تفسير إنجيل لوقا أصحاح 24 – أ. بولين تودري

3- نصرة القيامة (ص24)

1- القبر الفارغ (24: 1-12)

لقد تبع يسوع بعض النسوة من الجليل، وشاهدن صلبه وموته، وعرفن مكان القبر، حيث وُضع جسده، واستراحوا يوم السبت حسب الوصية (23: 56)، ثم انطلقن في أول الأسبوع ومعهم الحنوط والأطياب إلى القبر، فوجدن الحجر مدحرجًا (مت28: 2)، إذ قد جاء رئيس الملائكة ميخائيل ودحرجه بعد قيامة الرب لكي يرى النسوة القبر فارغًا، ويدركوا أن الرب قام. وقي القبر وجدوا الأكفان موضوعة بطريقة منظمة، وهذا دليل على كذب اليهود الذين اتهموا التلاميذ بأنهم سرقوا الجسد من القبر.

حقًا لقد قام الرب من بين الأموات في فجر يوم الأحد، وترك القبر فارغًا والحجر مختومًا، كما سبق وولد من العذراء مريم وبتوليتها مختومة.

2- ظهور الرب لتلميذي عمواس (24: 13-31)

عمواس هي قرية العنب الآن غربي أورشليم، وهي تبعد حوالي سبعة أميال عنها، ويرجح أنها كانت موطن تلميذين من السبعين رسولًا، احدهما اسمه كليوباس، والثاني يرجح أنه لوقا الإنجيلي نفسه، كانا قد حضرا عيد الفصح في أورشليم وراجعين إليها. وهما سائران في الطريق كانا يتحاوران في أنه كيف يكون يسوع هو المسيح المنتظر، إذ كانوا يتوقعون فيه فاديًا لليهود من الحكم الروماني، ولكنه صُلب وهذا حطم آمالهم، إذ كان فهمهم مازال قاصرًا لا يستطيع أن يدرك لاهوت الرب يسوع ، فاقترب منهم الرب بعد قيامته، ومنعهم من معرفته في البداية، حتى تكون له الفرصة لكي يوضح لهم النبوات الخاصة به، وأنه كان ينبغي أن يموت، وفي اليوم الثالث يقوم، وبعد أن قام بمهمته انفتحت أعينهما وعرفاه عندما جلس ليأكل معهم ويصلي ويشكر قبل الأكل كعادته معهم.

3- ظهور الرب للتلاميذ، وصعوده عنهم (24: 32-إلخ.)

فرح تلميذي عمواس بهذا الظهور، ولم ينتظرا إلى الصباح، بل رجعا حالًا إلى أورشليم ليشركوا التلاميذ معهم في فرحتهم بقيامة الرب، فوجدوهم يتحدثون فيما بينهم أيضًا عن أخبار القيامة، التي قالها الملائكة للنسوة عند القبر، وكيف ظهر لسمعان بطرس، هذا الظهور الذي لم يذكره احد الأناجيل، لكن أكده بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنثوس (1كو15: 5).

وفيما هم يتبادلون الحديث، ظهر الرب في وسطهم، وألقى بسلامه في قلوبهم، فهو قريب من القلوب المتشوقة له، ومن الشفاه التي تذكر اسمه باستمرار. ولكن التلاميذ خافوا لأنهم ظنوه خيالًا، كما يعتقدون أن روح الميت تظهر أحيانًا، أما الرب فبدد خوفهم بأن جعلهم يلمسونه حتى يتأكدوا من أنه بجسده الحقيقي بينهم، وطلب منهم الطعام الذي عندهم في البيت ليأكل قدامهم، وبدأ يوضح لهم ما جاء في الكتب عن آلامه وموته وقيامته. وكان طبيعيًا بعد كل هذه المعرفة التي بددت كل خوف وشك أن يطلب منهم الرب أن يشهدوا له للعالم أجمع، ثم باركهم وابتعد عنهم وصعد أمامهم إلى السماء، لكي يكونوا شهودًا أيضًا لصعوده حيًا ثم رجعوا إلى الهيكل في أورشليم فرحين، وبقوا في انتظار الامتلاء من الروح القدس الذي وعدهم به المسيح، ليكرزوا بقوته.

لقد قبل الرب أن يرتفع إلى السماء وآثار الجراحات التي تحملها لأجلنا ظاهرة فيه، حتى يُقدم لله الآب ثمن تحريرنا، ويشفع فينا إلى آخر الأيام.

“فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض، لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله. متى أُظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضًا معه في المجد” (كو3: 1-4).

ربي المنتصر.. أعط النقب أن يرتبط بهيكلك طول الحياة، حيث يراك وتزداد معرفته بك يومًا بعد يومًا، ويستمد قوة من عندك، بها يحيا ويتحرك ويسبح اسمك ويشهد لك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى