التفسير القديم للكتاب المقدس – لوقا أصحاح 10

10: 16-1 يسوع يرسل الاثنين والسبعين

 وبعد ذلك، أقام الرب اثنين وسبعين آخرين، وأرسلهم اثنين اثنين يتقدمونه إلى كل مدينة أو مكان عزم أن يذهب إليه. وقال لهم: «الحصاد كثير والعمال قليلون، فالتمسوا من رب الحصاد أن يرسل عمالاً إلى حصاده. إذهبوا! فها أنا أرسلكم كالحملان بين الذئاب. لا تحملوا محفظة ولا مزودا ولا حذاء، ولا تسلموا على أحد في الطريق. وأي بيت دخلتم، فقولوا أولاً: السلام على هذا البيت. فإن كان فيه ابن سلام، فسلامكم يحل به، وإلا رجع إليكم. وأقيموا في ذلك البيت تأكلون وتشربون مما عندهم، لأن العامل يستحق أجرته، ولا تنتقلوا من بيت إلى بيت. وأية مدينة دخلتم وقبلوكم، فكلوا مما يقدم لكم. واشفوا مرضاهم وقولوا للناس: قد اقترب منكم ملكوت الله. وأية مدينة دخلتم ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى ساحاتها وقولوا: حتى الغبار العالق بأقدامنا من مدينتكم ننفضه لكم. ولكن اعلموا أنّ ملكوت الله قد اقترب. أقول لكم: إن سدوم سيكون مصيرها في ذلك اليوم أخف وطأة من مصير تلك المدينة.  الويل لك يا كورزين! الويل لك يا بيت صيدا! فلو جرى في صور وصيدا ما جرى فيكما من المعجزات، لتابتا من زمن بعيد، فلبستا المسوح وقعدتا على الرماد. ولكن صور وصيدا سيكون مصيرهما يوم الحساب أخف وطأة من مصيركما.  وأنت يا كفرناحوم، أتراك ترفعين إلى السماء؟ سيُهبط بك إلى الجحيم.  «من سمع إليكم سمع إلي. ومن رفضكم رفضني. ومن رفضني رفض الذي أرسلني».

نظرة عامة:

يولي الرسل الاثنا عشر أساقفة على الخلافة الرسولية، ويولي الرسـل الشـبـعـون قـسـوسـا علـى الـكـهـنـوت (بيدي). هكذا عد بعض أباء الكنيسة الأوائل بـارنـابـا مـن بـيـن الشـبـعين، وكذلك سـوسـتـانـيس، ومـاتـيـاس، وتداوس (إفـسـافـيـوس) يـرسـل يـسـوع السبعين «كالحملان بين الذئاب، ليتم ما قيل على لسان إشعيا: إن الذئب يسكن عند انقضاء الدهر مع الحمل في سلام فيسوقهما صبي صغير (أمبروسيوس). 
سيقضي التلاميذ حياتهم كحملان بين ذناب، غير أن يـسـوع يـرعـاهـم، وفـي يـوم الاضطهاد يحميهم (كيرلس الإسكندري). يرسل التلاميذ بلا زاد، ليتوكلوا على رب الحصـاد (كيرلس الإسكندري). إنّـهـم مبشرون بالإنجيل، وليسوا تجارا (أفرام). إن تحية السلام ستعطى للجميع من غير تمييز، لكن سيتقبلها أبناء السلام وحدهم (أوغسطين)، لأنها تعلن عن الله الآب. ما
من شيء ينبغي أن يصرف التلاميذ عن التبشير بالمسيح، فلا يصافحون أحدا في الطريق، خشية أن يصرفهم هذا عن هدف إعلان مـلـكـوت الله (أمبروسيوس). إن التلاميذ سينفضون الغبار العالق بأقدامهم إذا لم يقبلهم أصحاب البيوت، وذلك ثأرا منهم. فمصير من لا يقبلهم في ذلك اليوم سيكون أشد وطأة عليهم من مصير سدوم (أفرام). لأولئك الذين لا يقبلون السبعين عـقـوبـة أقسى مـن عـقـوبـة صـور وصـيـدا (أمبروسيوس).
يؤتى التلاميذ شرف التكلم العظيم باسم المسيح، فعندما يتكلم المسيح بلسان تلاميذه، فإنمـا بـروجـه يتكلم، وعندما لا يقبل النّاس التلاميذ لتفوههم بكلام المسيح، فإنهم لا يقبلون أباه معه (كيرلس الإسكندري). إن التكلم باسم المسيح هو قوة الإنجيل (إيريناوس).

1:10- 2 إرسال الاثنين والسبعين

يدل التلاميذ الاثنان والسبعون على رتبة الكهنوت.
بيدي:
يوسم الرسل الاثنا عشر بالرتبة الأسقفية. ويوسم التلاميذ الاثنـان والسـبـعـون الـذيـن أرسـلـهـم الـرب للتبشير بالرتبة الكهنوتية…. لهذا السبب
تطـل صـورة الاثنين والسبعين بلباسهم الكهنوتي، كما تبرز إمامة الاثني عشر بلباسهم الأسقفي. في جسد يسوع رئيس الكهنة مكان أعلى لذوي الرتبة العليا يتجلى بلباس رئيس الكهنة النموذجي في العهد القديم. (في خيمة العهد 3)

بارنابا وسـوستانيس ومتياس وتداوس هم من السبعين.
إفسافيوس:
إن أسماء رسل المخلص واضحة للجميع من الأناجيل، لكن لا توجد قائمة بأسماء التلاميذ السبعين. يقال إن بارنابا كـان واحدا منهم، وقد تحدث عنه سفر أعمال الرسل، وذكره بولس في رسالته إلى أهل غلاطية. ويقولون إن سـوسـتانـيس الذي اشترك مع بولس في كتابة الرسالة إلى أهل كورنثوس كان واحدا منهم. هذا ما رواه إقليمس في الـفـصـل الخامس من مؤلف «المثال»، إذ يقول إن «صـخـرا» كـان أحد الشبعين، وكـان قـد شـمـي بـاسـم بـطـرس الـرسـول، وعـنـه يـقـول بولس: «لما أتى إلى
أنطاكية قاومته وجها لوجه». وقد أهل للدعوة مع السبعين أيضا متياس الذي عدّ بين الرسل بدلاً من يهوذا، والشخص الذي تشرف أن يكون مرشحا معه، ويقولون إن تداوس كـان أيضـا واحـدا مـن الشـبـعـين، وسأورد عـنـه رواية وصلت إلـيـنـا. ولدى التقصي تجدون أن مخلصنا كان له أكثر من سبعين تلميذا، وهذا ما يفهم من قول بولس إن المسيح ظهر بعد قيامته من بين الأموات لصخر وللاثني عشر، ثم ظهر لأكثر من خمسمئة آخرين كان معظمهم لا يزال حيا حين كتب رسالته، وكان بعضهم قد لقي وجه ربه. (1.12.1-3 تاريخ الكنيسة)

