تفسير سفر راعوث أصحاح 4 – الأرشيذياكون نجيب جرجس
الأصحاح الرابع
في هذا الأصحاح
1- بوعز يعرض الأمر على الولى ورفض الولى الأمر (1-8)
1- فصعد بوعز إلى الباب وجلس هناك وإذا بالولى الذي تكلم عنه بوعز عابر. فقال له مل واجلس هنا أنت يا فلان الفلاني. فمال وجلس.
صعد بوعز إلى بوابة مدينة بيت لحم، حيث كان الناس يعبرون وهم ذاهبون إلى حقولهم وأعمالهم، وحيث كان رؤساء المدينة وقضاتها يجلسون للتشاور في الأمور الهامة والقضاء والتسلية أحياناً. ولأن سور المدينة كان سميكاً والبوابة واسعة، فقد كان المكان الذي يجلسون فيه فى فتحة البوابة واسعا في شبه رواق له سقف يظلله.
مر الولى الأول، فدعاه بوعز ليميل ويجلس معه، وعرف الولى أنه يريد منه أمراً هاما فأطاع وجلس، ومن البديهي أن بوعز دعاه باسمه، ولكن الوحى أغفل ذكر اسمه وقال بدله يافلان الفلاني وهذا تعبير عن أى اسم لأى إنسان ويقال للمؤنثة فلانة والوحى لم يذكر اسم الرجل:
( أ ) لعدم أهمية اسمه.
(ب) وربما لعدم استحقاقه ليذكر اسمه في الكتاب المقدس ويخلد ذكره بما أنه رفض أن يقضى لنعمى وراعوث حق الولى ليحفظ أسماء أليمالك وابنيه.
2 – ثم أخذ عشرة رجال من شيوخ المدينة وقال لهم اجلسوا هنا. فجلسوا .
أراد بوعز أن يجرى عمله بغاية الدقة والقانونية فدعا عشرة من الشيوخ الحكماء الظاهرين في المدينة ليحضروا هذا الاجتماع وليكونوا شهوداً لكل الوقائع، فلبوا طلبه أيضاً وجلسوا معه ومع الولى.
وإن كانت شهادة اثنين أو ثلاثة كافية لإثبات أى أمر، ولكن اليهود اعتادوا أن يدعوا أكبر عدد من الشهود ولاسيما الشيوخ في الأمور الأكثر أهمية، كما طلبت ايزابل امرأة آخاب دعوة شيوخ المدينة وشرفائها ليحضروا قضية نابوت اليزرعيلى ولكن شتان ما بين موقفها الدنئ وموقف بوعز المشرف وغرضه البرئ النبيل (1مل 21: 8-11).
3- ثم قال للولى إن نعمى التي رجعت من بلاد موآب تبيع قطعة الحقل التي لأخينا أليمالك.
كان على بوعز أن يعرض على الولى أمرين أولهما شراء الحقل الذي كان لأليمالك وآل بعد موته وموت ابنيه إلى نعمى وراعوث، والثاني الزواج من راعوث الموابية لينجب نسلا يحفظ اسم أليمالك وابنيه.
وهنا يعرض عليه أولا الموضوع الأول ويعرفه أن نعمى بعد عودتها من موآب تعرض قطعة الحقل للبيع. وقال في حديثه عن الأرض التى لأخينا أليمالك أي قريبنا الذي يجب علينا أن نهتم بأمر أسرته حتى إن كان قد مات.
الكلمة المترجمة إلى تبيع يمكن أيضاً أن تترجم إلى صيغة الماضي، ويكون المعنى أن نعمى كانت قد باعت حصة أليمالك إلى شخص ما وتريد أن يفكها (يشتريها ويفتديها) الولى من يد المشترى لتكون باسم أليمالك وابنيه. وإن كان المقصود من الفعل معنى المضارع فيكون المقصود أن الأرض في حيازتها ولم تكن قد باعتها غير أنها تريد الآن بيعها.
وتنص الشريعة على أن أليمالك إذا مات يرثه أبناؤه وإن لم يكن له أبناء ترثه بناته كما هو الحال مع بنات صلفحاد، وإن لم يكن له أبناء أو بنات يرثه إخوته فأبناء عمه فنسيبه الأقرب. (عد 27: 8-11). وكان على الوارث أن يتزوج امرأة المتوفى ليقيم له نسلا (عدد 27: 8-11 ، تث 25: 5، 6).
ويظهر أن اليهود ولا سيما في عهد القضاة كانوا لا ينفذون الشريعة بكل دقة لعدم رعايتهم روحيا وجهلهم وبسبب اضطهاد الشعوب الوثنية لهم وتدخلهم في أمورهم، وعلى أي حال فلما مات أليمالك ثم مات ابناه آلت الأرض إلى نعمى وراعوث، ولم يكن لعرفة نصيب لأنها بقيت في أرض موآب وربما تزوجت بشخص من شعبها.
وفي زمن المجاعة التي حدثت في بيت لحم (ص 1: 1) وفى مدة العشر السنوات التي تغربت فيها أسرة أليمالك في موآب وكذلك عند عودة نعمى وراعوث ربما كانت الأرض:
( أ ) محفوظة في عهدة أحد الأشخاص الموثوق فيهم وسلمها لنعمى بعد عودتها.
(ب) أو ربما كانت مرهونة أو مباعة وعادت إليها في اليوبيل حسب الشريعة (لا25، 27، 36)
(ج) أو ربما كانت مرهونة أو مباعة ولم يأت عليها اليوبيل بعد وفي أي حال من الأحوال الثلاثة كانت نعمى تريد بيعها للولى ليتزوج براعوث أيضاً ويحفظ اسم الموتى.
4- فقلت إني أخبرك قائلا اشتر قدام الجالسين وقدام شيوخ شعبي. فإن كنت تفك ففك. وإن كنت لا تفك فأخبرني لأعلم لأنه ليس غيرك يفك وأنا بعدك. فقال إني أفك.
رأيت أن أعرض عليك الأمر لتشترى الحقل أمام الشيوخ وغيرهم من الجالسين معنا ليكونوا شهودا على كل شئ، فإن كان لك رغبة في فك الأرض (أى فدائها بالشراء)، ففك، لأنك أنت الولى الأول، وإذا لم تكن لك رغبة فإن لى الحق بعدك في شرائها.
أجاب الولى بأنه مستعد أن يشترى الأرض، وكان قصده من ذلك أن يوسع بها ملكه، ولم يتطرق إلى ذهنه أمر الزواج براعوث.
5- فقال بوعز يوم تشترى الحقل من يد نعمى تشترى أيضاً من يد راعوث الموابية امرأة الميت لتقيم اسم الميت على ميراثه.
من ثم قدم بوعز إلى الولى الأمر الثانى الذى كان يعتبر شرطاً لشراء الحقل، وهو أن الحقل لا تبيعه نعمى وحدها بل راعوث أيضاً أرملة محلون بن أليمالك الذي لها فيه نصيب زوجها، وأن عليه أن يتزوجها لينجب نسلا ويكون البكر الذي يولد منتسبا للزوج المتوفى ويحفظ له الميراث فلا ينقرض اسم أليمالك وابنيه من إسرائيل.
6- فقال الولى لا أقدر أن أفك لنفسي لئلا أفسد ميراثي. ففك أنت لنفسك فكاكي لأني لا أقدر أن أفك.
وأجاب الولى أنه لا يقدر أن يشترى الحقل إذا كان مشروطا بالزواج من راعوث وصرح لبوعز أن يقيم هو حق الولى فيشترى الحقل ويتزوجها، وقد علل عدم استطاعته القيام بهذا بقوله: لئلا أفسد ميراثى والمقصود بميراثه هنا:
( أ ) قطعة الأرض التي يشتريها على أمل أن يضمها لميراثه الأصلى ويوسعه بها، ولكنه بزواجه من راعوث سيكون جزء كبير منها من نصيب البكر الذي سينسب إلى محلون لا إليه فضلا على أن قطعة الأرض نفسها ستكون باسم أليمالك ومحلون وليست باسمه مع أنه دفع فيها ماله.
(ب) والمال الذي يدفعه من جيبه الخاص ثمنا لقطعة الأرض ويعتبر حقا لأولاده الأصليين ليتمتعوا به في حياته ويرثوه بعد مماته، سيؤول إلى غيرهم من أبناء راعوث مع أن أبناءه الأصليين أحق به.
(ج) فضلا على أن حصة الحقل التي يشتريها ستختلط بميراثه الأصلى ويكون منه هذا جزء لأبنائه الأصليين وجزء لراعوث وابنها البكر وجزء للأبناء الآخرين الذين يولدون من راعوث وبهذا يحصل ارتباك في ميراثه.
(د ) ولعله استنكف أن يكون لابن امرأة موابية غريبة الجنس، ولابن ينتسب لمحلون المتوفى نصيب في ماله الذى تعب في تحصيله سنوات كثيرة وظن أن كل هذا عامل على إفساد ميراثه وعدم حفظه لأبنائه الأصليين.
7- وهذه هى العادة سابقاً في إسرائيل في أمر الفكاك والمبادلة لأجل كل أمر. يخلع الرجل نعله ويعطيه لصاحبه. فهذه هي العادة في إسرائيل.
يشير الوحى بذلك إلى الشريعة التى سنها الرب لبنى إسرائيل عن الرجل الذي كان يرفض أن يتزوج بامرأة أخيه أو قريبه المتوفى ليحيى له نسلا ويحفظ ميراثه باسمه، فكان عليه أن يخلع نعله ويعطيه للولى الذى يليه الذى يقيم حق الولاية، وبذلك كان بيته يدعى بيت مخلوع النعل (تث 25: 7-10).
8- فقال الولى لبوعز اشتر لنفسك. وخلع نعله.
رفض الولى الأول أن يقيم حق الولاية وطلب إلى بوعز أن يحل محله في ذلك.
وعلامة على رفضه خلع نعله، وخلع النعل كناية عن رفع يده من التدخل في الأمر ومن تملك أرض الزوج الميت ومن كل الحقوق والواجبات المترتبة على ذلك، وتسلم الولى الجديد نعل الأول كناية على أنه أصبح له الحق في تملك الحقل ودخوله. وفي الغالب كان الولى الأول يتسلم نعله ثانية.
وما زلنا لليوم نعبر بمثل هذه التعبيرات فنقول إن فلانا وضع يده على الأرض أو على العقار بمعنى أنه ملكها، ورفع يده من الأمر بمعنى تخلى عنه وعن التدخل فيه، وليس له يد أو رجل في الأمر أى ليس له دخل فيه ولم يكن متسببا فيه.. هكذا …
2- بوعز يعلن أمام الشيوخ استعداده ليقوم بواجب الولى (ع 9 ،10)
9- فقال بوعز للشيوخ ولجميع الشعب أنتم شهود اليوم أني قد اشتريت لكليون ومحلون من يد نعمى.
أشهد الشيوخ العشرة (ع۳)، وكذلك بقية الأشخاص الذين دعاهم ليجتمعوا معهم على أنه اشترى الميراث الذى تركه أليمالك وابناه لنعمى.
10- وكذا راعوث الموابية امرأة محلون قد اشتريتها لى امرأة لأقيم اسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين إخوته ومن باب مكانه. أنتم شهود اليوم.
وأشهدهم أيضاً على أنه قد اتخذ راعوث أرملة محلون زوجة له ليقيم منها نسلاً يكون باسم ابي حتى لا ينقرض اسم أليمالك وابنيه من إخوتهم بنى إسرائيل ومن مدينتهم بيت لحم.
اشتريتها امرأة: تعبير مجازى يعنى أنه اتخذها زوجة بما أنه اقتناها لنفسه وافتداها من ترملها وفقرها. إن الرب يسوع اشترانا لنفسه لنكون له عروسا مباركة وكنيسة مقدسة.
ومن باب مكانه: أى من باب مدينته حيث يخرج الناس ويدخلون ويجلسون وينسون، فيبقى اسم أليمالك على ألسنتهم بما أن لهم نسلا وابنا يحمل أسماءهم، ويظل الناس يقولون: “فلان بن محلون بن اليمالك الذي عمه كليون” وهكذا.
3- الشيوخ يباركون زواج بوعز وراعوث (11،12)
11- فقال جميع الشعب الذين فى الباب والشيوخ نحن شهود. فليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وكليئة اللتين بنتا بيت إسرائيل. فاصنع ببأس في افراته وكن ذا اسم في بيت لحم.
أعلن جميع الحاضرين أنهم شهود على كل شئ.
