قراءة في حياة عملاق – بولس الرسول
هل تعرفني؟
- “أنا أفضل من غيري في التدين”
- ولدت في مدينة بتركيا من أسرة يهودية متدينة.
- كانا والدي يهوديين من سبط بنيامين.
- قمت بعدة رحلات تبشيرية.
- اضطهدت كنيسة الله بإفراط.
- درست العلم والفلسفة و أُرسلت إلى أورشليم لكي أدرس الديانة اليهودية.
- لى اسمين و أيضا لى جنسيتين.
- حياتي مليئة بالأحداث، ولكن هناك حدث أعتقد إنه أهم حدث لأنه هو الحاسم في حياتي إذ غير كل حياتي وكياني و أتجاهاتی.
شاول الطرسوسي
من فضلك ارجع معي بذاكرتك لأكثر من 2000 سنة… لكي تشاهد ما حدث في رجم القديس أسطفانوس، شهيد المسيحية الأول. حيث كان هناك شاب واقفاً قاس القلب، على ملامحه قساوة وتكشيرة، وفي قلبه شماتة عجيبة جهة قديسنا وأول شهداؤنا.
هل جال بخاطرك أن هذا الشاب يمكن أن يتغير، أو يصلح أن يكون مسيحياً، بل وأكثر من هذا يصير كارز عظيم. بل أن يكون هو نفسه شهيدا على اسم السيد المسيح.
ماذا تظن كيف كان يفكر..؟ هل كان يفكر في الانتقام لليهودية وأن عمله هذا خدمة..؟
أم أن وجه القديس استفانوس الملائكي، وكلمات التسامح التي فاضت كالعسل من شفتيه كانت رسالة جديدة من الله له، لعله يدرك إنه مدعو لعمل عظيم.
إسما القديس
كانت عادة كثير من اليهود، ولاسيما في الشتات، إعطاء أولادهم إسمين، أحدهما عبرى والآخر روماني. لذلك فعلى الأرجح أن إسمى قديسنا قد دعى بهما منذ طفولته. الإسم الأول هو بولس وهو إسم باللغة روماني ومعناه الصغير. والإسم الثاني هو شاول وهو باللغة العبرية وهو إسم أول ملك يهودي، ومعناه المطلوب.
نشأة القديس
كان والدا بولس يهوديين من سبط بنيامين (في 5:3. ولكنهما عاشا في مدينة كِيلِيكِيَّةَ.(أع39:21) حيث حصل الرسول على الجنسية الرومانية منذ مولوده ( أع 25:22 -29) ثم أرسله والده إلي أورشليم ليتربي على يدي غمالائيل (أع 3:22) وقد تعلم صنع الخيم (أع 3:18)
من شاول إلى بولس
1- هل تبادر إلى ذهنك يوماً أن الله ييأس من إنسان ويرفضه، إذا تمادي هذا الإنسان في قساوة قلبه؟
إذ بينما كان شاول مستمراً في عناده، كان الله مستمرا في محبته، وإذ كان منطلقاً إلى دمشق (عاصمة سوريا حاليا) للقبض على المسيحيين، كان المسيح يرتب للقائه في الطريق هناك.
– شاول، شاول لماذا تضطهدني؟
– من أنت يا سيد؟
– أنا يسوع الذي أنت تضطهده.
هكذا دار الحوار بينهما، حتى خضع القلب العنيد مسلماً كل شئ لدى المسيح المخلص المغير معبرة عن طاعته بعبارة رائعة.
يمكنك أن تصلي بها أنت أيضا، وهي: يارب، ماذا تريد أن أفعل؟” (أع 6:9).
2- ما شعورك تجاه شخص جديد ينضم لكنيستك، ولا سيما إذا كانت له إنحرافات سابقة؟
” أيها الأخ وقد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكی تبصر وتمتلئ من الروح القدس”. بهذا الشعور الودود كلم حنانيا شاول.
حانيا من مسيحيي دمشق، وقد أرسله الرب إلى شاول، الذي قضى ثلاثة أيام منذ لقاء الرب له، صائماً ولا يبصر. ووضع حنانيا عليه يديه فأبصر وإعتمد.
– حينئذ فاضت بسرعة كلمات الشهادة للمسيح من شفتيه حتى أن اليهود أرادوا قتله، لكن المسيحيين الذين أحبوه و قبلوه أنزلوه من سور المدينة مدلين إياه في سل لينجو منهم.
لاحظ : أن الحب الذي تقدمه للمختلفين عنك هو أهم ما تشهد به لمسيحك.
3- ماذا تحتاج البذرة لكي تنمو وتصير شجرة لها ثمر يشبع الآخرين ؟
تحتاج إلى حديقة لها تربة جيدة ، فيها العناصر المغذية لنمو النبات، وإلى نور وهواء. والحديقة هي الكنيسة حيث تغذى عبادتها وتعاليمها النفوس التي تأتي إليها لكي تخدم الله.
لذلك لجأ شاول إلى أورشليم (القدس حاليا) محاولاً الإلتصاق بالتلاميذ هناك. حكى لهم إعترافه بالمسيح، وإستمع منهم عنه، و” يدخل ويخرج في أورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع” (أع 28:9 ).
وكما تحتاج أوراق الشجرة أيضا إلى إمتصاص النور، إحتاج شاول إلى المكوث في حضرة الرب بصورة شخصية. لذلك فضّل أن يذهب للخلوة في هدوء الصحراء لمدة ثلاث سنوات. بعد ذلك لم يجد برنابا، وهو أحد الرسل الكبار، من يرافقه في الكرازة بمدينة أنطاكية أفضل من شاول فإستدعاه و علَّما معاً جمعاً غفيرة هناك لمدة سنة.
إذا أنت مسئول أن تنمي بذرة إشتياقك لخدمة المسيح بأمرين: إنغراسك في كنيستك، وخلوتك في مخدع صلاتك.
4- ماذا تتوقع أن يناله خادم المسيح، ألم ومضايقات أم تكريم ومديح؟ وكيف يؤثر فيه كل من الأمرين؟
ذهب برنابا وشاول الذي إشتهر بإسمه الآخر بولس، ليكرزا في مدن كثيرة من ضمنها مدينة لسترة . في لسترة نال بولس التكريم إذ قابلوه بالأكاليل، ونال أيضا التحقير إذ ضربوه بالأحجار .
هناك شفي شخصأ عاجز الرجلين فظنه الوثنيين موفداً من قبل الهتهم، فأرادوا تكريمه بالأكاليل ولكنه منعهم موجهاً نظرهم إلى الله الحقيقي. وهكذا لم ينتفخ بالغرور.
أما اليهود فرجموه بالأحجار حتى ظنوا إنه مات، ولكنه لما شفي لم يثنه هذا عن مواصلة الكرازة.
5- لا التكريم يغريني ولا العقبات تثنيني. هذا شعار تلميذ المسيح.
ماذا بوسعك أن تفعل لو أحببت خدمة الكرازة ولكن إمكانياتك لا تساعدك أن تكون كارزاً؟
هذا ما ستعلمك إياه ليديا بائعة الأرجوان، أول من ذكر الإنجيل أنها آمنت في قارة أوربا.
كانت ليديا تعيش في مدينة فيلبي التي تقع حاليا في اليونان.
لقد وصل بولس وسيلا الرسولان إلي فيلبي كأول مدينة في أوروبا يكرزان بها حيث بدأ بولس الرسول خدمته هناك لليهود الذين فيها، شارحاً لهم النبوات والطقوس التي يمارسونها، أنها تنطبق على المسيح.
فتح الرب قلب ليديا بائعة الأرجوان (نوع غالي من الأقمشة) لتصغی، ولما إعتمدت مع أهل بيتها أصرت على استضافة الرسولين.
وأنت أيضا تستطيع أن تعبر عن حبك للكرازة بالمعونة التي تقدمها للكارزين والخدام
6- وإن لم يمكنك هذا، كيف تشهد لمسيحك بطريقة أخرى؟
لقد رموا بولس وسيلا في السجن بفيلبي، فكيف شهدا للمسيح وقتذاك؟
رموهما في السجن لأن بولس الرسول أخرج شيطاناً من جارية هناك، وكانت الجارية تكسب مالاً لأصحابها من الناس الذين يسألونها لتعرفهم مكان ما ضاع منهم.
فلما أضير أصحابها هاجوا عليهما وطلبوا القبض عليهما.
قيدوا أرجلهما، ولكن من يستطيع أن يقيد القلب واللسان؟ إنطلقا يصليان ويسبحان . وفي الليل حدثت زلزلة وإنفكت القيود، وظن حارس السجن أن مسجونيه هربوا، فناداه بولس الرسول مطمئناً، ولما عرف الحاكم في الصباح براءتهما أمر بإطلاقهما ولاسيما أنه إكتشف أنهما يحملان الجنسية الرومانية.
وكانت النتيجة أن حارس السجن آمن وإعتمد هو وأهل بيته. أما الرسولان فقد إنطلقا للكرازة في مدن يونانية أخرى.
7- هل الله يترك خادمه، أم يدعمه دوماً بالرسائل والتعزيات ؟
“لا تخف، بل تكلم ولا تسكت.. لأن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة” (أع 9:18).. هكذا شجع المسيح بولس الرسول في رؤيا بالليل.
كانت هذه المدينة في كورنثوس باليونان التي ظل فيها الرسول سنة ونصف. لقد وصلها بعد أن بشر في تسالونيكي وأثينا.
ذهب بعد ذلك إلى أفسس، وهناك نجاه الرب من مؤامرة أخرى. كانت المؤامرة من صناع تماثيل الآلهة لأنهم رأوا أن كرازة بولس الرسول بالمسيح تهدد مكاسبهم.
إن كان لديك الاشتياق لخدمة مخلصك قدف في قوته التي تحفظك، وتديبره أن يهيئ لك الفرصة للشهادة له.
8- هل من حق المسيحي أن يدافع عن نفسه ؟
هذا ما فعله بولس العظيم.
حين رجع إلى أورشليم ليحكى للرسل ما عمله الله بواسطته، أراد اليهود هناك إيذاءه فقبض عليه عسكر الرومان ليحققوا معه. كان الرومان يحتلون بلاد اليهودية في ذلك الوقت.
وقف بولس الرسول يحكى قصته، وكيف أوصاه السيد المسيح أن يكون شاهدا له.
ولما أزمع الجنود أن يجلدوه صاح بهم “أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً غير مقضي عليه؟” (أع 25:22 ) مما جعل العسكر يتوقفون عن ذلك.
هكذا تكون جرأة خدام المسيح في الشهادة، أولاً للرب الذي أحبوه، وأيضا في إستخراج الحجج القانونية للدفاع عن أنفسهم، من أجل استمرار خدمتهم لأطول فترة ممكنة.
9- كلما زاد إصرارك علي الشهادة للمسيح تزيد معونته لك.
“ثق يا بولس! لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضاً” (أع 11:23 ). هذه هي الكلمات التي عزاه بها الرب في رؤيا جديدة بالليل.
أرسله أمير العسكر إلى فيلكس الوالى فوقف بولس يتكلم أمامه عن الإيمان بالمسيح وعن البر والتعفف والدينونة، حتى إرتعب فيلكس الوالى وأجاب “أما الآن فإذهب، ومتي حصلت علي وقت أستدعيك”.
مسكين فيلكس لأنه أضاع فرصة ثمينة للتوبة والتغيير، إذ أتي بعده والى آخر إسمه “فستوس” أحضر أيضاً بولس ليحاكمه. وقف أمامه الرسول محتفظاً بنفس شجاعته، ولما لمح أن الوالي يريد أن يسلمه لليهود، رد بجرأة “أنا واقف لدى كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي أن أحاكم…
“لأني إن صنعت شيئاً يستحق الموت فلست أستعفى من الموت، ولكن إن لم يكن شئ مما يشتكي على به هؤلاء فليس أحد يستطيع أن يسلمني لهم. إلى قيصر أنا رافع دعوای” وهكذا تحولت القضية إلى العاصمة روما للتحقيق فيها. – هكذا تكون جرأة خدام الله
10- إن الرب يفتح الفرصة امام خادمه ليشهد له امام فئات و انواع عديدة من البشر.
قبل أن يرسلوه إلى روما أوقفوه أمام أغريباس الملك. بنفس جرأته تكلم بولس أمام الملك شاهداً للمسيح حتى أن الملك قال “بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً” فرد بولس قائلاً “كنت أصلي إلى الله أنه بقليل وبكثير، ليس أنت فقط، بل أيضا جميع الذين يسمعونني اليوم، يصيرون هكذا كما أنا، ما خلا هذه القيود” (أع 29:26 )
نقلوا القديس بولس إلى روما، وهو تحت الحراسة للتحقيق معه هناك حسب طلبه، ذلك على ظهر سفينة مسافرة.
هبت أثناء السفر عاصفة شديدة فإنزعج كل من في السفينة وإمتنعوا عن الأكل متوقعين هلاكهم.
من يتصور أن الذي سيبث في قلوب هؤلاء السلام.. هو ذاك الشخص الأسير المقبوض عليه؟ لكنه طمأنهم قائلا: “وقف بي هذه الليلة ملاك الإله الذي أنا له والذي أعبده قائلاً: لا تخف يا بولس.. وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك، لذلك سروا أيها
الرجال، لأني أؤمن بالله إنه يكون هكذا كما قيل لي.. ألتمس منكم أن تتناولوا طعاما.. لأنه لا تسقط شعرة من رأس واحد منكم” وأخذ خبزاً وشكر الله أمام الجميع وأكل، فسروا وأكلوا معه.
11- هل بالكلام والوعظ فقط أم بطرق أخرى يمكن أن نشهد لمخلصنا؟
لقد وصلت السفينة إلى قرب شاطئ جزيرة مالطة ولكنها للأسف تكسرت علی الصخور، فقفز منها الجميع. البعض وصل للشاطئ عوماً والبعض طفا على أجزاء خشب السفينة، ونجا الجميع.
أوقد لهم أهل الجزيرة نارا ليستدفئوا، وبينما كان بولس يجمع أغصاناً يوقدونها نشب في يده أفعى، وإذ توقع الكل هلاکه نفضها إلى النار ولم يتضرر بأذى.
“هو الله” هكذا قال عنه أهل الجزيرة، عرف بولس الرسول أن والد كبيرهم مريضاً فدخل إليه وصلى ووضع يديه عليه فشفاه، ثم لم يتأخر أن يفعل ذلك مع كل من به مرض في الجزيرة.
إذن يمكنك أن تشهد لمخلصك بالسخاء في فعل الخير وتقديم المعونة، لا لمن يشبهك في الدين أو العقيدة أو الجنس أو الرأي فقط، إنما للجميع وبلا تمييز.
12- هل يمل العصفور من التغريد ؟
وصل بولس الرسول أخيراً إلى روما للتحقيق معه، وهناك أستأجر منزلاً لنفسه ليقيم فيه.
كانت الحراسة على باب منزله تمنعه من الخروج. لذا وجه إهتمامه في إستقبال زائريه العديدين الذين كانوا يفدون إلي منزله… حرص أن يكلمهم عن المسيح کارزاً بملكوت الله ومعلماً بوصايا الرب يسوع بكل مجاهرة، حتى أمن عدد كثير بعضهم من اليهود وبعضهم من الرومان، كما يسرد سفر أعمال الرسل الذي يذكر قصته حتي هذا الأمر.
ظل سنتين كاملتين هكذا حتى إنتهى التحقيق معه وثبتت براءته من التهم التي كان يهود أورشليم وجهوها إليه، وأصبح حراً طليقاً.
برغم سنه الكبير، وبرغم المرض الذي كان يعاني منه، بعض المفسرين يقولون أنه كان في ظهره، والبعض يقول أنه في عينيه، وبرغم المشقات العديدة التي تحملها في جسده طوال سنين جهاده لم يعط لنفسه راحة، إذ سافر غالباً إلى عدة بلاد ليكرز بإسم المسيح بمجرد أن أطلق سراحه، كعصفور سرعان ما طار من حبسه ليعاود التغريد للبعيدين.
13- وهل يموت حقا صاحب اللسان الذي يشهد للمسيح ؟
ألقي الرومان القبض على بولس الرسول في روما أثناء إضطهاد الإمبراطور نیرون للمسيحيين وتم إستشهاده بقطع رقبته بالسيف. كان ذلك حوالي سنة 67 م، وقد بلغ عمره نحو 65 سنة.
ونحن نحتفل بإستشهاد هذا الرسول العظيم يوم 5 أبيب الذي يوافق 12 يوليو من كل عام في نفس يوم عيد إستشهاد القديس بطرس، وذلك في نهاية صوم الرسل (عيد الرسل).
ومازال معلمنا بولس الرسول يشهد حتى اليوم للسيد المسيح من خلال الرسائل التي كتبها. لقد كتب 14 رسالة تهتم الكنيسة بقراءة جزء منها في كل قداس في فصل البولس.
والآن لا زال معلمنا القديس بولس أعظم وأقوى مثل للتغيير في المسيحية وها هو يناديك: لا تيأس مهما كنت، فإنه يمكنك أن تتغير وتصير كارزاً وقديساً عظيماً، حتى لو كنت قبلا من مضطهدي الكنيسة.. المسيح إلهك يقدر أن يغيرك.. فهو خالقك.. فقط قل له: “يارب ماذا تريد أن أفعل؟” و إستعد للجهاد لأجله.. فتصير سفيراً له.. تقدم صورته للناس.. سواء بكلامك.. أو بسلوكك أو بخدمتك أو ..
من المسابقة الدراسية – جامعيين- مهرجان الكرازة 2012