تفسير إنجيل القديس متى 1 للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الأول

آية (18):

“أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس.”

لما كان من المستحيل أن نصعد نحن إلى الله، نزل هو إلينا ليرفعنا إلى علوه. ولما كان ليخلصنا يجب أن يموت أخذ جسدًا قابلًا للموت ليموت به عنا. (أقرأ المزيد عن سر التجسد هنا في أوتار السماء)

والمسيح ولد من عذراء بواسطة الروح القدس الذي هيأ أحشاءها وقدسها ليحل الكلمة فيها، فهو ليس من زرع بشر. وأهمية خطبة العذراء ليوسف:

1-   يوسف من نسل داود فحين ينسب له المسيح يكون ابن داود (والعذراء أيضًا نسل داود)

2-   حتى لا تُرجم العذراء كزانية إذ توجد حبلى دون زواج طبقًا للشريعة.

3-   لكي تجد العذراء من يعينها خاصة أثناء رحلة هروبها إلى مصر.

ملحوظات: المسيح وُلِدَ رجلًا ووُلِدَ من امرأة فهو لا يحتقر جنس البشر بل يكره الخطية.

الخطبة عند اليهود:- تشبه (كتب الكتاب عند الإخوة المُسلمين). لذلك يقول الكتاب عن يوسف أنه رجلها وعن العذراء أنها امرأته (آيات 19-20). وهي ليست كالخطبة عند المسيحيين أو المُسلمين، بل هي بمثابة زواج، ويجب أن تمر فترة زمنية حتى يسكنا معًا ويعرفا بعضهما. وهذا هو الوضع الذي حملت فيه العذراء بالمسيح. فإن حملت المخطوبة عند اليهود لا يعتبر هذا زنا بل مخالفة اجتماعية بسيطة. ولأن المخطوبة عند اليهود تعامل كالمتزوجة فعقوبة زنا المخطوبة مع غير خطيبها هو الرجم (تث23:22-24).

تأملات: [1] المسيح ولد من عذراء، فهو لا يوجد في أحشاء إلا أحشاء عذراوية لا تعرف خطية وترفض أن تقترن بشهوات هذا العالم. [2] عجيب هو صمت العذراء التي كتمت سرها حتى عن رجلها يوسف، فهذا درس لنا في البعد عن المجد الباطل وفي إنكار الذات. بل في تأمل عن العليقة والنار داخلها وهي لا تحترق، نفهم هذا عن العذراء التي لم تنتفخ بالعطية التي نالتها، فالكبرياء تحرق صاحبها . [3] عجيب أيضاً تسليمها الأمر لله ليدافع عنها في موضوع حملها دون أن تدافع عن نفسها.

قبل أن يجتمعا وجدت حبلى (حيث أن المسيح لم يكن من زرع بشر فهو لم يحمل الخطية الأصلية (مز5:51+ رو12:5) وبهذا يمكن أن يموت لا عن نفسه بل عن البشرية فهو بلا خطية وغير وارث للخطية الأصلية)= بدأت من القرن الرابع إساءة فهم هذه الآية وقيل أن تفسيرها هو أن يوسف اجتمع مع العذراء بعد الولادة، والهدف إنكار دوام بتولية السيدة العذراء. والرد بسيط كما قال القديس جيروم “لو قال إنسان أنني قبل الغذاء أبحرت إلى إفريقيا فهل لا بُد أن يرجع لشواطئ أوروبا للغذاء. والمقصود من الآية ببساطة أن العذراء وجدت حبلى بدون زرع بشر.

فاصل

الآيات 19-24

آية (19): “فيوسف رجلها إذ كان بارًا، ولم يشأ أن يشهرها، أراد تخليتها سرًا.”

ظهرت علامات الحمل على العذراء فكان أمام يوسف أحد اختيارين:

1)  أن يحاكمها أمام الشيوخ فترجم حسب الشريعة.

2) يطلقها أمام شهود بدون علة حتى لا يشهرها (تث1:24) وهذا ما انتواه يوسف. وهو كان يجب عليه أن يتخذ أي قرار من الاثنين، فالساكت على الخطية كأنه قد اشترك فيها. وهو فضل استخدام الرحمة عن العدل.

 

آية (20): “ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور. إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلًا: “يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس”.”

لم يكن من الممكن أن يصدق إنسان قصة الميلاد العذراوي إن لم يكن بظهور ملائكي مثل هذا. وهنا نرى درس في التسليم من العذراء فهي ألقت رجاءها على الله فأظهر برها كالشمس. متفكر= فلنتروى قبل أن نحكم على أحد. يا يوسف ابن داود= هذا تذكير بأن داود هو أبو المسيح بالجسد، أو أن المولود هو المسيا ابن داود المنتظر. أن تأخذ= أي تحفظها في بيتك فهو كان ناويًا أن يخرجها.

 

آية (21): “فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم.”

يسوع= هذا هو النطق اليوناني لاسم يشوع أو يهوشع أي الرب يخلص. يخلص شعبه (شعبه= أي كل من يقبله سواء يهود أو أمم) من خطاياهم= هو يستطيع أن يخلص القلب من محبة الخطية وسلطان الخطية وقوتها، وهو يخلصنا من عقوبة الخطية ويصالحنا مع الله الآب، وأن عشنا في حضرة الله الآب تهرب الخطية. واليهود فهموا الخلاص بطريقة خطأ، فهم فهموا أن الخلاص يكون من الرومان أو من أي مصائب وقتية، ومازال البعض حتى الآن يفهمونها هكذا. وكان هذا هو الفهم الخاطئ لتلميذيّ عمواس (لو21:24).

 

آية (22): “وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل.”

لكي يتم ما قيل= أي أن المسيح جاء وتجسد في ملء الزمان، ولكن كان هذا في خطة الله الأزلية وسبق وكشفه على لسان النبي.

 

آية (23): “هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويدعون اسمه عمانوئيل” الذي تفسيره: الله معنا.”

هذه أول نبوة من سلسلة نبوات أتى بها متى البشير ليثبت أن في المسيح تتحقق النبوات وأنه هو المسيا المنتظرعمانوئيل= من الاسمين معًا عمانوئيل ويسوع نفهم أن المسيح هو الرب متجسدًا.

فاصل

آية (25):

“ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر. ودعا اسمه يسوع.”

لم يعرفها حتى= من يريد إنكار دوام بتولية العذراء يستخدم هذه الآية ويقول أن حتى تشير أنه عرفها بعد أن ولدت المسيح. والرد على هذا بسيط:

1) (1كو25:15) “لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه” فهل بعد أن يضع أعداؤه تحت قدميه سيتوقف ملكه.

2)  (2صم23:6) “ولم يكن لميكال ولد إلى يوم موتها” فهل ولدت بعد موتها.

3) (مز2:123) “عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا” فهل تطلع النبي إلى الله حتى ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيه عنه إلى الأرض.

مما سبق نفهم أن قوله حتى لا يفيد تغير الوضع بعدها.

أبنها البكر= يفهمون من هذا أيضًا أن العذراء أنجبت أخوة للمسيح من بطنها. والرد على ذلك بسيط. فالبكر هو كل فاتح رحم (عدد 15:18). حتى لو لم يكن له إخوة والدليل أنه كان على شعب الله أن يقدم كل بكر لله دون أن ينتظر ولادة إخوة له. والمسيح صار بكرًا بين إخوة كثيرين (رو29:8) والعذراء استمرت بكرًا كما تنبأ بهذا حزقيال النبي (حز44: 1، 2).

فاصل

إنجيل معلمنا متى : 12345678 910111213141516171819202122232425262728 

تفسير إنجيل معلمنا متى : مقدمة – 12345678910111213141516171819202122232425262728 

زر الذهاب إلى الأعلى