3:10 يـرسـل يـسـوع السبعين «كالحملان بين الذئاب »

يتم التلاميذ ما قيل على لسان إشعيا إن الذئب يأكل مع الحمل.
أمبروسيوس:
يقول هذا للتلاميذ السبعين الذين عينهم وأرسلهم يتقدمونه لماذا أرسلهم اثنين اثنين؟ الذين أدخـلـوا الـسـفـيـنـة مـع نـوح أدخلوها اثنين اثنين، ذكورا وإناثا من كل  حيوان غير طاهر، وتطهروا جميعهم بسر الكنيسة المقدس.
تتصارع تلك الحيوانات فيأكل بعضها
بعضا، أما الراعي الصالح فلا يخشى على القطيع من الذئاب… إن حرصه وتيقظه يـقـيـان الحملان مـن الذئاب. يرسلهم حملانا بين ذئاب ليتم القول: «الذئب والحمل يرعيان معا».(عرض القديس لوقا 44.7-46 )

يخالط التلاميذ الذئاب لأن المسيح يرعاهم.
كيرلس الإسكندري:
لماذا يوصي الرسل القديسين، الحملان الأبرياء، بأن يعملوا مع الذئاب، ويذهبوا إليهم بمحض إرادتهم؟ أما من خطر يذهمهم؟ أما تنقض عليهم الذئاب؟ هل بمقدور الحمل أن يدفع عنه ذئبـا؟ كيف يقدر المسالم أن ينتصر على وحشية مفترس؟ يقول لا بأس عليهم، لأنـي سـأكـون لـهـم راعـيـا لـصـغـيـرهـم وكبيرهم، لعامة الناس، للرؤساء، للمعلمين وللطلاب، سأكون معكم، وسأساعدكم، وسـأخـلــكـم مـن كـل شـر سـأروض
الحـيـوانـات الضارية، سأحول الذئاب إلى حملان، وسأجعل المضطهدين مساعدين للمضطهدين، والمسيئين شركاء في أعمال البر والتقوى. إني أصنع كل شيء جديدا، ومـا مـن شيء يثنيني عن مرادي. (تفسير القديس لوقا 61 إحياء لذكرى الرسل)

4:10- 12 توجيهات خاصة بمهمة التبشير بالملكوت

التلاميذ يعولون على رب الحصاد.
كيرلس الإسكندري:
يقول: «لا تحملوا كيس دراهم ولا مزودا ولا حذاء». أسألكم أيضا أن تعيروا انتباهكم لنهج الفضيلة الرسولي الموضوع أمامهم. إنه لواجب على الذين سيـصـبـحـون أنـوار الـعـالـم ومـعـلـمـيـه أن يتتلمذوا للكلمة الذي نزل من السماء. إنه ينبوع الحكمة، والثور العقلي، منه يأتي كل فهم وكل ما هو صالح. في تبشيرهم الناس بالكلمة، ودعوة أهل الأرض إلى الخلاص، يوصيهم بأن يسافروا من دون أن يحملوا كيس دراهـم ولا مزودا ولا جـذاء. إنـهـم سينتقلون بسرعة من مدينة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر. لا يقولن أحد إن الهدف من تعليم يسوع هو حمل الرسل القديسين على الاستغناء عن استعمال الأمتعة العادية.
فما ينفعهم وما يضرهم إذا انتعلوا الأحذية أو استغنوا عنها؟ إن ما يرغبه لهم هو أن يتعلموا ويمارسوا كل شيء ملقين عليه كل اهتماماتهم بالعيش وكسب الرزق. تذكروا القديس القائل «ألق على الرب همك فهو يعولك». إن يسوع يعطي القديسين كل ما هو ضروري للحياة. (تفسير القديس لوقا ٦٢، إحياء لذكرى الرسل)

التلاميذ مبشرون، وليسوا تجاراً.
أفرام:
أرسلهم اثنين اثنين… أرسلهم يبشرون بلا راتب أو أجر، كما فعل هو… قال «هاءنذا أرسلكم كالحملان بين الذئاب»، مؤكدا لهم أنهم لن يصابوا بسوء ما دام هو الراعي معهم. شجعهم بقوله «من قبلكم فقد قبلني». … حذرهم من أن يتقاضوا أموالاً خشية أن يحسبوا رجال أعمال لا مبشرين. تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان ۸. ۱۷.۱۱) تحية السلام تحل بالجميع أوغسطين: قال الرب لتلاميذه: «أي بيت دخلتم، فقولوا
أولا: سلام على هذا البيت. فإن كان فيه ابن سلام، فسلامكم يحل به، وإلا عاد إليكم». … إننا لا نعرف من هو ابن السّلام، لذا علينا أن لا تهمل أحدا أو أن نتحاشاه، بل أن تعمل على خلاص كل من نبشره بهذا السّلام. علينا أن لا تأسف على خسارة سلامنا إذا حدث أن من نبشره ليس ابن سلام…. سلامنا سيرتد علينا، وهذا فيه نفع لنا. إذا حل به السلام الذي نبشر به فسيكون فيه لنا وله منافع ومكاسب. (نصح ونعمة 46.15 )

لا تحية لئلا يعاق الواجب الرسولي.
أمبروسيوس:
أنظر كيف أنه لم يقف عند «لا تسلموا علـى أحـد، بـل أضاف «في الطريق». عندما أرسل أليشع خادمه ليضع عصاه على جسد الطفل الميت، أمره أن لا يسلم على من يلقاه في الطريق. أمره أن يسارع في إعلان القيامة، خشية أن ينشغل عن أداء واجبه في التحدث إلى من يصادفه في الـطـريـق مـا كـانـت حماسته لتسلب منه بتسليمه على الآخرين، بل كانت سترول من أمام ممارسته للتّقوى إحدى العقبات. تطغى الأوامر الإلهية على مقتضيات الحياة ومستلزماتها. إن التسليم على الآخرين جيد، لكن أداء واجباتنا لله أفضل، لأنه أكثر ملاءمة لنا. إن الانشغال في الـلـيـاقـة ومـسـتـوجـبـاتـهـا محظور لأنه يصرفنا عن أداء المتوجب علينا للخالق رب السّماوات والأرض، (عرض القديس لوقا 7. 62-63)

نفض الغبار العالق بأقدام الصديقين علامة لثأرهم من غير التائبين.
أفرام:
يبدو مـن قـولـه أنـفـضـوا الـغـبـار الـعـالـق بأقدامكم»، أنه يطلب ثأرا من الذين يعاملون التلاميذ معاملة غير لائقة. أوصى التلاميذ أن ينفضوا الغبار العالق بأقدامهم مـن الـطـريـق، فيرتد غبارهم على من لم يقبلهم… فعليهم يعلو غبار الصديقين، إنهم حقيقون بأن يثأر منهم، ما داموا لم يتوبوا. الغبار يلوثهم، لا الوحل. إن مصير سدوم سيـكـون أخف وطأة، لأن الملائكة الذين ذهبوا إلى سدوم لم يجروا فيها آية، لكنّهم جعلوها عبرة لمن اعتبر.
وإذا لم ترحب بكم مدينة انتقلوا منها. وإذا
اضطهدوكم في مدينة، فاهربوا إلى غيرها. لم يوجه الرب كلامه إلى كل الناس، بل إلى تلاميذه فقط، لأن التبشير كان ما يزال في بديه، والمؤمنون كانوا ما يزالون فئة قليلة. (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 8. 1 أ)

15-13:10 الـويـل لـكـورزيـن الـويـل لبيت صيدا وكفرناحوم

رفض السبعين.
أمبروسيوس:
يعلمنا الإعراض عن الذين يحكمون على الإنجيل. فعقابهم سيكون أقسى من عقاب الذين ينادون بإبطال الشريعة. (عرض القديس لوقا 7. 65)

16:10 صورة المسيح في التلاميذ حديث المسيح مع التلاميذ.
كيرلس الإسكندري:
يشدد المسيح عـلـى الـذيـن يحبون التعليم أن يثقوا بمصداقية ما قاله الـرسـل الـقـديسون والمبشرون عنه… من يسمع إليهم يسمع إلى المسيح. يؤكد أيضا أن من لم يسمع إليهم لم يسمع إلى المسيح، ومن أعرض عنهم أعرض عن المسيح وعن الآب. (تفسير القديس لوقا 63)

التكلم باسم المسيح هو قوة الإنجيل.
إيريناوس:
أعطى رب الجميع قوة الإنجيل إلى رسله. ومنهم تعلمنا الحق، أي تعليم ابن الله، فالرب قال لهم: «من سمع إليكم سمع إلي. ومن أعرض عنكم أعرض عني. ومن أعرض على أعرض عن الذي أرسلني». (ضد النَّحل 3، المقدمة)

10: 17 – 24 رجوع الاثنين والسبعين

ورجع التلامذة الاثنان والسبعون فرحين وقالوا: «يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك». فقال لهم: «كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق. وها قد أوليتكم سلطانا تدوسون به الحيات والعقارب وكل قوة للعدو، ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بأن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بأن أسماءكم مكتوب السماوات». 
في تلك الساعة تهلل بالروح القدس فقال: «أحمدك يا أبت، رب السماء والأرض، على أنك أخفيت هذه الأشياء على الحكماء والأذكياء، وكشفتها للصغار. نعم، يا أبت، بهذا سررت. قد سلمني أبي كل شيء، فما من أحد يعرف من الابن إلا الآب، ولا من الآب إلا الابن ومن شاء الابن أن يكشفه له». ثم التفت إلى التلاميذ، فقال لهم على انفراد: «طوبى للعيون التي تبصر ما أنتم تبصرون. فإني أقول لكم إن كثيرا من الأنبياء والملوك تمنوا أن يروا ما أنتم تبصرون فلم يروا، وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون فلم يسمعوا».

نظرة عامة:

قدرتهم على إخضاع الشـيـطـان تدل على أن المسيح أرسلهم للتبشير (كيرلس الإسكندري). الشيطان سقط من السماء، ويسوع جاء من السماء ليهزمه (كيرلس الإسكندري). كما يلمع وميض البرق للحظة ويختفي، هكذا تقهر قـدرة الـشـيـطـان ويسقط محطما بغلبة الصليب كما أنبئ في سفر التكوين (أفرام). إن التلاميذ يسحقـون بـأقـدامـهـم الحـيـات والعقارب كما سحق المسيح رأس الأفعى. عندما تلدغـهم الحيات وتلسعهم العقارب يشفيهم المسيح بدواء جروحه على الصليب (مـاكـسـيـمـوس الـتـوريـنـي إنـه يـخـضـع الشيطان باعتماده في الأردن، ويؤتينا قوة معموديته (كيرلس الأورشليمي).
لا تبهج التلاميذ المقامات الرسولية التي يحتلونها. إن ما يبهجـهـم هـو تـدويـن أسمائهم في سفر الحياة إلى جانب أسماء إبراهيم وإسحق ويعقوب، وكل المختارين القدماء. يبتهج يسوع باستنارة الذين في الظلمة (كيرلس الإسكندري). إن الصغار مؤهلون لتقبل الخلاص أكثر من حكماء هـذا الـذهـر (إقليمس الإسكندري). يعرف الابن الآب معرفة كاملة لأنه هو من الله (الذهبي الفم). أوتي التلاميذ قدرة الملكوت، أي طرد الشياطين، تطهير البرص، وإقامة الأمـوات، وهـي عـطـايـا لم تمنح للملوك والأنبياء من قبل (كيرلس الإسكندري).

20-17:10 فرح التلاميذ بإخضاع الشياطين

إخضاع الشياطين يؤكد الكلمة التي يبشرون بها. كيرلس الإسكندري: إن الحصـاد كثير، كما يقول المسيح، لكن العمال قليلون. إضافة إلى الذين اختارهم أولا، أقام سبعين آخرين، وأرسلهم إلى كل قـريـة ومـديـنـة فـي الـيـهـوديـة يتقدمونه ليبشروا به وبتعاليمه.
لا يوليهم الرب السلطان على طرد الأرواح
الشريرة وعلى إخضاع إبليس لـيـنـالـوا إعجاب الناس، بل ليتمجد بهم. إن الذين علمهم يؤمنون بأنه هو الله وابن الله بالطبيعة. لقد أوتي مجدا عظيما، وعزة وقدرة فائقتين، إلى درجة أنه كان يمكنه أن يـهـب الآخـريـن قـدرة سـحـق إبـلـيـس بأقدامهم. (تفسير القديس لوقا 64)

يسقط الشيطان من السماء كالبرق لأن المسيح جاء من السماء.
كيرلس الإسكندري:
ما هو رد المسيح؟ «كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق»، «فأنا أعي ذلك، لأنكم قهرتم الشيطان حين بدأتم رحلتكم وفق مشيئتي. كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق». قذف به من العلي إلى الدني، من الأبهة إلى الذل، من المجـد إلـى الحـقـارة والـهـوان، مـن الـقـوة العظيمة إلى الضعف المطلق، هذا القول صادق، فإبـلـيـس كـان يـحـكـم الـعـالـم قـبـل مجيء المخلص، كان كل شيء خاضعا له، فما من أحد كان قادرا على التفلت من فخاخه وأشراكه، عبده الجميع. شيدت له
الهياكل والمذابح في كل مكان، وكان السجد له لا يحصى لهم عدد. وكان أن نزل الابن كلمة الله الأوحد من السماء، فسقط الشيطان كالبرق من السماء. (تفسير القديس لوقا 64)

سقط إبليس محطما بغلبة الصليب.
أفرام:
«كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق». في الحقيقة لم يكن في السماء. لم يكن فيها عندما قال «سأرفع فوق كواكب الله عرشي»، لكن سقط من مرتبة عظمته وسيادته. «كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق»، لم يسقط من السماء، لأن البرق لا يسقط من السماء. فالسحب التي تولده. لماذا قال «من السماء؟» لأن سقوطه يشبه سقوط البرق من السماء. سقط الشيطان في اللحظة التي انتصر فيها الصليب. لقد مسح الناس العاديون وأرسلوا لأداء مهمتهم، ونجحوا في إبراء المتألمين والمرضى والممسوسين. كالبرق الساقط من الشحـب سـقـط الـشـيـطـان بغتة عن عرش سيادته، وكما يخرج البرق ولا يعود إلى مكانه، كذلك يسقط الشيطان ولا يستعيد سيادته. «ها قد أوليتكم سلطاناً». (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 13)

المسيح يشفينا بالصليب من سم العقارب والحيات.
ماكسيموس التوريني:
ولأننا نملك الرب يسوع الذي حررنا بآلامه، فلتحدق فيه ولنستشف به. إذا سرى فينا سم الجشع، فلننظر إليه فيشفينا. وإذا لسعتنا كعقرب رغبة خبيثة، فلنلتمس منه الشفاء، وهو من علينا يبرننا، وإذا لدغتنا الأفكار الدنيوية، فلنسأله البرء فتحيا. هذه هي أفاعي النفس الروحية، التي صلب الرب ليحطمها. يقـول لـهـم «إنكم ستدوسون الحيـات والـعـقـارب وكل قوة للعدو، ولا يضركم شيء». (مـوعـظـة 37، على عيد الفصح المقدس وصليب الرب)

المسيح يـؤسـس الـعـمـاد.
كيرلس الأورشليمي:
إن كان ابن الله عمد، فذلك لا ليحصل على غفران الخطايا – لأنه كان بلا خطيئة لكنه عمد، وهو المنزه عـن الخطيئة، ليمنح المعمدين النعمة والكرامة. «ولما كان الأبناء شركاء في اللحم والدم» شاركهم هو أيضا فيهما، حتّى إذا شاركناه في حضـوره بـالجسد، نشاركه في نعمته
الإلهية. إنه عمد حتى تشاركه، ونستعيد الكرامة. (الموعظة 3. 11)

لا يبتهج التلاميذ بكرامتهم الرسولية، بـل بـوضـعـهـم الـسـمـاوي.
كيرلس الإسكندري:
البهجة بقدرتهم على إجراء المعجزات وسحق الشياطين قد تحرك فيهم هـوى الـتـفـاخـر وأقرب هـوى منه هو الكبرياء. لذلك يدين مخلص الكل التبجح والتباهي، ويهرع إلى اجتثاث جذرهما قبل أن يتملك حب المجد الباطل من صاحبه. حاكي الزارعين الصالحين الذين عندما يرون النبات الشائك ينبت في حقولهم وحدائقهم يقتلعونة للتو بنصلة حادة قبل أن يـمـد فـي الأرض جذورا عميقة. (تفسير القديس لوقا 64)

22-21:10 يسوع يحمد الآب

يبتهج يسوع بالروح القدس بسبب معجزات التلاميذ.
كيرلس الإسكندري:
أرسـلـهـم مـزيـنـيـن بـالـكـرامـة الـرسـولـيـة ومكرمين بعمل نعمة الروح القدس. أعطاهم القدرة على طرد الأرواح النجسة، بعد أن أجروا العديد من المعجزات، رجعوا قائلين: «يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك»، لقد استطاره الفرح، ولاحت عليه
أريحية السرور، لأنه رأى أن الذين أرسلهم قد أفادوا الكثيرين… بما أنه صالح ومحب للبشر وراغب في خلاص الجميع، فقد فرح باهتداء الضالين، وباستنارة الذين كانوا في الظلمة، وبـاعـتـراف الأميين بمجده. (تفسير القديس لوقا 65)

أطفال مستعدون للخلاص أكثر من الحكمة الدنيوية.
إقليمس الإسكندري:
لما تبنا عن خطايانا، وابتعدنا عن شرورنا، وتطـهـرنـا بـالـمـعـمـوديـة؛ عدنا إلى الـثـور الأبـدي عـودة الأطـفـال إلى أبيهم. «تهلل بالروح القدس فقال: «أحمدك يا أبت، رب الشـمـاء والأرض، على أنك أخـفـيـت هـذه الأشياء على الحكماء والأذكياء، وكشفتها للصغار». يسمينا المربي والمعلم «صغارا»، لأننا مهيؤون للخلاص أكثر من حكماء الـعـالـم، الذين كف بصرهم، فظنوا أنهم حكماء. يهلل وقد استطاره الفرح وكأنه يتناغم مع روح الصغار، قائلاً: «نعم، يا أبـت هـذا مـا كـان رضـاك». لذلك أعلن للصغار مـا كـان مـخـفـيـا على الحكماء
وحصـفـاء هـذا الـعـالـم. المسيح (المربي 6).

