تفسير يشوع بن سيراخ ٢٦ للقس أنطونيوس فكري


 

الإصحاح السادس والعشرون

الآيات (1-9): “1 رجل المرأة الصالحة مغبوط وعدد أيامه مضاعف. 2 المرأة الفاضلة تسر رجلها وتجعله يقضي سنيه بالسلام. 3 المرأة الصالحة نصيب صالح تمنح حظا لمن يتقي الرب. 4 فيكون قلبه جذلا ووجهه بهجا كل حين غنيا كان أم فقيرا. 5 ثلاث خاف منهن قلبي وعلى الرابعة ابتهلت بوجهي. 6 شكاية المدينة وتألب الجمع. 7 والبهتان كل ذلك اثقل من الموت. 8 لكن المرأة الغائرة من المرأة وجع قلب ونوح. 9 ولسانها سوط يصيب الجميع.”

هنا الحديث عن المرأة الصالحة، مغبوط هو رجلها، هي تجعله يعيش سعيداً فتزداد أيامه، ويقضي سنيه بالسلام، هي نصيب صالح للرجل التقي= تُمنح حظاً لمن يتقي الرب فيفرح بها ولذلك تطول أيامه. ثلاث خاف منهن قلبي وعلي الرابعة إبتهلت=الأسلوب العبري في التعبير (راجع الإصحاح السابق آية9) والثلاث هم [1] شكاية المدينة وفي ترجمة أخرى “إفتراء المدينة” أي هيجان في المدينة يخشى الإنسان على نفسه من القتل [2] تألب الجميع= يقوم الناس جميعهم ضد الإنسان [3] البهتان أي الكذب والغش والظلم. كل ذلك أثقل من الموت. والرابعة وهي الأسوأ من الثلاث (وهذا معنى التعبير اليهودي ثلاث والرابعة) المرأة الغائرة من المرأة= أي المرأة الغيورة من إمرأة أخرى، فهذه بسبب كثرة شكاويها وبكائها= وجع قلب ونوح (حزن لزوجها) نوح= مترجمة حزن وهي أوقع هكذا. ولسانها سوطٌ يصيب الجميع= لا تكف عن رشق الجميع بشتائمها وإفتراءاتها عليهم بسبب غيرتها. بل وتحيك المؤامرات ضد من تغير منها فتسبب مشاكل لا نهاية لها لزوجها. ولاحظ أن القاسم المشترك للأربعة هو اللسان، وأشرهم غيرة المرأة.

 

الآيات (10-15): “10 المرأة الشريرة نير قلق ومثل متخذها مثل من يمسك عقربا. 11المرأة السكيرة سخط عظيم وفضيحتها لا تستر. 12 زنى المرأة في طموح البصر ويعرف من جفنيها. 13 واظب على مراقبة البنت القليلة الحياء لئلا تجد فرصة فتبذل نفسها. 14 تنبه لطرفها الوقح ولا تعجب إذا عقتك. 15تفتح فمها كالمسافر العطشان وتشرب من كل ماء صادفته وتجلس عند كل جذع وتفتح الكنانة تجاه كل سهم.”

بداية فساد المرأة عدم قناعتها بما قسم الله لها، فتبدأ تنظر للعالم بشهوة تدفعها لأن تبيع شرفها لتحصل على ما تريده= زنى المرأة في طموح البصر= لذلك لابد من مراقبة البنات والنساء خصوصاً من يبدو عليهن قلة الحياء. عموماً المرأة الشريرة نير= فالنير هو خشبة تربط بين حيوانين يجران محراث مثلاً. وهنا الإرتباط بمرأة شريرة كما يرتبط بعقرب. والسكيرة فضيحة لزوجها وعائلتها. تنبه لطرفها الوقح ولا تعجب إذا عَقَّتْكَ= في ترجمة أخرى “إذا قادتك للخطية”. فمن لها العين الوقحة ستجذب الأبرياء للخطية، ولا تتعجب من هذا. بل هي ستعطي نفسها لأي إنسان (15).

 

الآيات (16-24): “16 لطف المرأة ينعم رجلها. 17 وأدبها يسمن عظامه. 18 المرأة المحبة للصمت عطية من الرب والنفس المتأدبة لا يستبدل بها. 19 المرأة الحيية نعمة على نعمة. 20 والنفس العفيفة لا قيمة توازنها. 21 الشمس تشرق في على الرب وجمال المرأة الصالحة في عالم بيتها. 22 السراج يضيء على المنارة المقدسة وحسن الوجه على القامة الرزينة. 23 العمد من الذهب تقوم على قواعد من الفضة والساقان الجميلتان على أخمصي ذات الوقار. 24الأسس على الصخر تثبت إلى الأبد ووصايا الرب في قلب المرأة الطاهرة.”

العكس فالمرأة اللطيفة المؤدبة نعيم لزوجها، وكذلك المحبة للصمت والتي ليست ثرثارة. وكذلك الحيية= من لها حياء، هي نعمة على نعمة. وهكذا النفس العفيفة= التي أشبعها الله فرحاً وقداسة، فلا تطمع وتشتهي الأرضيات. مثل هذه المرأة هي نور في بيتها كما الشمس في أعالي السماء. في عالم بيتها= جاءت في ترجمة أخرى “في بيتها المرتب”. ثم يستعير الحكيم صورة من خيمة الإجتماع فكما أن المنارة داخل الخيمة لها قنديل منير على رأسها كذلك المرأة لها وجه حسن على قامة رزينة. والمقصود بالوجه الحسن ليس جمال الوجه فقط، بل الوجه المملوء نعمة وسلام الله مطبوع فيه “إرفع علينا نور وجهك يا رب” (مز6:4) وفي السبعينية جاءت الترجمة لهذا المزمور هكذا “قد أضاء (إرتسم) علينا نور وجهك يا رب”. ولكن على من يرتسم نور وجه الله، على من لها قامة رزينة أي تسير بثبات في مخافة الله، بعفاف وتقوى. ويشبهها بتشبيه آخر من داخل الخيمة بأنها كأعمدة ذهبية تقوم على قواعد من الفضة= فهي عمود في بيتها، لا يستقيم البيت بغير وجودها، وهي ذهبية أي لها حياة سمائية. وتقوم على قواعد فضية. فما تسير عليه هو كلمة الله توجهها فالفضة رمز لكلمة الله (مز6:12). وهي لذلك لها ساقان جميلتان لأن كلمة الله كانت سراج لرجلها (مز105:119). “حاذين أرجلكم بإستعداد إنجيل السلام” (أف15:6) على أخمصي ذات الوقار= على عقبين يحركهم الوقار الناشئ من كلمة الله.

 

الآيات (25-28): “25 اثنان يحزن لهما قلبي والثالث يأخذني عليه الغضب. 26 رجل الحرب إذا أعجزته الفاقة والرجال العقلاء إذا أهينوا. 27 أما من ارتد عن البر إلى الخطيئة فالرب يستبقيه للسيف. 28 قلما يتخلص التاجر من الإثم والخمار لا يتزكى من الخطيئة.”

إثنان.. والثالث= الأسلوب العبري للتعبير عن كمال الشئ، وهو هنا ما يحزن الحكيم [1] رجل الحرب إذا أعجزته الفاقة= فالشجاع الذي حارب في سبيل وطنه من المحزن أن ينحدر به الحال ويفتقر وتنساه البلد الذي دافع عنها [2] الرجال العقلاء إذا أهينوا= حينما لا يقدر الناس حكمتهم. [3] والأسوأ هو إرتداد البار للخطيئة فهذا مصيره الهلاك المعبر عنه هنا بالسيف. قلَّما يتخلص التاجر من الإثم (الغش والتحايل). فالمكسب السريع يغري التاجر بالإستمرار في الغش. والخّمار= أي البائع، وهذا يتحايل في الميزان، والله منع شعبه من إستخدام موازين غش أي موازين للبيع وأخرى للشراء (تث13:25-16 + لا36:19 + أم1:11).

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى