تفسير سفر زكريا ١١ للقمص تادرس يعقوب
الأصحاح الحادي عشر
رفضهم الراعي الصالح
“أثناء الحكم الروماني”
ينتقل النبي من عصر المكابيين حيث الإنتصارات بذراع إلهي إلى العصر الروماني حيث يظهر المسيا واهب النصرة، لكن اليهود يرفضونه ويتهمونه كخائن وطني ضد قيصر، مصرين أنه ليس لهم ملك إلاََّ قيصر. وتظهر بشاعة الخيانة مجسمة في تصرفات يهوذا الذي أسلم سيده بثلاثين من الفضة. هذه صورة مُرّة لرفضهم الراعي الصالح وقبولهم “ضد المسيح” راعيًا لهم.
مرثاة على الرافضين [1-3].
رفض إسرائيل للسيد المسيح حوّلها إلى خراب شامل، لذا يُرثيها النبي، قائلاً: “إفتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك، ولول ياسرو لأن الأرز سقط، لأن الأعزاء قد ضربوا، ولول يا بلوط باشان لأن الوعر المنيع قد هبط، صوت ولولة الرعاة لأن فخرهم خرب، صوت زمجرة الأشبال لأن كبرياء الأردن خربت” [1-3].
ويلاحظ في هذه المرثاة:
أولاً: أن الخراب يحمل أبعادًا ممتدة وشاملة فيصيب لبنان وباشان والأردن، وكأن رفض اليهود للسيد المسيح أسقطهم تحت ضربة ممتدة شبه جماعية، إذ صرخوا “دمه علينا وعلى أولادنا”. ولا يقف الشمول من جهة المواقع وإنما شمل أنواع الشجر من أزر يحرق بالنار وسرو يولول وأيضًا البلوط، كما يسقط شجر الوعر إلخ…
ثانيًا: يدعو الطبيعة للحزن على الإنسان الذي جحد خالقه ورفض عمله الخلاصي بل وخانه من أجل ثلاثين من الفضة.
ثالثًا: ما يذكره هنا تحقق حرفيًا إذ كان من عادة الأعداء عند إستيلائهم على أرض خصبة كأرض الموعد يقطعون أشجارها للإنتفاع بخشبها أو يحرقونها بالنار بقصد التدمير والتخريب.
رابعًا: من الجانب الرمزي إلى ماذا تُشير لبنان في قوله: “افتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك؟” لقد دخل الأعداء إلى لبنان من أبوابها أي خلال مداخل الجبال التي تؤدي إلى المدينة، لكي يحطموا أرزها الذي تعتز به. وقد رأينا لبنان روحيًا في الأصحاح السابق تُشير إلى الهجرة إلى الكنيسة المقدسة لتحمل فينا رائحة المسيح الذكية، فيقال: “رائحة ثيابك كرائحة لبنان” (نش 4: 11). وكما تُشير لبنان إلى الكنيسة المخصبة الحاملة لسمات السيد ورائحته وثمر روحه القدوس، فإنها من جانب آخر كما يقول القديس ديديموس الضرير تُشير إلى الوثنية (الإرتداد عن الإيمان) والتشامخ، إذ يقول: [بالفعل عندما يدعو العريس في نشيد الأناشيد كنيسة المنتصرين يقول لها: هلمي معي من لبنان يا عروس (نش 4: 8)… تاتي إلى ذاك الذي يدعوها من الجهالة وعدم الإيمان إلى المعرفة المقدسة والإيمان الكامل[60]].
خامسًا: ما يحل بالأرز والسرو والبلوط والوعر إنما يُشير إلى الجماعات اليهودية الرافضة للمسيا المخلص، كما تُشير إلى الخطايا التي تكمن في النفس تدفع الإنسان إلى الحرمان من التمتع بالخلاص. فيري القديس ديديموس الضرير في الأرز المتشامخ إشارة إلى جماعة المتكبرين أو إلى شيطان الكبرياء، إذ يقول: [جاء في إشعياء ضد هذه الأشجار العقيمة غير المثمرة: “فإن لرب الجنود يومًا على كل متعظم وعالٍ وعلى كل مرتفع فيوضع” (إش 2: 12)، وبعد قليل يقول: “وعلى كل أرز لبنان العالي المرتفع وعلى كل بلوط باشان” (2: 13). هذه الأشجار البرية تنبت على الكبرياء… ستؤكل بالنار الفاسدين الحريصين كقول إشعياء نفسه: “ويسقط لبنان بقدير” (10: 34)]. ويري القديس ديديموس أيضًا أنه إن كان الأرز يُشير إلى كبرياء العظماء، فإن السرو وهو شجر صغير الحجم يُشير إلى الخاضعين لهم؛ إن كان الأرز يُشير إلى الحكماء والفهماء في أعين أنفسهم فالسرو يُشير إلى الذين يسلكون فى تيارهم. لهذا عندما تأكل النار الأرز ينوح السرو لسقوط الجبابرة الذين هم سادتهم أمام أعينهم.
أما بالنسبة لبلوط باشان فيُشير إلى الغابات الكثيفة المملوءة اشجارًا مورقة لكنها بلا ثمر، فهي تمثل المرائين الذين لهم مظهر التدين وينكرون قوته. أما الوعر فهو الشجر الذي يوجد في البراري وبلا ثمر أيضًا!
سادسًا: تحول النبي في حديثه إلى الرعاة الذين تركوا عملهم الرعوي وصاروا يولولون لأن الأشبال تزمجر لتفترس وليس من ينقذ، والأن الأردن بكبريائه بسبب الغابات الكثيفة والأشجار التي تختفي فيها الوحوش قد خرب.
هذه هي الخطوط العريضة للمرثاة التي وضعها النبي على كل نفس ترفض عمل الخلاص فيها، تنفتح أبوابها أمام العدو لتفقد كل أشجارها، تحزن الطبيعة عليها ويحلّ بها الدمار الروحي الأبدي.
تدميرهم لأنفسهم [4-6].
“هكذا قال الرب إلهي: إرع غنم الذبح، الذين يذبحهم مالكوهم ولا يأثمون وبائعوهم يقولون مبارك الرب قد إستغنيت، ورعاتهم لا يشفقون عليهم” [4-5].
إذ رفضوا المسّيا الحمل الذبيح من أجل بأنفسهم للهلاك والتدمير. صاروا برفضهم للخلاص بلا ثمن يذبحهم مالكوهم ولا يُحسب عليهم ذلك إثمًا إذ هم مستحقون الذبح؛ وإذا ما باعهم مالكهم إستراح منهم إذ كانوا يمثلون ثقلاً عليه، فعند البيع يقول: مبارك الرب قد إستغنيت. لعله بهذا يصوّر لنا حال اليهود بعدما رفضوا المخلص إذ تشتتتوا في بلاد كثيرة وتعرضوا لإضطهادات مُرّة، كل أمة تود الخلاص منهم كثقل عليهم.
العجيب أن الله يسمح للأشرار برعاة قساة لأجل تأديبهم إذ يقول: “رعاتهم لا يشفقون عليهم”. فالرعاة هم من عند الله، إذ يرضى على شعبه يقول: “أعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم” (أر 3: 15)، أي يقدمون لهم مراعى المعرفة والفهم أو مراعى الحكمة الإلهية التي من قبل الله (أف 4: 11، 1 كو 12: 28)؛ لكنه متي سخط على شعبه يتركهم لذواتهم فيرعون في مراعى “حكمة هذا الدهر” (1 كو 2: 6)، ويسلمهم لمرعى “الذهن المرفوض” (رو 1: 28)، ومرعى “أهواء الهوان” (رو 1: 26).
الرعاة الصالحون ينطلقون بالرعية إلى حضن الله فينعمون بالأمان، أما الأشرار فيدفعوهم إلى خارج الله فيهلكون، لذا يقول المرتل: “هوذا البعداء عنك يبيدون، تهلك كل من يزني عنك، أما أنا فالإقتراب إلى الله حسن ليّ، جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك” (مز 73: 27).
لقد رفضوا الراعي الصالح المسّيا المخلص فحُرموا حتى من الرعاة الصالحين وأسلمهم الرب لرعاة لا تشفق على الرعية… إذ لم يعد يشفق هو نفسه عليهم، إذ يقول: “لأني لا أشفق بعد على سكان الأرض يقول الرب، بل هأنذا مسلم الإنسان كل رجل ليد قريبه وليد ملكه فيضربون الأرض ولا أنقذ من يدهم” [6]. لقد دعاهم “سكان الأرض”، فإنهم رفضوا المسُيا السماوي الذي جاء ليصعدهم من الأرض إلى السماء، فبقوا بقلوبهم في الأرض وحُسبوا “سكان الأرض” بل وحملوا فيهم طبيعة الأرض. هذه الطبيعة الترابية لا تحمل حبًا سماويًا ولا إتساع قلب بل كل رجل يسلم أخاه للضيق والظلم لهلاكه.
حرمانهم من النعمة [7-11].
كانت العادة قديمًا أن يمسك الراعي عصوين، بالواحدة يضرب أي حيوان مفترس يهاجم القطيع وبالأخري يقود القطيع حتى لا ينحرف عن الطريق، لكن الرب يظهر هنا ممسكًا عصوين هما: نعمة أو جمال، وحبال أو إتحاد، فيقودنا بنعمته في مراعيه السماوية الخضراء كي لا يعوزنا شيء، ويقودنا بالإتحاد كي يربطنا جميعًا معًا فيه بروح الحب الإلهي.
ويري القديس ديديموس الضرير أن الله بهذين العصوين يقود اليهود كما الأمم كغنمة الناطق، كما تُشير العصوين إلى عمله كمخلص وكملك.
على أي الأحوال، برفض اليهود للملك المسيا قصف الرب عصا النعمة فحرموا من العون الإلهي وخسروا بركاته لأنهم نقضوا عهده. بهذا فقدوا رعايته المترفقة: “فقلت لا أرعاكم، من يمت فليمت، ومن يبد فليبد، والبقية فليأكل بعضها لحم بعض” [9]، ليس عن إستخفاف بالغنم وإنما من أجل تقديسه للحرية الإنسانية، فتركهم لأنفسهم بأنفسهم من نعمته.
يقول: “وأبدت الرعاة الثلاثة في شهر واحد وضاقت نفسي بهم وكرهتني أيضًا نفسهم” [8]. من هم هؤلاء الرعاة الثلاثة الذين أبادهم الرب وخسرهم اليهود؟ يرى القديس جيروم أن هؤلاء الثلاثة هم موسى وهارون ومريم الذين ماتوا قبيل دخول الشعب أرض الموعد[61]. ولعله يقصد برفضهم السيد المسيح خسروا رعايته الثلاثية ككاهن وملك وواهب النبوة، فحرموا من شفاعته الكفارية (كهنوته) وملوكيته كقائد غلب يدخل بهم إلى النصرة، وواهب النبوة يكشف لهم أسرار الحياة العتيدة. في القديم كان الملك غير الكاهن غير الرائي أو النبي، أما في المسيح فتجمعت هذه الثلاثة على مستوي فائق وفريد.
خيانتهم للمسيا [12-14].
لم يرد الله أن يقدم هذه الصورة القاتمة عما يصل إليه أهل الختان بسبب رفضهم للمسيا دون الكشف عن صورة هذا الرفض في عملية الخيانة التي يقوم بها يهوذا ضد سيده مقابل ثلاثين من الفضة، تمثل خيانة الشعب كله، إذ قيموه بثمن عبد يستحق الموت.
“فقلت لهم إن حسن في أعينكم فأعطوني أجرتي وإلاَّ فامتنعوا، فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة، فقال ليّ الرب: القها إلى الفخاري في بيت الرب” [12-13].
أولاً: ما هي الفضة التي قُدمت كثمن لخيانة الرب؟ يقول القديس ديديموس الضرير: [لنتناول الأجرة والفضة من الناحية الروحية. غالبًا ما تُشير الفضة إلى العلم الإلهي والكلمة الإلهية، كالقول: “كلام الرب كلام نقي فضة مصفاة في بوطة في الأرض ممحوصة سبع مرات” (مز 12: 6)، وجاء فى الأمثال: “لسان الصديق فضة مختارة” (أم 10: 2). هنا كلمة “لسان” تعني “كلام”. لكن ليس كل كلمة “فضة” تؤخذ بمعني صالح، إذ يقول الرب عن كهنة اليهود الضالين: “صارت فضتك زغلاً” (إش 1: 22). هنا لا يتهم الفضة في ذاتها وإنما كلامهم المخادع، فيقول الرب عن الناطقين بهذا الكلام: “فضة مرفوضة يدعون، لأن الرب رفضهم” (أر 6: 3)، إذ رفض المخادعين للغيرة وكاسري الوصايا. بنفس الطريقة نفهم ما قيل في الأمثال إن الفضة المعطاة للخداع يجب أن تؤخذ على أنها قطعة من الفخار (أم 26: 23)، هذا هو كلام الذين لا يهتمون إلاَّ بالأرضيات (الفخار الترابي) الذين قيل عنهم بإشعياء: “صوتهم يأتي من الأرض” (إش 8: 19). إذن توجد أنواع من الفضة، فإذ قرر أهل الختان اجرة عن من تألم من أجلهم ثلاثين من الفضة (مت 20: 28؛ مر 10: 5؛ يو 10: 15)… دفعوا فضة مغشوشة… مقدمين كلام غش. وفي المسيحية أيضًا يوجد أُناس معتقداتهم خاطئة “السالكون في مكر والغاشون كلمة الله” (2 كو 4: 2)، يفهمون كلمة الله حسب أهوائهم. هؤلاء يجب أن نحذر منهم ونحسب أحاديثهم فضة مغشوشة[62]].
كأن اليهود وأصحاب البدع إذ يقدمون كلمات غاشة ومخادعة يبيعون السيد بفضة غاشة!
ثانيًا: حسبوه عبدًا فدفعوا الثمن ثلاثين من الفضة ثمن العبد (خر 21: 32). ولعل رقم 30 يرمز إلى تدنيس الحواس الخمسة، فإن كان رقم 6 يُشير إلى النقص[63] فإن رقم 5 (الحواس) مضروبًا في 6 ينتج 30. وكأن خيانة السيد المسيح ثمنها هو تدنيس حواسنا لحساب عدوه إبليس عوض تقديسها له.
ثالثًا: ماذا يعني بالفخاري الذي ألقيت فيه الفضة في بيت الرب؟ يرى القديس ديديموس الضرير إن الفضة الغاشة التي دفعت ثمنًا للسيد المسيح لخيانته تلتقى في بيت الكتاب المقدس الذي هو بيت الفخاري حيث النار الفاحصة فيفضح خداعاتهم ويكشف تعارضهم مع النبوات الخاص بالسيد.
رابعًا: إذ يتعامل الفخاري مع التراب والطين مع النار فإن إلقاء الفضة في بيت الفخاري يعلن عن طبيعة قلبهم الترابي الأرضي، لا يليق به أن يوضع في القصور أو الخزائن وإنما في التراب.
خامسًا: بهذا الثمن أُشتري حقل دعي “حقل الدم” أُستخدم لدفن الغرباء (مت 27: 7) إشارة إلى قبول الأمم حيث ندفن مع المسيح بثمن دمه لنقوم معه. يقول القديس جيروم: [ثمن المسيح هو موضع دفننا وقد دُعى الحقل “حقل دم”، إنه حقل دم اليهود لكنه موضع دفننا، لأننا نحن غرباء وأجنبيون وليس لنا موضع راحة. لقد صلب ومات ونحن دفنا معه[64]].
سادسًا: يختم حديثه عن رفض المسيا وخيانتهم له بالقول: “ثم قصفت عصاي الأخرى حبالاً (الوحدة) لأنقض الاخاء بين يهوذا وإسرائيل” [14]. ويري القديس ديديموس الضرير أن العصوين يجتمعًا معًا ويتحدا كعصاة واحدة كما جاء في (حز 37) عندما يرجع اليهود في آخر الدهور ويقبلوا السيد المسيح فيصيروا مع يهوذا (كنيسة العهد الجديد) واحدًا بدخولهم الإيمان.
قبولهم ضد المسيح [15-17].
إذ رفضوا السيد المسيح الراعي الصالح حُرموا من النعمة الإلهية والوحدة معًا في الرب بقصف العصوين وقبلوا الرعاية الزائفة التي لضد المسيح، إذ يقول: “خذ لنفسك بعد أدوات راع أحمق، لأني هأنذا مقيم راعيًا في الأرض لا يفتقد المنقطعين ولا يطلب المنُساق ولا يجبر المنكسر ولا يربي القائم، ولكن لا يأكل السمان وينزع أظلافها” [16].
يعلق القديس ديديموس الضرير على هذه العبارة، قائلاً: [الله الذي يتركهم في خزيهم أقام لهم راعٍ أحمق بلا خبرة في الرعاية، يهلك الذين إختاروه لهم راعيًا. لا يهتم بالضال الذي صار وحده بعيدًا عن القطيع ليرده، الذي إنفصل بضلاله. إنه لا يحافظ على شيء، ولا يبحث عن الذين تشتتوا، ولا يعتني بالمجروحين ولا يقود الأصحاء. غايته شريرة وليست للخير، يجري وراء منفعته الخاصة وطمعه فيلتهم اللحم وينزع أظلاف الذين تحت رعايته. إنه ليس كالرعاة الذين يهبهم الله، قائلاً: “وأعطيكم رعاة حسب قلبي يرعونكم بالمعرفة والفهم” (أر 3: 15). فإنه هل يمكن أن يكونوا إلاََّ رعاة صالحين من كأن رأسهم ذاك الذي يُعطي حياته للخراف بكونه الراعي الصالح (يو 10: 15)؟… فقد قيل “متى أُظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يُبلى” (1 بط 5: 4). الذين يرعون الخراف هكذا لا يتسلطون على من هم من نصيبهم (1 بط 5: 3)، أما الذين يأكلون لحم الخراف فيطلبون لذتهم الخاصة ظانين أنهم يجدون المجد في خزي اعمالهم. يأكلون بلا تمييز فتكون آلهتهم بطونهم (في 3: 19) ويكونوا عبيدًا لها لا عبيد للمسيح يسوع. عن هؤلاء يكتب الرسول: “لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم” (رو 16: 18)].
ماذا يعني بنزع الأظافر؟ الرعاة الصالحون يحفظون “وحدانية الروح برباط السلام” (أف 4: 3)، أما الأشرار فينزعون عن الرعية أظافرها كما تنزع عن الأصابع، أي يفقدونها وحدتها.
هذا هو ثمر شر الشعب، يتركه الرب لراع أحمق يبدده كما يبدد نفسه، إذ يقول “ويل للراعي الباطل التارك الغنم، السيف على ذراعه وعلى عينه اليمني، ذراعه تيبس يبسًا وعينه اليمني تكل كلولاً” [17]. وكما يقول القديس ديديموس الضرير عن هذا السيف الذي يحطم ذراع الراعي الأحمق وعينه اليمني: [كلمة الله تهدد خاصة الرعاة غير الصالحين… فيقول الرب في إشعياء “إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف” (1: 19-20)، كما يتحدث في أرميا عن السيف المنتقم: “إن يديّ على سكن الأرض” (أر 6: 12) كي يهلكوا… السيف المنتقم على ذراع (الراعي الأحمق) وعينه، أي يمس حاستي العمل والتأمل، فتيبس ذراعه إذ يصير عضوًا ميتًا، كما تُصاب عينه اليمني بالعمي…].
يرى القديس ديديموس في هذه النبوة عن ضد المسيح الذي له ذراع قوي خلال الآيات التي يصنعها (2 تس 2: 9)، وأما عينه اليمني فتُشير إلى خداعاته الفكرية إذ يدعي المعرفة الكاملة مع أنه كاذب (1 تي 6: 20) وقد حمل عليم الساحر رمزًا له، فكان يخدع بأعماله السحرية وأكاذبيه، فأبطلت أعماله وأصيب بالعمي فلا يبصر الشمس (أع 13: 10).
تفسير زكريا 10 | تفسير سفر زكريا القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير زكريا 12 |
تفسير العهد القديم |