تفسير سفر المكابين الاول ١٣ للقمص أنطونيوس فكري

 الإصحاح الثالث عشر

الآيات (1-11):

1 وبلغ سمعان أن تريفون قد جمع جيشا عظيما ليغير على ارض يهوذا ويدمرها. 2ورأى أن شعبه قد داخله الرعب والرعدة فصعد إلى أورشليم وجمع الشعب. 3 وشجعهم وقال لهم قد علمتم ما فعلت أنا واخوتي وأهل بيت أبي من اجل السنن والأقداس وما لقينا من الحروب والشدائد. 4 وقد كان في ذلك هلاك اخوتي جميعا لأجل إسرائيل وبقيت أنا وحدي. 5 والآن فحاش لي أن اضن بنفسي في كل موقع ضيق فأني لست خيرا من اخوتي. 6 بل انتقم لآمتي وللأقداس ولنسائنا وأولادنا لأن الأمم بأسرها قد اجتمعت لتدميرنا بغضا. 7 فلما سمع الشعب هذا الكلام ثارت نفوسهم. 8 وأجابوا بصوت عظيم قائلين أنت قائد لنا مكان يهوذا ويوناتان أخيك. 9 فحارب حربنا ومهما قلت لنا فأنا نفعله. 10 فحشد جميع رجال القتال وجد في إتمام أسوار أورشليم وحصنها مما حولها. 11 ثم وجه يوناتان بن ابشالوم إلى يافا في عدد واف من الجيش فطرد الذين كانوا فيها وأقام هناك.”

سمعان يخلف يوناثان أخيه. وطرد من يافا من دخلوها تحسباً لأن يتحالفوا مع تريفون.

 

الآيات (12-23):

12 وزحف تريفون من بطلمايس في جيش عظيم قاصدا ارض يهوذا ومعه يوناتان تحت الحفظ. 13 وكان سمعان حالا بحاديد قبالة السهل. 14وعلم تريفون أن سمعان قد قام في موضع يوناتان أخيه وانه مزمع أن يلحم الحرب معه فانفذ إليه رسلا. 15 يقول أنا إنما قبضنا على يوناتان أخيك لمال كان عليه للملك فيما باشره من الأمور. 16فالآن أرسل مئة قنطار فضة وابنيه رهينة لئلا يغدر بنا إذا أطلقناه وحينئذ نطلقه. 17 وعلم سمعان انهم إنما يكلمونه بمكر إلا انه أرسل المال والولدين مخافة أن يجلب على نفسه عداوة عظيمة من قبل الشعب ويقولوا. 18 لسبب انه لم يرسل إليه المال والولدين هلك. 19 فوجه الولدين ومئة القنطار إلا أن تريفون اخلف ولم يطلق يوناتان.20 وجاء تريفون بعد ذلك ليغير على البلاد ويدمرها ودار في الطريق إلى أدورا وكان سمعان وجيشه يقاومونه حيثما تقدم. 21 وانفذ الذين في القلعة رسلا إلى تريفون يلحون عليه أن يأتيهم في طريق البرية وينفذ إليهم ميرة.22 فجهز تريفون جميع فرسانه للمسير في ذلك الليل لكن إذ تكاثر الثلج جدا منعهم الثلج من المسير فارتحل واتى إلى ارض جلعاد. 23 ولما ان قارب بسكاما قتل يوناتان ودفنوه هناك.”

بطلمايس= هي عكا. وكانت ضمن نفوذ المكابيين. أدورا= جنوب يهوذا على بعد 8-10 كم جنوب غرب حبرون. وكان سكان القلعة يعانون نقص الإمدادات= ميرة. وذلك بسبب حجز القلعة وعزلها عن المدينة. وبسبب فشل حملة تريفون قتل يوناثان للإنتقام من المكابيين. وفشل أيضاً تريفون في إنقاذ سكان القلعة.

 

الآيات (24-30):

24 ثم رجع تريفون وانصرف إلى أرضه. 25 فأرسل سمعان واخذ عظام يوناتان أخيه ودفنها في مودين مدينة آبائه. 26 وناح عليه كل إسرائيل نوحا عظيما وندبوه أياما كثيرة. 27 وشيد سمعان على قبر أبيه واخوته بناء عاليا منظورا بحجارة نحتت من وراء ومن أمام. 28 ونصب على القبور سبعة أهرام واحدا بازاء واحد لأبيه وأمه واخوته الأربعة. 29 وزينها بفنون ونقوش وجعل حولها أعمدة عظيمة مرسوما على الأعمدة أسلحة تخليدا لذكرهم وبجانب الأسلحة سفن منقوشة وكانت منظورة لجميع ركاب البحر. 30 هذا هو القبر الذي صنعه بمودين باقيا إلى هذا اليوم.”

القبر الذي أسسه سمعان هذا كان تحفة معمارية ظلت حتى أيام القديس جيروم (إيرونيموس) والأهرامات كانت للزينة وليست بنفس فلسفة الفراعنة. والهرم السابع كان لسمعان نفسه حين يموت.

 

الآيات (31-42):

31 وسلك تريفون بالغدر مع انطيوكس الملك الصغير وقتله. 32 وملك مكانه ولبس تاج آسية وضرب الأرض ضربة عظيمة. 33 وبنى سمعان حصون اليهودية وعززها بالبروج الرفيعة والأسوار العظيمة والأبواب والمزاليج وادخر ميرة في الحصون. 34وانتخب سمعان رجالا وأرسل إلى ديمتريوس الملك أن يعفي البلاد لأن كل ما فعله تريفون إنما كان اختلاسا. 35فبعث إليه ديمتريوس الملك بهذا الكلام وأجابه وكتب إليه كتابا هذه صورته.36 من ديمتريوس الملك إلى سمعان الكاهن الأعظم وصديق الملوك وإلى الشيوخ وشعب اليهود سلام. 37 قد وصل إلينا إكليل الذهب والسعفة التي بعثت بها إلينا وفي عزمنا أن نعقد معكم سلما وثيقا ونكاتب أرباب الأمور ان يعفوكم مما عليكم. 38 وكل ما رسمنا لكم يبقى مرسوما والحصون التي بنيتموها تكون لكم. 39ولكن ما فرط من هفوة وخطا إلى هذا اليوم نتجاوز عنه والإكليل الذي لنا عليكم وكل وضيعة أخرى على أورشليم نعفيكم منها.40 وان كان فيكم أهل للاكتتاب في جندنا فليكتتبوا ولكن فيما بيننا سلم. 41وفي السنة المئة والسبعين خلع نير الأمم عن إسرائيل. 42 وبدا شعب إسرائيل يكتب في توقيع الصكوك والعقود في السنة الأولى لسمعان الكاهن الأعظم قائد اليهود ورئيسهم.”

بهذا المرسوم خرجت بلاد اليهود تماماً من الحكم اليوناني وصارت بلاداً حرة تحت حكم سمعان المكابي سنة 142ق.م. إذ كان بقاء الجزية رمز للخضوع لليونان (عرش سوريا). وبدأ اليهود يؤرخون من يوم تولي سمعان الحكم فلقد إنتهى النير السلوكي عنهم. وعثروا على عملات معدنية ترجع على عصر سمعان. إكليل ذهب= هو إكليل مرصع بالجواهر يُهدى للقائد المراد تكريمه وينقش عليه إسمه والغرض من الهدية والجهة المرسلة. السعفة= هي هدية ذهبية أيضاً.

 

الآيات (43-48):

43 في تلك الأيام نزل سمعان على غزة وحاصرها بجيوشه وصنع دبابات وأدناها من المدينة وضرب أحد البروج واستولى عليه. 44 وهجم الذين في الدبابة على المدينة فوقع اضطراب عظيم في المدينة. 45 وصعد الذين في المدينة مع النساء إلى السور ممزقة ثيابهم وصرخوا بصوت عظيم إلى سمعان يسألونه الأمان. 46 وقالوا لا تعاملنا بحسب مساوئنا بل بحسب رأفتك. 47 فرق لهم سمعان وكف عن قتالهم وأخرجهم من المدينة وطهر البيوت التي كانت فيها أصنام ثم دخلها بالتسبيح والشكر. 48 وأزل منها كل رجاسة واسكن هناك رجالا من المتمسكين بالشريعة وحصنها وبنى له فيها منزلا.”

دبابات= هي صندوق خشبي يتحرك على عجلات يحمل داخله الجنود مع أسلحتهم، وهذا يحمي الجنود من سهام الأعداء. وفي مقدمة الصندوق فتحات يصوبون هم منها السهام. وقد إخترع في القرن الرابع قبل الميلاد. وكان يدخل فيه 200محارب ومزود بمجانيق ويصل طوله إلى 90ذراعاً.

 

الآيات (49-54):

49 وأما الذين في قلعة أورشليم فإذ كانوا قد منعوا من الخروج ودخول البلد ومن البيع والشراء اشتدت مجاعتهم ومات كثير منهم. 50فصرخوا إلى سمعان يسألون الأمان فأمنهم وأخرجهم من هناك وطهر القلعة من النجاسات. 51 ودخلها في اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني في السنة المئة والحادية والسبعين بالحمد والسعف والكنارات والصنوج والعيدان والتسابيح والأناشيد لإنحطام العدو الشديد من إسرائيل. 52 ورسم ان يعيد ذلك اليوم بسرور كل سنة. 53 ثم حصن جبل الهيكل الذي بجانب القلعة وسكن هناك هو والذين معه. 54 ورأى سمعان أن يوحنا ابنه رجل باس فجعله قائدا على جميع الجيوش وأقام بجازر.”

هنا نرى نهاية القلعة، فلقد إستسلم جنودها بسبب المجاعة. وغالباً صارت هذه القلعة في أيام الرومان بُرج أنطونيا. ويوحنا بن سمعان هو يوحنا هركانوس. ولقب هركانوس يطلق لمن يعتبرونه شجاعاً. وهو أول من دُعِىَ ملكاً من المكابيين. خلف أبيه خلال العام 135/134 وكذلك في رئاسة الكهنوت. وهو دمر السامرة وهيكل جرزيم الذي كان فيها. وأدمج الشعب الأدومي في اليهودية وختنهم، وتحالف مع الرومان. وإنفصل عن الفريسيين لينضم إلى الصدوقيين أعداء الفريسيين. وكان الفريسيين يهتمون بالشريعة والتقاليد. ولكن الصدوقيون يهتمون بالشريعة فقط. وبموت هركانوس بدأ نجم المكابيين في الأفول.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى