تفسير إنجيل متى ٦ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح السادس
هنا يرفع السيد مستوى العبادات، من صدقة وصلاة وصوم، إلى مستوى العلاقة الشخصية مع الله، وهذا مخالف للفكر اليهودى. فقد كان الفريسيين يصلون ويصومون ويتصدقون فى مظهرية ليحصلوا على مديح الناس وإعجابهم. أماّ السيد هنا فيقول وماذا تستفيد من إعجاب الناس، السيد يطلب أن نكف عن المظهريات، وأن ندخل فى علاقة حب وحياة حب عميق يربطنا مع الله أبينا. السيد يعطينا مفهوماً جديداً للعبادة أنها دخول إلى حضن الآب السماوى فى المسيح يسوع، وهذه علاقة خاصة سرية ليست للإعلان. ولكن هناك فهم خاطىء لهذه الأيات.. فهناك من إمتنع عن الصلاة لأن أهل بيته يرونه وهو يصلى !! لو كان هذا المفهوم صحيحاً لإمتنعنا عن الصلاة فى الكنيسة إذ أن الناس يروننا ونحن نصلى ولكن قصد المسيح أن لا نسعى لأن يرانا أحد، لا نسعى وراء مجد من الناس. وبنفس المفهوم يمكن أن نعطى أمام الناس لكن لا نبحث عن المظهرية. والسيد هنا يبدأ بالصدقة أمتداداً لكلامه السابق عن المحبة
آيات (1-4):-
احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلا فليس لكم اجر عند أبيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجدوا من الناس الحق أقول لكم انهم قد استوفوا آجرهم. وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.
احترزوا = فقد تتسلل محبة المديح إلى قلوبنا.
صدقتكم = تشير حسب أصل الكلمة لأعمال البر عامة.
لكي ينظروكم = لا نصنعها بهدف الفوز بمديح الناس. المراؤون = يظهرون (عمل الرحمة) غير ما يبطنون (طلب مديح الناس فى كبرياء).
فلا تصوت قدامك بالبوق = كان الفريسيون يصنعون هذا، ليقدموا دعاية لأنفسهم، فعبادتهم كانت نوعاً من الرياء، لتزداد كرامتهم وسط الناس، وكانوا يدعون من يفعل هذا أبو المحسنين، عطوفة الرابى فلان صانع الحسنات وكان الفريسى من هؤلاء ينال أجره من الناس كرامة وتعظيم. والمسيح حتى يعطينا أن لا نبحث عن كرامة من أحد وضع نفسه مكان المحتاج فقيراً كان أم مريضاً.
ما تفعل يمينك = اليمين هو عمل الخير الذى تقوم به.
لا تعرف شمالك = هو الشعور بالبر الذاتى، وبأننى صنعت شيئاً، وهو الشعور بالرغبة فى المديح أو طلب الأجر من الله، وهو الشعور بأننا معجبون بأنفسنا. جميل ما قاله داود إذ أعد الكثير لبيت الرب إذ قال ” من يدك أعطيناك “
آيات 5-8:-
ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية. وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم لان أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه.
كان الفريسى يتعمد أن يراه الناس مصلياً فيحمدوه على بره وتقواه لذلك طلب السيد المسيح أن نصلى سراً فى المخدع فالصلاة هى صلة وعلاقة شخصية مع الله ليس لأحد أن يطلع عليها، هى شركة حب مع الله. ولو إهتم أحد بأن يراه الناس مصلياً فيمدحوه سيكون هذا عائقاً عن لقاء الله.
ادخل إلى مخدعك = هذا يعنى خصوصية وسرية العلاقة مع الله فى الصلاة.إغلق بابك = ليس فقط باب الغرفة، بل أبواب العالم كله بمشاكله ومغرياته وأحزانه، حتى لا يشغلنا شىء عن لقاء الحبيب.
لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم = كما كان كهنة البعل يفعلون أيام إيليا النبى (امل 26:18). وكما كان الفريسيين يطيلون صلواتهم لعلة (مت 14:23) فقد كان الفريسيون يذهبون لبيوت الأرامل ويطيلون ليحصلوا منهم على أجر عالٍ. ويطيلون صلواتهم ليمدحهم الناس على برهم وتقواهم، أو لظنهم أن الله يُخدع بكثرة الكلام. مثل هذا النوع من التكرار مرفوض. فالسيد المسيح كرر صلواته (مت 44:26) فتكرار الصلوات من قلب ملتهب بالحب ليس فيه عيب، ولكن تكرار الكلام والعقل غائب وراء أفكار أخرى مرفوض. إذاً فلنكرر الصلوات ولكن لا نقول كلمات لا نعنيها بل نفكر ذهنياً فيما نقول، ولا نقول سوى ما نقصده. والسيد نفسه طلب اللجاجة فى الصلاة، وهو فعل هذا ( لو 44:22+ لو 1:18-7). فلنصلى ونكرر لكن بقلب شاكر طالب رحمة الله.نكرر بإلحاح ولجاجة (لو 7:18، لو 8:11) وإيمان. وهذا ما يستجيبه الله.
آيات (9-15):- الصلاة الربانية + (لو 1:11-4)
فصلوا انتم هكذا بانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا اعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين ألينا. ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير لان لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد أمين.فانه أن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي. وأن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم.
(لو 1:11-4)
وإذ كان يصلي في موضع لما فرغ قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا أيضا تلاميذه. فقال لهم متى صليتم فقولوا أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا اعطنا كل يوم. واغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضا نغفر لكل من يذنب إلينا ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير
هنا يعلم السيد تلاميذه صلاة محفوظة فلماذا تنكر علينا بعض الطوائف أن نصلى المزامير والأجبية كصلوات محفوظة والكنيسة المقدسة تفتخر بهذه الصلاة الربانية فهى نموذج من وضع السيد نفسه، نبدأ به كل صلواتنا وننهيها بها، فهى نموذج حى نتفهم خلاله علاقتنا بالله ودالتنا لديه، نرددها لنحيا بالروح الذى يريده الرب نفسه. ونبدأها بإجعلنا مستحقين أن نصلى لأننا نقول أبانا. ومن إنجيل معلمنا لوقا نفهم أن التلاميذ سألوا السيد المسيح أن يعلمهم الصلاة لما رأوه يصلى، فهو بصلاته أمامهم تذوقوا معنى جديد وصورة جديدة للصلاة لم يعرفوها من قبل. فالمسيح يعلم ليس بالإلزام ولكن بالإقناع الداخلى وفتح الوعى الداخلى، صلاة المسيح وحرارتها كانت ليس كما كان الفريسيين يصلون، بل تركت أثراً عميقاً فى نفوس التلاميذ فإشتهوا أن يصلوا مثله وبنفس الروح.
والمسيح كان يصلى كنائب عن البشرية وكرأس للكنيسة، يصلى لحسابنا، حملنا بصلاته إلى حضن أبيه.
أبانا الذى فى السموات = المسيح جعلنا فيه أبناء الله، إذ وحدنا فى شخصه كإبن لله. ونقول أبانا بالجمع، فلسنا وحدنا فى وقوفنا أمام الله، لأن المسيح جمعنا كأعضاء جسده ووحدنا فى نفسه. وكون أبانا هو فى السموات،إذاً لنفهم أننا أصبحنا سماويين، وغرباء فى هذه الأرض بل هو ساكن فى قلوبنا فأصبحت قلوبنا سماء، هو فى السموات وعلى الأرض وفى كل مكان، ولكن السيد يريد أن يرفع عيوننا إلى السموات حيث أعد هو لنا مكاناً سنذهب إليه ” أنا ذاهب لأعد لكم مكاناً يو 2:14،3 “وقولنا أبانا تحمل معنى أنه حتى لو صلينا بمفردنا فى مخدعنا فإننا نصلى ونقدم صلواتنا بإسم الجماعة كلها، فأنا عضو فى جسد المسيح أهتم بكل عضو آخر فى هذا الجسد، فهو مكمل لى. وبنفس المفهوم نكمل خبزنا كفافنا وليس خبزى، نحن نصلى لأجل شعب المسيح كله لأننا جميعاً واحد.
