تفسير إنجيل لوقا أصحاح مقدمة – أ. بولين تودري

مقدمة تفسير إنجيل لوقا

 

تقديم عن سلسلة المعارف القبطية المبسطة:

هذه السلسلة

الحاجة شديدة في كنيستنا في هذه الأيام إلى نشر المعرفة الدينية بين أفراد الشعب، في القرى والمدن والمناطق المتطرفة، بين الصغار والكبار. فقد ازداد تفرق الناس عن بعضهم بسبب ظروف السكن، وبعدوا عن الكنائس واجتماعات التعليم الديني.

 والحمد لله، هناك محاولات مختلفة لنشر المعرفة الدينية، في العظات والكتب والمسجلات وغيرها من الوسائل. وهذه السلسلة من الكتب تهدف إلى نشر المعارف الدينية بين الأقباط في أسلوب مبسط، وإخراج شيق، يناسب عامة الناس.

وتنقسم هذه السلسلة إلى أربعة أبواب:

الأول – الكتاب المقدس: نقص ظروف كتابة الأسفار، وتحكى حياة الشخصيات التي وردت بها، وتفسر التعاليم علميا بالأسلوب البسيط المطلوب.

الثاني – باب الحياة الكنسية: ويشمل التعاليم عن العقيدة، وطقوس، والأعياد، والأصوام،، الأسرار، والعبادة الفردية، واللغة وغيرها من العناصر التي تكون الحياة الكنسية.

الثالث – عن الحياة الاجتماعية: مثل العادات الشعبية في الزواج وغيره من المناسبات، والحياة الأسرية والفردية، والملابس، والفنون كالرسم والموسيقى، وخصائص شخصية المرأة، والطفل، والرجل، وأعمالهم، وخدماتهم الاجتماعية وما شابه ذلك.

وهذا الكتاب عن بشارة القديس لوقا الرسول هو من الباب الأول في السلسلة. ويسر الهيئة الناشرة أن تتلقى الملاحظات والتعليقات على خطة هذه السلسة ومواصفاتها، والإسهام فيها، ونرحب بكل توجيه في هذا السبيل.

حدث مرة في التاريخ أن ملكا صالحا اسمه يهوشافاط تملك على الشعب، ووجد أن كثيرين يحتاجون إلى معرفة الشريعة وأصول الإيمان، فرتب حملة تعليمية كبيرة تطوف البلاد اشترك فيها القادة المدنيون مع اللاويين والكهنة “فعلموا في يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب. وجالوا في جميع مدن يهوذا وعلموا الشعب” (سفر أخبار الأيام الثاني 17: 9).

و الكنيسة الآن في حاجة إلى حركة عامة لنشر تعاليم الإيمان والحياة.. وهذه السلسلة تهدف إلى الإسهام في هذا العمل جعلها الله تؤدى الغرض منها العائلات والأفراد في كل مكان بالأسلوب الجميل من أجل نمو الإنسان والجماعة في العصر الحاضر.

لجنة التأليف والتحرير والنشر بمطرانية بنى سويف

المقدمة

صديقي القارئ..

عند كتابة هذا الكتاب الذي بين يديك، الذي يشرح بشارة القديس لوقا، حرصنا ألا نعيد سرد أحداث الإنجيل مرة ثانية فيه، واكتفينا بكتابة تفسير وتعليق مناسب على كل جزء منه، وقصدنا بذلك إلا يفصلك هذا الكتاب عن الإنجيل نفسه.

ولكي تكون الفائدة متكاملة، احضر إنجيلك، واقرأ منه أولًا الشاهد المكتوب قبل كل فقرة في هذا الكتاب، لكي تتمكن من متابعة المعاني المكتوبة فيه، وتخرج بالفائدة المرجوة.

واليك نموذج من كتابة الشواهد وطريقة قراءتها:

(1: 1-4) تعنى الأصحاح الأول والآيات من (1) إلى (4).

(1: 5 – إلخ.) تعنى الأصحاح الأول والآيات من (5) إلى آخر الأصحاح.

الرب يجعل كلماته المقدسة بركة لحياتنا جميعا، نقرأها، ونقبلها، ونفرح بها، ونعيشها في حياتنا اليومية.

الباب الأول

حول الإنجيل

1- من هو القديس لوقا

2- بعض خصائص الإنجيل للقديس لوقا

3- مدخل الإنجيل (1: 1-4)

1- القديس لوقا الإنجيلي

+ اسم لوقا اختصار كلمة لوقيانوس اللاتينية ومعناها حامل النور.

+ القديس لوقا هو الوحيد بين كتاب العهد الجديد الذي لم يكن من أصل يهودي بل كان أمميًا، من بلدة أنطاكية بسوريا، ويذكر التقليد أنه كان أحد السبعين رسولًا.

+ ذكر اسمه في الكتاب المقدس ثلاث مرات فقط جاءت كلها على لسان بولس الرسول، عندما قال انه رافقه في أغلب أسفاره الكرازية (2 كو 8: 16-19)، ورافقه وهو أسير في روما (كو 4: 14، فل 24)، واستمر معه إلى آخر جهاده (2 تى 4: 11).

+ كتب القديس لوقا إنجيله وكتب أيضًا سفر الأعمال. وبالرغم من أن اسمه لم يذكر في اى من السفرين، إلا أن آباء الكنيسة منذ القرن الأول قد نسبوا هذين السفرين له استنادًا إلى أدلة كثيرة. وقالوا أيضًا انه بشر في دلماسية (الآن جزء من يوغوسلافيا)، وايطاليا، وفرنسا، ومكدونية (شمال اليونان).

+ وكان القديس طبيبًا كما نفهم من قول بولس الرسول لأهل كولوسي “يسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب” (كو 4: 14)  وقد تعلم علوم الفلسفة واللغة اليونانية، وقال عنه المؤرخون أنه كان رساما، ويقول التقليد أنه أول من رسم صورة للقديسة مريم العذراء.

+ عاش بتولًا، وقد وشى به اليهود والوثنيون إلى نيرون الملك الوثني وقالوا انه جذب كثيرين إلى تعليمه الجديد. فأمر بإحضاره إلى روما وسأله، فأجابه القديس [أنني لست ساحرًا ولكني رسول سيدي يسوع المسيح]. وبعد أن أجرى الرب على يديه معجزات آمن بسببها كثيرون، أمر نيرون بقتله. ونال أكليل الشهادة وهو في سن 84 سنة. ولما تولى الإمبراطور المسيحي قسطنطينوس المملكة أمر بنقل جسده إلى القسطنطينية سنة 357 م. ثم في عام 1177 نقل الجسد إلى مدينة بادو بايطاليا.

2- بشارة الإنجيل للقديس لوقا:

+ كتب القديس لوقا إنجيله في الفترة ما بين عاميّ 63-67 م.، وكتبه باللغة اليونانية من روما أو من أخائية باليونان.

+ كتب القديس لوقا هذا الإنجيل لصديق له يدعى العزيز ثيؤفيلس (لو 1: 3). وهو اسم يوناني معناه محب الإله. وكلمة العزيز هي لقب شرف، وبهذا يكون ثيؤفيلس أحد أشراف الإسكندرية، ولكنه أصلًا من أنطاكية مثل لوقا البشير نفسه، فكتب إليه كأممي مثله، لا لينتفع به وحده، بل لينتفع به المسيحيون من الأمم بوجه عام.

+ استعان القديس لوقا في كتابته للإنجيل بما جاء في إنجيلي متى ومرقس، وبعض القصص التي كتبها الأولون عن السيد المسيح إذ قال “أنى قد تتبعت كل شيء في البداية بتدقيق” (لو 1: 1-4). كما تأثر بتعاليم بولس الرسول إذ كان رفيقًا له. وما ذكره عن الميلاد بصفة خاصة أخذه من السيدة العذراء نفسها، كما كان يستقى المعلومات من كثيرين غيرها. هذا كله كتبه بالروح القدس الذي امتلأ به.

+ وذكر الأحداث بروح المؤرخ المدقق، غير أنه في بعض الأحيان كان يغفل بعض المعلومات المحددة عن المكان أو الزمان للأحداث، لعدم لزومها للقارئ مثل قوله: وكان في أحد المدن..، وفي أحد الأيام دخل سفينة.. وفيما هو يصلى.. وفيما هم سائرون دخل قرية.. وهكذا.

+ وتتميز بشارة القديس لوقا بخصائص معينة، باعتبار أنها كتبت خصيصا لتخاطب اليونانيين وهم قوم يقدسون الحكمة والمنطق. لقد رأينا القديس متى يكتب لليهود قاصدًا أن يبين لهم ان يسوع هو ملكهم المسيا المنتظر الذي وعد به الله آبائهم. ورأينا أيضًا القديس مرقس يكتب بشارته للرومانيين، الذين يعجبون بل يقدسون القوة، قاصدًا أن يبين ويعلن لهم شخص الرب يسوع القوى والمقتدر والمنتصر على كل قوى الشر. أما القديس لوقا فلقد كتب بشارته لليونانيين مبينًا أن يسوع المسيح هو المخلص الناطق بالحكمة، والمحب للإنسان. فهو يبين أن يسوع قد جاء رفيقًا للإنسان يود أن ينفذ إلى أعماقه لكي يهب الإنسان إمكانيات جديدة فائقة تعمل في الضمير، وتظهر في السلوك. وكثيرًا ما نجد القديس لوقا يسجل لنا لقبًا عن المسيح انه “ابن الإنسان” وهو يريد بذلك أن يبين أن يسوع قد جاء ليزيل غربة الإنسان عن الله. ولأن اليونانيون يحبون التعليم، ولا يتفرغون لشيء آخر إلا أن يتكلموا أو يسمعوا شيئًا حديثًا (أع 17: 21)، اهتم القديس لوقا أن يقدم لهم السيد المسيح كمعلم له مبادئ سامية. ولأنهم أيضًا يحبون الشعر، لذلك قدم لهم التسابيح الخاصة بالعذراء وأليصابات وزكريا في صيغة شعرية.

+ وتميز لوقا الرسول بأنه ذكر محادثات السيد المسيح لأفراد مختلفين من الناس يهود وسامريين وأمميين، نساء ورجال، أبرار ومنبوذين، أغنياء وفقراء، أطفال وكبار. مظهرًا بذلك أن يسوع هو الصديق الذي يجيب على تساؤلات الكل.

+ وتميز الإنجيل أيضًا بالحث المتواصل على الصلاة كعمل روحي أساسي. فذكر صلوات يسوع في مواقف مختلفة مثل المعمودية (لو 3: 11)، التجلي (لو 9: 29)، صلاته من أجل بطرس (لو 22: 32)، اختلاؤه الكثير للصلاة (لو 3: 21، 6: 12، 9: 18، 11: 1). كما استعان في ذلك بالأمثال كمثل صديق نصف الليل (لو 11: 5-9)، والقاضي الظالم (لو 18: 1-8).

 + وقد أظهر القديس لوقا في إنجيله دور الروح القدس في تدبير خلاص الإنسان، حينما ذكره في قصة ميلاد يوحنا (لو 1: 15)، وفي التجسد الإلهي (لو 1: 35)، وعماد السيد المسيح (لو 3: 22).

+ وانفرد القديس لوقا في إنجيله بذكر الأحداث التالية: رؤيا زكريا في الهيكل – بشارة مريم العذراء – تفاصيل ولادة يسوع وتقديمه للهيكل – إرسالية السبعين رسول – خدمة يسوع خارج الجليل واليهودية (وقصد لوقا بذلك أن يقول أن المسيح جاء من أجل العالم كله وليس لليهود فقط) – قصة زكا العشار – إرسال يسوع إلى هيرودس – صلاته من أجل صالبيه – غفرانه للص اليمين.

+ ومن المعجزات التي انفرد بها إنجيل لوقا: صيد السمك الكثير – إقامة ابن أرملة نايين – شفاء المرأة المنحنية – الرجل الأبرص – شفاء العشرة البرص – شفاء أذن ملخس عبد رئيس الكهنة.

+ ومن الأمثال التي انفرد بها القديس لوقا في إنجيله: المديونان – السامري الصالح – صديق نصف الليل – الغنى الغبي – التينة التي لم تثمر – الخروف الضال – الدرهم المفقود – الابن الضال – وكيل الظلم – الغنى ولعازر – الفريسي والعشار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى