غل 7،6:1 إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعًا عن الذي دعاكم
6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ! 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
1. يتعجب الرسول أن الذين قبلوا الإيمان على يديه في غلاطية يتحولون هكذا سريعًا عن الإنجيل الذي قبلوه بنعمة المسيح كما إلى إنجيل آخر، وهو ليس آخر، إنما يضيفون إليه حفظ طقوس الناموس الحرفية كمصدر خلاصهم. أما هو فقد كرز فقط بالإنجيل (الأخبار السارة) لأهل الختان كما لأهل الغرلة.
v كلمة “(إنجيل) آخر” يعني بها السلوك الذي تأمر به (الشريعة)، لا من جهة العبادة، وإنما من جهة النظام نفسه (حرفية ممارسة الطقس كختان الجسد وحفظ السبت بطريقة ناموسية الخ.)؛… عمل المسيح هو دعوة الناس من الناموس إلى النعمة.
v لقد نادوا في الواقع بوصية أو وصيتين – الختان وحفظ الأيام – لكنه بقوله أن الإنجيل قد تحول يعني أن الانحراف البسيط يفسد الكل… الافتقار إلى الحماس في الأمور الصغيرة يسبب كل الكوارث التي تحل بنا، فإننا إذ نهمل تصحيح أخطائنا الهينة كما يليق نعطي الفرصة للأخطاء الجسيمة أن تتسلل داخلنا. كما يحدث بالنسبة للجسد فإن إهمال الجراحات يسبب حمى ثم موتًا، هكذا في النفس تفتح الشرور الهينة الباب للخطيرة… بهذا تدرك لماذا يدعو بولس الختان تحولاً عن الإنجيل.
2. ما يثير الدهشة في افتتاحية الرسالة خلوها من تقديم “الشكر” للَّه، الأمر الذي اعتاده الرسول في رسائله الأخرى حيث يقدم شكرًا من أجل إيمان قارئيه أو حبهم. ربما تعمد ذلك ليكشف عن قلقه وغضبه، ليس فقط من جهة المعلمين الكذبة ولكن من أجل قارئيه أيضًا.
3. بالمقابلة مع ما ورد في الرسالة إلى أهل فيلبي (9: 20-23)، يفرح الرسول لأن مقاوميه يكرزون بالإنجيل، أما هنا فلا يظهر أي استعداد للتساهل معهم. المقاومون في فيلبي بشروا بالإنجيل الحق بالرغم من عدم إخلاصهم، أما هنا فالمقاومون لا يكرزون بالإنجيل الحق، ويلزم ألا يلتفت إليهم بغض النظر عن إخلاصهم أو عدمه، ومهما كان موقفهم الشخصي منه.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
غل6:1: ” إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعًا عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر”.
فى الآيات (6ـ9) نجد الرسول يشير إلى موضوع رسالته دون أى كلمة مديح لهم، بل بدأ بتقريعهم مباشرةً وذلك يعبر عن انزعاجه وغضبه (غل20:4).
تنتقلون: استخدمت هذه الكلمة فى نقل المواريث. وكان هذا ممنوعًا فى العهد القديم، فالله صاحب الأرض، وهو أعطاها لهم كأمانة، فليس من حقهم بيعها والمعنى الروحى أننا لنا نصيب فى ميراث السماء وعلينا ألاّ نبيعه بشهوة أو لذة خاطئة فهذا ثمن رخيص. وتعنى أيضًا ألاّ نغيّر ما ورثناه من عقائد. أسلمها الله للكنيسة. عن الذى دعاكم: الذى دعاهم هو الله الآب نفسه، وبهذا فهم يتحولون عن الله نفسه (1كو9:1 + غل 16،15:1).
بنعمة المسيح: نعمة المسيح هى قوة، فكيف ارتد الذين دعاهم الله ولهم هذه النعمة؟! أولاً لأنهم استهانوا بما حصلوا عليه ولم يتمسكوا به وذلك تحت إغراء الحية فى شخص الإخوة الكذبة، فتسرب سم الحية من أفواه الإخوة الكذبة إليهم. ولكن نجد المسيح لا يترك أولاده فهو بنعمته أرسل لهم بولس الرسول بهذه الرسالة. والمسيح بنعمته قادر أن يستعيد لهم نور الروح القدس المنطفئ فى قلوبهم ليعيدهم إلى حظيرة النعمة. ومن يتمسك بالنعمة التى فيه ويقاوم صوت العدو لا تقدر قوة فى الدنيا أن تزعزعه.
إلى إنجيل آخر: أى بشارة أخرى أو تعليم آخر.
غل7:1: ” ليس هو آخر غير أنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحوّلوا إنجيل المسيح ”.
ليس هو آخر: هم انتقلوا من بشارة النعمة المجانية إلى بشارة لها الخلفية المسيحية ولكن عمادها الختان وعوائد الناموس، وهذه ألغاها إنجيل المسيح. ونلاحظ أن لفظ “آخر“ فى آية 6 فى اليونانية مختلف عن آية 7 ففى آية 6 “آخر“ تعنى من نوع مختلف تمامًا (مثل إنجيل المسيح وناموس موسى)، أما فى آية 7 “آخر“ تعنى إنجيل ثان قد يكون من نفس النوع أو المضمون (مثل إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا مثلاً). وبهذا يقصد الرسول بولس أنهم تحوّلوا إلى إنجيل آخر مختلف فى المضمون. لأن الناموس يلغى النعمة. وبالتالى فهم تحوّلوا إلى لا شئ، أى لا إنجيل بالمرة. ونلاحظ أن كل ما دعا إليه الإخوة الكذبة هو الإحتفاظ بالختان والسبت، وهذا سبب كل هذا الغضب لبولس وأسمى بشارتهم إنجيل آخر، فماذا عن الطوائف التى تغيّر أساسات التعليم المسيحى، إن من يسمح بأقل إنحراف عما تسلمناه يفتح الباب لأكبر إنحراف. يزعجونكم: يريدون تغيير الإنجيل بالقوة أو بالحيلة أو التشكيك.