ثم باركوا هذا الزواج الجليل بصلوات وطلبات جميلة، ويرى بعض المفسرين أنه ربما كان أكبر الشيوخ ينطلق بالدعوات واحدة فواحدة فيرددها الباقون أو يقولون “آمين”. والزواج المقدس يقوم دائما بتقديم صلوات الله وبقراءة كلمة الله، لأنه سر إلهى مبارك. وقد قال المجتمعون في صلواتهم فى هذا العدد والذي يليه:
( أ ) فليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وليئة اللتين بنتا بيت إسرائيل: وراحيل وليئة هما زوجتا يعقوب، وقد بنتا بيت إسرائيل أى من نسلهما ومن نسل جاريتيهما بلهة وزلفة خرجت الأسباط الاثنا عشر التي تألف منها شعب إسرائيل. والكنيسة المقدسة في صلاة الإكليل المبارك تدعو أيضاً للعروسين بقولها: باركهما يا الله كما باركت إبراهيم وسارة، وإسحق مع رفقة، ويعقوب على ليئة وراحيل، هؤلاء الذين بنوا بيت إسرائيل.
(ب) (فاصنع ببأس في أفراته وكن ذا اسم فى بيت لحم (أفراته) هي نفس (بيت لحم)، ويصنع ببأس أى بقوة روحية واجتماعية ومادية، وكن ذا اسم أي صاحب مركز وشهرة وصيت والأمر في العبارتين يفيد الدعاء، فهم يطلبون له العزة والكرامة والمركز السامي.
12- وليكن بيتك كبيت فارص الذى ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب من هذه الفتاة.
(ج) طلبوا له أيضاً نسلا صالحا ومباركا من راعوث حتى يقيم له منها بيتا قوياً كبيراً مثل بيت (فارص) الذي كان بوعز من أحفاده.
و فارص بمعنى اقتحام أو ثغرة وهو وزارح أخوه الابنان اللذان ولدتهما ثامار ليهوذا ابن يعقوب (تك 38) ويطلب الشعب أن يكون بيت بوعز قويا ووافر العدد وغنيا مثل بيت فارص، ونقرأ أن فارص خرجت منه عشيرة الفارصيين التي حملت اسمه بالإضافة إلى عشيرتين تحملان اسمى ابنيه حصرون وحامول ( ع 26: 20، 21، 2أى 2: 4، 5). وقد حقق الرب هذه الدعوات والتمنيات المباركة فبارك بيت بوعز، ومن نسله من راعوث خرج داود النبى وخلفاؤه من ملوك يهوذا والأعظم من هذا أن الرب يسوع ولد بالجسد من نسله.
4- زواج بوعز براعوث وولادة عوبيد (13)
13- فأخذ بوعز راعوث امرأة ودخل عليها فأعطاها الرب حبلا فولدت ابناً تزوج براعوث فولدت له ابنا هو عوبيد (ع17) ، ولأنه البكر الذي ولد لراعوث فإنه نسب إلى أبيه محلون وجده أليمالك.
5- النساء يهنئن نعمى ونعمى تربى الولد (14-17)
14- فقالت النساء لنعمى مبارك الرب الذى لم يعدمك وليا اليوم لكي يدعى اسمه في إسرائيل.
فرحت نعمى لولادة الولد، وفرحت معها نساء بيت لحم وهنأتها مباركات وممجدات الرب الإله الذي لم يحرمها من ولى ويقصدان به حفيدها الذى ولدته راعوث ودعى وليا لأنه يكون سندا لنعمى وعامل تعزيه لها، ولأنه يحمل اسم جده وأبيه ويكون بمثابة الولى حيث يحيى اسم أسرته من جديد، وحيثما ذكر اسمه بين أبناء شعب الله يذكر أيضاً اسم أليمالك وابنيه وجدته نعمى.
15- ويكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك لأن كنتك التي أحبتك قد ولدته وهي خير لك من سبعة بنين.
إن هذا الولد لا يكون لحفظ اسم الأسرة فقط، بل يكون أيضاً لها:
( أ ) لإرجاع نفس أى لإحياء نفسيتها وتعزيتها ورفع معنوياتها وإزالة اليأس عنها، وقد قيل عن يعقوب لما سمع أن يوسف ابنه حى وتأكد من صحة الخبر: فعاشت روح يعقوب أبيهم (تك 45: 27)
(ب) وإعالة شيبتك: لأنه يعولك ويخدمك في شيخوختك.
ولقد هنأنها أيضاً بأن هذا الطفل المولود من كنتها المحبوبة (راعوث)، وامتدحن هذه الفتاة النادرة المثال بقولهن إنها خير لنعمى من سبعة بنين، فمحبتها النادرة و تضحيتها، وطاعتها، وفضيلتها … كل هذه تنسى نعمى فقدانها لابنيها، وتملأ حياتها تعزية، وكأنها إذ فقدت ابنين كسبت براعوث سبعة بنين.
16- فأخذت نعمى الولد ووضعته فى حضنها وصارت له مربية.
أخذته بين أحضانها لتربيه وتعتنى به.
17- وسمته الجارات اسما قائلات قد ولد ابن لنعمى ودعون اسمه عوبيد. هو أبو يسى أبي داود.
لفرط فرح الجارات تولين أمر تسمية هذا الحفيد الذى ولد واعتبر ابنا لها، وقد دعون اسمه عوبيد بمعنى عبد عبد الله الحى، وعبد مطيع لجدته نعمى العزيزة عليهن، ثم لوالديه بوعز وراعوث.
ويحرص كاتب السفر على أن يذكر أن هذا الطفل هو أبو يسى أبي داود النبي والملك. والروح القدس هو الذي حركه ليكتب هذا لنعرف الأجيال الخارجة منه ونعرف أيضاً أن من نسله ولد المسيح المبارك بالجسد.
6- قائمة بمواليد فارص (18-23)
18- وهذه مواليد فارص. فارص ولد حصرون.
19- وحصرون ولد رام و رام ولد عميناداب.
20- وعميناداب ولد نحشون ونحشون ولد سلمون.
21- وسلمون ولد بوعز وبوعز ولد عوبيد.
22- وعوبيد ولد يسى. ويسى ولد داود.
ذكرت هذه السلسلة في ضمن سلسلة نسب السيد المسيح في الأصحاح الأول من إنجيل القديس متى (ع 3-6) ويمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص هم جميع الأشخاص الذين ولدوا بالفعل، أو أن يكون الوحى قد اكتفى بذكرهم وحذف بعض الأشخاص القليلي الأهمية. ومن المعروف أن الأحفاد سواء أكانوا قريبين أو بعيدين يمكن أن يدعوا أبناء.
و فارص هو ابن يهوذا من ثامار كما ذكر ذلك في شرح ع12 و حصرون خرجت منه عشيرة كبيرة باسمه (تك 46: 12، عد 26: 12) و رام (وقد دعى أيضا أرام في مت 1: 3) وعميناداب(بتشديد الميم) بمعنى عمى كريم وهو أبو اليشابع زوجة هرون رئيس الكهنة (خر 6: 23) و نحشون هو أخو اليشابع، وقد كان رئيسا لسبط يهوذا ولمحلة يهوذا في أيام موسى النبي (عد 2: 3 ، 10: 14) و سلمون: وهو من عظماء يهوذا أيضاً في أيام يشوع بن نون، وقد تزوج براحاب التي أضافت الجاسوسين في أريحا بعد أن دخلت في رعوية شعب الله وآمنت بالرب الإله (متى 1: 4، 5) و بوعز هو ثاني ولي نعمى، وقد تزوج براعوث الموابية، وكان هذا الزواج بركة لبيته ولشعبه وللجنس البشرى جميعه و عوبيد ومر الحديث عنه فى ع۱۷ و يسى هو يسى البيتلحمى الذى تبارك بيته بدخول صموئيل النبى فيه ومسح ابنه داود ملكا على إسرائيل في حياة الملك شاول بأمر الرب ( 1صم 16) و داود ملك إسرائيل العظيم، ومرنم إسرائيل الحلو، وجد المسيح المبارك بالجسد.
من تدبير إلهنا العجيب أنه ذكر في سلسلة أنساب المسيح له المجد أربع نساء واحدة منهن إسرائيلية وهى بتشبع التي تزوجها داود الملك (2صم 11، مت 1: 6) ، وثلاث من الأمم وهن ثامار الكنعانية التي ولدت ليهوذا فارص وزارح (تك 38، مت 1: 3) وراحاب التى تزوجها سلمون (یش 2، مت 1: 4، 5) ، ثم راعوث الموابية التي تزوجها بوعز كما نرى في هذا الأصحاح. وكأن نعمة الرب قد دبرت هذا لكى نتذكر :
(أولا) أن كلا من الرجل والمرأة له مكانته في نظر الله فكما ذكر الوحى عدداً من الرجال في سلسلة نسبه تبارك اسمه ذكر أيضاً عددا من النساء.
(ثانيا) وإن كانت حياة بعض هؤلاء النساء قد شابها بعض النقص والخطايا فإن الرب لم يستنكف أن يكن بين جداته بالجسد، فبتشبع هي امرأة أوريا الحثى التي أخطأ داود معها قبل أن يتزوج بها، وثامار ولدت فارص وزارح من يهوذا بطريقة يراها البعض مستهجنة وإن كان ذلك تم بحسن نيتها وراحاب قيل إنها كانت زانية قبل أن تؤمن بالله، وراعوث كانت في بداية حياتها وثنية، وتدبير المسيح أن تكون هؤلاء فى سلسلة نسبه يرينا الغاية المجيدة من مجيئه إذ أراد أن يخلص الخطاة ويطلب ويخلص ما قد هلك (لو 10:19)
(ثالثا) وكانت كل من ثامار وراحاب كنعانية وراعوث موابية وهذا يذكرنا أيضاً أن المسيح قد جاء ليجمع اليهود والأمم في شخصه لأنه يخلص الجميع وملك الجميع والذي يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون (1تى 2: 4).
خاتمة السفر
بعض الأهداف والتعاليم
(أولا) “أن الرب برحمته يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان”(أى 5: 18)، وقد يسمح بدخول أولاده التجربة، ولكنه يعود ويرحمهم فقد سمح بتجربة بيت أليمالك ولاسيما نعمى ولكنه عاد فحول مرارة حياة الأسرة إلى حلاوة.
(ثانيا) والرب لا يتخلى عن الأرملة واليتيم والمسكين ولكن يشفق عليهم ويدبر أمورهم.
(ثالثا) ولئن ترك الإنسان وحيدا في محنة، ولئن تركه أصدقاؤه أو فارقه أقاربه، فالرب يبقى بجانبه عضدا وسندا، هو أبو اليتامى وقاضى الأرامل (مز 68: 5) وكما تقول الكنيسة المقدسة فى صلواتها “رجاء من ليس له رجاء، ومعين من ليس له معين، عزاء صغیری القلوب، ميناء الذين في العاصف.”
(رابعا) أن المحبة العظيمة بين نعمى وكنتيها ولاسيما راعوث الموابية، ترسم أمامنا صورة مجيدة لما يجب أن تكون عليه المحبة بين الأصدقاء والأقارب وأفراد الأسرة.
(خامسا) بوعز الولى الحنون يمثل الرب يسوع ولى نفوسنا الذى ظللنا بجناحيه وجعلنا تحت حمايته ورعايته واقتنانا لنفسه عروسا مجيدة وكنيسة مقدسة.
(سادسا) وراعوث الموابية في طلبها ولاية بوعز ترسم صورة للنفس المطيعة لعريسها التى تنضوي تحت لوائه وتتبعه وتعيش في حماه ورعايته.
(سابعا) آمنت راعوث بالله، وتركت أهلها ووطنها لتلتصق بحماتها، والنفس المؤمنة تترك كل شئ في سبيل خالقها، وتضحى بكل العلاقات والمسرات والشهوات التي قد تحول بينها وبين فاديها الحبيب.
(ثامنا) كانت مكافأة المحبة عظيمة، فقد أراح الرب قلب نعمى، وتزوجت راعوث ببوعز الرجل العظيم، وأعطاها الرب منها نسلاً صالحاً، ومن نسلها ولد داود النبي والملك، وأبناؤه وأحفاده من الملوك، وأعظم وأروع من كل هذا ولد المسيح بالجسد، الملك على كرسى داود حيث يملك إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية (لو 1: 33).
والمجد الله دائما أبديا أمين
تفسير راعوث 3 | راعوث 4 | تفسير سفر راعوث | تفسير العهد القديم | فهرس |
الأرشيذياكون نجيب جرجس | ||||
تفاسير راعوث 4 | تفاسير سفر راعوث | تفاسير العهد القديم |