رو 1:5 فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح
فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، (رو 1:5)
+++
تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم
” فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح (رو5: 1).
1 ـ ماذا تعني عبارة ” لنا سلام”؟ يقول البعض إن ” لنا سلام” تتعلق بالالتزام بأعمال الناموس، إلا أنه يبدو لي وكما هو واضح من الكلام، أنه يتحدث عن كيفية السلوك. لأنه قد تكلم كثيرا عن الإيمان والبر الذي بالأعمال، لذلك نجده هنا يبدأ بالكلام عن السلام. ولكي لا يظن أحد أن هذا الكلام ليس له أهمية، يقول: ” لنا سلام” وهذا يعني أنه لا ينبغي أن نُخطئ بعد ، ولا أن نعود للأمور السابقة، لأننا إن فعلنا هذا نكون مقاومين لمشيئة الله. وكيف نستطيع ألا نخطئ أبدا؟ أجيب، ألم نحصل على السلام من قبل؟!! لأنه وإن كنا مسئولين عن هذا القدر الكبير من الخطايا، إلا أننا قد تخلصنا منها كلها بالمسيح، ولهذا بالأولى جدا الآن سيمكننا بالمسيح أن نبقى في ذلك الوضع (أى حالة البر) التي كانت لنا في الماضي.
لأن اكتساب السلام الذي لم يكن موجودا، والاحتفاظ بالسلام الذي أعطي لنا لا يعتبرا شيئا واحدا، لأنه من المؤكد أن اكتسابه هو أكثر صعوبة من الاحتفاظ به. بيد أن ما هو أكثر صعوبة، صار سهلاً وقد تحقق. وبناء على ذلك فإن الأكثر سهولة، سيكون سهلا أكثر فأكثر بالنسبة لنا لو أننا تبعنا ذاك الذي حقق لنا البروالسلام . لكن يبدو لي هنا أنه لا يقصد فقط الأمر الأسهل، بل أيضا الأمر المنطقي أو الصحيح، لأنه إن كان المسيح قد صالحنا ونحن بعد أعداء، فمن المنطقى أن نحافظ الآن على استمرارية هذا الصلح، وأيضا أن ننسب الفضل فيما تم للمسيح، حتى لا يبدو أن أولئك الذين صالحهم مع الآب لازالوا قساة وجاحدين.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“فإذا قد تبرّرنا بالإيمان، لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح ” [1].
يبدو لي أن “السلام مع الله” هنا يحمل معنى غير السلام من الله (رو 1: 7) أو “سلام الله الذي يفوق كل عقل“ (في 4: 7)، فإن السلام الإلهي الذي ننعم به إنما هو “سلامنا الداخلي” الذي يهبه الله كعطيّة روحية، يعطي للإنسان انسجامًا في الغاية والسلوك، فيعمل الإنسان بنفسه كما بجسده بسلام الله لحساب الملكوت، كما يهبه سلامًا مع الآخرين مشتاقًا أن يبذل كل حياته لحسابهم في المسيح يسوع؛ أمّا “السلام مع الله” فيعني تغيير شامل لمركزنا من حالة العداوة التي كنّا فيها إلى حالة بنوّة وحب وصداقة. أو تعني انطلاقنا من حالة الانحدار التي بلغناها بسبب خطايانا وعصياننا، لندخل خلال الدم إلى حالة مصالحة مع الآب، فنُحسب بالمسيح يسوع الابن الوحيد أبناء له، موضع سروره ورضاه. هذا هو أول ثمر “برّ المسيح”، إننا نختفي فيه لنُحسب أبرارًا فيه، ومصالحين، نحيا كأبناء في سلام حقيقي مع الآب. بذات الفكر يقول معلمنا بطرس الرسول: “فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البارّ من أجل الآثمة، لكي يقرّبنا إلى الله“ (1 بط 3: 18).
يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [ماذا يعني “لنا سلام”؟ يقول البعض: ألا نكون على خلاف بارتكاب معاصي ضد الناموس، أمّا بالنسبة لي، فأظن أن ما جاء هنا يخص مناقشتنا، لأنه بعدما تحدّث كثيرًا عن موضوع الإيمان، وقد وضعه قبل البرّ بالأعمال، فلئلا يظن أحد أن ما قاله يُحسب أساسًا للتهاون، لذلك قال: “ليكن لنا سلام”، بمعنى “ليتنا لا نخطيء بعد”، “ليتنا لا نعود مرة أخري إلى حالنا القديم”، إذ يسبّب هذا حربًا مع الله. كيف يمكن تحقيق هذا؟ إن كنّا ونحن نحتمل خطايا كثيرة هكذا نتحرر منها جميعًا بالمسيح، فإننا بالأكثر نستطيع أن نبقى على هذا الحال بالمسيح. فإن ثمة فارق بين تقبلنا السلام حيث لم يكن موجودًا، وبين احتفاظنا به حين يكون لدينا، لأن نواله أصعب من الاحتفاظ به بالتأكيد، ومع هذا فإن ما هو أصعب صار ميسورًا وتحقق. لذلك يلزمنا أن نسعى وراء ما هو أسهل بالتصاقنا بالمسيح الذي وهبنا ما هو أصعب… إن كان قد صالحنا في الوقت الذي كنّا فيه في حرب مع الله، فمن المعقول أن نبقى في حالة المصالحة…]
بمعنى آخر نحن الذين كنّا في حالة عداوة مع الآب صرنا في سلام معه بربنا يسوع، فكم بالأكثر وقد تصالحنا معه أن نبقى هكذا، لكن ليس بجهادنا الذاتي وإنما بربنا يسوع نفسه. لنبقى في “سلام” كعطيّة إلهية، وفي نفس الوقت دخول في علاقة قربى معه! يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إن كان قد أحضرنا إليه لنكون قريبين منه عندما كنّا بعيدين، كم بالأكثر يحفظنا الآن ونحن قريبون؟]
ثانيًا: نعمة حاضرة ورجاء لمجد أبدي
“الذي به أيضًا قد صار لنا الدخول بالإيمان
إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون،
ونفتخر على رجاء مجد الله“ [2].
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (1): “فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.”
فإذ= إذاً هذه الآية عائدة علي ما قبلها. وآخر آية في الإصحاح السابق كان عن أننا تبررنا. تبررنا= (راجع المقدمة). بالإيمان= هذا هو المدخل. لنا سلام مع الله= هناك سلام من الله وهو سلام داخلي يفوق كل عقل. (في7:4). ولكن السلام مع الله فهذا يعني تغيير شامل لمركزنا من حالة العداوة إلي حالة البنوة والصداقة والحب. نختفي في المسيح لنحسب أبراراً فيه ومصالحين وهذا يعني المصالحة مع الله “الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه” (2كو19:5) صرنا نحيا كأبناء في سلام حقيقي مع الآب.مثال:- زوجة خائنة طردها زوجها وصارت في الشارع، بل سلمها للقضاء لتأديبها (هذا كان حالنا قبل المسيح) وبرأتها المحكمة (هذه تساوي أُسْلِمَ لأجل خطايانا 25:4). ولكنها مازالت مشردة. فإذا أعادها زوجها لبيتها وأولادها ومركزها السابق لعاشت في سلام مع عائلتها (= سلام مع الله) وكان هذا عن طريق قيامة المسيح (أقيم لأجل تبريرنا). فبالقيامة إتحدنا بالمسيح. وصرنا أبناء لله. بربنا يسوع المسيح= كل ما حصلنا عليه كان بفداء المسيح. فإن كان المسيح قد فعل كل هذا وإذا كنا قد آمنا، فلماذا يوجد البعض في حالة خصام مع الله، لماذا لم يثبت الكل في هذا البر وهذا السلام؟ الإجابة ببساطة أن الإيمان هو المدخل لكن بعد الإيمان هناك جهاد مطلوب. جهاد سلبي بأن لا نعود لحياتنا السابقة ولخطايانا القديمة. وجهاد إيجابي في صلوات وأصوام. لنحافظ علي حالة السلام.
- تفسير رسالة رومية 5 – القديس يوحنا ذهبي الفم
- تفسير رسالة رومية 5 – القمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير رسالة رومية 5 – القمص متى المسكين
- تفسير رسالة رومية 5 – القمص أنطونيوس فكري
- تفسير رسالة رومية 5 – الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف
- تفسير رسالة رومية 5 – د/ موريس تاوضروس
- تفسير رسالة رومية 5 – كنيسة مارمرقس مصر الجديدة