رؤ2: 7 من له اذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس…

 

“مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ».” (رؤ2: 7)

+++

تفسير أنبا بولس البوشي

من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة أفسس، هكذا يقول الضابط، الذي السبع كواكب بيده اليمنى، السالك في وسط السبع مناير الذهب، إني عارف بأعمالك، وتعبك، وصبرك، وأنك لا تقدر (أن) تحتمل الشر، وقد جربت القائلين أنهم رسل، فوجدتهم كذبة وليس هم رسلاً، وأنت فقد صبرت واحتملت لأجل اسمي ولم تضجر. ولكني واجد عليك(أي لائم لك)، لأجل تركك المحبة القديمة. فاذكر الآن كيف سقطت وتُب، وإلا أنا آتي وأزعزع منائرك من مواضعها إذا لم تتب. ولكن هذا الشيء عندك، أنك أبغضت أعمال الشعوب الغريبة[1]، التي أنا أبغضها. من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة، المغروسة في وسط الفردوس الإلهي» (رؤ 2: 1-7).

التفسير: یعنی «بملاك الكنيسة» رئيس البيعة، والوصية جامعة له ولرعيته، فقصد السبع نواحي التي كان يوحنا الإنجيلي بشر فيها، والوصية جامعة لهم ولكل المؤمنين مثلهم. فابتدأ بذكر الأسقف، الذي كان بأفسس، لأنه الأول، كما قال لهم بولص: «انظروا لكل الرعية التي أقامكم عليها الروح القدس أساقفة». فأول ما حذرهم الرسول، ثم ألزم الرعية لهم لأن عيبها يلزمهم، كما في الوصية الرسولية.

فأما قوله: «هكذا يقول الضابط الذي السبعة كواكب بيده اليمنى»، عني يده المنيعة (أي) قوة إلوهيته، الضابطة الكل. لأن اليمين هي القوة، ليست يمينا محسوسة، بل كما قال داود النبي: «يمين الرب رفعتني، يمين الرب صنعت القوة».  وأيضاً مكتوب في التورية: «بقوة ذراعك سحقت المناصبين لنا» . وقوله: «السالك في وسط السبع منائر»، الذي ذكر أولاً أنهم السبع كنائس، يعني أنه حال في كل مكان بقوة لاهوته المالئ الكافة، محتوي على الكل، ولا شيء يحتويه. فلهذا قال: «إني عارف بأعمالك، وتعبك وصبرك»، يعني أن كل شيء مكشوف أمامه، وعلمه محيط بكل شيء وأعمالنا الصالحة والرديئة. فمدح صبره وتعبه ثم عرفه ضعفه البشري، عند احتمال الشرور والبلوى، لكي يتضع، ويطلب المعونة منه.

وقوله عن الرسل الكذبة، شبيهاً بما قال الرسول الإلهي بولس أنهم: «رسل كذبة وأنبياء غدرة يشبهون نفوسهم برسل المسيح» وما يتلو ذلك، فقد يجب الحذر منهم. وقوله إنه «واجد عليه لتركه المودة القديمة»، يعني (تركه) الحرارة الأولى المتحركة فينا من جهة النعمة، وأنه لم يدم فيها، فلهذا قال: «إني واجد عليك»، أي لائم لك، تنازل معنا نحن الضعفاء كصالح ومحب البشر، لم يعجل علينا بالقضاء، بل أعطانا مهلةً وسعة للتوبة، ليرينا جوده ومحبته لنا وإرادته إقامتنا.

ثم قال: «اذكر الآن كيف سقطت وتب»، عرف كافة الرعية أنه يذكر لكل واحد نوع هفواته، (وأنه يجب أن) يتوب في سببها قبل الوفاة. ثم أضاف القول: «إذا لم تتب أنا آتي إليك، وأزعزع منائرك من مواضعها»، أرانا كمثل أب حنون، شفقته أولاً وعتابه؛ وعرفنا مثل ملك جبار، نفاذ انتقامه، إذا تمادينا على المعصية إلى الوفاة.

ثم عطف وقال: «ولكن هذا الشيء عندك، أنك باغض أعمال الشعوب الغريبة، التي أنا أبغضها»، يعني أنك باغض الخطيئة التي باغض لها، بل وأنت متهاون بالتوبة، فلهذا لم أرفضك بالكلية، بل أنا أحب أن ترجع عما أنت عليه، كارها فيه، لتكون كاملاً، ويظهر برك قدامي، ويكون أجرك مضاعفاً. وقوله له: «أذنان سامعتان فليسمع»، يعني ليس هذا القول لازم لشعب دون شعب، بل لكل من له سمع وفهم.

ثم قال: «ما يقوله الروح للكنائس»، يعني روح الله لكافة جماعة المؤمنين.

ثم قال: «من يغلب أنا أعطيه أن يأكل من شجرة الحياة»، لم يعن عليه حرباً محسوسة، بل (عليه أن) يغلب الرذيلة بالفضيلة، وعند ذلك ينال الحياة المؤبدة مع الله بلا انقضاء. قال: «التي في وسط فردوس إلهي»، لأن وسط الشيء غاية كماله، (أي) في أحسن ما يكون في الملكوت المؤبدة والفردوس المشتهى من الكل، ذي الأثمار الفاضلة، الكثيرة الأنواع. وقوله: «إلهي» لأجل تجسده بجسد كامل ذي نفس عقلية، كاملاً مثلنا في كل شيء، ما خلا الخطية.

وسمّى البشرية إخوته كالمكتوب: «إني أبشر باسمك إخوتي»، وأيضاً الرسول يقول: «كما أن الأبناء اشتركوا في اللحم والدم، كذلك هو أيضاً اشترك في هذه الأشياء مثلهم». وكما أظهر فعل إلوهيته بقوة الآيات، كذلك أيضاً أظهر نوع تجسده بهذه الأشياء، فهو إله متأنس وله الفعلان جميعا، الذي يليق باللاهوت والذي يليق بالتجسد أيضا.

تفسير ابن كاتب قيصر

 11- (1) فاكتب إلى ملاك الكنيسة التي لأفسس هذا ما يقول الذي في يده اليمنى السبعة النجوم الماشي في وسط سبع المنائر الذهب (2) إنى عارف بأعمالك وتعبك وصبرك لأنه لا استطاعة لك أن تحمل الشر وصرت مجربا للذين يقال لهم رسل وليس هم شيئا ووجدتهم رسل كذب (3) وهناك لك صبر وحملت هذه من أجل اسمى ولم تتعب (4) لكن لي عليك أن المحبة في الأول تركتها خلفك (5) فاذكر كيف سقطت وتب لئلا آتي إليك وأزعزع منارتك من موضعها إذا لم تتب (6) ولكن هذا الذي لك أنك تبغض أعمال المشاغبين الذين أنا أبغضهم أيضا (7) من له أذنان أن يسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس ومن يغلب أعطه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس إلهى.

مدينة أفسس التي بها الكنيسة هي رأس الكرسي الذي بشر فيه يوحنا الرسول قبل انتقال الرئاسة منها إلى القسطنطينية في أيام قسطنطين الكبير . ويقصد بالنجوم رؤساء الكنائس ، والمنائر هي الكنائس . فكأن تقدير الخطاب لرئيس كنيسة أفسس تلميذه : هذا ما يقوله الذي في قبضته الرؤساء وتحت حكمه الكنائس . قوله : « أنا أعرف أعمالك وتعبك وصبرك» ، الأعمال يريد بها اجتهاده في العبادة والنسك والزهد . والتعب يريد به النصب(الاجتهاد، التعب) في العلم والدأب(السعي، الاستمرار) في التعليم وإيداعه أذهان شعبه ، والصبر يريد به احتمال أرباب البدع ، وهؤلاء قوم من اليهود ثاروا في أيام الرسل بكل مكان يدعون الرسالة ، ويدعون إلى آراء رديئة ، وأن يتمسك بفرائض العتيقة(العهد القديم) كالختان ، وحفظ السبت ، والتعبيد في رؤوس الشهور ، وتنجيس مآكل وزيجات ، إلى غير ذلك. وقد تنبأ على هؤلاء بولس الرسول في كتاب أعمال الرسل ، في آواخر مملكة نيرون الكبير ، وتمت نبوته بعد نيف وثلاثين سنة في أواخر مملكة دمطيانوس ؛ ذلك أنه أرسل من بالطيس إلى أفسس يطلب شيوخ الكنيسة ، ثم قال لهم : «على أنفسكم وعلى جميع القطيع الذي ترككم روح القدس أساقفة مفتقدين له وقال أنا أعلم أنه من بعد مضيى سيدخل إليكم ذئاب صعبة ولا يشفقون على القطيع ، وسيقوم أناس منكم يقبلون كلاما مقلوبا ليجتذبوا التلاميذ خلفهم »

وقد شكا جماعة الرسل كيطرس ويوحنا وبولس وغيرهم من مثل هؤلاء كثيرا في رسائلهم . وإنهم يتابعون آثار الرسل في كل جهة ، ويفسدون ضمائر المؤمنين بعدة مقاصد ، منها التصدر للتعليم واجتلاب الناس لطاعتهم ومنها إنهم يجعلون ذلك معاشا وبطنة وفسادا ، ومنها تعصبهم لليهودية فيدفعون إلى العمل بوصاياها ، ومنها أن يفسده ما رتبه الرسل ، إلى غير ذلك من الآراء الدنيئة والبدع الرديئة . ولهذا نطق الوعي في حق هذا الرئيس الذي لأفسس بأنك وإن كنت قد صبرت على هؤلاء واحتملتهم بدعة وتواضع من أجل اسمى ، فقد استعملت ذلك في غير مكانه ، وسقطت إذ أفسدت حال المؤمنين ومكنت الذئاب من الرعية حقيقة إن المحبة في الله والغيرة له تقتضي الإشفاق عليها والدفاع عنها ، ولكنك آثرت الراحة ، ولم تر الموافقة بل الامتناع * ، فذلك قوله : « لأنه لا استطاعة لك أن تحمل الشر» ، وإن كان احتمال هذا الشر خيرا في نفس الأمر ، وتجشمت(احتملت) الإغضاء(التغافل) لهم تواضعا كما ظننت ، وإنما خلدت إلى الراحة ، فذلك قوله : « وحملت هذه من أجل اسمى ولم تتعب» ، وبهذا الاعتماد فقد فرطت ولم تقم بشروط المحبة كما كنت ، فذلك قوله : «لكن لي عليك أن المحبة الأولى تركتها خلفك فاذكر كيف سقطت وتب» ، أي فتنبه لهذه السقطة وعد عنها وانتقل منها ، وإلا نزعت رئاستك إذا لم تحفظ شروطها ، وذلك قوله : «لئلا آتي إليك وأزعزع منارتك من موضعها إذا لم تتب» ، والمنارة ، وإن كان قد تقدم تفسير الفص لها بأنها الكنيسة ، فمراده بها رئاسة الكنيسة . فأطلق اسم المضاف إليه على المضاف ودليله القرائن.

وقوله : « ولكن هذا الذي لك أنك تبغض أعمال المشاغبين الذين أنا أبغضهم أيضا » ، تقدير القول أما الذي عليك من المؤاخذة – وقد ألقيت عليك بسببها – فهي وإن كنت لم تحاجهم وتنبذهم فأنت كاره لهم . والمشاغبون هم المحاورون محاورة مستقبحة سفيهة بغير أدب ، وباستعمال ما لا يدخل في المطلوب . وهذه هي المشاغبة ، والقصد منها المغالبة والقهر ، لا طلب الصواب والحق ، وإليها أشار القديس يعقوب الرسول في رسالته بقوله : «ولا تفتخروا وتكذبوا على الحق فهذا العلم ليس من فوق بل من أسفل أرضى نفسانی شیطانی». وهذه هي العلة التي تغاضى هذا الأسقف عنها لأرباب البدع لأنه يحتاج في الأكثر أن يشابههم في أسلوبهم وهو مكره ، كما تقدم ، لكن أشد كراهة منه تمكين الذئاب من القطيع ، وعن مثل ذلك قيل «الطاعة أفضل من القرابين » .

أما قوله : « من سمع له أذنان أن يسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس» ، فتفسيره : من كانت له حاستا سليمتان وهو مقبل على السماع ، فليسمع ما يقوله الروح القدس للكنائس . وأما قوله : «ومن يغلب أعطه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس إلهي» يريد بهذه الغلبة ، الغلبة الروحانية ، وتجمع في ثلاثة أمور ، الأول : طاعة الله بعمل وصاياه ، والثاني : قهر الشيطان والإعراض عن غوايته ، والثالث : نصرة الحق ودفع الباطل عنه . أما قوله شجرة الحياة وقوله فردوس إلهى ، أورشليم السمائية ، فسيأتي الكلام عنها في مكانه بمشيئة الله

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

  1. من هو؟

“اكتب إلى ملاك كنيسة أفسس” يقال إن ملاك الكنيسة كان تيموثاوس تلميذ الرسول بولس. وقد أسسها الرسول بولس وخدم فيها ثلاث سنوات (أع 20: 31) وكتب إليها رسالة، كما خدم فيها تيموثاوس (1تى 1: 3)، وذهب إليها يوحنا الرسول بعد الإفراج عنه.

  1. وصف الرب

“هذا يقوله الممسك السبعة الكواكب بيمينه،

الماشي في وسط المناير الذهبيّة” [1].

يتجلى الرب لكل كنيسة حسب ما يناسبها، حسب احتياجاتها، لترى فيه شبعها وشفاءها من كل ضعف. وإذ تعاني هذه الكنيسة من “الفتور في الحب“، لهذا يعلن لها أنه الممسك السبعة الكواكب (الأساقفة) في يمينه، أي حافظهم والمعتني بهم والمحيط بهم.

كما يعلن لها أنه “الماشي في وسط المناير الذهبيّة“، أي يجول في كنيسته، لا يهدأ عن العمل من أجل خلاص كل نفس. وكأنه يقول: إنني أحبك فكيف تفترين في محبتك لي!

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الكواكب في ذاتها مظلمة، نورها مستمد من الممسك بها “شمس البر“، مؤكدًا لنا أننا لا نستطيع أن نقتني الحب من ذواتنا بل من الله الممسك بنا في يمينه.

  1. حال الكنيسة

أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك،

أنك لا تقدر أن تحتمل الأشرار،

وقد جرَّبت القائلين أنهم رسل وليسوا رسلاً،

فوجدتهم كاذبين” [2].

قبل أن يحدثها عن ضعفها يطمئنها الرب قائلاً: “أنا عارف أعمالك…” لا أنسى أعمال محبتك القديمة ولا أتجاهل تعبك حتى الذي لا تذكرينه.

لقد نسي زكريا الكاهن صلواته التي قدمها ليهبه الرب ابنًا، لكن الرب كافأه عنها في الوقت المعين (لو 1: 13)، ونحن في وقت فتورنا نظن أن الله قد نسى الأعمال القديمة والأتعاب والصبر الذي احتملناه من أجله، لكن اللًّه يُطمئن كل إنسان أنه لا ينسى حتى كأس ماء بارد قدمه باسمه. إنه لا ينسى أتعاب هذه الكنيسة خاصة ما احتملته من الذين ادّعوا أنهم خدام وقد ملأوا الأرض كلامًا، وهم كاذبون، بعيدون عن روحها ورسالتها ووداعتها وحبها. لهذا يخاطب الرب أسقف أفسس قائلاً: “وقد احتملت، ولك صبر وتعب من أجل اسمي ولم تكل” [3.]

بعد هذا التشجيع عاد ليعاتب الكنيسة في رقة بالغة دون أن يجرح مشاعرها قائلاً: “عندي عليكِ أنكِ تركتِ محبتك الأولى” [4].

في عذوبة يسند الرب القصبة المرضوضة ويلهب الفتيلة المدخنة (مت 12: 20)، وفي حزمٍ بلا خداع أو مواربة يعلن الضعف لكي تتوب وتعود إلى كمال صحتها.

  1. العلاج

“فأذكر من أين سقطت وتب،

واعمل الأعمال الأولى،

وإلا فإني أتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب” [5].

هذا هو طريق العلاج: تب واعمل…

وكما يقول القديس إيرونيموس: [أننا جميعنا معرضون للسقوط. ولا يكون السقوط علامة أننا لم نكن يومًا ما قائمين أو معتمدين بالروح كما يدّعى البعض، كما أن السقوط لا يستدعى إعادة المعمودية بل أن نتوب ونعمل.]

وبدون التوبة تنهار منارتنا لهذا يسرع الرب فينذر معنفًا بشدة إذ لا يحتمل أن يرى منارة أولاده تتزحزح من مكانها.

وينتقل الرب من التوبيخ إلى الملاطفة بإظهار أعمال صالحة للكنيسة قائلاً:

“ولكن عندك هذا أنك تبغض أعمال النيقولاويين، التي أبغضها أنا أيضًا” [6].

إنه يفرح برؤية عروسه تبغض ما يبغضه هو، وتحب ما يحبه، تشاركه تصرفاته ومشاعره وفكره، مقتفية آثار خطواته.

أما بدعة النيقولاويين فهي:

أ. يقول القديس إيريناؤس: [النقولاويون هم أتباع نيقولا أحد الشمامسة السبع (أع 6: 5)، وهؤلاء يسلكون في الملذات بلا ضابط ويعلِّمون بأمور مختلفة كإباحة الزنا وأكل المذبوح للأوثان.]

ب. يبرئ القديسان إكليمنضس السكندري وأغسطينوس نيقولاوس من البدعة وينسبانها لأتباعه.

ج. يرى العلامة ترتليان وايرونيموس أنه لما أُختير للشموسية امتنع عن الاتصال بزوجته، وبسبب جمالها عاد إليها. ولما وبَّخوه على ذلك انحرف في البدعة إذ أباح الزنا.

د. يرى آخرون أنه كان يغير على زوجته جدًا بسبب جمالها، فلما ذمَّه البعض بسبب شدة تعلقه بها أراد أن يظهر العكس، فأباح لمن يريد أن يأخذها، فسقط في هذه البدعة.

  1. نصيحة للاستماع إلى قول الروح

“من له إذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس”، أي من يريد الإنصات لصوت الله فليسمع للروح القدس المتحدث للكنائس جميعًا، لأن ما يقوله لكنيسة ما يحدث به الكل. وماذا يقول؟ يجيب العلامة ترتليان: [الله يقول دوما توبوا.]

  1. المكافأة

“من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله” [7].

القلب الفاتر في حبه قلب جائع، لذلك يحتاج إلى الشبع من الرب “شجرة الحياة“، فهو المشبع للقلب والشافي له (رؤ 22: 2) وهو المكافأة المقدمة للغالبين.

كلما اختلى القلب بالرب وتأمل في الأبديّة الخالدة التهب القلب حبًا وشوقًا للعريس السماوي زاهدًا كل ما هو أرضي وزمني!

تفسير القمص أنطونيوس فكري

كنيسة أفسس

v        مشكلة هذه الكنيسة نقص المحبة = تركت محبتك الأولى (المحبوبة تركت محبتها الأولى).

v        الصورة التى ظهر بها المسيح لهذه الكنيسة = الممسك السبعة كواكب فى يمينه كما تحمل الأم رضيعها فالمسيح يريد أن يقول… حتى وإن نقصت محبتكم لى فمحبتى لكم لن تنقص ولن تبطل، وهذا نوع رقيق من العتاب.  الماشى وسط = كلمة ماشى تشير أنه لا يكف عن العمل ولا يكل عن خدمة كنائسه (والأصح كنيسته) لذلك لا نخاف فهو دائماً يحملنا ودائماً يمشى وسط كنيسته، وكل هذا فى حب. وهذا الحب الذى نشعر به هو عربون ما سنحصل عليه فى السماء

v       

الوعد لمن يغلب : سأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة أى أن المسيح يتحد به إتحاداً كاملاً، ويكون له سر حياة أبدية، والإتحاد هو تعبير عن الحب فى صورته الكاملة، إتحاد عريس بعروسه التى يحبها. المسيح يعطى له نفسه. 

وفى هذا أيضاً عتاب رقيق لهذه الكنيسة التى تركت محبته. فالله يظهر لها إشتياقه لأن يتم هذا العرس الزيجى (رؤ1:21-3).

والأكل يعنى الشبع. ونقص الحب يشير لعدم الشبع. فالمسيح يود لو أن كنيسته تفهم أنه هو وحده سر الشبع ووحده فيه الشبع. فالعالم ليس فيه شبع، بل من يشرب منه يعطش والقلب الفاتر فى محبته هو قلب جائع، لذلك يحتاج إلى الشبع من الرب شجرة الحياة. هذا يبدأ هنا على الأرض ولكنه يكمل فى السماء. فيبدأ الإنسان فى التلذذ بمعرفة الله هنا، وتكمل هذه اللذة فى السماء، فالحياة الأبدية هى معرفة الله (يو 3:17).

المحبة نوعان 1) أن أحب الله                              2) أن أشعر بمحبة الله

1) أن أحب الله:- ونلاحظ أن موسى يطلب منا بوحى من الروح القدس أن نحب الله من كل القلب والنفس والقوة (تث 4:6) وهل يمكن لإنسان أن يطلب من إنسان آخر أن يحبه؟ بالقطع لا. فكرامته ستمنعه. ولكن الله فعلها وطلب منا أن نحبه فلماذا؟ نلاحظ أن الله خلق آدم فى جنة عدن وكلمة عدن معناها فرح وإبتهاج. وهذا معناه أن آدم كان فى فرح حينما كان فى الجنة لماذا؟ لأن قلبه كان مملوءاً من محبة الله، فهو مخلوق على صورة الله والله محبة. وكما أن لذات الله فى بنى آدم (أم 31:8) هكذا كانت لذات آدم فى الله. فالمحبة لله تسبب فرح حقيقى فى القلب. أما حينما سقط آدم فلقد تحولت شهوته للعالم ففقد فرحه، لذلك يطلب الله أن نحبه ليس لأنه يحتاج لمحبتنا، بل لكى نحيا فى فرح. كما نقول فى القداس الغريغورى ” لست أنت المحتاج إلى عبوديتى بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك” ولذلك نجد أن تجديد خلقتنا يتم بالروح القدس الذى يسكب محبة الله فى قلوبنا (رو 5:5) فنستعيد الحالة الفردوسية الأولى لذلك نجد ثمار الروح القدس، محبة وفرح.. هو الفرح الناشىء عن المحبة أما أى محبة غريبة للعالم وشهواته فهى تسبب حزناً وعبودية ومذلة، ومن يشرب من هذا الماء يعطش.

2) أن أشعر بمحبة الله:- كما قال بولس الرسول أن محبة المسيح تحصرنا (1 كو 14:5) وكل من إكتشف محبة الله هذه سيشعر بالرضا عن كل شىء فى حياته. فمن أحبنى ومات لأجلى ومحبته تحصرنى، كيف لا يعطينى أفضل شىء. ولكن الله يعطى لأولاده أفضل شىء يقودهم لخلاص نفوسهم (رو 28،32:8) + (1 كو 22:3).

 

ما هى علامات المحبة لله

  1. أن يغصب الإنسان نفسه على وصاياه فهذا علامة حب (يو 23:14).
  2. عدم التذمرعلى أى شىء، فالتسليم علامة حب وثقة فى الله.
  3. محبة الإخوة حتى لو كانوا أعداء، فمحبة القريب علامة على محبة الله
  4. الإشتياق: فالذى يحب الله يشتاق لله (مز 1:63) + (مز 2:84) + (مز 2،1:42) يشتاق للصلاة ودراسة الكتاب والقداسات والتسابيح والإجتماعات. العلاقة بينى وبين الله هى علاقة عروس وعريسها الذى تشتاق إليه.

مشكلة كنيسة أفسس أنه كان لهم علاقة حب قوية مع الله وحدث فتور لهذه العلاقة. وهذا يحزن قلب الله، فهو قد إعتاد على وقوفهم أمامه وعلى علاقة الحب التى ربطتهم به. ثم دخل الفتور وربما إنقطعت هذه العلاقة. هذا مثل إنسان عاش فترة من حياته فى صلوات وميطانيات وتناول وخدمة وتسبحة، ثم يدخل الفتور لحياة هذا الشخص وتنقطع الصلوات أو تقل ولا يعود يقف أمام الله. والله يحزن ويتساءل وأين محبة الماضى. ولاحظ عتاب الله الرقيق عندى عليك وكان هذا بعد أن مدحه أولاً.

وهناك بعض الدول يوجد بها إباحية جنسية والطعام متوفر فيها جداً. ولكن يوجد بها أعلى نسبة إنتحار وأعلى نسبة تردد على الأطباء النفسانيين مع أنهم لا ينقصهم شىء. والسبب أن الإنسان أشبع جسده ونفسه أى عواطفه لكن هناك عنصر لم يشبع وهو الروح وهذه لا يشبعها سوى الله والعكس فإن أشبع الله الروح يشبع الجسد وتشبع العاطفة. ففى معجزة إشباع الجموع (مر2:8) إستمر الناس مع المسيح 3 أيام دون أن يشعروا بالجوع.

يُحكى عن الأنبا أنطونيوس أنه كان يجلس مع تلاميذه ليجيب على أسئلتهم. ولاحظ أن أحد التلاميذ لا يسأله بل يحملق فى وجهه، ولما سأله الأنبا أنطونيوس “أليس لك سؤال يا إبنى” قال هذا التلميذ “يكفينى أن أنظر إلى وجهك فأشبع”. فإن كان وجه الأنبا أنطونيوس يُشبع هكذا فكم وكم وجه المسيح. وهذا يفسر بقاء الأباء السواح عشرات السنين دون طعام سوى بعض الأعشاب. وهذا ضد كل قوانين الغذاء التى نعرفها فمن تشبع روحه تشبع بطنه. والمسيح القادر أن يشبع البطون قادر أن يشبع النفوس أيضاً أى العواطف، وإلا كيف يعيش الرهبان والراهبات دون عواطف بشرية إن لم يشبعهم الله.

كثيراً ما يتوهم الشاب أو الفتاة أن إشباع حاجاتهم النفسية يكون عن طريق الإرتباطات العاطفية وأن هذه ستعطيهم السعادة، ولكنهم بذلك يهدرون أوقاتهم وعواطفهم فيما لا يفيد. ولنلاحظ أن فترة عدم الإرتباط هى فترة يجب فيها على الشاب أو الفتاة أن يكرسا فيها عواطفهم لله بالكامل فيعطيهم الله فرحاً لا ينزع منهم (يو22:16).

ومشكلة كنيسة أفسس أنها لم تفهم ذلك ولجأت إلى البحث عن الحب بعيداً عن الله. إن من يفعل ذلك ويترك محبة الله قد بدا له أن حب الله لا يستحق كل القلب فبدأ يشرك مع الله آخرين. ولكن مثل هذا الشخص لم يُدرك أن الله لا يقبل أن يكون القلب مقسماً بينه وبين العالم. ومع إنقسام القلب يبدأ حب الله فى الفتور لأن الإنسان إنشغل بالعالم ويكون هذا على حساب :-

1) سكنى المسيح فى القلب                             2) حياة الفرح

 

لذلك قال المسيح لهذا الأسقف الذى نقصت محبته تب وإلا فإنى آتيك عن قريب وأزحزح منارتك إن لم تتب = فالمسيحية هى علاقة حب وإن لم يوجد الحب لا توجد مسيحية. والوصية الأعظم ” حب الرب إلهك من كل قلبك وحب قريبك…” فمن يترك طريق الحب ويختار طريق الأرضيات.

 فهو يختار طريق الموت. وقول الرب آتيك عن قريب أى آتى لك أنت بصفة خاصة وأدينك فلا تستمر كمنارة مضيئة، لأنه إن لم يوجد الحب فى القلب فالمسيح لا يسكن عند هذا الإنسان أو هذه الكنيسة وبالتالى تفقد مكانها كمنارة مضيئة فتب = إذاً نقص المحبة يحتاج إلى توبة فهى خطية عظيمة تستوجب أن يزحزح المسيح الكنيسة أى يستغنى عنها. فمن إستغنى عن الله يستغنى الله عنه. وبعض الأشخاص يأتون فى الإعتراف ويقولون نحن بلا خطية، فنحن لا نزنى ولا نسرق ولا نقتل. وهؤلاء لا يدرون أن نقص المحبة خطية عظيمة تستوجب الإعتراف بها والتوبة عنها. وهى السبب الأساسى فى حالة عدم الفرح التى يعانى منها الكثيرين.

وإعمل الأعمال الأولى = أى التى كنت تعملها بمحبة أى بغيرة ونشاط وحرارة.

 

وما قيل هنا عن زحزحة المنارة قد تحقق تاريخياً. فأفسس فى تركيا التى لا يوجد بها مسيحيون الآن. فالمنارة إذ قد تزحزحت ومعها كل الكنائس السبع أنا عارف أعمالك = بطريقة رقيقة وقبل أن يعاقب المسيح ملاك كنيسة أفسس أى أسقفها يعلن له أنه يعرف أعماله وتعبه وخدمته وصبره فى الضيقات والإضطهادات والظروف الصعبة التى يمر بها.

مبدأ روحى هام:- حذارى من أن تقف أمام الله فى ضيقتك وتقول له أذكر يا رب أننى عملت كذا وكذا أو أننى صليت وصمت لك وخدمتك فالله يعرف ولا يريد من أحد أن يذكره فإن ذكرنا الله بأعمالنا لنطلب ثمناً عنها فهذه ليست روح البنين بل روح العبيد أو قل أنها الفريسية اليهودية. ولنذكر أن الله لا ينسى كأس ماء بارد نقدمه. والطريقة الصحيحة التى أقترب بها من الله هى أننى أشعر أننى غير مستحق، بل أننى خاطىء جداً لا أطلب سوى الرحمة، لذلك تعلمنا الكنيسة أن نصلى دائماً ” يا رب إرحم ” فالكاهن يصلى مثلاً ” إذكر يا رب الزروع والعشب ” ويرد الشعب  ” يا رب إرحم ” أى أننا غير مستحقين أن تذكرنا ولكننا نطلب مراحمك ومن يفكر هكذا لو أتت عليه تجربة صعبة لا يقول ” أذكر يا رب أصوامى… بل يقول أنا أستحق هذه التجربة من أجل خطاياى الكثيرة. مثل هذا حينما يطلب مراحم الله ويعترف بخطاياه يتبرر بدم المسيح. مثل هذا الإنسان إن جاءت إليه بركات من الله يقول ” أنا غير مستحق ويردد مع بطرس ” أخرج يا رب من سفينتى فأنا رجل خاطىء ” لا تقدر أن تحتمل الأشرار = لغيرته على مجد الله لا يستطيع أن يهادن الأشرار لشرهم، بل يرفضهم لأنهم كاذبين إدعوا أنهم رسل = القائلين أنهم رسل = هو إختبرهم وإكتشف أن تعاليمهم مزيفة وأنهم ليسوا رسلاً وربما كانوا يدعون للغنوسية أو من المتهودين. ولم تكل = الكلل يأتى من طول المضايقات لزمن طويل.

ولكن عندك أنك تبغض أعمال النيقولاويين = بدأ السيد يُلاطف ملاك أفسس ثانية ليشجعه. ونيقولاوس هذا أحد الشمامسة السبع، وكما أن أحد الإثنى عشر وهو يهوذا كان شيطاناً، هكذا كان أحد الشمامسة. ونيقولاوس هذا كان له نظرية إباحية وأباح الزنا حتى مع زوجته

لكن عندى عليك = هذا الأسلوب الرقيق يجب أن نتعلمه من المسيح، فإذا أردت أن أعاتب أحداً فليكن هذا سراً، بينى وبينه وحدنا. وأبدأ بأن أتحدث عن إيجابياته ثم أعاتبه على سلبياته برقة ودون جرح لمشاعره.

أذكر من أين سقطت وتب = كل إنسان يعرف بداية سقوطه ودخوله فى الفتور. وهل كانت البداية كسل وتراخٍ أم كبرياء وشعور بعدم الحاجة من له أذن فليسمع ما يقوله الروح = من يود الإنصات لصوت الله فليسمع للروح القدس المتحدث للكنائس جميعها. والسمع معناه أن نصغى ونميز ونطيع. نميز صوت الله من وسط أصوات العالم والشيطان والذات، ثم نخضع بإرادتنا لما سمعناه. وهناك من لهم أذان ولكنهم لا يسمعون وذلك لأن الخطية تملأ قلوبهم. أما أنقياء القلب فيستطيعون أن يسمعوا بأذن القلب الداخلية.

تأمل:- لاحظ أن الله هو الذى بدأ بعتاب هذا الملاك الذى قَلَتْ محبته وهكذا يفعل الله دائماً معنا، فى عظة نسمع فيها كلمة مؤثرة، أو بعطية غير منتظرة نشعر فيها بمحبة الله قائلاً أنت تركت محبتى لكننى أنا أحبك.

أنا عارف أعمالك = هى قول مخيف لأنه يعرف أيضاً أعمالى الشريرة

كيف تزداد محبتى لله؟ البداية تكون بان يغصب الإنسان نفسه على الصلوات والتسابيح أى عشرة الله لأطول فترة ممكنة. وعلى طاعة الوصية ” إن حفظتم وصاياى تثبتون فى محبتى (يو 10:15).

تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

1«اُكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ: هَذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ، الْمَاشِى فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: 2 أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ، وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلًا، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ. 3 وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِى وَلَمْ تَكِلَّ. 4 لَكِنْ، عِنْدِى عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى. 5 فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإِلاَّ، فَإِنِّى آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ، وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إِنْ لَمْ تَتُبْ. 6 وَلَكِنْ عِنْدَكَ هَذَا: أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا. 7 مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ، فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ.

 

ع1: “أفسس”: عاصمة إقليم آسيا الصغرى في ذلك الزمان، وكنيستها أسسها القديس بولس ثم كانت مركزًا لخدمة القديس يوحنا أيضًا، واشتهرت لسبب كونها ميناء بحرى ولوجود هيكل “أرطاميس” الوثني الشهير بها وعرف عنها فسادها ومقاومتها للمسيحية أولًا، وفقدت شهرتها بالتدريج بعد انتقال مركز المسيحية إلى القسطنطينية في القرن الرابع ودمرت تمامًا على يد الأتراك في القرن الرابع عشر.

“ملاك الكنيسة” : لا يوجد يقين عن شخص أسقف هذه الكنيسة ولكنه أحد شخصين لا ثالث لهما، إما القديس تيموثاوس تلميذ بولس الرسول أو الأسقف “أونيسيموس” والمذكور في رسائل القديس أغناطيوس.

“الممسك … الماشى” : راجع شرح (رؤ 1: 13-16) فالإشارة هنا لسلطان ورعاية السيد المسيح للأساقفة والكنائس.

 

ع2: أنا عارف أعمالك وتعبك : يبدأ السيد المسيح بتقديم نفسه بصفة “العارف” أي الفاحص والعالم بكل شيء وهي صفة يجب أن نتذكرها دوما … فتذكرها، يذكرنا بالدينونة العادلة إذا أهملنا، ويعطى لنا الرجاء بأن كل تعب وجهاد مقدم من أجل الله غير منسى أمامه.

صبرك : شهادة من المسيح على جهاد وصبر وإحتمال خادمه.

لا تقدر أن تحتمل : مديح آخر من السيد المسيح لهذا الأسقف بأن نفسه لا تحتمل مهادنة أو مسايرة أو موافقة الأشرار على شرهم.

جربت : أي فحصت دعواهم وكرازتهم وادعاءاتهم الباطلة بأنهم مسيحيون ووجدتهم يهودًا مندسين كل هدفهم هو هدم الإيمان المسيحي.

يمتدح ملاك الكنيسة لأجل خدمته وأتعابه فيها واحتمال الضيقات بصبر ورفضه لكلام الأشرار واهتمامه بفحص المعلمين الكذبة لفضح تعاليمهم الكاذبة.

 

ع3: يستمر في مدح الأسقف في العدد السابق، ويضيف صفة جديدة وهو أنه “لم يكل” وهي صفة المثابرة في الخدمة التي لا تعرف ولا تعترف بالإحباط واليأس.

† تميز هذا الأسقف بالتعب في الخدمة والصبر في الضيقات. فليتك لا تتذمر من كثرة المسئوليات أو من مضايقة الآخرين لك، فتعبك غالٍ جدًا عند الله وسيكافئك عليه، فثابر فيه من أجله.

 

ع4: بعد أن مدح السيد المسيح أسقفه على ما تمتع به من فضائل في حياته الرعوية يبدأ في توجيه العقاب له، وليتنا نتعلم هذه الصفة من السيد المسيح والتي استخدمها مع كل الأساقفة، لأنها تحمل الكثير من الرقة والإحساس بالآخر، وهي المدح قبل العتاب.

عندى عليك : أي هناك ما يؤخذ عليك وتدان عليه.

تركت محبتك الأولى : هذا هو مرض هذه الكنيسة أو أسقفها، فمع كثرة العمل والخدمة والمشاكل والحروب ضاعت مشاعر محبته الأولى للمسيح، ودخل الفتور والروتين إلى الحياة الروحية، وهو مرض قد لا يشعر به الإنسان ولكن أمام الله هو شر عظيم، فإن “أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر إحتقارًا” (نش8: 7).

 

ع5: يدخل السيد المسيح في العلاج مباشرة….

أذكر من أين سقطت وتب : إرجع إلى نفسك وحاسبها وابحث عن أسباب بداية هذا السقوط في محبتك نحوى، وعند إدراك هذه الأسباب تستطيع أن تقدم توبة حقيقية لتجنب ما أسقطك في هذا المرض … ويعلمنا السيد المسيح في مثل الابن الضال بأن التوبة والرجوع بدأت بحساب النفس “فرجع إلى نفسه” (لو15: 17)، وهو ما تفطِّنا وتعلمنا الكنيسة إياه أيضًا.

† إحرص على دقائق قليلة تجلس فيها مع الله ونفسك قبل اللقاء مع أب اعترافك حتى تستقيم توبتك.

إعمل الأعمال الأولى : عد إلى ما اعتدت أن تفعله بحب سابقًا، ولعل المقصود هنا أعمال المخدع مثل الصلاة الحارة التي تلهب القلب بمحبة الله.

آتيك عن قريب … : ليس مقصودًا المجيء الثاني، ولكن المقصود الإنذار بعقوبة أرضية لغير التائب أو غير المستجيب للإنذار، فالله في حبه وحنانه نحو خليقته هو عادل أيضًا ومؤدِّب لغير التائبين فيسمح لهم أحيانًا بعقوبة أرضية إذا كان هذا يفيدهم.

أزحزح منارتك : أي مكانتك أنت كأسقف أو خادم إذ كان ينبغي أن تكون نورًا لشعبك. وتأتى أيضًا المنارة بمعنى الكنيسة، فإن لم تتب الكنيسة عن خطيتها مثل اهتمامها بالإداريات على حساب الروحيات ومحبة الله يكون مصيرها أيضًا الزوال.

يعطيه حلا لمشكلته وهو التوبة السريعة والرجوع لعبادته وخدماته الأولى باهتمام وحرارة، وينذره إن لم يتب أنه سيعاقبه ويفقد مكانته عند الله وقد تنزع منه خدمته.

ع6: بعد لوم السيد المسيح الشديد وتقديم العلاج الحاسم لهذه الكنيسة وأسقفها، يعود فيشجع قبل أن يختم كلامه ….

عندك هذا: أي يحسب لك … وهي عكس تعبير عندى عليك.

أعمال النقولاويين : هم أتباع “نيقولاوس” أحد الشمامسة السبعة (أع6: 5) وقد نسب إليهم أنهم أباحوا “الزنا” …!! والنهم في الملذات بلا ضابط، ولهذا حرمتهم الكنيسة ولكنهم وجدوا مكانًا في “أفسس” ولهذا قاومهم ووبخهم الأسقف.

عاد هنا فشجعه لتدقيقه في الإيمان ورفضه للمبتدعين وهم النيقولاويين.

† يفرح المسيح عندما يجد خادمه يكره ما لا يحبه هو … وهذا التصريح هو لنا جميعًا؛ ولهذا يا إلهي نسأل روحك القدوس أن يعمل فينا بقوة حتى تتحد إرادتنا بإرادتك، فلا نفعل أو نصنع شيئًا على غير رضاك أو بغير مشيئتك.

 

ع7: من له أذن فليسمع : تعبير استخدمه السيد مع الكنائس ومعناه وجوب سماع صوته والعمل به وأن من يتجاهل كلام الله كالأطرش الذي بلا أذنين.

ما يقوله الروح : أي ما أعلنه السيد المسيح في رؤياه ليوحنا يعلنه أيضًا الروح القدس للكنائس في كل زمان ومكان وهي إعلانات كما سبق وقلنا واجبة الطاعة والتنفيذ.

مَنْ يغلب: تعبير أيضًا تكرر وهو تعبير غنى في معانيه:

  1. أي إمكانية النصرة والغلبة متاحة لجميع المؤمنين وليست صعبة طالما أحبوا وأطاعوا الله.
  2. أن الإنهزام يرجع للإنسان نفسه إذا رفض الوصية وعمل الروح القدس في حياته.
  3. أن هناك من قد يخسر كل شيء مهما كانت مكانته في الكنيسة، فالخلاص ليس مضمونًا للإنسان طالما لم يصونه بالتوبة الدائمة والجهاد الروحي حتى لو كان أسقفًا.

شجرة الحياة : تشير إلى المسيح نفسه بأنه أغلى مكافأة للغالب فيتمتع بالشبع منه في الفردوس والحياة الأبدية، وكلمة وسط الفردوس تشير إلى وجود المسيح في وسط كل أولاده، وأن رؤياه ستكون متاحة للجميع.

يدعوه لطاعة هذا الكلام الموجَّه إليه ويشجعه بالمكافأة التي سينالها وهي الشبع بالمسيح في الأبدية.

 

رؤ2: 6 سفر الرؤيا رؤ2: 8
الرؤيا – أصحاح 2
تفسير رؤيا 2 تفاسير سفر الرؤيا

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى