تفسير سفر ايوب اصحاح 11 للقديس يوحنا ذهبي الفم

الإصحاح الحادى عشر
حدیث صوفر كف عن الكلام الكثير (يا أيوب)

۱ – ” أجاب صوفر وقال: الذى يتكلم كثيراً، يلزمه أن يسمع هو أيضاً”.(۲،۱:۱۱)

هوذا صوفر أيضاً يتهم أيوب بالثرثرة. إن بلدد قال له إن نَفَس فمك ينتشر في كلمات» (۸: ۲)، وصوفر قال له الذى يتكلم كثيراً يلزمه أن يسمع هو أيضاً وهل يظن الثرثار أنه يتبرر؟» (۱۱: ۱، ۲). أى هل بحجة أنك تستطيع أن تعبّر عن نفسك صرت بذلك مبرراً؟

ثم تحدث صوفر عن طبيعته (البشرية) وقال هل يتبارك النسل الزائل للمرأة؟» (تابع ۱۱ : ۲)، أى حيث أنك مولود من امرأة فكيف ستتبرر ؟

٢- لا تكن مكثراً في الكلام» (۳:۱۱).

أي لا تعبر عن نفسك مطولاً.

«ألا يوجد من يرد عليك؟» (۳:۱۱).

إما أنه : يريد القول: ألا يوجد من يجاوبك؟ أى نحن أو أنه يريد القول: لا يوجد أحد يعرف خطاياك إلا الله وحده، وإن أراد أن يفحمك لكنت قد مت (من قبل).

لاحظ كيف أنهم يوبخونه على هذه الأمور، بينما هو لم يقل في أي موضع ظلماً وإنه لم يكن بلا خطايا.

– “فلا تقل (يا أيوب) أن أعمالى طاهرة وأنا بلا لوم أمامه” (٤:١١).

كيف هذا! ألم يقل هو بنفسه : أنا فى الحقيقة، أعلم أنه لا يوجد مائت طاهر أمام الرب! (۲:۹) انظر كيف أنهم يوبخونه كأعداء!

– “لكن كيف يكلمك الرب ويفتح شفتيه ليتحادث معك ؟ إذا لكان كشف لك قوته وحكمته لأنها ستصير مضاعفة في حالتك” (٥:١١، ٦).

قال صوفر: لو كان ممكناً أن الله يجيبك لأن قوة حكمته مضاعفة في حالتك» لكنت ستفهم أنه من العدل أنك تتألم.

إن شطراً من هذه العبارة خطأ والشطر الثانى يقدم توكيداً مضبوطاً. فهو من ناحية قال: لو كان ممكناً أن الله يجيبك – وعلى ذلك فهو الأفضل والأحكم – لأظهر لك أنه جيد أن تتألم هكذا، وهذا حق.

لكن من جهة أخرى فإن القول «وستفهم حينئذ أن أخطاءك استحقت العقوبات التي أرسلها الرب لك» (۱۱): (٦) هو ليس بقول مضبوط.

وحيث أن أيوب قد قال: آه لو كان يوجد وسيط وقاض بيننا» (۹: ۳۳)، لذلك قال له صوفر: لو كان يوجد وسيط لكان أظهر لك العكس. لكن أيوب لم يقل: إنني أتألم دون استحقاق، بل قال: أنا أتألم لمجرد التفكير فى الشر الآتى، وأيضاً فإن طبيعتي ضعيفة و«أنا صنعة يديك» (انظر ۳:۱۰)

إن صوفر على العكس تكلم كما لو كان أيوب قال: إننى أتألم ظلماً، أو أن أيوب لم يتكلم هكذا، إنما قال: أنا أخشى أن أخطئ.

الله يسوس الإنسان من العلا

ه- ” بعد ذلك أضاف صوفر قوله “هل ستجد أثر (مادي) للرب أم أدركت الحدود التي خلقها الله الكلى القدرة” (۷:۱۱)

أي هل يمكنك بالصدفة أن تتعرف على حكمته وطرقه ؟ ولكن (أيوب) هو أيضاً كان مقتنعاً بهذا سابقاً وتحدث مطولاً عن قوة الله وحكمته وعدم إدراكه ونقاوته، بحيث أن خواطر (صوفر) هذه هي خارج الموضوع.

٦ – السموات عالية والأرض عميقة، فماذا ستفعل؟ (۱۱: ۸).

إنه يريد إما القول: هل تستطيع أن تصنع أشياء شبيهة بهذه؟ أو أنه يريد القول: أنت مخلوق وضيع فى الكون وبالتالي لا يمكنك أن تصنع شيئاً، وأنت أيضاً بعيد عن الله «كبعد السماء عن الأرض إش (۵۵: ۹) ، لأن الله يعرف كل شيء.

“قال صوفر : ” ماذا تعرف عن الحقائق (الكونية) التى هى أعمق من الهاوية؟ أو هل تعرف أبعاد أكثر امتداداً عما للأرض؟ أو أعرض من البحر؟ إن كان هو يقلب أو يجمع كل شيء، فمن سيقول له: ماذا تفعل ؟ لأنه يعلم أعمال الأشرار ويرى كل شيء غیر عادی ولا يدعه يمر. وعبثاً فإن الإنسان يُحمل بكل كلمة والمائت مولود المرأة هو مثل الحمار الوحشي” (۸:۱۱-۲۱)

وصوفر معه حق في قوله «هو مثل الحمار الوحشي» الذى لا يتوقف عن النهيق. إذ لا يوجد أي فرق بين كلماتنا (الفارغة) وذلك الصوت عديم المعنى الذى يصيح عشوائياً وبطريقة غبية. نحن نتذمر على كل شيء ومن أجل كل شيء ونلوم كل شيء. 

ومن جديد ينصحه أصدقاؤه بالاهتمام بحياته لكنه قال إن هذا لا يفيد شيئاً، ولأجل هذا هو قال «وإن تبررتُ لا أستطيع أن أرفع رأسي» (۱۰: ۱٥) . وهو قال أيضاً: فماذا يفيد هذا؟ هوذا أنا بار، لكني نجس في عيني الله.

نقى قلبك (يا أيوب) والحياة تستقيم لك

– قال صوفر: ليتك تنقى قلبك وتبسط يديك نحوه إن وجد دنس على يديك، أبعده عنك ولا يسكن الظلم فى مسكنك، حينئذ يستعيد وجهك بهائه كما الماء النقي، وإن تخلصت من دنسك فلن تعانى بعد أى خوف، ولنسيتَ تماماً أتعابك كموجة (بحر) قد عبرت ولما شعرت بعد بأية رعبة (۱۳:۱۱-۱٦)

وحيث أن أيوب قد قال إن التغيير كان مستحيلاً “إن اغتسلت بالثلج (فهذا لن يفيدني شيئاً)، فأنت قد أغرقتنى تماماً في الطين” ،(۹:۳، ۱۳)، فلأجل هذا قال له صوفر سيستعيد وجهك بهائه كما الماء النقي».

إن خواطر صوفر فى جملتها بكل تأكيد ممتازة، لكن تكراره المستمر أن خطايا أيوب هي التي أثارت عليه كل هذه البلايا، كانت هي ا الخطأ، كما أيضاً نصحه على الرجوع إلى الفضيلة، لأن أيوب لم يكن يحيا في الرذيلة، والقول بهذا كان عن جهل، الذي هو سمة من سمات الناس الذين لا يفهمون شيئاً.

٩- قال صوفر: ” ولصارت صلاتك مثل نجم الصباح ولاستقامت لك الحياة في الظهيرة، ولا طمأننت أنه سيكون لك رجاء، وبعد همومك واضطراباتك سترى من جديد نور السلام، لأنك سترتاح ولن يوجد أحد يحاربك وكثير من الناس يغيرون رأيهم ويتضرعون إليك. أما الأشرار فإن أمانهم يفارقهم لأن رجاء هم يهلك وعيونهم تسكب الدموع لأنه في الله (فقط) توجد الحكمة والقوة (۱۱ : ۱۷ – ۲۰).

ملحوظة : لا يوجد تعليق لذهبي الفم على هذه الفقرة.

تفسير أيوب 10سفر أيوب 11تفسير سفر أيوبتفسير العهد القديمتفسير أيوب 12
القديس يوحنا ذهبي الفم
تفاسير سفر أيوب 11تفاسير سفر أيوبتفاسير العهد القديم
 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى