حركة الامتداد بالملكوت على أساس وجود المسيح الذاتي وتعليمه

لقد ابتدأ المسيح بضرورة التوبة لأن ملكوت السموات قد اقترب ولم يكن في الحقيقة يقصد إلا نفسه. فالملكوت اقترب باقتراب صاحبه ومُعلنه ليس بتجسُّده فقط بل وبكرازته. أما التوبة عنــــد المعمدان فكانت بمعنى الرجوع من البعد عن الله وعبادة الأصنام بأشكالها إلى عبادة الله كمـا هـي معلنة لهم في الناموس وأمَّا مناداة المسيح بالتوبة فهي على أساس العودة بالقلـب إلى الله بالإيمـان بشخصه: «أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي.» (يو 6:14)

فإن كان الملكوت قد اقترب إليهم بدخول المسيح في الخدمة والتعليم، أي على أساس استعلان ذاته أنه ابن الله، فالملكوت امتد أول امتداده واضحاً ومشهوداً له بإخراجه الشياطين عنوة بكلمـــة واحدة آمرة ناهرة: «ما هذا؟ ما هو هذا التعليم الجديد لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجــ فتطيعه» (مر 27:1). لذلك صرَّح بإعلانه الثاني عن الملكوت أنه قد أقبل إليهم”: «ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله» (مت 28:12). وهنا الإقبال بالنسبة للملكوت يعني رفع أكبر عائق كان يحجزه عن الشعب المكبّل تحت سلطان الشيطان، سواء في الجسد بالأمراض والاستحواذ، أو بالفكر في الضلالات وتلويث العبادة على أن رفع هذه العوائق كلها كانت بمجيء المسيح أو إقباله على الشعب بالخدمة والكرازة. 

فهكذا بقدر ما كانت أعمال المسيح تتقدَّم في الارتقاء بالشعب من الظلمة – بكافة أركانها الفكرية والنفسية والجسدية والروحية – إلى نور الحق والحرية والحياة بقدر ما كان استعلان المسيح لنفسه كابن الله وقبول الشعب الإيمان به وامتداد الملكوت، كان يزداد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى