تفسير سفر زكريا ١٠ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح العاشر
الآيات (1،2): “اطلبوا من الرب المطر في أوان المطر المتأخر فيصنع الرب بروقاً ويعطيهم مطر الوبل. لكل إنسان عشباً في الحقل. لأن الترافيم قد تكلموا بالباطل والعرافون رأوا الكذب وأخبروا بأحلام كذب. يعزّون بالباطل. لذلك رحلوا كغنم. ذلوا إذ ليس راعٍ.”
وعد الرب شعبه بالبركات، وهنا يذكرهم بأن يطلبوها منه هو وليس من أي أحد آخر، وهنا يطلب منهم أن لا يطلبوا من الترافيم= وهذه تماثيل على صورة الإنسان يقيمونها في البيوت لتحرسها ويستشيرونها في كل تصرف. والمطر المتأخر= هو الذي يسقط قبل تمام نضج المحصول فيساعد على نضجه أما المطر المبكر فيسقط بعد البذار فيساعد على تفتحها. والمطر يشير للروح القدس الذي سكبه الله على البشر يوم الخمسين بفيض= ويعطيهم مطر الوبل أي المطر الغزير (يؤ28:2). ولاحظ أهمية الصلاة حتى ينكسب الروح القدس ويملأ الكنيسة ويملأ النفس فيكون لها ثمار= أطلبوا من الرب (لو13:11″) عشباً في الحقل= إشارة للثمار. وكل من يستشير أحد غير الله يضل، فهم أي الشياطين يعزون بالباطل= [1] يعطون لمن يمشي وراءهم لذات عالمية وهذه باطلة. [2] يعطون وعوداً كاذبة بالسلام مع وجود الخطية كما يفعل الأنبياء الكذبة. وهذا وذاك باطل ومن يخدع بهما يتشتت بعيداً. لذلك رحلوا كغنم، أي شعب الله الذين ضلوا وراء خداعات الشياطين. والنتيجة= ذلوا فالمسيح وحده يعطي بسخاء ولا يعير أما الشيطان فيعطي لذات للجسد ثم يذل الإنسان الذي أخذ منه وترك المسيح الراعي الصالح= إذ ليس راعٍ.
آية (3): “على الرعاة إشتعل غضبي فعاقبت الأعتدة.لأن رب الجنود قد تعهد قطيعه بيت يهوذا وجعلهم كفرس جلاله في القتال.”
يبدأ الله بعقاب الأعتدة= والكلمة مترجمة عظماء في (أش9:14). إذن قد يكونوا هم رؤساء الأمة أو رعاتها وولاتها أو الأنبياء الكذبة أو هم الشياطين الأقوياء الذين أذلوا شعب الله، وخدعوا أعتدة الشعب من الرعاة فصاروا على شاكلتهم. والله حين وجد الرعاة قد إنحرفوا تعهد هو قطيعه= لذلك قال السيد المسيح “كل من جاءوا قبلي هم سراق ولصوص. فهو الراعي الحقيقي الذي قدم ذاته عن خرافه. وجعلهم كفرس جلاله= فالمؤمنون هم الفرس الأبيض الذي يركبه ويقوده المسيح (رؤ1:6،2). هم كفرس في مركبات فرعون (نش9:1). فبعد أن كانوا كغنم مشتتة حولهم لخيل قتال يقودهم في معركة النصرة.
الآيات (4،5): “منه الزاوية منه الوتد منه قوس القتال منه يخرج كل ظالم جميعاً. ويكونون كالجبابرة الدائسين طين الأسواق في القتال ويحاربون لأن الرب معهم والراكبون الخيل يخزون.”
منه الزاوية ومنه الوتد= المسيح هو حجر الزاوية الذي يسند البناء (كنيسته). وهو الوتد الذي إتكال الجميع عليه. والوتد هو الخطاف الذي يثبت في جدار البيت وتعلق عليه أواني المنزل أو أدوات الحرب عادة. إذاً لفظ الوتد يوحي هنا بشئ جدير بأن يُعوّل عليه. منه قوس القتال= أي القوة لمقاومة الشر والشرير إبليس. ومنه يخرج كل ظالم= تفهم أن الله سيطرد كل ظالم من أمامه، أو لو كان هناك ظالم لشعبه مثل إبليس فهو بسماح منه وذلك لتأديب شعبه فهو ضابط الكل مصدر كل قوة ومدبر كل الأشياء. ويكونون كالجبابرة= هذه تشبه “أنت مرهبة كجيش بألوية” فنحن بالمسيح نصير جبابرة ندوس طين العالم= أي نعتبر العالم بأمجاده الفانية كنفاية وطين، لأن عيوننا تنظر للسماء. والراكبون الخيل= هناك فرق بين راكب الخيل والفارس، لأن المسيح هو الفارس، والخيل هي نحن المؤمنين (رؤ2:6). نحن فرس القتال (آية3) أما راكب الخيل فهو الذي يعتمد على قوته البشرية ليحارب وهذا سوف يخزى، والله لا يحب هذا النوع (مز10:147).
آية (6): ” وأقوي بيت يهوذا وأخلّص بيت يوسف وأرجعهم لأني قد رحمتهم ويكونون كأني لم أرفضهم لأني أنا الرب إلههم فأجيبهم.”
بيت يهوذا وبيت يوسف= هؤلاء هم العائدين من السبي، إشارة لمن حررهم المسيح. ويهوذا وإسرائيل كانا مملكتين متحاربتين وبعد السبي عادا أمة واحدة، وفي المسيح يجتمع الجميع في وحدة. والمسيح خرج بالجسد من بيت يهوذا وقدم نفسه غذاء للعالم كما فعل يوسف، وبهذا وحد الجميع في جسد واحد وماذا يعطي المسيح لهذا الجسد، قوة= وأقوى وخلاص = أخلص وميراث سماوي = وأرجعهم. فنحن بالخطية صرنا ضعفاء، معرضين للسقوط، والمسيح أعطانا قوة، فلم يعد للخطية سلطان علينا (رو14:6). وأعطانا الخلاص فما فقدناه من أمجاد وميراث سماوي أرجعه لنا المسيح ثانية.
آية (7): “ويكون إفرايم كجبار ويفرح قلبهم كأنه بالخمر وينظر بنوهم فيفرحون ويبتهج قلبهم بالرب.”
كان أفرايم أقوى أسباط إسرائيل والمحرض على الشر. ولكن قوة دم المسيح غيرت طبيعته؟ “إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة” (2كو17:5) ولاحظ تكرار كلمة الفرح، فالفرح صار سمة الخليقة الجديدة (في4:4).
آية (8): “أصفر لهم واجمعهم لأني قد فديتهم ويكثرون كما كثروا.”
أصفر لهم= كما يصفر إنسان ليجمع نحله، وكما يصفر الرعاة ليجمعوا قطعان الغنم هكذا يفعل المسيح ليجمع خرافه فهو الراعي الصالح، وخرافه تسمع صوته وتعرفه (يو3:10-5). والصفير قد يكون صوت التلاميذ الذين خرجوا ليكرزوا بالإنجيل ليجمعوا الشعوب الذين فداهم الرب. ويكثرون= نبوة عن كثرة المؤمنين.
آية (9): “وأزرعهم بين الشعوب فيذكرونني في الأراضي البعيدة ويحيون مع بنيهم ويرجعون.”
أزرعهم بين الشعوب= كأن المؤمنين والرسل بذار ألقيت في العالم وأتت بمحصول. والشهداء كانوا بذار أيضاً. وبنيهم= أولادهم الروحيين الذين آمنوا بكرازتهم.
آية (10): “وأرجعهم من أرض مصر وأجمعهم من أشور وآتي بهم إلى أرض جلعاد ولبنان ولا يوجد لهم مكان.”
أرض مصر وأرض أشور= هي أرض العبودية وأرض التشتت وهذه ردنا منها المسيح حين حررنا وجمعنا فيه. أرض جلعاد= أرض مراعي فنحن غنم رعيته وهو يرعانا في مراعٍ خضراء. ولبنان= إشارة لدخول الكثيرين فتمتد الأرض لتشمل لبنان. ولكن لبنان تشير للجمال والسمو، بجبالها العالية الخضراء. وهذه سمات الحياة مع المسيح. ولا يوجد لهم مكان= من الكثرة فهم سيمتدون شرقاً وغرباً.
آية (11): “ويعبر في بحر الضيق ويضرب اللجج في البحر وتجف كل أعماق النهر وتخفض كبرياء أشور ويزول قضيب مصر.”
يعبر في بحر الضيق= “في العالم سيكون لكم ضيق” وسيقابل المؤمنين إضطهادات وضيقات، ولكن الله سيذلل كل شئ كما شق البحر الأحمر وجفف الأردن من قبل= ويضرب في اللجج= الله يضرب في الضيقات كما شق البحر الأحمر. وتجف كل أعماق النهر= إشارة لنهر الأردن والمعنى أن الله سيزيل كل المعوقات. ولن تقوى محاربات إبليس أي مصر وأشور على وقف عمل الله فينخفض كبرياؤهما لفشلهما في مقاومة الله وشعبه.
آية (12): “وأقويهم بالرب فيسلكون بأسمه يقول الرب.”
وأقويهم بالرب= سيرسل روحه القدوس ليقويهم فيتكلوا على الرب وحده يسلكون بأسمه= مسلك المؤمنون سيكون بمتقضى مشيئة الله.
تفسير زكريا 9 | تفسير سفر زكريا القمص أنطونيوس فكري |
تفسير زكريا 11 |
تفسير العهد القديم |