تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس عمود الدين

المقالة السادسة: 3-عن يوسف وولديه افرايم ومنسى

 

كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار » (یع ۱۷:۱) . ولا يوجد شيئاً من الأشياء المقدسة ومن الأشياء الصالحة والسامية نحصل عليه إلا بواسطة المسيح. لأنه يقول : « هو سلامنا الذي جعل الإثنين واحد… لأن به لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب » ( أف 14:2 – 18) . لأجل هذا قال : « ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي » ( يو 6:14 ) . قد أُعطى لنا من خلاله وبواسطته كل ملء النعمة والنصيب المجيد ، لأنه إذ هو الله الغني، صار فقيراً لأجلنا لكي نستغني نحن بفقره ، ونستطيع أن نقترب ثانية من مجد الآباء القديسين ، ونشترك معهم في نفس الرجاء اللائق بهم . وانتبه أيضا أن الحديث عن كل هذه الأمور هو حقيقي ، وثبت عين ذهنك على الكتاب المقدس لأنه مكتوب الآتي : «وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّهُ قِيلَ لِيُوسُفَ: «هُوَذَا أَبُوكَ مَرِيضٌ». فَأَخَذَ مَعَهُ ابْنَيْهِ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ. فَأُخْبِرَ يَعْقُوبُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا ابْنُكَ يُوسُفُ قَادِمٌ إِلَيْكَ». فَتَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ وَجَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَبَارَكَنِي. وَقَالَ لِي: هَا أَنَا أَجْعَلُكَ مُثْمِرًا وَأُكَثِّرُكَ، وَأَجْعَلُكَ جُمْهُورًا مِنَ الأُمَمِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ هذِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِكَ مُلْكًا أَبَدِيًّا. وَالآنَ ابْنَاكَ الْمَوْلُودَانِ لَكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، قَبْلَمَا أَتَيْتُ إِلَيْكَ إِلَى مِصْرَ هُمَا لِي. أَفْرَايِمُ وَمَنَسَّى كَرَأُوبَيْنَ وَشِمْعُونَ يَكُونَانِ لِي. وَأَمَّا أَوْلاَدُكَ الَّذِينَ تَلِدُ بَعْدَهُمَا فَيَكُونُونَ لَكَ. عَلَى اسْمِ أَخَوَيْهِمْ يُسَمَّوْنَ فِي نَصِيبِهِمْ. وَأَنَا حِينَ جِئْتُ مِنْ فَدَّانَ مَاتَتْ عِنْدِي رَاحِيلُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ فِي الطَّرِيقِ، إِذْ بَقِيَتْ مَسَافَةٌ مِنَ الأَرْضِ حَتَّى آتِيَ إِلَى أَفْرَاتَةَ، فَدَفَنْتُهَا هُنَاكَ فِي طَرِيقِ أَفْرَاتَةَ، الَّتِي هِيَ بَيْتُ لَحْمٍ».( تك 1:48-7).

حسناً، أصبح يعقوب الطوباوي کهلاً مريضاً، كما هو مكتوب ، وأراد أن يبارك ابني يوسف اللذين كانا من أم تنتمي لجنس آخر ، أقصد من أسنات بنت فوطي فارع الكاهن المصري ( انظر تك 45:41 ) ، وحتى لا يعتبرهما أحد من بني إسرائيل أنهما غريبين قام يعقوب العظيم بطريقة حكيمة ورعائية بتعليم يوسف نفسه وأخوته بأنهما كانا يخضعان للنوامیس الإلهية. وذلك باعتباره أن كل الذين ولدوا من يوسف هم له . لأنه يقول : « الله القادر على كل شيء ظهر لي » ووعدني بكل وضوح أنني سوف أصير أباً لشعوب كثيرة من الأمم . وفي نفس الوقت أقنع أولاده بأن يكرموا الله بالإيمان الحقيقي وجعلهم يعتبرون كل من وُلد منهم، أهل لهم خاصة أولئك الذين ولدوا من أم من جنس آخر.

والآن لنخرج قليلاً من الوقائع التاريخية ، لنتحدث عن الآتي : بنفس الطريقة نحن الذين تبررنا بإيماننا ، صرنا بواسطة المسيح أبناء الله ورعية مع القديسين ، بهذه الوساطة ومن خلال ذاته ربطنا بذاته وبالآب ، وبمصاف القديسين ، مثل يوسف ، الموجود في المنتصف جعل أولاده افرايم ومنسى لأبيه ، وتم تسجيلهما في قائمة رؤساء الآباء . لأنه يقول : « والآن ابناك المولودان لك في أرض مصر ، قبلما أتيت إليك إلى مصر هما لي . أفرايم ومنسی کرأوبین وشمعون يكونان لي” ( تك 5:48 ) ، أي سيكونان من بين الأبكار لأن ثمرة الطاعة أن كثيرين « أولون يكونون آخرین وآخرون أولين » ( مت 30:19). لأن رأوبين كان بكراً وشمعون أيضا يعني الطاعة . أي بإيماننا صرنا نحن الأخيرون أولين ، ومحد البكر كان من نصيب الشعب الآتي من الأمم ، وقد كُرَّم هذا الشعب بسبب طاعته وخضوعه. لأن الرب ذاته أكد قائلا : « شعب لم أعرفه يتعبد لي . من سماع الأذن يسمعون لي . بنو الغرباء يتذللون لي » ( مز 43:18-44 ) . لأنه بالرغم أننا وُلدنا من أم من جنس آخر ، فالكنيسة دُعيت من الأمم ، لكن سُر عمانوئيل أن يربطنا من خلال ذاته بالله الآب ، ويسجلنا في مصاف القديسين ، ويرفعنا إلى المجد اللائق بأولئك ويجعلنا جنساً مقدساً ( انظر ابط ۲ : ۹).

لاحظ أيضاً أنه بسبب محبته ليوسف الطوباوي ، يعتبر يعقوب أولاد يوسف كأنهم أولاده. بمعنی أننا نحن صرنا محبوبين بإيماننا بالمسيح ، ولأننا ولدنا بالروح ولادة روحية ، وصرنا مقبولين لدى الآب ، كما قلت منذ قليل ، وانضممنا إلى صفوف القديسين الذين كانوا قبلنا . لكن ، بالرغم من أننا دعينا أبناء الله الآب ، إلا أننا سنكون أيضا خاضعين للذي قادنا إليه ، أقصد المسيح . لاحظ أن يعقوب الطوباوي ، بعد تسجيل أفرايم ومنسى من ضمن أولاده يقول : « وأما أولادك الذين تلد بعدهما فيكونون لك » ( تك 6:48 ) . إذن ، لأننا صرنا أبناء الله ، فنحن أيضا نكون للمسيح . وهذا ما كان يعنيه حين قال للآب : « لست أسأل من أجل العالم ، بل من أجل الذين أعطيتني لأنهم لك . وكل ما هو لي فهو لك ، وما هو لك فهو لي ، وأنا ممجد فيهم » ( یو ۹:۱۷ – ۱۰).

قال يعقوب إن راحيل دُفنت في بيت لحم . نتذكر بالطبع أنه مرات كثيرة ندعو راحيل أيقونة ومثال للكنيسة التي من الأمم . ولن يكذب أحد إذا قال إن الكنيسة انتقلت إلى حياة أخرى أفضل وأكثر عطاء ، وبالنسبة للعالم قد ماتت ، لأنها لا تطيق أن تؤمن بأمور خاصة بالعالم بل تحيا روحياً لله بالإيمان بالمسيح وبطريقة حياة تتفق مع الإنحيل لأنه ، بالرغم من أنها موجودة في العالم بسبب الحياة في الجسد لكنها تختفي ولا تأخذ المجد العالمي إذ قد دفنت مع المسيح . وهذا ما أشار إليه بولس حين قال : « لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله » ( کو 3 : 3 ) .

حسنا ، طالما أن راحيل قد دُفنت في بيت لحم ، ولم يعد أحد يراها ، اختفى معها أيضا عمانوئيل ؛ لأنه لم يكن قد ولد بعد من عذراء . وسوف نثني على موت الكنيسة لأنه قدم لنا ثانية الحياة المقدسة في المسيح . لكني أعتقد أنه من الضروري أن نضيف الآتي : حينما بارك يعقوب أولاده ، أعطى وصية خاصة بتكريم الأم ؛ لأنه بالحديث عن المكان الذي دفنت فيه راحيل ( انظر تك 7:48 ) لا يريد أن يقنعهم بشيء آخر إلا بأنه يجب أن تظهر للأم العناية اللائقة بها. وهكذا أيضا فإن الآب أعطى وصية لابنه لأجل الكنيسة لكي يعتني بها ؛ لأنها كانت مهزومة بالموت بسبب اللعنة القديمة . لأجل هذا أيضاً نادى داود الآب السماوي : « قد أمر إلهك بعزك. أيد يا الله هذا الذي فعلته لنا » ( مز 28:68) . كأنه يظهر بأنه حرر الجسد الذي ساد عليه الموت من الفساد بقوة الله الآب ، أي بالابن وأعاده ثانية إلى الحياة الأولى ، أي إلى حياة المسيح الطوباوية وغير المائتة. وكون أن إسرائيل بعدما كان البكر والمكرم ، ابتعد عن المجد الذي كان له ، ونُقلت نعمة المجد البهي إلى الشعب الجديد الذي من الأمم ، فهذا سوف نعرفه جيداً من كل ما سوف نذكره . لأنه يقول : « وَرَأَى إِسْرَائِيلُ ابْنَيْ يُوسُفَ فَقَالَ: «مَنْ هذَانِ؟». فَقَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ: «هُمَا ابْنَايَ اللَّذَانِ أَعْطَانِيَ اللهُ ههُنَا». فَقَالَ: «قَدِّمْهُمَا إِلَيَّ لأُبَارِكَهُمَا». وَأَمَّا عَيْنَا إِسْرَائِيلَ فَكَانَتَا قَدْ ثَقُلَتَا مِنَ الشَّيْخُوخَةِ، لاَ يَقْدُِرُ أَنْ يُبْصِرَ، فَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ فَقَبَّلَهُمَا وَاحْتَضَنَهُمَا. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنِّي أَرَى وَجْهَكَ، وَهُوَذَا اللهُ قَدْ أَرَانِي نَسْلَكَ أَيْضًا». ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا يُوسُفُ مِنْ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَسَجَدَ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. وَأَخَذَ يُوسُفُ الاثْنَيْنِ أَفْرَايِمَ بِيَمِينِهِ عَنْ يَسَارِ إِسْرَائِيلَ، وَمَنَسَّى بِيَسَارِهِ عَنْ يَمِينِ إِسْرَائِيلَ وَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ. فَمَدَّ إِسْرَائِيلُ يَمِينَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ أَفْرَايِمَ وَهُوَ الصَّغِيرُ، وَيَسَارَهُ عَلَى رَأْسِ مَنَسَّى. وَضَعَ يَدَيْهِ بِفِطْنَةٍ فَإِنَّ مَنَسَّى كَانَ الْبِكْرَ. وَبَارَكَ يُوسُفَ وَقَالَ: «اللهُ الَّذِي سَارَ أَمَامَهُ أَبَوَايَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ، اللهُ الَّذِي رَعَانِي مُنْذُ وُجُودِي إِلَى هذَا الْيَوْمِ، الْمَلاَكُ الَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرّ، يُبَارِكُ الْغُلاَمَيْنِ. وَلْيُدْعَ عَلَيْهِمَا اسْمِي وَاسْمُ أَبَوَيَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، وَلْيَكْثُرَا كَثِيرًا فِي الأَرْضِ». ( تك 8:48 – 16 ) .

لقد وقف الابنان بجوار يعقوب الشيخ ، فسأل من يكونان . ويوسف أجابه : « هما ابناي اللذان أعطاني الله ههنا » . وحين قربهما يوسف إليه قبلهما واحتضنهما . إذن ، عليك أن تدرك بأننا حقا كنا أناس مجهولين عند الله الأب وصرنا معروفين واقتربنا منه بالمسيح . لقد قبلنا الآب بفرح عظيم وأظهر لنا محبته لابنه ، هذه المحبة جعلنا مستحقين لمحبته ودعانا للاتحاد به ذهنياً وبالطبع روحياً. وتعتبر قبلة المحبة والأحضان هي مثال لاتحادنا به . لأجل هذا كتب بولس الحكيم لهؤلاء الذين آمنوا بالمسيح ، قائلا : « ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح » ( أف ۱۳:۲ ) ، بمعنى أن المسيح قد جعلنا قريبين من الآب ، ولقد قال أيضا بولس الرسول : « أما الآن إذ عرفتم الله بل بالحري عُرفتم من الله » ( غلا 9:4) . أي أن الله الآب جعلهم مستحقين أن يروه ويعرف فقط هؤلاء الذين لديهم شركة روحية مع الابن وحصلوا – بغنى حقيقي – على الولادة الثانية في اسمه وبواسطته . هكذا مثل أولئك الذين مُسحوا بدم الحمل جعلهم معروفين له ، قائلاً: « ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها . فأرى الدم وأعبر عنكم . فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر » ( خر ۱۳:۱۲ ) . حسناً، لقد امتلأ يعقوب بالفرح حين قال لابنه يوسف : « لم أكن أظن أني أرى وجهك وهوذا الله قد أراني نسلك أيضاً» ( تك 48: 12)

 لقد ظن اليهود أن الابن سوف يمسك من أبواب الجحيم وسيظل مائتاً مع الآخرين ، إذ سلموه للموت وسيُحرم الآب من ابنه . لكن رئيس الحياة لم يكن من الممكن أن يمسكه الموت[1]. حسنا لقد قام وظهر أمام الآب ، وكذلك ظهر أيضا للجنس الذي أتى منه ومعه ، أي أولئك الذين آمنوا : « وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب » ( 1 بط 9:2) . ويفرح المسيح هؤلاء قائلا : « هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب » ( أش ۸ : ۱۸. انظر يو ۹:۱۷ ) . لقد قادهما يوسف إلى أبيه ، وهما بدورهما قد سجدا له . وبينما كان منسی البكر واقفا عن يمينه ، والأصغر افرايم عن يساره ، وضع يعقوب يديه عليهما بالعكس ، أي كرم افرايم واضعاً يده اليمنى فوقه وجاعلاً منسي في المرتبة الثانية ، وهكذا بدأ يباركهما . بمعنى أننا قد صرنا مقبولين كأبكار وأولين وشعوب آتية بدون أن يقودنا موسى ، ولا الأنبياء لأن الناموس كان عاطلاً جداً من جهة الخلاص ، لكن الابن ذاته هو الذي قادنا . لأنه ، كما قلت ، « الذي به أيضا صار لنا الدخول بالإيمان » ( رو 2:5 ) . وهدفه كان بالطبع أن يضع إسرائيل قبل الأمم . لأن يوسف وضع منسي على يمين أبيه . لكن لأن بني إسرائيل ارتكبوا أفعالاً سيئة تتجاوز أي منطق تجاهه ، فضل الله الذين هم في المرتبة الثانية زمنياً ، أقصد الأمم . « كثيرون أولون يكونون آخرین وآخرون أولين » ( مت ۳۰:۱۹ ) . هكذا بارك يعقوب الابنين داعياً باسم الله الذي أطعمه والملاك الذي أنقذه رابطاً الابن بالله الآب ، الذي يُدعي بفم الأنبياء : « ملاك المشورة العظمی » ( أش 9: 6 سبعينية).

هكذا ، أي نعمة وبركة ومعونة تجاهنا لا يمكن أن تتم إلا من الآب بواسطة الابن . لأجل هذا يقول بولس العظيم : « نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح » ( أف 2:1 ) . وتضايق يوسف العظيم بالطبع وهو يرى البكر يدخل بعد الأصغر . لكن أبيه شرح أهمية السر قائلا : هو أيضا يكون شعباً وهو أيضا يصير كبيراً . ولكن أخاه الصغير يكون أكبر منه ونسله يكون جمهور من الأمم » ( تك 19:48) . وبعد ذلك يقول : « وبار کهما في ذلك اليوم قائلا يُبارك اسرائیل قائلاً يجعلك الله كافرايم و كمنسي . فقدم افرايم على منسی » ( تك 20:48)

قال الرب : « لم أُرسل إلا إلى خراف بيت اسرائيل الضالة » ( مت 24:15) . لكن بسبب أن إسرائيل انحل أخلاقياً وسلك سلوكاً لا يليق ، كما هو مكتوب ، محتقراً دعوة ذاك الذي دعاه للخلاص ، وظل عاصياً ، وُضع على اليسار آخذا مجداً أقل . ونال جزء منه ، أي الذين خلصوا ، أي « البقية » ، وفق أقوال النبي ( انظر أش ۲۲:۱۰ ) لكن تفوق كثيراً الشعب الآتي من الأمم وامتد لمجموعات من الشعوب وهو أعظم من اسرائيل مظهراً تفوقه بالجمع الذي لا يحصى من الذين آمنوا . لأننا كُللنا بنعمة واحدة متساوية للتقديس نحن الذين من الأمم ومن بني إسرائيل ، نحن الذين قد آمنا وتبررنا بالإيمان بالمسيح الذي له المجد مع الآب والروح القدس إلى دهر الدهور . آمین

فاصل

  1. يقول القديس أثناسيوس : ‘ ‘ فالجسد ( جسد الكلمة ) لكونه من طبيعة البشر ذاتها لأنه كان جسداً بشرياً- حتى وإن كان قد أخذ من عذراء فقط بمعجزة فريدة – لكن لأنه كان قابلاً للموت لذلك كان لابد أن يموت كسائر البشر نظرائه ، غير أنه بفضل اتحاده بالكلمة ، فإنه لم يعد خاضعاً للفساد الذي بحسب طبيعة بل بسبب كلمة الله الذي حل فيه فإن الفساد لم يلحق به ” . تجسد الكلمة ، فصل 4:20. وفي سياق شرحه لإنجيل يوحنا يعلق القديس كيرلس علي معجزة شفاء المولود اعمي والطريقة التي أجري بها المسيح تفتيح عينيا الأعمى عندما تفل على الأرض وصنع التفل طيناً وطلي بالطين عيني الأعمى ، ويري فيها أيضا ما يعرف بعملية تبادل الخصائص وهنا عبر ق . کیرلس عن هذه الحقيقة بقوله : “ يمكن للمرء أن يري وبكل سهولة كيف أن الابن قد أقام جسده ثم يسترسل بأكثر تفصيل فيقول : “ لأننا نؤمن أن جسد المسيح هو واهب للحياة ، حيث إنه هو هيكل ومسكن كلمة الإله الحي ، وفيه توجد كل قوة الكلمة ، ولذلك نحن نعلن أن جسده هو أيضا مصدر للنور ” لأنه هو جسد ذلك الذي هو بالطبيعة النور الحقيقي . وكما أنه حينما أقام وحيد الأرملة من الموت ، فإنه لم يكتف بمجرد أن يأمره قائلا إيها الشاب لك أقول قم ” ، رغم إنه معتاد إن يتمم كل الأشياء التي يريدها بواسطة كلمة ، لكنه أيضا في هذه الحالة ( المولود أعمي ) فإنه يطلي بتفله ، معلما أن جسده أيضا هو مصدر للنور ’ ’ حتي ولو كان بمثل هذه اللمسة البسيطة . لأنه هو مصدر النور ” . شرح إنجيل يوحنا ، القاهرة 2009، المجلد الأول ، ص 670.

زر الذهاب إلى الأعلى