تفسير سفر صفنيا ٢ للقمص تادرس يعقوب
الأصحاح الثاني
في الأصحاح الأول يؤكد الرب أنه يؤدب شعبه في حزمٍ شديدٍ، إذ لا يقبل الشركة مع الشر، وهو في هذا استخدم أشور، وسيستخدم بابل لتأديب شعبه “إسرائيل ويهوذا” لكن وهو يؤدب شعبه لا يقبل من الأمم أن يشمتوا بهم أو يحملوا روح البغضة والكراهية ضدهم. فإنه يحاكمهم ويدينهم.
إذ يُقدم النبي وصفًا مرعبًا لمحاكمة الأمم، فإنه لا يهدف أن يسقط البشر في اليأس،بل أن يجتذبهم إلى الله كمصدر حياتهم وسلامهم وسعادتهم. إنه يدعوهم إلى إعادة تقييم حياتهم وأهدافهم ونياتهم، فيرتعبوا لا من الله بل من الخطية.
يبدو في محاكمة الله للأمم كما لو كان عدوًا لهم، وذلك لتأديبهم بحزمٍ على شماتتهم بشعبه الساقط تحت التأديب، لكن على ضوء السفر كله حيث يعلن التهليل برجوع الأمم إلى الله يظهر أن الله لا يعاديهم بل يعادي عداوتهم، ولا ينتقم منهم بل من الشر الذي ملك عليهم.
1. دعوة شعبه لطلب البرّ 1-3:
قبل أن يبدأ بمحاكمة الأمم الشامتة في شعبه الذي تحت التأديب، يطلب من شعبه أن يتوبوا، ويطلبوا البرّ والتواضع حتى يستر الرب عليهم ويرد لهم مجدهم. فهو لا يقوم بمحاكمة الشامتين في شعبه ما لم يُقدم الأخير توبة صادقة.
تَجَمَّعِي وَاجْتَمِعِي يَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ غَيْرُ الْمُسْتَحِيَةِ. [1]
يدعو هذه الأمة التي حسبت نفسها شعب الله المتميز عن بقية الأمم والشعوب، أن تراجع موقفها فإنها “أمة غير مستحية” أو “أمة غير راغبة في الله”، أو ليس لها ما يُزكيها أمامه، يطالبها أن تجمع نفسها وتجتمع معًا، فإن أحد ثمار الخطية الخطيرة هو فقدان الهدف الجماعي، فيعمل كل واحدٍ حسب هواه. وكما قيل عن فترة القضاة المظلمة: “في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل، كل واحدٍ عمل ما حسن في عينيه” (قض 21: 25).
الخطية تجعل الإنسان كالعصافة التي ليس لها موضع استقرار، وتحول المجتمع كما إلى عاصفة تبدد الكل وتبعثرهم.
على العكس فإن عمل التوبة الصادقة هو رجوع الإنسان إلى أعماقه ليبصر بروح الحق إلى قلبه وفكره ومشاعره ونياته وإرادته… هنا يلتصق بالله فيقترب إلى إخوته بروح الوحدة، لا بمجرد الاجتماع الجسماني، بل يصير للكل الروح الواحد والفكر الواحد.
هنا الدعوة للاجتماع معها ربما لكي يراجع الجميع حساباتهم معًا، فيقدموا توبة جماعية، ويصرفوا العار والغضب الإلهي عنهم، بروح الصلاة والخشوع والرغبة في الرجوع إليه.
قَبْلَ وِلاَدَةِ الْقَضَاءِ.
كَالْعُصَافَةِ عَبَرَ الْيَوْمُ.
قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ.
قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ يَوْمُ سَخَطِ الرَّبِّ. [2]
إن كان شعبه قد سقط تحت التأديب، فإنه ينذرهم بأنهم ما لم يرجعوا إليه يسقطون تحت الغضب الإلهي في يوم سخط الرب.
إن كانت الخطية تفسد حياة الناس، فتجعل منهم قشًا لا حنطة، فإن أقل هجوم من عدو يصير كالريح فيتناثر القش ويتبدد. أما التوبة فتجعل من القش حنطة، فلا تبعثرهم الرياح، بل تنقيهم من القش لتجتمع الحنطة معًا.
يطالبهم بالتوبة السريعة وفي غيرة، فقد اقترب جدًا يوم ولادة القضاء، أو يوم التأديب الإلهي؛ لقد صار على الأبواب.
لعله يشبه يوم الرب هنا بالعصافة، يأتي سريعًا حيث تهب رياح الغضب الإلهي، ومتى حلّ اليوم لا يجد الأشرار فرصة للهروب، فسيعبر كعصافة يصعب اللحاق بها، ويصيرون هم أنفسهم عصافة في مهب الرياح الشديدة! وكما يقول المرتل: “ليس كذلك الأشرار، لكنهم كالعصافةالتي تذريها الريح” (مز 1: 4). وكما يقول الرب عن شعب أفرايم الأثيم: “لذلك يكونون كسحاب الصبح، وكالندى الماضي باكرًا. كعصافةٍ تُخطف من البيدر، وكدخانٍ من الكوة” (هو 13: 3).
هكذا لا يجد الأشرار موضع راحة، لا يستقرون على الأرض، ولا يبلغون السماء. إنهم كالعاصفة التي تحركها الريح في كل اتجاه.
يقارن القديس أغسطينوس(14) بين الودعاء والأشرار، فعن الودعاء قيل: “طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض” (مت 5: 5)؛ أما الأشرار فإنهم كالتراب (والرماد) تطرحه الريح عن وجه الأرض (مز 1: 4). فإن الكبرياء ينفخ الشرير فيكون دومًا مطرودًا من وجه الأرض.
* الأشرار “كالعصافة التي تذريها الريح” (مز 1: 4). يقول الكتاب المقدس إن الإنسان الشرير يكون غير سعيد، فلا يكون حتى مثل تراب الأرض. يبدو التراب كما لو كان ليس له كيان، لكن له نوع من الوجود في ذاته… إنه يتبعثر هنا وهناك وليس له أي موضع يستقر فيه، حيثما يجرفه الريح تتبدد قوته. هكذا هو الشرير، فإنه إذ يجحد الله، ينقاد بالضلال، حيثما ترسله نسمات إبليس(15).
القديس جيروم
* “ليكونوا مثل العُصافة قدام الريح، وملاك الرب داحرهم” (مز 35: 5)… الريح هو التجربة، والتراب (العُصافة) هم الأشرار. حينما تأتي التجربة يرتفع التراب ولا يقف أمام الريح ولا يصده(16).
القديس أغسطينوس
أُطْلُبُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ بَائِسِي الأَرْضِ الَّذِينَ فَعَلُوا حُكْمَهُ.
اطْلُبُوا الْبِرَّ.
اطْلُبُوا التَّوَاضُعَ.
لَعَلَّكُمْ تُسْتَرُونَ فِي يَوْمِ سَخَطِ الرَّبِّ. [3]
في دعوته لهم أن يجتمعوا لم يرد أن يبث كل منهم في الآخر روح الرعب والفزع، بل يجتمعوا معًا لكي يطلبون الرب. يطلبون الرب لكي يفيض عليهم بنعمته ويرحمهم، ويحقق وعودهم لهم. يدعوهم لكي يجتمعوا بروح الوداعة، كمرضى يسألون الطبيب السماوي أن يمد يده ليعالج ويشفي. لذا يدعوهم “يا جميع بائسي (وديعي) الأرض”.
العجيب أنه يدعو ودعاء الأرض (بائسي الأرض) لكي يطلبوا الرب نفسه ويسألوه البرّ والتواضع؛ بهذا يُسترون في يوم سخط الرب. فليس من طريق للاختفاء من الغضب سوى الالتجاء إلى الرب والاختفاء فيه، والتمتع بالبرّ الإلهي فيستر على ضعفاتهم، وينالون التواضع فيصيرون حنطة عوض كونهم عُصافة في مهب الريح العاصف.
لقد أعلن الرب ذات النداء في سفر إشعياء: “هلَّم يا شعبي ادخل مخادعك، واغلق أبوابك خلفك. اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب. لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب إثم سكان الأرض فيهم” (اش 26: 20-21). وفي عاموس: “لأنه هكذا قال الرب لبيت إسرائيل: اطلبوا فتحيوا… اطلبوا الرب فتحيوا، لئلا يقتحم بيت يوسف كنارٍ تُحرق ولا يكون من يطفئها من بيت إيل” (عا 5: 4، 6).
يرى البعض أن الحديث هنا موجه إلى طبقة البائسين الذين سقطوا تحت الظلم بسبب الفساد الذي حلّ في البلاد، واستغلال أصحاب السلطة والأغنياء الفرصة ضد الفقراء. غير أن هؤلاء الفقراء اشتركوا أيضًا في الفساد والرجاسات، لذلك يسألهم النبي أن يرجعوا إلى الرب ويلتمسوا رحمته بالتوبة في تواضعٍ والسلوك بالبرّ. فإن الظلم الحالّ عليهم لن يبررهم يوم سخط الرب ما لم يرجعوا إليه بكل قلوبهم.
ولعله يقصد بالبائسين هنا اليهود صالبي المسيح، فإن كانوا قد جدفوا عليه وصلبوه، فليتعرفوا عليه وبروح التواضع يطلبوه، فيحتضنهم ويحفظهم من الغضب الذي حلّ بهم بسبب جحودهم له. فقد قيل لهم بالنبي إشعياء : “اطلبوا الرب مادام يُوجد، ادعوه وهو قريب” (إش 55: 6).
يرى القديس كبريانوس في النداء “اطلبوا الرب” دعوة لترك كل شيء لنطلب الرب وملكوته وبرّه عندئذ كل شيء يزداد لنا كقول السيد المسيح نفسه (مت 6: 31-33)(17).
* حيث يوجد زمن، تطلعوا إلى الخلاص الحقيقي الأبدي، وإذ صارت نهاية العالم على الأبواب حولوا أذهانكم بمخافة الرب إلى الله. لا تبتهجوا بسلطانكم الباطل الذي بلا قوة يسيطر في هذا العالم على الأبرار والودعاء… “اطلبوا الرب فتحيوا” (عا 5: 6). اعرفوا الرب حتى إن كان الوقت متأخرًا… آمنوا به، هذا الذي لن يخدعكم. آمنوا بذاك الذي سبق فأخبركم بحدوث كل هذه الأمور. آمنوا بالذي سيهب الحياة الأبدية للذين يؤمنون. آمنوا بذاك الذي بنيران جهنم يوقع عقوبة أبدية على غير المؤمنين(18).
الشهيد كبريانوس
هكذا ليس لنا ملجأ من غضب الرب إلاَّ الهروب إليه والاحتماء فيه.
* قبل أن نطلب الرب كنا ضعفاء ومتقلبين، الآن إذ تستقر قلوبنا عليه فنحن أقوياء وشجعان(19).
القديس جيروم
2. محاكمة فلسطين 4-7:
لأَنَّ غَزَّةَ تَكُونُ مَتْرُوكَةً،
وَأَشْقَلُونَ لِلْخَرَابِ.
أَشْدُودُ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ يَطْرُدُونَهَا،
وَعَقْرُونُ تُسْتَأْصَلُ. [4]
يؤدب الرب البلاد الهامة في فلسطين والتي كانت تعتز في كبرياء بقدرتها أو ازدهارها، وهي غزة وأشقلون وأشدودوعقرون. فتصير مدينة غزة متروكة أشبه ببرية جرداء، وقد قام الإسكندر الأكبر بتدميرها تمامًا حتى كاد أن يمحيها. وقد جاء اسمها في العبرية “كذوبة Gazubah” تحمل هذا المعني، أي بلا وجود. والمدينة الثانية أشقلون، فإنها في العبرية Ekron teeaker.
أشدود تطرد في وقت الظهيرة، وقد عرف الشرقيون منذ القديم أنهم ينامون في الظهيرة بسبب الحر، فتعتبر فترة خمول، (2 صم 4: 5)، وكانت العمليات العسكرية تتوقف في تلك الفترة.
يلاحظ أن المدينة الخامسة في فلسطين المشهورة “جت” لم تُذكر هنا لأنها في ذلك الحين كانت خاضعة لليهود. لهذا كل من صفنيا هنا وعاموس (1: 6)، وإرميا (25: 20)، وزكريا (9: 5-6) لم يذكروا سوى الأربع مدن.
ما يتنبأ به هنا عن هذه المدن الأربع الرئيسية يُشير إلى ما يحل بالإنسان الأثيم غير التائب ألاَّ وهو أن يعاني من العزلة، حيث يصير متروكًا، ومن الخرابحيث لا يسكنه البرّ الإلهي، ومن الرعبحيث يعيش كطريد وليس من هو وراءه، وأخيرًا يُستأصل حيث تنتهي حياته بمصير عدو الخير نفسه.
هذا هو الإنذار الإلهي لكل إنسان يختار لنفسه مقاومة الحق الإلهي، وإعطاء ظهره لله واهب الحياة والشبع والسلام والسعادة. إنه يئن مع صهيون التي ظنت في مرارتها أن الرب تركها وسيدها نسبها (إش 49: 14)، فتقول: “هأنذا كنت متروكة وحدي” (إش 49: 21). وكما يقول إرميا النبي: “كل المدن متروكة، ولا إنسان ساكن فيها” (إر 4: 29). كما قيل بالنبي إشعياء: “وينظرون إلى الأرض، وإذا شدة وظلمة قتام الضيق، وإلى الظلام هم مطرودون” (إش 8: 22). كما قيل بالمرتل: “لتكن دارهم خرابًا، وفي خيامهم لا يكن ساكن” (مز 69: 25)؛ “كيف صاروا للخراب بغتة؟” (مز 73: 19). وجاء في المكابيين: “استأصل كل أثيم وشرير” (1مك 14: 14).
* “كيف صاروا للخراب بغتة؟” (مز 73: 19) إنه يتعجب منهم، مدركًا ما سيحل بهم في النهاية. “اضمحلوا“؛ حقًا صاروا كالدخان، إذ يصعد إلى فوق يضمحل، هكذا هم اضمحلوا… “فنوا بآثامهم“. إنهم كحلمٍ عند التيقظ (مز 73: 20)… إذ يرى إنسان أنه قد وجد كنوزًا وهو نائم إنما يكون في وهم إنه غني، ولكن إلى أن يستيقظ… يبحث فلا يجد، ليس في يديه شيء، ليس شيء في سريره… هؤلاء (الأشرار) إذ يستيقظون يجدون البؤس الذي أعدوه لأنفسهم(20).
القديس أغسطينوس
إن كان الشر يهدم الإنسان ويفقده كل حيوية، فيكون كمن هو مهجور في عزلةٍ، يحل به الدمار، ويُستأصل، فإن الله الذي يسمح بذلك إنما ليستأصل ما فيه من شرٍ ولكي يغرسه من جديد، أي يجدد حياته وطبيعته بروحه القدوس. يحطم ما فينا من شر ليقيم برَّه فينا. وكما يقول المرتل: “أنت بيدك استأصلت الأمم وغرستهم” (مز 44: 2).
وَيْلٌ لِسُكَّانِ سَاحِلِ الْبَحْرِ أُمَّةِ الْكَرِيتِيِّينَ.
كَلِمَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ: يَا كَنْعَانُ أَرْضَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ،
إِنِّي أَخْرِبُكِ بِلاَ سَاكِنٍ. [5]
يُقصد بساحل البحر كل المنطقة التي على ساحل البحر الأبيض المتوسط من مصر إلى يافا وغزة. الكلمة العبرية هي Cerothوهي تطابق في صوتها “أحواض مياه dug cisterns”.
وَيَكُونُ سَاحِلُ الْبَحْرِ مَرْعًى بِآبَارٍ لِلرُّعَاةِ وَحَظَائِرَ لِلْغَنَمِ. [6]
ساحل البحر الذي كان يُستخدم كميناء للسفن، يسكنه التجار، صار خاليًا من السكان. يتحول من بلدٍ تجاري مملوء نشاطًا وحيوية إلى مرعى غنم وحظائر.
يرى البعض أنه يُقصد بأمة الكريتيين جماعة من المتغربين أو المهاجرين من فينيقية، ورد ذكرهم في (1 صموئيل 30: 14 وعاموس 9: 7). وقد وردت في الترجمة السبعينية والسريانية تحت اسم “كريت”.
وَيَكُونُ السَّاحِلُ لِبَقِيَّةِ بَيْتِ يَهُوذَا.
عَلَيْهِ يَرْعُونَ.
فِي بُيُوتِ أَشْقَلُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ يَرْبُضُونَ،
لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَهُمْ يَتَعَهَّدُهُمْ وَيَرُدُّ سَبْيَهُمْ. [7]
يتنبأ هنا أن بيت يهوذا، يسترد ملكيته لأشقلون. وأن البقية الراجعة من السبي ستستقر في آمان في بيوت أشقلون.
لقد دمَّر اسكندر الأكبر اشقلون، وتمم المكابيون Maccabees ما تنبأ به الأنبياء ضدها، حيث فقدت نظام حكمها تمامًا، وأُلزم الشعب أخيرًا أن يُختنوا، أي يدخلوا إلى اليهودية قسرًا.
3. محاكمة موآب وعمون 8-11:
قَدْ سَمِعْتُ تَعْيِيرَ مُوآبَ،
وَتَجَادِيفَ بَنِي عَمُّونَ الَّتِي بِهَا عَيَّرُوا شَعْبِي،
وَتَعَظَّمُوا عَلَى تُخُمِهِمْ. [8]
ارتبط بنو موآب وبنو عمون معًا، فكل من موآب وعمون هو ابن غير شرعيٍ للوط الساقط (تك 19: 33-38). هذان الشعبان يمثلان من هم نغول وليسوا أولادًا لله، حيث يرفضون الإيمان بالسيد المسيح، ولا يتمتعون بالميلاد الروحي الجديد.
سقط بنو موآب وبنو عمون تحت التأديب، لأنهم صاروا يسخرون بالشعب اليهودي أثناء تأديبه، ويجدفون على إلههم. في سخريتهم وشماتتهم بهم ظنوا أن إله إسرائيل لا يسمع ولا يقوى على مقاومتهم، لهذا يقول: “قد سمعت تعبير موآب وتجاديف بني عمون” وإن كان في طول أناته بدا كمن لا يسمع حتى يؤدب شعبه.
“تعظموا على تخمهم”، ففي عجرفة وكبرياء غاروا على حدود يهوذا (إر 48: 29؛ 49: 1).
فَلِذَلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ،
إِنَّ مُوآبَ تَكُونُ كَسَدُومَ،
وَبَنِي عَمُّونَ كَعَمُورَةَ، مِلْكَ الْقَرِيصِ، وَحُفْرَةَ مِلْحٍ، وَخَرَابًا إِلَى الأَبَدِ.
تَنْهَبُهُمْ بَقِيَّةُ شَعْبِي،
وَبَقِيَّةُ أُمَّتِي تَمْتَلِكُهُمْ. [9]
يصير مصير الموآبيين والعمونيين كمصير سدوم وعمورة، حيث تنتهي كل ذكرى لهم، وتتحول بلادهم إلى خراب بلا ساكنٍ. أرضهم تصدر القرَّاص، وهو نبات ذو وبر شائك، عوض الحنطة، وينابيعهم تصدر مياهًا شديدة الملوحة عوض ينابيع المياه العذبة، ويصيرون غنائم لإسرائيل.
هَذَا لَهُمْ عِوَضُ تَكَبُّرِهِمْ،
لأَنَّهُمْ عَيَّرُوا وَتَعَظَّمُوا عَلَى شَعْبِ رَبِّ الْجُنُودِ. [10]
ما يحل بهم ليس جزافًا، إنما هو ثمر طبيعي لكبريائهم وتشامخهم على شعب رب الجنود.
الرَّبُّ مُخِيفٌ إِلَيْهِمْ،
لأَنَّهُ يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ الأَرْضِ،
فَسَيَسْجُدُ لَهُ النَّاسُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ،
كُلُّ جَزَائِرِ الأُمَمِ. [11]
يؤكد الله أنه ليست هناك عداوة في قلب الله من جهة شعبٍ معينٍ، أو أمة معينة، إنما يسقط الشعب المتكبر والمجدف تحت نير كبريائه وتجديفه وشره، أما الله فيحطم الأوثان، ويقيم من كل الأمم شعبًا له، تتعبد له كل أمة، بل وكل إنسانٍ في مكانه. فلا حاجة أن يصعد الكل إلى أورشليم، وأن يعبدوا في هيكل سلميان.
هذا ما كان الله يهيئ شعبه القديم على قبوله، وهو أن تصير الأرض وملؤها للرب ولمسيحه.
“يا ممالك الأرض غنوا لله، رنموا للسيد، سلاه” (مز 68: 32).
“فيُعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم، ويقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للربٍ نذرًا ويوفون به” (إش 19: 21).
“لأن من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي بين الأمم، وفي كل مكانٍ يُقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة…” (مل 1: 11).
إنه يحط من قدر الآلهة الوثنية، فتصير هزيلة للغاية كوحوشٍ مفترسةٍ هزلت جدًا لعدم وجود طعام لمدة طويلة. ليس من ذبيحة بعد تُقدم لهم، ولا من عبادة تقدم في هياكلهم.
* لتسمع الآن نبيًا آخر الذي يقدم ذات النبوة قائلًا إن العبادة لله سوف لا تُحد بموضعٍ واحدٍ، إنما يحل الوقت حين يعرفه كل بشرٍ. إنه صفنيا القائل: “سيظهر الرب لكل الأمم، ويُهزل جميع آلهة الأمم، عندئذ كل أحد يعبده من مكانه” (صف 2: 11 LXX) غير أن هذا كان ممنوعًا على اليهود حيث أمرهم موسى أن يتعبدوا في مكانٍ واحدٍ(21).
* تسمعون إن الأنبياء سبق فأخبروا متنبئين أن البشر لا يعودون بعد يُحدون بمكانٍ ما، فيأتون من كل الأرض ليقدموا ذبيحة في مدينةٍ واحدة (أو مكانٍ واحد)، بل يبقى كل واحدٍ في بيته (وطنه) ويخدم الله ويكرمه. أي وقت مثل الوقت الحاضر الذي أمكن فيه إتمام هذه النبوات؟ على أي الأحوال أصغوا ولتدركوا كيف تتفق الأناجيل والرسول بولس مع صفنيا. قال النبي: “سيظهر الرب”، وقال بولس: “قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الشعب”. (تي 2: 11). قال صفنيا: “لكل الأمم”، وقال بولس: “لجميع الناس”. (تي 2: 11) قال صفنيا: “يهزل آلهتكم”، وقال بولس: “معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبرّ والتقوى في عالم الحاضر”. (تي 2: 12)(22).
القديس يوحنا الذهبي الفم
* إنكم لا تؤمنون أنه قد سبق فأخبرنا أن هذه الأمم ستأتي إلى مكان ما لله، كما قيل: “إليك تأتي الأمم من أطراف الأرض” (إر 16: 19). لتفهموا إن أمكنكم ذلك، أن شعوب هذه الأمم يأتون إلى إله المسيحيين، الذي هو الله السامي الحقيقي، لا بالمشي بل بالإيمان. فإن هذا الإعلان بعينه قدم بهذه الكلمات بواسطة نبي آخر: “الرب مخيف إليهم، لأنه يُهزل جميع آلهة الأرض، فسيسجد له الناس كل واحدٍ من مكانه كل جزائر الأمم” (صف 2: 11). يقول نبي: “إليك تأتي الأمم من أطراف الأرض” والآخر يقول: “سيسجد له كل واحدٍ من مكانه”. لهذا فهم ليسوا مُطالبين أن ينسحبوا من أماكنهم ليأتوا إليه، إذ يجدون في ذلك الذي يؤمنون أنه في قلوبهم(23).
* سيأتون إليه، دون ترك أماكنهم، لأنه بالإيمان به يجدونه في قلوبهم(24).
* إلى زمن طويل… احتفظت الشياطين بالصمت في معابدهم بخصوص الأمور التي ستحدث، مع أنه لم يكن ممكنًا أن يكونوا بغير معرفة عنها، وذلك بسبب منطوقات الأنبياء. ولكن مؤخرًا إذ بدأت الأحداث تقترب أرادت الشياطين أن تخبر مسبَّقًا بها، حتى لا يبدو أنهم جهلة أو مهزومون. ومع هذا لم يشيروا إلى بعض الأمور التي سبق فأعلن عنها وسُجلت منذ وقت طويل كتلك التي وردت في النبي صفنيا: “الرب يغلبهم ويطرد كل آلهة الأمم من الأرض. وسيسجد له كل إنسانٍ من مكانه، كل جزائر الأمم” (صف 2: 11). ربما لم تكن تلك الآلهة التي تُعبد في هياكل الأمم تعتقد أن هذه الأحداث ستتحقق بالنسبة لهم، ولهذا لم ترد أن تسبب ضجرًا بين الرائين والعرَّافين المتنبئين الذين يتبعونهم(25).
القديس أغسطينوس
* دعونا نتحدث أيضًا عن الكنائس كجزائر. أضف إلى هذه أن الكتاب المقدَّس يقول في موضع آخر: “جزائر كثيرة رجعت إليَّ” (إش 42: 10 LXX). يقول إشعياء النبي باسم الرب: “تكلم إلى سكان هذه الجزيرة”، “لتبتهج جزائر كثيرة”. كما أن الجزائر تقوم في وسط البحر، هكذا تتأسس كنائس في وسط العالم، وتُضرب وتُصدم بأمواج متعددة من الاضطهادات. حقًا إن هذه الجزائر تُقذف بالأمواج كل يوم، لكنها لا تُغمر بالمياه. بالتأكيد هي وسط البحر، لكن أساسها هو المسيح، المسيح الذي لا يمكن أن يهتز(26).
القديس جيروم
* بالرغم من كل هذا، لم يستطيعوا بعد أن يقيموا الهيكل ويصلحوا الموضع الذي سمح لهم فيه أن يمارسوا طقوسهم حسب الناموس. فإن سلطان المسيح، السلطان الذي أسس الكنيسة هدم ذاك الموضع. وقد سبق فأنبأ النبي أن المسيح يأتي، وإن كان لا يأتي إلاَّ بعد السبي(27).
القديس يوحنا الذهبي الفم
4. محاكمة كوش 12:
وَأَنْتُمْ يَا أَيُّهَا الْكُوشِيُّونَ.
قَتْلَى سَيْفِي هُمْ. [12]
أخضع نبوخذنصر كوش (إر 46: 9-10؛ حز 30: 4). يقول الرب: “سيفي“، ويقصد به نبوخذنصر الذي استخدمه الله أداة في يده لتأديب الأمم.
5. محاكمة أشور 13-15:
وَيَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الشِّمَالِ وَيُبِيدُ أَشُّورَ،
وَيَجْعَلُ نِينَوَى خَرَابًا يَابِسَةً كَالْقَفْرِ. [13]
لقد أباد الرب الإمبراطورية الآشورية، وجعل عاصمتها “نينوي” خرابًا.
فَتَرْبُضُ فِي وَسَطِهَا الْقُطْعَانُ،
كُلُّ طَوَائِفِ الْحَيَوَانِ.
الْقُوقُ أَيْضًا وَالْقُنْفُذُ يَأْوِيَانِ إِلَى تِيجَانِ عُمُدِهَا.
صَوْتٌ يَنْعِبُ فِي الْكُوى.
خَرَابٌ عَلَى الأَعْتَابِ.
لأَنَّهُ قَدْ تَعَرَّى أَرْزِيُّهَا. [14]
تتحول أشور من إمبراطورية عظيمة ترهبها كل دول العالم إلى براري متسعة يوجد بها كل أنواع الحيوانات، أي الحيوانات المستأنسة كالغنم، والوحوش المفترسة. فتكون مراعٍ بلا قانون يضبطها، ولا أسوار تحمي القطعان. يصير دستورها الافتراس والموت! أما عن الطيور فلا يوجد فيها سوى ما كان يحسبه الشرقيون طيورًا كئيبة، أصواتها تبعث الانقباض والحزن والكآبة مثل القوق. طيورها لا تعرف الأغاني المبهجة بل النحيب في الكوى.
إذ يحل الخراب والدمار تصير نوافذ القصور مفتوحة فتقف عليها الطيور تندبها وترثيها. وبعوامل الطبيعة تنكشف أسقف القصور المصنوعة بخشب الأرز كقطع فنية رائعة، فتفقد هذه القطع جمالها، وتصير مأوى للطيور والحشرات. تصير عارية إذ يُنزع عنها ثوب جمالها البهي.
إن كانت نينوى، رمز القلب الشرير المصمم على عدم الرجوع إلى الرب، قد صارت مسكنًا للقوق الذي لا يكف عن النحيب والصراخ، فإن أورشليم الروحية، رمز القلب المقدس، مسكن لليمامة المتهللة على الدوام. “صوت اليمامة قد سُمع في أرضنا” (نش 2: 12). وكأن نصيب الشرير الكآبة المملوءة يأسًا، بينما نصيب الصديق التهليل المملوء رجاءً. فقلب الشرير يحمل عربون جهنم، وقلب الصديق يحمل عربون الملكوت الأبدي السماوي المُفرح.
أشور التي سبت إسرائيل، عُرفت بعنفها الشديد في التعامل مع الأسرى. إذ كان الملوك يجدون سعادتهم في بتر بعض أعضاء أجسام الأسرى، خاصة من الأغنياء والشرفاء، واستعراضهم في موكب ساخر أمام الشعب، لذا فهي تُشير إلي الإنسان الشرير العنيف المدنس بالرجاسات. هذه الدولة تتحول إلى مربض للحيوانات ولا يسكنها إلاَّ القوق والقنفذ وتصير خرابًا. أما النفس المقدسة فتصير فردوسًا مبهجًا مملوء من أشجار الفضيلة، ويُسمع فيها صوت اليمام.
فيما يلي تعليقات القديس غريغوريوس أسقف نيصص علي ما ورد في سفر نشيد الأناشيد (2: 12).
* إن صدى الصوت يجعل الفصل ممتعًا، ويتردد غناء الطيور في بساتين الفاكهة، ويصل صدى صوت اليمامة الشجي إلى آذاننا… جاء من منح الربيع لنفوسنا. فأمر ريح الشر التي أهاجت البحر أن تسكن: “وقال للبحر أسكت أبكم. فسكت الريح وصار هدوء عظيم” (مر 4: 39). فأصبح كل شيء هادئا وابتدأت حياتنا في الازدهار وازدانت بالبراعم والأزهار، وتمثل الأزهار الفضيلة في حياتنا التي تُثمر في مواسمها. لذلك يقول كلمة الله: “لأن الشتاء قد مضى، والمطر مرّ وزال. الزهور ظهرت في الأرض. بلغ أوان القَضْب وصوت اليمامة سُمع في أرضنا” (نش 2: 11-12)…
يقول العريس: “انظروا فإن المروج مزدهرة بأزهار الفضيلة. هل ترى هذا النقاء في جمال النرجس العبق؟ هل ترى ورد التواضع والبنفسج الذي يمثل رائحة السيد المسيح الزكية؟ لماذا إذن لا تعمل تاجًا من هذه الزهور؟ فهذا هو موسم قَْضب الزهور! وتعمل فرعًا تاجًا لتزين به نفسك؟ قد حلّ موسم التقليم. يشهد بذلك صوت اليمامة، إنه يشبه، “الصوت الصارخ في البرية” (مت 3: 3) فيوحنا المعمدان هو اليمامة. هو الذي تقدم هذا الربيع المنير، الذي أنبت لبني البشر الزهور الرائعة للقضب، وقدمها لكل من رغب في جمعها. إنه هو الذي بيّن لنا “ويخرج قضب من جذع يسىَّ” (إشعياء 11: 1)، “هو حمل الله الذي حمل خطية العالم” (يوحنا 1: 29). وهو الذي أوضح لنا التوبة عن الخطية والحياة حسب الفضيلة. يقول النص: “سُمع صوت اليمامة في أرضنا”: وهي تُنادى “يا أرض” هؤلاء الذين أُدينوا لخطيتهم، هؤلاء الذين يُطلِق عليهم الإنجيل العشارين والزناة، الذين سمعوا صوت يوحنا المعمدان بينما البقية لم تقبل تعاليمه(28).
القديس غريغوريوس النيسي
هَذِهِ هِيَ الْمَدِينَةُ الْمُبْتَهِجَةُ السَّاكِنَةُ مُطْمَئِنَّةً الْقَائِلَةُ فِي قَلْبِهَا:
أَنَا وَلَيْسَ غَيْرِي.
كَيْفَ صَارَتْ خَرَابًا، مَرْبِضًا لِلْحَيَوَانِ!
كُلُّ عَابِرٍ بِهَا يَصْفِرُ وَيَهُزُّ يَدَهُ. [15]
كانت نينوى مدينة مبهجة يشتاق الكثيرون أن يتطلعوا إليها، محيطها يبلغ 60 ميلًا، وارتفاع أسوارها حوالي 100 قدمًا، ويمكن لثلاث مركبات متجاورة أن تسير على أسوارها، يرتفع على الأسوار 1500 برج مراقبة. صارت خرابًا حتى صار يصعب على الإنسان أن يعرف موقعها.
في تشامخ كانت نينوى كما بابل فيما بعد وغيرها من البلاد المتشامخة تظن أنها سيدة العالم. يقول الرب في إشعياء: “فالآن اسمعي هذا أيتها المتنعمة الجالسة بالطمأنينة، القائلة في قلبها: أنا وليس غيري، لا أقعد أرملة ولا أعرف الثكل. فيأتي عليك هذا الاثنان بغتة في يوم واحد: الثكل والترمل!” (إش 47: 8-9).
مدينة نينوى تمثل النفس المعتدة بذاتها، والمكتفية بذاتها، لا بالله، فتلهو في العالم، وتظن أنها في سلامٍ وأمانٍ، ليس من يقدر أن يقف أمامها.
من وحي صفنيا 2
لتحطم شري، وتقيم برَّك فيَّ!
* لتجتمع نفسي مع نفوس كل شعبك.
لنجتمع معًا بروحك القدوس.
يفضح أمام عيني تجاسري وتصلفي.
يحرق كل شر في داخلي وفي سلوكي،
ويهبني برّك ساترًا لأعماقي.
* جعلتني الخطية كالعصافة في مهب الرياح.
لا أستطيع أن أقف أمام غضبك.
من يتبرر أمامك يا أيها القدوس؟
روحك الناري يجدد طبيعتي،
يحولني من عصافة إلى حنطة مقدسة!
* إليك أهرب يا أيها المخلص،
تنزع بؤسي، وتهبني رحمتك.
عوض تشامخي تهبني وداعتك وتواضعك.
أنت هو حصني، فيك أختفي، فتستر على ضعفي.
* انزع من داخلي كل أثر للوثنية.
حطم كل تمثالٍ أقمتة في غباوتي لنفسي.
ولتحتل أنت كل قلبي وكياني.
بدونك تصير نفسي متروكة، مهجورة، وخربة.
بدونك تستأصل كل حياة فيَّ.
لتدخل في أعماقي، وتقيم ملكوتك السماوي.
فلا أعود أصير قفرًا، مرعى للغنم.
يُسمع في داخلي صوت اليمامة، تترنم وتسبح اسمك.
ولا يكون للقوق وغيرها من الطيور الصارخة موضع في داخلي.
لا يسمع صوت نحيب، بل تهليل وفرح.
* لتتجلَ في داخلي ببهاء مجدك.
فيهرب من داخلي كل كبرياء وتجبر.
لا أدين أحدًا، بل أدين نفسي.
ولا أشمت فيمن هم تحت التأديب،
فأنا مستحق لكل عقوبة حتى الموت!
* بعبورك إلى أعماقي تفتح بصيرتي،
أراك مخلص العالم كله.
أرى كل الشعوب والأمم رذلت كل وثنٍ،
والتفت حولك كموكبٍ منتصرٍ.
صارت لك الأمم النجسة العروس المقدسة.
صارت الشعوب المعادية لك موضوع سرورك.
سماواتك تفرح وتتهلل بالبشرية المقدسة فيك.
تفسير سفر صفنيا 1 | تفسير سفر صفنيا القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير سفر صفنيا 3 |
تفسير العهد القديم |