فى بداية الصلاة نصلى بقولنا أبانا فندرك مركزنا الجديد بالنسبة لله والذى حصلنا علية بالمعمودية. بل أن الروح القدس فى داخلنا يشهد لأرواحنا أننا صرنا أولاداً وأبناء لله فنصرخ يا آبا الأب (رو 16:8+غل6:4) ليتقدس إسمك = الإسم فى الكتاب المقدس يعبر عن حقيقة الجوهر وهدفنا هو مجد الله، نقدس إسمه فى قلوبنا ونتمنى أن يكون هو ممجداً فى قلوب كل الناس يتقدس فينا ويرانا الناس فيقدسوا إسمه. ويكون هنا بسلوكنا فى كمال مسيحى، نسلك بما فيه تقديس إسمك، يرانا الآخرون ويروا أعمالنا فيمجدوا أبانا الذى فى السموات (مت16:5). صارت شهوة قلوب أبناء الله أن يصرخ الجميع كما يفعل الملائكة قائلين قدوس قدوس قدوس.
طبعاً قولنا ليتقدس إسمك لا يعنى أننا نطلب أن يرتقى الله فى القداسة أو يزداد فيها بصلاتنا، فهو كامل من كل وجه، بل نشتاق أننا نَكْمُلْ ويقدسنا الله ويكون ذلك سبباً أن كل الناس يمجدون الله.
ليأت ملكوتك= الله يملك الآن على الملائكة وعلى قلوب أولاده المؤمنين به، ولكن مازال هناك شياطين يقاومون ملكوت الله، وأشرار على الأرض غير خاضعين لناموس الله، والله يترك الجميع، ولكن فى حدود يسمح بها، (1كو 28:15) (المسيح هنا كرأس للكنيسة يقدم الخضوع لله الآب)
فالمؤمن الحقيقى يشتهى أن يأتى هذا اليوم الذى يخضع فيه الكل لله، هو الشوق لمجئ السيد المسيح الثانى فى مجده ليسود الرب على كل الخليقة ويصير الله الكل فى الكل، وتبطل مقاومة كل الأعداء.
والمؤمن الحقيقى يشتهى أن يمتد وينمو ملكوت الله الآن على الأرض ويزداد المؤمنين بالمسيح عدداً، ويزداد التائبين من المؤمنين.
والمؤمن الحقيقى يشتهى أن يملك عليه المسيح تماماً فلا يعود هناك مكان فى قلبه لمشاغبات الجسد ولا لأى محبة للعالم والزمنيات، بل يطيع الله طاعة كاملة ومن له هذه الشهوات المقدسة، أن يأتى الله فى ملكوته سيكون له معه نصيب فى ملكوته. من له شهوة أن لا يكون للشيطان ولا للخطية أى نصيب فى قلبه، بل يكون قلبه كله لله، ومن يجاهد لأجل هذا سيكون له نصيب فى ملكوت المسيح حين يجئ. بهذه الطلبة نشتاق لإضمحلال مملكة الشيطان وأن يخضع الجميع وأولهم أنا للملك الحقيقى. وبها نتذكر أن نصيبنا هو فى السموات فننصرف عن الإهتمام بالأرضيات.
لتكن مشيئتك = مشيئة الله هى الخير المطلق، فهو صانع خيرات، لا يعرف أن يعمل ما فيه ضرر لأحد. ومشيئة الله قد تتعارض مع مشيئتى لأننى محدود فى كل شىء. فبولس صلى ثلاثة مرات ليشفى وكانت مشيئة الله عكس مشيئة بولس، ورفض الله شفاءه، وكان هذا لخلاص نفسه لئلا يرتفع من فرط الإستعلانات (2كو 7:12-9) وبهذا الإرتفاع يتكبر وينتفخ فيسقط ويهلك. فمشيئة الله ليست فى شفاء الجسد والغنى المادى والمراكز العالية، فهذه كلها قد تُضَيِّع صاحبها، ولكن مشيئة الله هى خلاص النفوس
(اتى 4:2) فالله قد يسمح ببعض التجارب والألام لخلاص النفس وبهذا تكون كل الأمور تعمل معاً للخير
(رو 28:8). ما نظنه خيراً بحسب فكرنا البشرى وما نظنه شراً ( كالمرض والفشل ) بحسب فكرنا البشرى، كل هذا بسماح من الله وللخير، أى لخلاص نفوسنا (1كو 22:3).
إذاً لنصلى بثقة لتكن مشئيتك يارب وليس مشيئتى، فأنا لا أعرف ما هو الخير لنفسى، والروح القدس عمله فى الصلاة أن يجعلنا نقبل مشيئة الله (رو 26:8).
كما فى السماء كذلك على الأرض= هى شهوة قلب المؤمن أن يرى الكل، من على الأرض، يعملون وفق إرادة الله ومرضاته كما تفعل الملائكة فى السماء، وأن يتمم الله مشيئته فى كل من على الأرض كما يفعل فى السماء. فإرادة البشر قد تعطل إرادة الله من ناحية خلاص نفوسهم، فالله كما قلنا يريد أن الجميع يخلصون، ولكن إن قاومت إرادة الله، فالله لن يقدر أن يخلصنى ( مت 37:23-39).
هذه الطلبة تعنى إجعلنا يارب قادرين أن نتبع الحياة السماوية فنريد ما تريده أنت. وإذا كانت السماء تشير للمؤمنين فى الكنيسة، فشهوة قلب المؤمن أن يصير غير المؤمنين (الأرض) مؤمنين أى سماء. يقول المرنم أن الله طأطأ السموات ونزل (مز 9:18) أى جعل للأرض إمكانية أن تحيا فى السماويات (أف 6:2) فهل نُفرح قلب الله ونحيا فى السماويات، وبهذا نحقق ما أراده. والسماء من الفعل سما أى هى ارتفاع عن الشهوات الأرضية، وهذا ما طلبه الرسول (كو 1:3) إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا من فوق….
خبزنا كفافنا أعطنا اليوم= يقول الدارسين للغة اليونانية أن كلمة كفافنا المستخدمة هنا تعنى خبزنا الذى يكفينا لليوم وتعنى أيضاً خبزنا الذى للغد، الخبز الجوهرى الأساسى. فالله هو المسئول أن يقوتنا بالخبز الجسدى والملبس وإحتياجات الحياة، وهو المسئول أيضاً عن الإحتياجات الروحية والغذاء الروحى. والله يغذى أرواحنا بكلمته فى الكتاب المقدس وبالأسرار الكنسية ومنها التناول الذى يفتح أعيننا فنعرف الله كما فُتِحت أعين تلميذى عمواس بعد كسر الخبز. والله هو الذى سيعطينا الشبع بمعرفته فى الحياة الأبدية
(يو 3:17). هذا نطلبه الآن أن نعرف الله فتحيا نفوسنا ونحيا منتصرين على ألام هذه الحياة، فمعرفة الله تعطى عزاء وحياة. وإذا فهمنا الكلمة بمعنى كفافنا، نفهم أننا نطلب الله ليعطينا ما نحتاجه فقط وليس عطايا التدليل التى تفسد. وإذا فهمنا الكلمة بمعنى الذى للغد فنحن نعنى بها الحياة الأبدية. وكلا المعنيين صحيح وضرورى.قوله كفافنا تعطينا أن لا ننشغل بالغد.
تأمل :– المسيح خبزا الحياة (يو 35:6) ونحن نحتاجه كخبز سماوى يومى، بدونه تصير النفس فى عوز.
وإغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبيين إلينا= هذا إعتراف بأننا خطاة ونقدم توبة ونحن محتاجين لمغفرة مستمرة فنحن مازلنا فى الجسد. من يتصور أنه بلا خطية يضل نفسه ويكون متكبراً ( ايو 8:1). نحن فى إحتياج أن نصرخ لله دائماً مع العشار ” اللهم إرحمنى أنا الخاطىء (لو 13:18 ). فلنذكر دائماً أننا خطاة ونطلب الرحمة والغفران ونرى أن هناك شرطاً لكى يغفر لنا الله وهو أن نغفر للآخرين. ولنعلم أن طبيعتنا الفاسدة ودس الشيطان يمنعوننا من أن نغفر، ولكن ذلك يؤدى لفقدان سلامنا على الأرض وأبديتنا فى السماء. ولنلاحظ أن من يخطىء فى حقى فخطيته صغيرة لأننى صغير، ولكنى حين أخطأت إلى الله فخطيتى كبيرة جداً بل غير محدودة لأن الله غير محدود، فإن لم أغفر الخطايا الصغيرة كيف يغفر الله لى الخطايا الكبيرة. ونلاحظ فى هذه الطلبة أننا نقدم إعتراف مستمر بخطايانا ولا نلتمس الأعذار وفيها أيضاً إلتزام بأن نغفر للآخرين.
لا تدخلنا فى تجربة لكن نجنا من الشرير= نحن نثق فى أن الله قادر أن يحفظنا من تجارب إبليس الشريرة، ولكننا لا نندفع بتهور نحو التجربة، بل فى تواضع نطلب أن لا يدخلنا الشيطان فى تجربة، نطلب من الله أن يُبعد عنا تجارب إبليس. فالله لا يريد النفس المتشامخة التى لا تحتاط من التجربة بل يريد النفس المتضعة. وبصراخنا لله يهرب الشيطان، فصراخنا هو سر نجاتنا أماّ لو إتكلنا على أنفسنا فهذا هو الكبرياء. وبداية سقوط بطرس فى الإنكار كان كبرياءهُ إذ قال لا أنكرك، والمسيح سمح بسقوطه فى الإنكار حتى يتضع. والشرير هو الشيطان ونحن نطلب أن ننجو من سهامه الملتهبة ونجنا من الشرير = أى نجنا من خداعاته وإسندنا ضد حيله. ولنلاحظ أن قولنا لا تدخلنا فى تجربة لا تعنى أننا لن ندخل أبداً فى تجربة، أى لن نجرب، وإلاّ لما أضاف الرب” لكن نجنا من الشرير” فالشرير لابد سوف يجربنا، ونحن نصرخ بإتضاع
يا رب أنا لست كفؤاً لتجارب إبليس فإن سمحت بتجربة فنجنى منها حتى لا أهلك، وستكون هناك تجارب طالما نحن فى الجسد.ولكننا نعلم أنه إذا سمح الله بتجربة فهى حتى ننمو روحياً، هو يسندنا خلالها، ونخرج وقد اكتسبنا شيئاً لذلك نصرخ له. وأضاف الأباء بعد هذا “بالمسيح يسوع ربنا” وهى مستنتجة من قول المسيح مهما سألتم بإسمى فذلك أفعله ( يو 13:14+ يو 23:16) لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد = بعد أن نطلب أن ينجينا الله من الشيطان الشرير. نقول هذه التسبحة فتعطينا راحة وثقة أننا فى يد الله محفوظين فلا نخاف من إبليس وتجاربه.الملك= هو يملك على الإنسان وعلى الشيطان وعلى كل الخليقة. والقوة= هو أقوى بما لا يقاس من عدونا الذى يجربنا. والمجد = هو مستحق أن نمجده.
أمين= كلمة عبرية تعنى ليكن هذا وباليونانية أمين تعنى حقاً.
آيات (14 ،15):-
فانه أن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي. وأن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم.
لم يعلق السيد المسيح على أى طلبة فى الصلاة الربانية سوى هذه الطلبة أى حتمية أن تغفر للناس كشرط ليغفر الله لنا، وليستجيب الله صلواتنا ونكون مقبولين أمامه يجب أن نغفر. راجع مت (21:18-35).
آيات (16-18):-
ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك
واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.
الصوم هو تقديم الجسد ذبيحة أمام الله وتذلل حقيقى للنفس فى حضرة الله لنوال رحمته. وعلينا أن يكون صومنا فى الخفاء وبخشوع أمام الله، وبإنكار ذات فى صورة رفض شهوات الجسد لكى تنطلق الروح فى عبادة بلا قيود. أما حب الظهور كما كان يفعل الفريسيين رغبة منهم فى مديح الناس فيجعل الصوم شكليات بلا روح، ولا يقود لحياة سماوية.بل هو بلا قيمة أمام الله فقد استوفوا أجرهم.
إدهن رأسك وإغسل وجهك = المقصود أن تظهر نفسك بشكل طبيعى كما فى الأحوال العادية، أما الفريسيين فكانوا يظهروا بثباب غير منسقة وشعر غير مدهون وعابسين ليظهروا للناس صائمين وينالوا مجداً من الناس.
آيات (19-21):-
لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون
ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً.
الفريسيين محبين للمال وهم يعتبرون أن جزاء تقواهم لابد أن يكون غنى فى الأموال (لو 14:16). والسيد هنا ينهى أن يكون كل همنا هو جمع الأموال (يع 1:5-3). ولنفهم أن الطمع فى جمع الأموال يلازمه صلاة فارغة من الروح. فالسيد المسيح فى الآيات (1-20) أوضح أن حب الظهور والمجد الزمنى يفقدنا روحياتنا ويفقدنا المكافأة السماوية لمن يقدم عبادته فى الخفاء، وفى هذه الآيات يقدم ربنا سبباً أخر لفقدان الروحيات ألا وهو محبة المال.لأن من يفعل هذا يضع رجاؤه (ضمان مستقبله) فى المال، فصار المال إلهاً له.
لا تكنزوا على الأرض= بكنز الملابس والأوانى والمال وهذه كلها معرضه للضياع.
إكنزوا لكم كنوزاً فى السموات = وهذا يكون بالتصدق على الفقراء وعمل البر والصلوات والأصوام وفى هذا كله نقضى أوقاتاً سماوية وتتعلق قلوبنا بهذا المكان الذى أحببناه أى السماء وإكتشفنا جماله فأصبحنا نريد أن نقضى أوقاتنا أطول مع الله. فكما أن من يقضى أيامه يكنز أموالاً فيتعلق قلبه بهذه الأموال، هكذا من يعيش أيامه فى السمويات يتعلق قلبه بالسمويات ويكون له كنزاً سماوياً. وهكذا ننشغل بالمصير المبارك الذى لنا فى الأبدية.وليس معنى قول السيد المسيح هنا منع إدخار، ولكن أن لا يعتقد الإنسان أن مستقبله يكون آمنا لو امتلك الكثير من المال. فبهذا هو يؤله المال.
آيات (22،23):-
سراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا. وأن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما فان كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون.
بعد أن تكلم السيد عن الكنز السماءى يكلمنا هنا عن العين البسيطة. والعين البسيطة هى عكس المركبة. فالعين المركبة تطلب الله يوماً وتطلب العالم أياماً، ولا تشبع من العالم بكل ملذاته. أماّ من يبحث عن أن يكون له كنز سماوى فمن المؤكد أن عينه ستكون على السماويات يريد أن يحياها على الأرض ويشتهيها كأبدية لهُ مستهيناً بالعالم حاسباً إياه نفاية ( فى 8:3) مثل هذا الإنسان تكون عينه بسيطة لأنها تبحث فقط عن الله ومجده. مثل هذا الإنسان يكون المسيح فى داخله، يستريح فيه تكون له الحياة هى المسيح
( فى 21:1) والمسيح نور، فيكون جسده نيراً. سراج الجسد هو العين = سراج أى المرشد فى السير والعمل. والعين رمز للإهتمامات والرغبات والمطامح التى يُجتذب إليها الإنتباه، وهذا دليل على طبيعة حياة الإنسان كلها. والعين البسيطة بهذا تكون هى الغير طامعة فى أمجاد العالم وملذاته، راضية بما هى فيه، لا تهتم إلاّ بأبديتها وبعشرتها مع الله، لا تبحث إلاّ عن مجد الله.
عينك شريرة = قلب مظلم لا يشتهى سوى العالم الباطل، بأمواله وملذاته. هذه لا تقنع بحالها وتورث صاحبها الهم، وتفقده الرؤية الصحيحة فتنحاز للأباطيل، تجمع وتكدس ولا تقنع أبداً. فالمال سيد قاسٍ يستعبد محبيه، وإذا أحبوه سقطوا فى سجنه المظلم، لا يتركهم إلاّ مرضى مهمومين متألمين يعيشون فى قلق وخوف فاقدين السلام والصحة والفرح والحرية وأخيراً يفقد حياته الأبدية =
جسدك كله يكون مظلماً فإن كان النور فيك ظلاماً = النور هو العقل والذى يتخذ القرارات، وهذا تعبير تصويرى دقيق يصف القلب الذى هو ميت بالنسبة للأشياء التى لله. فإن كان العقل قد صار ظلاماً وإتخذ قرارات خاطئة بالإنحياز للعالم فماذا سيكون حال باقى أعضائك والتى هى بطبيعتها خاضعة للشهوات = فالظلام كم يكون= بالقطع مستعبد للشهوات والأحقاد والحسد…. الخ.
آية (24) :-
لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه أما أن يبغض الواحد ويحب الأخر أو يلازم الواحد ويحتقر الأخر لا تقدرون أن تخدموا الله والمال.
هى تتمة ما سبق فلا يمكن لأحد أن يعبد سيدين الله والمال= لأنه لا يستطيع أحد أن يحيا فى النور والظلمة معاً. فالمال كما قلنا سيد قاسٍ يجعل من يعبده يتخلى عن الله وضميره وأحباؤه ويجرى فقط وراء المال أماّ راغب القداسة فيبيع كل شىء ويطلب الله = عينه تكون بسيطة أى أعطى قلبه بلا إنقسام لله = يبغض الواحد ويحب الآخر. والله ليس ضد الأغنياء فإبراهيم واسحق ويعقوب كانوا أغنياء، ولكن الله ضد أن نكون عبيداً للمال متكلين على المال كضمان للمستقبل (مر 24:10). وكلمة المال هنا كلمة عبرية تشير إلى المقتنيات المادية بشكل عام، وكانت فى الأصل تشير إلى ما يعتز به الإنسان من مال ومقتنيات لكنها تطورت لتعنى المال كإله يستعبد له الإنسان.
آيات (25-34):-
لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون أليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس. انظروا إلى طيور السماء أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها ألستم انتم بالحري افضل منها.
ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الإيمان. فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الأمم لان أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره.
حين يقول السيد لا تهتموا بالمال سيثور سؤال هام…. وكيف نؤمن مستقبلنا من مأكل وملبس ؟ وهنا السيد يقول أن الله هو المسئول عن حياتنا ومستقبلنا ومعيشتنا. وهل نثق فى مال يأكله السوس ويسرقه اللصوص ولا نثق فى الله كأب سماوى يعولنا. المسيح هنا يريد أن ينزع منا كل قلق وهم لنعيش فى طمأنينة تحت تدبير الله الذى يرعى حتى الطيور. فلنعمل ونكد ونبحث عن القوت ولكن بلا قلق ولا هم فالله هو الرازق “إلق على الرب همك فهو يعولك (مز 22:55+ 1بط 7:5) اليست الحياة أفضل من الطعام= الحياة هى هبة من الله والجسد هو هيكل لله أما الطعام واللباس فهما وسيلة فقط. والذى وهب الحياة وخلق الجسد ألا يستطيع أن يمنح القوت والكسوة. أى إذا كان يمنح العطايا الكبيرة ألا يمنح العطايا الصغيرى.
آية (27):-
ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة.
يزيد على قامته= اللفظة اليونانية قد تعنى عُمر بدلاً من قامة. أى يكون المعنى أنه لا يمكن إضافة شىء إلى مسافة رحلة العمر. وإذا أخذناها كما هى يكون المعنى أنك لا يمكنك أن تزيد إلى طول قامتك شىء.
آية (30):-
فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الإيمان.
التنور= الفرن. ولندرة الخشب كانوا يستخدمون الحشائش الجافة والأشواك وفروع الأشجار الصغيرة كوقود.
آية (32):-
فان هذه كلها تطلبها الأمم لان أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها.
تطلبها الأمم= الذين هم ليسوا قادرين على النظرة الإيمانية الهادئة والواثقة فى الله، فأفكارهم عن الله وعنايته أفكار قاصرة، ويطلبون ما يظنونه لسعادتهم أى الأكل والشرب والملبس.
أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره= راجع تفسير ليأت ملكوتك. أى أطلبوا أن يملك الله بالكامل على قلوبكم ولا يكون للشيطان مكاناً فيه. واطلبوا نمو ملكوت لله بين غير المؤمنين. وأن يملاً الله قلوبنا ببره. ونطلب الإمتلاء من الروح القدس ونطلب توبة الخطاة. ولنطلب ثانياً أو ثالثاً الأمور الزمنية، بل أن الله سيعطيها لنا حتى لو لم نطلبها.
آية(34):-
لاتهتموا بالغد = لم يقل لا تهتموا باليوم، فعلينا أن نعمل بجدية من أجل قوتنا، ولكن لا نحمل هم الغد أى المستقبل ( اتس 9:2) يكفى اليوم شره = لا يعنى بالشر الخطية لكن التعب والمشاكل التى نقابلها.
( لو 22:12-31)
وقال لتلاميذه من اجل هذا أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون. الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس. تأملوا الغربان أنها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها كم انتم بالحري افضل من الطيور. ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة. فان كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر فلماذا تهتمون بالبواقي. تأملوا الزنابق كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا فكم بالحري يلبسكم انتم يا قليلي الإيمان. فلا تطلبوا انتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا. فان هذه كلها تطلبها أمم العالم وأما انتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه. بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم
نجد هنا نفس الكلام يكرره القديس لوقا. ولكن إستبدل كلمة الطيور بالغربان. لأن الغراب إذا ما أفرخ يترك أولاده بلا طعام لأن الفراخ يكون لونها ابيضاً فينفر منها، والله أعطى لهذه الفراخ أن تفرز رائحة من فمها تجذب إليها البعوض، ويدخل لداخل فمها فتتغذى عليه، حتى يظهر ريشها الأسود فيأتى لها أبواها لتغذيتها. فإن كان الله يدبر هذا للغربان أفسيترك أولاده ويهملهم (مز 9:147). ونلاحظ أن السيد وجه هذا الحديث فى إنجيل لوقا بعد حديثه عن الأغنياء، وهو يوجه هذا الحديث لتلاميذه الفقراء،فإبليس يجرب الفقراء بأنه يوهمهم أنهم سيكونون أكثر سعادة وإطمئناناً لو إمتلكوا المال الكثير. وقوله لا تهتموا= حتى لا تمتص الزمنيات كل تفكيرنا فننشغل عن السماويات فنحرم من أن يملك الله على قلوبنا.ولاحظ أن هذه هى مشكلة البشر، أن التفكير فى المشاكل والماديات والزمنيات يستغرقهم، بل يقودهم ذلك للكآبة. والسيد المسيح يدعونا أن نثق فيه أنه هو يدبر كل شئ وهذا يجعلنا نحيا فى فرح، وهذا ما يريده لنا.
آية (25):-
لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون أليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.
ذراعاً واحدة= فى ترجمات أخرى يزيد على قامته أقل وحدة قياسية.
آية(26):-
انظروا إلى طيور السماء أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها ألستم انتم بالحري افضل منها.
الأصغر = وهو زيادة القامة. البواقى= الأمور الأكبر شأناً فى الحياة.
آية (29):-
ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.
لا تقلقوا = الكلمة الأصلية تفيد تعلق الفكر بشىء يتأمل فيه بغير استقرار.
تأمل = أهم من لباس الجسد أن الله قادر أن يعطينا بهاءً بان نلبس ثوب البر، نلبس المسيح ( رو 14:13)
إنجيل معلمنا متى : 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28
تفسير إنجيل معلمنا متى : مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28