يو5: 22 لأن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن

 

19فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. 20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. 21لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. 22لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، 23لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. “(يو5: 19-23)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“لأن الآب لا يدين أحدًا،

بل قد أعطى كل الدينونة للابن”. (22)

هذا يؤكد أنه لا يعمل الآب الديان بدون الابن، ولا الابن الديان بدون الآب، لهما سلطان واحد، يعملان معًا.

الآب لا يدين أحدًا، ليس لأنه بلا سلطان، ولكن هذه هي مسرته أن الابن الذي بذل ذاته يدين البشرية. لقد خلقنا الآب بابنه، وخلصنا بموته، ويديننا خلاله. صار المسيح رأسًا للكنيسة بعمله الخلاصي، صار فـوق الكل (اف ١: ١١)، رأس كل رجلٍ (١ كو ١١: ٣)، لذلك فهو الذي يتمم ذلك بأن يتمتع مؤمنيه بشركة مجده. وهو الذي بدأ المعركة ضد مملكة الظلمة، فيعلن في الدينونة تحطيمها تمامًا. إن كان الابن في تواضعه قد صار ابن الإنسان واحتمل الموت موت الصليب، فإنه يظهر أيضًا كابن الإنسان ليخجل ويخزي الذين رفضوه وطعنوه بحربة عدم الإيمان به.

إذ طلب اليهود محاكمته وقتله شرعيًا، أعلن أنه هو الديان، الذي سيحكم في اليوم العظيم ويدين كل البشرية.

v نحتاج أيها الأحباء إلي اجتهاد عظيم في كل شيء، إذ سنعطي حسابًا، ونُسأل بكل دقة عن كلماتنا وأعمالنا.

لا تقف اهتماماتنا بما يحدث الآن، بل ما سيحدث بعد ذلك، إذ نقف أمام محاكمة رهيبة. “لأنه لا بد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا” (2 كو 5: 10).

لنضع في ذهننا علي الدوام هذه المحاكمة، حتى يمكننا في كل الأوقات أن نثابر علي الفضيلة… فإن الذي يغفر خطايانا الآن سيديننا، الذي يموت من أجلنا سيظهر ليدين كل البشرية يقول الرسول: “سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه” (عب 9: 28). لذلك يقول في هذا الموضع: “لأن الآب لا يدين أحدا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن، لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب” (22- 23)…

لكي تفهموا “قد أعطى” كما “قد ولد” اسمعوا ما قيل في موضع آخر: “كما أن الآب له الحياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أن تكون له الحياة في ذاته” (26). ماذا إذن؟ هل ولده أولاً ثم أعطاه الحياة بعد ذلك؟…

هل وُلد بدون الحياة؟ حتى الشياطين لن تتخيل هذا، لأنه غباوة عظيمة وشر!

فكما إن إعطاء الحياة يعني ميلاده الذي هو الحياة، هكذا إعطاء الدينونة هو إعطاء الميلاد له الذي هو الديان.

ولئلا عندما تسمعون إن الآب هو مصدره تحسبون وجود اختلاف في الجوهر أو نقص في الكرامة قال إنه سيأتي ويدينكم، مبرهنًا بذلك علي مساواته. فإن من له السلطان أن يعاقب ويدين من يشاء، له ذات سلطان الآب.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v “لأن الآب لا يدين أحدًا بل قد أعطي كل الدينونة للابن” (22)… عندما يدين الابن هل يبقى الآب بلا عمل ولا يدين؟… قيل هذا لأنه لا يظهر للبشر في الدينونة سوى الابن. سيختفي الآب ويُعلن الابن.

كيف يُعلن الابن؟ في الشكل الذي به صعد. لأن شكل اللاهوت مخفي مع الآب، لكن يعلن شكل الابن للبشر…

بأية كيفية رأوه ذاهبًا؟ في الجسد الذي لمسوه، وامسكوه، والجراحات التي تحققوا منها باللمس؛ في هذا الجسد كان يظهر لهم أربعين يومًا، معلنًا عن ذاته بالحق، لا في خيالٍ أو بطلانٍ أو ظلٍ أو روحٍ، بل هو بنفسه لم يخدعهم: “جسّوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون” (لو 24: 39). هذا الجسد بالحق صار متأهلاً للسكنى السماوية، لا يخضع للموت، ولا يتغير مع زوال الزمن.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

22:5- لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ.

الذي يعطي الحياة لا بد أن يحكم فيها وعليها، والذي يقيم الموتى له أن يحاسبهم، هذه حتمية الامتياز الذي أُعطي للابن. والمسيح يكلم الفريسيين العارفين بالناموس: «فالذي يخطىء يموت» (قارن حز20:18). إذن, فالذي يقيم من الموت هو الذي يغفر الخطايا، والذي يغفر يدين، لأن الذي يحيي يميت أيضاً!!
‏والآب إذ أعطى الدينونة للابن، فليس معنى ذلك أنه لا يدين بل أنه يدين بالابن. فكما خلق العالم به، كذلك به أيضأ يدين العالم. فالآب لا يدين أحداً بدون الابن، لأنه أعطاه أن يحيي من يشاء وهذا يستلزم أن يدين.
‏أما قول المسيح أنه قد أعطى «كل» الدينونة، فمعناه أنه قد تول الحكم هنا وهناك, على الأرض وفي السماء. أما هنا فعلى قياس ما أظهر النور واستعلن الآب: «لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي» (يو15:15‏)، «أنا هو نور العالم» (يو12:8) فالذي يتبع ويسمع وينفتح بالروح ويقبل الاستعلان، فقد جاز الدينونة، ويكون قد انتقل من الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، فيدخل في الحقيقة العظمى وينهمر عليه فرح الله الآب. والذي يحجب النور عن عينيه بيديه يدخل الظمة برجليه، والذي يسد الصوت إلى أذنيه، فقد دين وحرم نفسه من رؤية الله والحياة.
‏أما دينونة السماء فتكون: إما بأكاليل المجد: «قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيراً قد وُضع لى إكليل البر الذي يهبه لى في ذلك اليوم الرب الديان العادل, وليس لى فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً» (تي7:4-8). وإما: «أقول لكم لا أعرفكم من أين أنتم؟ تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم هناك يكون البكاء وصرير الأسنان.» (لو27:13-28)

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (22): “لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن.”

المسيح هو الديان. الآب لا يدين أحد فقد ترك الدينونة للإبن الذي تجسد وشعر بضعف البشر وهو أتى ليعطينا حياة، (مت31:25-46+ أع141:10،42+ رو10:14+ 2كو10:5+ 2تي1:4) فالذي يعطي الحياة يكون له أيضاً سلطان أن يحكم عليها، ومن يقيم الموتى له أن يحاسبهم، ومن يحيي قادر أن يميت أيضاً. وكنا خلق الآب العالم فهو يدين العالم بالإبن. كل الدينونة= يدين كل مخلوق، فهو خالق الجميع، ولأنه نور فمن يرفضه يُدان. وهو له أن يدين على الأرض وفي السماء. والدينونة هي من الأعمال الأعظم.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى