الثالوث الأقدس

 

أولا: الكتاب المقدس يعلن لنا الثالوث.

لا تفهم الوحدانية بدون الإيمان بالثالوث، فنحن لا نؤمن بثلاثة آلهة، بل إله واحد، فالآب الثالوث-الاقدسوالابن والروح القدس ليسوا ثلاثة أقانيم منفصلة، ثم تكون منهم وحدانية. الله أعلن أنه ثالوث في واحد… وأنه ليس بين الأب والابن والروح القدس إنقسام أو إنفصال … وهذا الإعلان جاء بمنتهى الوضوح والبساطة في الكتاب المقدس …

هذه الشواهد  تثبت هذه الحقيقة…

  • “فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لو35:1)
  • “«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.”(يو 26:15 ) 
  • “وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.”(يو 26:14)
  • “ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا:«يَا أَبَا الآبُ“(غل 6:4) 
  • “لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ”(أف 18:2 )
  • “فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً:« هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ»”(مت 16:3 و 17).
  • “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.“(مت 19:28 )
  • (لو 22:3 ).

 

 ثانيا: ثالوث قدوس مساوی

الله واحد في ثالوث قدوس مساوی منذ الأزل، الآب والابن والروح القدس. وليست هناك أفضلية بينهم، لذلك الكتاب المقدس لا يذكرهم بترتيب ثابت… لئلا يظن أن الآب أعظم من الابن والروح القدس
في (مت 19:28 ) “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.”
في (2 کو 14:13 ) “نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.”
في (يهوذا 21،20 ) “وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.”

ثالثا: جوهر واحد وثلاث أقانيم

1- معنى الجوهر : الجوهر Essence في الإنجليزية و ousia (أوسيا) في اليونانية – هو ما تختص به طبيعة إلهنا العظيم، وتتفرد به فوق كل الجواهر” الأخرى: جوهر الإنسان أو الكائنات الأخرى.
الجوهر” هو ما هو في الكينونة، وهذا الجوهر له طبيعة خاصة هي الطبيعة الإلهية التي لها خصائصها الجوهرية.
ومن الخواص الجوهرية في إلهنا العظيم أنه: الحياة اللانهائية – والقوة اللانهائية – والحكمة اللانهائية – والعقل اللانهائی – والفهم اللانهائی – والحق اللانهائی – والمحبة اللانهائية…
هو أصل الوجود، وعلة الوجود، الواجب الوجود، الذي به تكون كل الموجودات.

2- معنى الأقنوم: ولكن هذا الجوهر الإلهي المتفرد وغير المتكرر، يقوم على ثلاثة أقانيم، بدونها لا يقوم الجوهر الإلهي، فإن كان الله هو الحياة اللانهائية، فالأب إذن هو الحي، والابن هو الحياة، والروح القدس هو روح الحياة. وإن كان الله هو الحق اللانهائی فالآب هو الحقاني (ينبوع الحق)، والابن هو الحق (المولود من الحقاني) والروح القدس هو روح الحق (المنبثق عن الحقانی).

3- الثلاثة أقانيم تعمل معاً: يتصور البعض أن الأب خلقنا والابن فدانا والروح يقدسنا. والحقيقة أنه لا انفصال بين الأقانيم في العمل، فالأب خلقنا بالابن في الروح القدس… ونحن قد افندينا بمشيئة الأب وبذله لابنه الوحيد، وبذبيحة المسيح، وفعل الروح القدس في نقل بركات الفداء إلى قلوبنا… والروح القدس يقدسنا بمشيئة الأب، وذبيحة الابن.
إن تشبيه الآباء القديسين الله بالشمس تشبيه جميل وسهل، نعرف منه عدة حقائق:

–  شمس واحدة فيها لهب ونور وحرارة = جوهر واحد وثلاثة أقانيم.
 – القرص غير النور غير الحرارة = الأب غير الابن غير الروح القدس.
– لا انفصال بين اللهب والنور والحرارة = لا انفصال بين الأقانيم الثلاثة.
– لا انفصال بين الشمس و بين كل من نورها وحرارتها = لافارق زمني بين الأب والأقنومين الآخرين.(مع ملاحظة هامة، أن أي تشبيه لا يطابق تماما الأصل الخاص بحقيقة الله).

الرب يسوع له میلادان

أحدهما أزلى من الآب “مولود من الأب قبل كل الدهور، مولود غير مخلوق، نور من نور، إله حق من إله حق”، والآخر زمنی من مريم العذراء، حينما تجسد منها لأجل خلاصنا فاتحد الله الابن بناسوت أخذه بقدرته الإلهية بفعل الروح القدس من العذراء مريم، واتحد به بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.
وهكذا نفهم أن الرب يسوع هو ابن الله (بميلاده الأزلي من الآب ) وهو نفسه صار ابناً للإنسان ( بميلاده الزمني من العذراء)

نؤمن بإله واحد

آيات من العهد القديم:

  • إسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد”. (تث 4:6).
  • “ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر”. (امل 60:8 ).
  • “یا رب ليس مثلك ولا إله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا!” (1 أخ 20:17 ).

آيات من العهد الجديد:

  • الأب واحد لا أكثر “إله وآب واحد” (أف 6:4).
  • والإبن واحد لا أكثر “رب واحد: يسوع المسيح” (1كو 6:8).
  • والروح القدس واحد لا أكثر “بروح واحد أيضا اعتمدنا” (اكو
  • ” والأقانيم الثلاثة إله واحد: “فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ” (1يو5: 7)

تشبيهات التوحيد والتثليث

ما هي تشبيهات الثالوث التي تقرب المعنى إلى أذهاننا؟ 
إن أي تشبيه نذكره يقرب لنا المعنى من جانب أو أكثر، ولكن لا يمكن أن يطابق الحقيقة في جميع جوانبها، ولذلك فنحن نسوق عدة تشبيهات لعلها تقرب المعنى إلى أذهاننا الترابية الثقيلة لنقترب ولو من بعيد للأمور اللاهوتية العالية:

مثال (1) الشمس

الشمس التي ترسل أشعتها لملايين الأميال فتضئ ظلمة الأرض، وتبعث بحرارتها للنباتات والحيوانات والإنسان. هي مثال للوحدانية المثلثة، فالشمس واحدة وثلاثة في آن واحد.. كيف؟

الشمس واحدة من حيث الجوهر، وفي نفس الوقت تحوى القرص والشعاع والحرارة.. الشعاع متولد من القرص، والحرارة منبعثة من القرص.. هي مثال لله الواحد الأب والإبن والروح القدس.. الإبن مولود من الأب، والروح القدس: منبثق من الآب.
ليس الشعاع هو شمس أخرى، وليست الحرارة هي شمس أخرى. وليس الشعاع غريب عن الشمس لكنه هو شعاع الشمس، وكذلك الحرارة ليست غريبة عن الشمس لكنها حرارة الشمس.. القرص والشعاع والحرارة وحدة واحدة.. هذا مثال على وحدة الثالوث القدوس الآب والإبن والروح القدس.

ونستطيع أن نقول عن قرص الشمس أنه الشمس بعينها، فنقول أن الشمس توسطت كبد السماء، ونستطيع أن نقول عن شعاع الشمس أنه الشمس، فنقول أضاءت الشمس الكون، ونظيع أن نقول عن حرارة الشمس أنها الشمس، فنقول أن الشمس بعثت فينا الدفء. هذا مثال لقولنا عن الأب أنه الله، والإبن هو الله، والروح القدس هو الله، وليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد، وقرص الشمس غير الشعاع غير الحرارة مثال على أن الأب غير الإبن غير الروح القدس..

  • قرص الشمس: هو كتلة هائلة من الغازات الملتهبة لا يمكن أن يصل إليها الإنسان، همثال للأب الذي لا يمكن أن يراه إنسان قط ويعيش.
  • اشعاع الشمس: هو نور من نور.. صادر من القرص ويصل إلينا على الأرض دون أن ينفصل عن الأصل هو مثال الإبن الذي تجسد ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقا ومع هذا فإنه لم ينفصل قط عن الآب.
  •  وحرارة الشمس: ولا يمكن بأي حال فصل الشعاع عن القرص، ولا القرص عن الشعاع، ولا يمكن فصل الحرارة عن أحدهما. هذا مثال استحالة فصل الأب عن الإبن أو انفصال الروح القدس عنهما، وإذا تساءلنا من أسبق في الوجود، القرص أم الشعاع أم الحرارة؟ نجد أنه ليس بينهم سابق ومسبوق، فاللحظة التي وجد فيها القرص، وجد فيها الشعاع، ووجدت فيه الحرارة، ولم يكن القرص بدون شعاع أو بدون حرارة قط. هذا مثال على أنه لم تمر لحظة كان فيها الآب بدون الإبن أو بدون الروح القدس.

يقول القديس غريغوريوس النيصي:
[ فيما يختص بالثالوث الأقدس فإن الآب هو والد الابن ومصدر الروح القدس، فنقول إن الله واحد بينما هذان الأقنومان يشتركان في الوجود فيه. والأقانيم الثلاثة لا يمكن فصل أي منهم عن الآخر لا بالزمان ولا بالمكان ولا بالمشيئة ولا بالإرسال أو الفعل ولا بأي نوع من المشاعر التي نلاحظها في الكائنات البشرية.]

مثال 2 مثلث الذهب

انظر إلى مثلث الذهب هذا المتساوي الأضلاع، وتابع إجابة الأسئلة التالية:

س: كم مثلث يبدو أمامك؟
+ إنه مثلث واحد من الذهب الخالص، فهو مثال للجوهر الإلهی الواحد.. للكيان الإلهي الواحد.. للطبيعة الإلهية الواحدة.

س: كم رأس للمثلث الواحد؟
+ ثلاثة رؤوس أ، ب، ج وجميعها من الذهب الخالص.. كل رأس ترمز لأقنوم من الأقانيم الثلاثة.. “أ” ترمز لأقنوم الآب، “ب” ترمز لأقنوم الإبن، “ج” ترمز لأقنوم الروح القدس.

س: هل الرؤوس الثلاثة متساوية؟
 نعم لأن المثلث متساوي الأضلاع، فهو بالتالى متساوى الزوايا.. هذا يوضح لنا تساوی الأقانيم الثلاثة في جميع الكمالات الإلهية، فليس بينهم عظيم وأعظم والأعظم.

س: هل الرأس (1) في الرأس (ب) في الرأس (ج)؟
كلا فالرأس (أ) غير (ب) غير (ج)، وكل منهم غير الأخرى.. هذا مثال على أن الآب غير الإبن غير الروح القدس، وهكذا…
الإبن غير الآب غير الروح القدس، والروح القدس غير الأب غير الإبن، ويقول القديس أوغسطينوس: “الآب والإبن والروح القدس جوهر واحد، ولكن ليس كل أقنوم منهم هو عين الآخر”.

 الرأس (أ) = الرأس (ب) = الرأس (ج). 
(أ) ليست هي (ب) وليست هي (ج).
 (أ) غير منفصلة عن (ب) ولا عن (ج).

وعلى نفس القياس

س: هل كل رأس من الرؤوس الثلاثة هي ذهب؟

* نعم.. كل رأس من الذهب، ولكن كل رأس غير الأخرى، وهذا يوضح لنا أن الآب هو الله من حيث الجوهر، مع إنفراده بخاصية الأبوة والبثق، والإبن هو الله من حيث الجوهر، مع انفراده بخاصية البنوة، والروح القدس هو لله من حيث الجوهر، مع إنفراده بخاصية الانبثاق.

زر الذهاب إلى الأعلى