يعرف الابن الآب معرفة كاملة لأنه هو من الله.
الذهبي الفم:
إن الدليل على أن الابن يعرف الآب معرفة دقيقة هو أنه «من الله». إن الابن يعرف الآب معرفة تامة، لأنه من الله، والعلامة على أنه من الله هي أنه يعرفه معرفة واضحة. الجوهر عاجز عن معرفة الجوهـر الأعـلـى مـنـه، ولـو كـان الاختلاف بينهما طفيفا. (حول طبيعة الله غير المدركة 5. 25)

10:23- 24 يسوع يطوب التلاميذ

أوتي التلاميذ قدرة ملكوت الله. كيرلس الإسكندري: أولى يسوع الرسل القديسين قدرة على إقامة الأموات، وتطهير البرص، وشفاء المرضى، واستدعاء الروح القدس مـن الشـمـاء بـوضـع الأيدي على كل من اختاروه. وأولاهم سلطانا على ربط خطايا النّاس وحلها. «أقول لكم: كل ما تربطونه في الأرض يكون مربوطا في السماء، وكل ما تحلـونـه على الأرض يكن محلولا في السماء». هذا ما نملكه نحن أيضا. طوبى لأعيننا وأعين الذين يحبونه. لقد سمعنا تعليمة العجيب. أعطانا معرفة الله الآب، وبطبيعته كشفه لنا. فما فعله موسى كان رمزا. أما المسيح فقد أعلن لنا الحق. علمنا أنه لا بـالـدم ولا بـالـدخـان، بـل بـالذبائح الروحية ينبغي لنا أن نكرم ما هو روحي، وغير مـادي، وفـائـقـا على الإدراك. (تفسير القديس لوقا 67)

25:10 – 11: 54 تعليم يسوع عن الرحمة، والعبادة،
والصلاة، والاعتراض الفريسي

25:10 – 37 مثل السامري الصالح

وقام أحد المحامين، فقال له ليحرجه: «يا معلم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟» ” فقال له: «ماذا كتب في الشريعة ؟ كيف تقرأ؟»  فأجاب: «أحبب الرب إلهك بكل قلبك، وبكل نفسك، وبكل قوتك، وبكل فكرك، وأحبب قريبك حبك لنفسك».  فقال له: «بالصواب أجبت. إعمل هذا فتحيا». فأراد أن يزكي نفسه فقال ليسوع: «ومن قريبي؟» فأجابه يسوع: «كان رجل نازلاً من أورشليم إلى أريحا، فوقع بأيدي اللصوص. فعروه وانهالوا عليه بالضرب. ثم انصرفوا وقد تركوه بين حي وميت. فاتفق أن كاهنا كان نازلاً في ذلك الطريق، فلما رآه مال عنه ومضى.وكذلك جاء لاوي المكان، فرآه فمال عنه ومضى. ومر به سامري مسافر ورآه فأشفق عليه، فدنا منه وضمد جراحه، وصب عليها زيتا وخمرا، ثم حمله على دابته وذهب به إلى فندق واعتنى بأمره.  وفي الغد أخرج دينارين، ودفعهما إلى صاحب الفندق وقال: «إعتن بأمره، ومهما أنفقت زيادة على ذلك أوفك إياه عند عودتي». فأي هؤلاء الثلاثة كان في رأيك قريب الذي وقع بأيدي اللصوص؟» فقال: «الذي عامله بالرحمة». فقال له يسوع: «إذهب فاعمل أنت أيضا مثل ذلك».

نظرة عامة:

أراد أحد المحامين إيقاع يسوع في حبائله، لكنه بفعله هذا أظهر أنه يجهل سر التجسد. فالواقف أمامه لم يكن مجرد إنسـان، بـل ابـن الله (كيرلس الإسكندري). افترض أن طريق التوراة هو طريق الحياة. أما تعليم يسوع كله فيحلق على جناحي: «أحبب الله، وأحبب قريبك» (أفـرام). معرفة الشريعة هي معرفة سر الـتـجـسـد الإلـهـي، أي معرفة الحق (أمبروسيوس). إجـابـة يـسـوع عـن سـؤال المحامي حول الحياة الأبدية تدل على أن المحامي أخـطـأ فريسته، وأن استجوابه ليسوع لا يحمل ثمرا (كيرلس الإسكندري). إن السامري الصالح هو قريبه لأنه أظهر له الرحمة (أوريجنس). كل البشر هم أقرباء لنا. القرابة لا تنحصر بإخوتنا وبأهلنا، بل تشمل الغرباء أيضا (جيروم). أريـحـا هـي صـورة الـعـالـم الـذي طرد إلـيـه آدم مـن الفردوس (أمبروسيوس). إنّها لمفاجأة عظيمة أن يكون النازل من ذلك الطريق سامريا- ويصور بطلاً للقصة ومحورا لها- فالسامري ليس سوى المسيح نفسه (أمبروسيوس).
يعالج أكثر أباء الكنيسة «مثل السامري الصـالـح مـعـالـجـة مـجـازيـة بـتـفـسـير مسيحاني (أوريجنس)، السامري الصالح شبه ليسوع، والزيت والخمر قواما الأسرار المقدسة، والفندق هو كنيسة، ورحمة الله تتجلى في أسـرار الـكـنـيـسـة المقدسة
(أوغسطين). تضميد جراح الرجل يكشف عن أن للشـامـري علاجا قويا للشفاء (أمبروسيوس). إن اليوم الثاني الذي فيه وصـل هـو يـوم الـرب، يـوم الـقـيـامـة (أمبروسيوس). يـرمـز الـديـنـاران اللذان نـقـدهـمـا إلى صـاحـب الـفـنـدق إلى عهدي التبشير بالإنجيل (أمبروسيوس). أما صـاحـب الـفـنـدق فهو خادم الأسـرار (أمبروسيوس). والمحامون الذين يمتحنون يسوع يخفقون حتى يعترفوا بأنهم أنصاف أمـوات. يـسـوع هـو مـن عـامـل الجريج بـالـرحـمـة وهـو لكل محتاج قريب. (أوغسطين).

25:10 ماذا أعمل لأرث الحيـاة الأبدية؟

لا يفهم المحامون سر تجسد المسيح.
كيرلس الإسكندري:
من فهم سر التجسد يقول للمحامي: إذا كنت بارعا في معرفة الشريعة وتلم بعمق تعليم يسوع، فلا تنس أن تجربه. ظننته إنسانا، وغاب عنك أنه الله الذي ظهر في شبه البشر، وأنه يعرف سـرائـر الـنـاس، ويـتـفـحـص قـلـوب الـذيـن يقتربون منه.
يصور لك عمانوئيل برمز موسی. رأيته
يذبح كحمل، لكنه يهزم المدمر ويمحق الموت بدمه. رأيته في تابوت العهد، حيث تودع الشريعة الإلهية، كأنه وهو في جسده المقدس في تابوت العهد. إنه كلمة الآب، الابن المولود له بالطبيعة. رأيته كرسي الرحمة في الخيمة المقدسة، التي يتحلق حـولـهـا السـاروفـيـم هـو كرسي رحمتنا لغفران خطايانا، وحتى كإنسان تمجده السـروفـيـم، القوات العقلية المقدسة في العلاء، يقفون حول عرشه الإلهي المجيد. (تفسير القديس لوقا 68)

26:10- 28 ماذا عن الشريعة؟

«أحـبـب الـلـه وقـريـبـك– إعمل أنت أيضا ذلك فتحيا».

الجناحان يحملان التعليـم عاليا.
أفـرام:
مـاهـي أعـظـم وصـايـا الشـريـعـة وأولاهـا؟ قال له: «أحبب الرب إلهك بكل قلبك، وكل نفسك، وكل قوتك، وكل ذهنك، وأحبب قريبك حبك لنفسك». … تحلق هـاتـان الـوصـيـتـان بجناحين: بمحبة الله ومـحـبـة الـبـشـر. (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 23-24)

معرفة الشريعة هي معرفة تجسد المسيح. أمبروسيوس: تكشف هذه الآيات مساوئ الـذيـن يحسبون أنفسهم علماء للشريعة. إنّهم على حـرفـهـا يحافظون، وروحـهـا يـتـجـاهـلـون يفهمهم يسوع أنهم يجهلون فصلها الأول، مستندا إلى فاتحة الشريعة، أعلن الآب والابن سر التجسد المقدس بـقـولـهـمـا أحـبـب الرب إلهك»، و«أحبب قريبك حبك لنفسك». والرب قال للمحامي: «إذهـب فـاعـمـل أنت أيضا مثل ذلك». جهل المحامي قريبة لعدم إيمانه، فـسـأل المسيح: «من هـو قـريـبـي؟» من لا يعرف المسيح لا يعرف الشريعة، فكيف يعقل أن يعرف الشريعة وهو يجهل الحق، لأن الشريعة تعلن الحق؟ (عرض القديس لوقا 7. 69-70)

يظهر جواب يسوع أن المحامي يخطئ فريسته.
كيرلس الإسكندري:
قال له: «ماذا كتب في الشريعة؟ كيف تقرأ؟» يـكـرر المحامي ما جاء في الشريعة. أما المسيح الكلي المعرفة فيعاقبه على شروره، ويوبخه على نيته الخبيثة بقوله:
«بالصواب أجبت. إعمل هذا فتحيا». أخطأ المحامي فريسته، فلم يصب مرماه. لقد باء شره بـالـفـشـل بـطـلـت فـيـه نخسة الحسد. وتمزقت شبكة الخداع لم يثمر زرعة، ولم يجن مـن تـعـبـه ربـحـا خـابت آماله. فكان كسفينة أغرقها سوء الطالع. (تفسير القديس 69)

29:10 « ومن قريبـي؟

الذي عـاملة بالرحمة هو القريب.
أوريجنس:
أراد معلم الشريعة أن يبرر نفسه بأن لا قريب له. فقال: «ومن قريبي؟» إن الرب أعطى للمثل مقدمة فقال: «كان رجل نازلاً من أورشليم إلى أريحا…» وعلم أن الرجل النازل من أورشليم كان قريبا للذي أراد أن يحفظ الوصايا ولكل من يحتاج إلى مساعدة. هذا ما نجده في نهاية المثل: «من كان في رأيك، من هؤلاء الثلاثة، قريبا للذي وقع بأيدي اللصوص؟» لم يكن الكاهن ولا اللاوي، بل كان «الذي عامله بالرحمة»، كما قال معلم الشريعة نفسه. ثم قال له المخلص: «إذهـب فـاعـمـل أنت أيضا مثل ذلك». (مواعظ على لوقا 34)

البشر كلهم قرابي.
جيروم:
يظن بعضهم أن أقرباءهم هم إخوتهم، وأفراد عائلتهم،
وأنسباؤهم. يعلمنا الرب في المثل الإنجيلي أن قريبنا هو رجل نازل من أورشليم إلى أريحا…. كل إنسان هو قريبنا، وعلينا أن لا نسيء إلى أحد… لكن هل يجوز لنا أن نسيئ إلى الغرباء؟ معاذ الله من مثل هذا الادعاء! فنحن قرابي ولنا أب واحد. (موعظة 5، على المزمور 15)

35-30:10 مثل السامري الصالح

أريحا هي صورة العالم.
أمبروسيوس:
أريحا هي صورة هذا العالم. فآدم أقصي مـن الـفـردوس، من أورشـلـيـم الشـمـاويـة وهوى بعصيانه، فابتعد عن الحياة، وسقط في الجـحـيـم لـم تـقـص طبيعته بتغيير المكان، بـل بتغيير السلوك. تبدلت حاله كثيرا عما كان ينعم به من بركات أبدية. لما اقترف آدم الخطايا الدنيوية وقع في أيدي اللصوص… من هم هؤلاء اللصوص؟ إنهم ملائكة الظلام والليل، يغيرون أنفسهم إلى ملائكة نور، ولكنهم يعجزون عن 
الاستمرار؟ إنهم يختلسون ملابس النّعمة الروحية التي تسلمناها ويجرحوننا. إذا حافظنا على نصاعة ثوبنا فلن نجس بضربات اللصوص. فاحذر من أن تخلع عـنـك أمر الله كما فعل آدم، الذي وعد بـحـمـايـة زائفة، فأخد سلب إيمانه. مضه جـرح قـاتـل فـهـوى، وهـوى مـعـه الجنس البشري لو لم يتداركه السامري ويضمد جراحة المثخنة ( عرض القديس لوقا 73)

يـسـوع هـو السامري الصالح.
أمبروسيوس:
لم يمل ذلك السامري الشفوق عنه كما فعـل الـكـاهـن والـلاوي… لفظة الشـامـري تـعـني «الحارس». فمن هو الحارس، إن لـم يـحـرس الرب الأطـفـال؟ هناك يهودي في الحرف، وهناك يهودي في الروح، وهناك سامري في الظاهر، وسامري في الباطن. هنا ينزل السامري. من هو هذا السامري غير ابن الإنسان في السّماء الذي نزل منها وصعد إليها. لما راه بين حي وميت، وما من أحد يعتني به، أخذته الرحمة، ودنا منه وعالجة. هكذا فعل عندما مست نازفة الدم التي أنفقت ميراثها وما لها على الأطباء ذيل ردائه. إنّه لنا خير قريب، فإنه يقبل الامنا ويعطينا
رحمته. (عرض القديس لوقا 7. 74)

تفسير مجازي لمثل السامري الصالح.
أوريـجـنـس:
فـسـر أحـد الـشـيـوخ هـذا المثل بقوله، الرجل النازل هو آدم. أورشليم هي الفردوس، أريحا هي العالم. اللصوص هم الـقـوات المعـاديـة الـكـاهـن هـو الشريعة. اللاوي هو الأنبياء. السامري هو المسيح. الجراح هي العصيان… الفندق pandochium المستقبل كل مـن يـدخـلـه هـو الـكـنـيسة. الديناران يرمزان إلى الآب والابن. صاحب الفندق هو رأس الكنيسة، الذي عهد إليه أن يعنى بها. ووعده بالعودة يمثل المجيء الثاني للمخلص.
السامري الذي أشفق على الذي وقع بأيدي اللصوص» هو «الحارس»، الأشد قربا من الشريعة والأنبياء أظهر أنه كان قريبه بـالـعـمـل لا بـالـقـول. واستنادا إلى الآية
القائلة: «اقتدوا بـي كـمـا أقـتـدي أنا بالمسيح» يمكننا أن نقتدي بالمسيح وأن نشفق على الـذين وقعوا في أيدي اللصوص»، ونذهب إليهم، ونضمد جراحهم، ونسكب عليها زيتا وخمرا، ونحملهم على دوابنا، ونرفع عنهم أعباءهم. فـابـن الله يشجعنا على فعل مثل ذلك. إنه يعطنا ويعط كل إنسان كما وعظ معلم الشريعة أن: «إذهب واعمل أنت أيضا مثل ذلك». إذا عملنا مثل ذلك تحصل على الحياة الأبدية في المسيح يسوع، الذي لـه المـجـد والـقـدرة إلى أبـد الآبدين. آمين. (مواعظ على لوقا 34)

رحمة الله في أسرار الكنيسة.
أوغسطين:
تركك اللصوص ملقى على الطريق بين حي وميت، لكن السامري الشفوق وجدك، فسكب عليك خمرا وزيتا. إنك تسلمت سر الابن الأوحد. وحـمـلـت على دابته، وآمنت بأن المسيح صار بشرا. أدخلت الفندق، وأبرئت في الكنيسة. لذلك أتكلم من هناك. هذا ما أفعله وما نفعله نحن نقوم بأداء واجبات صاحب الفندق. قيل له: «مهما أنفقت زيادة على ذلك، أوديه لك عند عودتي». ». آه لو تنفق القليل مما تسلمناه! إننا مهما أنفقنا، أيها الإخوة، فمن مال الرب ننفق. (موعظة 179أ. 7-8 على يعقوب 10:2)

عند الطبيب أدوية كثيرة تشفي.
أمبروسيوس:
«ضمد جراحه، وصب عليها زيتا وخمرا» عند الطبيب الإلهي عقاقير لكل مرض. كلامه علاج. كلمة من فـمـه تـضـمـد الجروح، وكـلـمـة تـداويـهـا بالزيت، وأخرى تصب خمرا عليها. يضمد الجراح بقاعدة أكثر صرامة، ويعالجها بغفران الخطـايـا. (عـرض الـقـديس لوقا 7. 75)

الغد هو يوم القيامة.
أمبروسيوس:
«في الغد.. ما هو هذا الغد، إن لم يكن يوم قيامة الرب، الذي قيل عنه «هذا هو اليوم الذي صنعه الرب»؟ أخرج دينارين، وأعـطـاهـمـا لـصـاحـب الـفـنـدق، وقال له: «إعتن بأمره».(عرض الـقـديـس لـوقـا 7. 75
)

الديناران هما العهدان.
أمبروسيوس:
إلام يـرمـز الـديـنـاران؟ إنهما يرمزان إلى الـعـهـديـن الــذيـن يـضـمـان صـورة الملك السرمدي، الذي بجروحه شفينا. الدم الكريم خلصنا بلاء الموت الأبدي.(عرض
القديس لوقا 80.7)

صاحب الفندق هو خادم الأسرار.
أمبروسيوس:
تبارك صـاحـب الـفـنـدق الذي يعتني بجروح الآخرين. تبارك من قال له يسوع «مهما أنفقت زيادة على ذلك، أوديه لك عند عودتي». إن المدبر الصالح ينفق زيادة على ذلك. بولس مدبر صالح تفيض مواعظه ورسائله بالعلم الذي تلقاه، وبعقله ويجسده تبع وصية الرب المعتدلة بجهد مرهق، ليفرج بحثه الروحي عن الكثيرين الغم والهموم. كان قائما صالحا على خـان يـعـرف فـيـه الحمار معلف صاحبه (۳۰) ويزرب فيه قطيع الحملان. خاف أن يكون الطريق سهلا لذئاب مفترسة تعوي حول الحظائر لتنقض على الحملان. (عرض القديس لوقا 85.7)

37-36:10 القريب هو من عامله بالرحمة

يـشـاء المسيح أن يـكـون قـريـبـنـا.
أوغسطين:
يشاء الله ربنا أن يدعى قريبنا.
فهو من أسعف الذي ضربة اللصوص وتركوه بين حـي ومـيـت قـال الـنـبـي في صلاته: «كقريب وكأخ سررت بهم». بما أن الطبيعة الإلهية أسمى بكثير من طبيعتنا البشرية، فعلينا أن نحب الله محبة متميزة عن محبتنا لقريبنا. بصلاحه يعاملن بالرحمة، وعلينا نحن أن تعامل بعضنا بعضا بالرحمة بسبب صلاح الله. (التعليم المسيحي 30)

محبتنا للمسيح كقريب يضمد جـراحـنا.
أمبروسيوس:
لأن مـا مـن أحد أقرب ممن يضمد جراحنا، فلنحبه لكونه ربا وقريبا لنا ما من شيء أقرب إلى الأعضاء من الرأس. فلنجب من تبع المسيح، ومن في وحدة الجسد يسعف حاجة الآخرين.(عرض القديس لوقا 7. 84)

10: 38 – 43 مريم ومرتا

و بينما هم سائرون، دخل قرية فأضافته امرأة اسمها مرتا. وكان لها أخت تدعى مريم، جلست عند قدمي الرب تستمع إلى كلامه. وكانت مرتا منهمكة بأمور كثيرة من أمور الخدمة، فأقبلت وقالت : «يا رب، أما تُبالي أن أختي تركتني أخدم وحدي؟ فمرها أن تساعدني»، فأجابها الرب: «مرتا، مرتا، إنك تقلقين وتهتمين بأمور كثيرة، مع أن الحاجة إلى أمر واحد. فقد اختارت مريم النصيب الأفضل، الذي لن ينزع منها».

نظرة عامة:

تظهر مرتا كرم الضيافة فتستقبل يسوع في بيتها، إنه لعمل عظيم أن تعد طعاما لقدس الأقداس وقديسيه (أوغسطين). احـتـفـلـت مـريـم بيسوع خبز الحيـاة معترفة ببره وبحقه (أوغسطين). يحتاج جسد المسيح إلى من يسمع لكلمة الله ويعمل بها، كما تشير إقامة الشمامسة في الكنيسة (أمبروسيوس). يشير بعضهم إلى أن محبة مرتا هي أحر من محبة مريم، لأنها كانت مهيأة لخدمته قبل أن يأتي، فكانت أولى من استقبلته عندما جاء ليقيم لـعـازار أخـاهـا مـن بين الأموات (أفـرام). بمدحه لمريم لا ينتقد مرتا، بل يوضح أن خدمة الجسد زائلة، أما الاستماع إلى كلمة الله فأبدي (يوحنا كاسيان). كانت مريم مشغولة بـأمـور روحية، ومهللة لله بالمدائح، عندما كانت تتلقى تعاليم الرب (أوغسطين).

تعد مرتا طعاما لقدس الأقداس وقديسيه.
أوغسطين:
تنازل الرب واتخذ جسدا لأجلنا، فجاع وعطش، وارتضى أن يطعمه الذين أغناهم. نزل كضيف، لا عن حاجة، بل لفرط عطفه على المستضيفة. كـانـت مـرتـا جـاهـدة في إطعام الجائعين وإرواء ظمأ العطاش. باهتمام كبير أعدت في بيتها لقدس الأقداس وللقديسين ما يأكلون ومـا يشربون. كان عملها مهما، لكنه كان وقتيا. ينبغي أن لا نأكل ونشرب، أليس كذلك؟ عندما نلتصق بالصلاح الأنقى والأكمل، لا تكون هناك ضرورة للخدمة. (
مواعظ 2.255، على هللويه)

كانت مريم تحتفل ببر يسوع وبحقه، فهو خـبـر الحياة.
أوغسطين:
بـم كـانت مريم تتمتع وهي تصغي؟ ماذا كانت تأكل وتشرب؟ هل تعلم؟ لنسأل الرب الذي يعد مـائـدة عـامـرة لأخصائـه يـقـول «طوبی للجياع والـعـطـاش إلـى الـبـر فـإنـهـم سيشبعون». بهذا الينبوع ومن مستودع البر كانت مريم الجالسة عند قدمي الرب تمسك رمقها… كان الرب يعطيها ما وسعت مـن الـطـعـام. أمـا فـي مـا يخص المقـدار الكامل، الذي كان سيقدمه على مائدته الآتية، فقد عجز التلاميذ والرسل أنفسهم عـن تـنـاولـه قـال لـهـم «عندي كلام كثير أقوله لكم بعد، ولكنكم لا تقدرون الآن أن تحتملوه». بـم كـانـت مـريـم تـتـمـتـع… سـأغـامـر فـي الـقـول إنها كانت تأكل مما كانت تستمع إليه، أي كانت تأكل الحق، ألم يقل هو نفسه «أنا الحق»»)… و «أنا الخبر»؟ قال «أنا الخبر النازل من السماء». هذا الخبر يغذي ولا ينفذ. (الموعظة 3.179، علی يعقوب 19:1، 22)

يحتاج جسد المسيح إلى من يسمع كلمة الله ويعمل بها.
أمبروسيوس:
ليس للفضيلة شكل منفرد. في مثل مرتا ومريم،
تضاف التقوى المفعمة بالنشاط إلى التيقظ الورع لكلمة الله، الـتـي تـوافـق الإيمان، وتفضل حتى على الأعمال نفسها. لقد كتب: «اختارت مريم النصيب الأفضل، ولن ينزع منها». فلنكافح إذا لننال ما لا يستطيع أحد أن ينزعه منا، وأقصد به الإصغاء. قد ينزع منا بذر الكلمة السماوية إذا وقع على جانب الطريق. يؤدي بـنـا ابـتـغـاء الحكمـة إلى التشبه بمريم. إن ما فعلته كان عظيما وبمنتهى الكمال. لا تدع الخدمة تصرفك عن معرفة الكلمة السماوية… لا تؤنب مرتا على خدمتهـا الصـالـحـة، ولـو كـانت مریم تؤثر عليها في اختيارها النصيب الأفضل. يسوع يكثر النعم ويهب الكثير من العطايا. (عرض القديس لوقا 7. 85-86)

محبة مرتا أحر من محبة مريم.
أفرام:
أتت مريم واقـتـعدت أرضية الغرفة لصق
قدمي من غفر للمرأة الخاطئة آثامها. لبست تاجا ودخلت ملكوت البكر. اختارت النّصيب الأفضل، أي اخـتـارت المحسن والمخلص، وهذا لن ينزع منها. قبل مجيء يسوع كـانـت مـحبـة مـرتـا أحر من محبة مريم، وكانت مستعدة لتقوم بخدمته. «أما تبالي بأن أخـتـي تـركـتـنـي أخدم وحدي؟» عندما جاء يسوع ليقيم اليعازر، كانت مرتا أول من خرج لاستقباله.( تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 8. 15)

خدمة الجسد وقتية، أما الاستماع إلى الكلمة فأبدي.
يوحنا كاسيان:
الالتصاق الدائم بالله مسعانا الأول، وطريق يشفه قلبنا بعزم ثابت. وكل انحراف، مهما كان مثيرا للإعجاب، يعتبر أمرا ثانويا… مرتا ومريم تقدمان النموذج الأمثل… باعتنائها بالرب وتلاميذه، أدت مرتا خدمة مقدسة. أما مريم فقد كانت متشوقة إلى التملي من تعليم يسوع الروحي، فجلست لصق قدميه، وقبلتهما ومسحتهما بزيت إيمانها الصالح….
إن قول يسوع إن مريم اختارت النصيب الأفضل، لا يعني أنه انتقاد لمرتا. غير أن قوله إنه لن ينزع منها دليل على أن دور مرتا قد ينزع منها، لأن خدمة الجسد تنتهي بإتمامها، إذ لا استمرارية لها، أما حماسة فلا نهاية لها. (المداولات 1. 8)

مریم تهلل مريم للمتطلقين في رحلة عمل.
أوغسطين:
التهليل هو النّصيب المبهج الذي اختارته مريم لنفسها عندما جلست تستمع للرب وتسبحة، فيما كانت مرتا أختها مهتمة بأمور أخرى كثيرة. كانت تعمل على تأدية مـا يـتـوجـب عـلـيـهـا، لكن تأدية واجباتها كانت تنتهي بإتمامها. (موعظة 255. 5 -6 على هليلويا)

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى