضع فيها الخبز المقدس الذى يختار الحمل منه.
4 – الأدوات الموسيقية: تعتمد الألحان القبطية فى الأصل على الآلة الموسيقية الطبيعية أى الحنجرة، ولكننا نستخدم أيضاً بعض الأدوات البدائية البسيطة مثل “المثلث والدف”.
من كتاب: كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى.